أبوسعود المكي
25 May 2011, 02:14 AM
السؤال: ما صحة حديث ( ثَلاَثٌ مِنَ العَجْزِ فِي الرَّجُلِ : أَنْ يَلْقَى مَنْ يُحِبُّ مَعْرِفَتَهُ فَيُفَارِقَهُ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ اسْمَهُ وَنَسَبَهُ ، وَالثَّانِي : أَنْ يُكْرِمَهُ أَحَدٌ فَيَرُدَّ عَلَيْهِ كَرَامَتَهُ ، وَالثَّالِثُ : أَنْ يُقَارِبَ الرَّجُلُ جَارِيَتَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ فَيُصِيبَهَا قَبْلَ أَنْ يُحَدِّثَهَا وَيُؤَانِسَهَا ، وَيُضَاجِعَهَا فَيَقْضِي حَاجَتَهُ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ تَقْضِي حَاجَتَهَا مِنْهُ ) رواه الديلمي في " مسند الفردوس " ؟ وإن كان ضعيفاً هل من معناه صحيح ؟ .
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
الحديث المذكور في السؤال له ألفاظ متقاربة ، وهو حديث ضعيف جدّاً ، لا يصح بوجه من الوجوه ، وقد جاء مختصراً ومطوَّلاً .
أما المختصر فهو بلفظ :
( لا يَقَعَنَّ أحدُكم على امرأتِه كما تَقَعُ البَهيمةُ وليكنْ بينهما رسولٌ ) قيل : وما الرسولُ ؟ قال : ( القُبْلةُ والكَلامُ ) .
قال الحافظ العراقي – رحمه الله - :
( رواه ) أبو منصور الديلمي في " مسند الفردوس " من حديث أنس ، وهو منكر .
" إحياء علوم الدين ، ومعه تخريج الحافظ العراقي " ( 2 / 50 ) .
وأما المطوَّل : فله ألفاظ منها ما جاء في السؤال ، ومنها :
عن أنس قال : قال رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( ثَلاثةٌ مِن الجَفَا : أنْ يُؤاخِي الرَّجلُ الرَّجلَ فَلا يَعرِف له اسْماً وَلاَ كُنْية ، وَأن يُهيِّئ الرجلُ لأخيهِ طَعاماً فَلاَ يُجِيبه ، وأن يَكونَ بَيْن الرجُلِ وَأهلِه وِقاعٌ مِن غَير أن يُرسِلَ رسُولاً : المِزاحُ والقُبَل ؛ لا يَقَع أحدُكم على أَهلِهِ مِثلَ البَهِيمة على البهيمةِ ) .
وضعفه الشيخ الألباني في " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " ( 13 / 179 حديث رقم 6075 ) .
ثانياً:
وأما ما احتواه النص من معاني فهي معانٍ صحيحة في الجملة :
أما الجملة الأولى : فلم يصح فيها شيء مرفوع ، لكن صحَّ ذلك عن بعض التابعين ، وهو معنى صحيح لا يحتاج مثله لحديث مرفوع .
وأشهر ما ورد في المسألة من الأحاديث المرفوعة حديثان :
A 1. حديث ابن عمر ( إِذا آخَيْتَ رَجُلاً فَسَلْهُ عَنِ اسْمِهِ واسْمِ أبيهِ فإنْ كانَ غَائِباً حَفِظْتَهُ وإنْ كانَ مَرِيضاً عُدْتَهُ وإِنْ ماتَ شَهِدْتَهُ ) .
وهو حديث ضعيف جدّاً كما نبَّه عليه الشيخ الألباني في " السلسلة الضعيفة " ( 1725 ) .
2. عَنْ يَزِيدَ بْنِ نَعَامَةَ الضَّبِّيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِذَا آخَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَلْيَسْأَلْهُ عَنْ اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَمِمَّنْ هُوَ فَإِنَّهُ أَوْصَلُ لِلْمَوَدَّةِ ) .
رواه الترمذي ( 2392 ) وقال : هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَا نَعْرِفُ لِيَزِيدَ بْنِ نَعَامَةَ سَمَاعًا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُرْوَى عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ هَذَا وَلَا يَصِحُّ إِسْنَادُهُ . انتهى
وينظر: " إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة " ، للبوصيري( 5 / 497 ) .
والأخوة المرادة هنا هي الأخوَّة الخاصَّة ، وقد جاء في بعض ألفاظه " إذا أحبَّ " كما رواه كذلك الإمام هنَّاد بن السري في " الزهد " ( 1 / 275 ) .
ثالثاً:
وأما الجملة الثانية : وهي ( أَنْ يُكْرِمَهُ أَحَدٌ فَيَرُدَّ عَلَيْهِ كَرَامَتَهُ ) : فمعناها – كما جاء في بعض ألفاظ الأثر - أن يهيِّئ الرجل لأخيه طعاماً فلا يجيبه ، وهذا مما يوقع الوحشة بين الأخوين ، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرَ من كان صائماً تطوعاً أن يُفطر ويأكل من طعام أخيه ؛ تأليفاً للقلوب وإزالة للوحشة بينهما .
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّهُ قَالَ : صَنَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَعَامًا فَأَتَانِي هُوَ وَأَصْحَابُهُ ، فَلَمَّا وُضِعَ الطَّعَامُ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ " إِنِّي صَائِمٌ " فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( دَعَاكُمْ أَخُوكُمْ وَتَكَلَّفَ لَكُمْ ) ثُمَّ قَالَ لَهُ ( أَفْطِرْ وَصُمْ مَكَانَهُ يَوْمًا إِنْ شِئْتَ ) .
رواه البيهقي في " السنن الكبرى " ( 4 / 279 ) وحسَّنه الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( 4 / 210 ) ، والألباني في " إرواء الغليل " ( 7 / 11 ) .
رابعاً:
وأما الجملة الثالثة : وهي : " أَنْ يُقَارِبَ الرَّجُلُ جَارِيَتَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ فَيُصِيبَهَا قَبْلَ أَنْ يُحَدِّثَهَا وَيُؤَانِسَهَا ، وَيُضَاجِعَهَا فَيَقْضِي حَاجَتَهُ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ تَقْضِي حَاجَتَهَا مِنْهُ " : فهي صحيحة المعنى ، وقد ذكر العلماء أن من آداب الجماع أن يسبقه الزوج بالكلام والتقبيل وأن لا يباشر بالجماع دونهما ، كما نبَّهوا على حق المرأة في الاستمتاع بزوجها ، فلا ينبغي له إذا أولج فأنزل أن يقوم عنها حتى يعلم أنها قضت حاجتها منه .
قال ابن القيم – رحمه الله - :
وممَّا ينبغى تقديُمُه على الجِماع : ملاعبةُ المرأة ، وتقبيلُها ، ومصُّ لِسانها ، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلاعبُ أهله ، ويُقَبلُها .
" زاد المعاد في هدي خير العباد " ( 4 / 253 ) .
وقال الغزالي – رحمه الله - :
ثم إذا قضى وطره فليتمهل على أهله حتى تقضي هي أيضاً نَهْمتها ؛ فإن إنزالها ربما يتأخر فتَهيجُ شهوتُها ، ثم القعود عنها إيذاءٌ لها ، والاختلاف في طبع الإنزال يوجب التنافر مهما كان الزوج سابقاً إلى الإنزال ، والتوافق في وقت الإنزال ألذ عندها ، ولا يشتغل الرجل بنفسه عنها فإنها ربما تستحي .
" إحياء علوم الدين " ( 2 / 50 ) .
فتبين مما سبق أن الحديث الوارد نصُّه في السؤال لا يصح من حيث إسناده ، وأما ما تضمنه من المعاني والإرشادات : فهي صحيحة ، لا غبار عليها .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
http://www.islamqa.info/ar/ref/158423
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
الحديث المذكور في السؤال له ألفاظ متقاربة ، وهو حديث ضعيف جدّاً ، لا يصح بوجه من الوجوه ، وقد جاء مختصراً ومطوَّلاً .
أما المختصر فهو بلفظ :
( لا يَقَعَنَّ أحدُكم على امرأتِه كما تَقَعُ البَهيمةُ وليكنْ بينهما رسولٌ ) قيل : وما الرسولُ ؟ قال : ( القُبْلةُ والكَلامُ ) .
قال الحافظ العراقي – رحمه الله - :
( رواه ) أبو منصور الديلمي في " مسند الفردوس " من حديث أنس ، وهو منكر .
" إحياء علوم الدين ، ومعه تخريج الحافظ العراقي " ( 2 / 50 ) .
وأما المطوَّل : فله ألفاظ منها ما جاء في السؤال ، ومنها :
عن أنس قال : قال رسول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( ثَلاثةٌ مِن الجَفَا : أنْ يُؤاخِي الرَّجلُ الرَّجلَ فَلا يَعرِف له اسْماً وَلاَ كُنْية ، وَأن يُهيِّئ الرجلُ لأخيهِ طَعاماً فَلاَ يُجِيبه ، وأن يَكونَ بَيْن الرجُلِ وَأهلِه وِقاعٌ مِن غَير أن يُرسِلَ رسُولاً : المِزاحُ والقُبَل ؛ لا يَقَع أحدُكم على أَهلِهِ مِثلَ البَهِيمة على البهيمةِ ) .
وضعفه الشيخ الألباني في " سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة " ( 13 / 179 حديث رقم 6075 ) .
ثانياً:
وأما ما احتواه النص من معاني فهي معانٍ صحيحة في الجملة :
أما الجملة الأولى : فلم يصح فيها شيء مرفوع ، لكن صحَّ ذلك عن بعض التابعين ، وهو معنى صحيح لا يحتاج مثله لحديث مرفوع .
وأشهر ما ورد في المسألة من الأحاديث المرفوعة حديثان :
A 1. حديث ابن عمر ( إِذا آخَيْتَ رَجُلاً فَسَلْهُ عَنِ اسْمِهِ واسْمِ أبيهِ فإنْ كانَ غَائِباً حَفِظْتَهُ وإنْ كانَ مَرِيضاً عُدْتَهُ وإِنْ ماتَ شَهِدْتَهُ ) .
وهو حديث ضعيف جدّاً كما نبَّه عليه الشيخ الألباني في " السلسلة الضعيفة " ( 1725 ) .
2. عَنْ يَزِيدَ بْنِ نَعَامَةَ الضَّبِّيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِذَا آخَى الرَّجُلُ الرَّجُلَ فَلْيَسْأَلْهُ عَنْ اسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ وَمِمَّنْ هُوَ فَإِنَّهُ أَوْصَلُ لِلْمَوَدَّةِ ) .
رواه الترمذي ( 2392 ) وقال : هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ وَلَا نَعْرِفُ لِيَزِيدَ بْنِ نَعَامَةَ سَمَاعًا مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيُرْوَى عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ هَذَا وَلَا يَصِحُّ إِسْنَادُهُ . انتهى
وينظر: " إتحاف الخيرة المهرة بزوائد المسانيد العشرة " ، للبوصيري( 5 / 497 ) .
والأخوة المرادة هنا هي الأخوَّة الخاصَّة ، وقد جاء في بعض ألفاظه " إذا أحبَّ " كما رواه كذلك الإمام هنَّاد بن السري في " الزهد " ( 1 / 275 ) .
ثالثاً:
وأما الجملة الثانية : وهي ( أَنْ يُكْرِمَهُ أَحَدٌ فَيَرُدَّ عَلَيْهِ كَرَامَتَهُ ) : فمعناها – كما جاء في بعض ألفاظ الأثر - أن يهيِّئ الرجل لأخيه طعاماً فلا يجيبه ، وهذا مما يوقع الوحشة بين الأخوين ، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرَ من كان صائماً تطوعاً أن يُفطر ويأكل من طعام أخيه ؛ تأليفاً للقلوب وإزالة للوحشة بينهما .
عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ أَنَّهُ قَالَ : صَنَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم طَعَامًا فَأَتَانِي هُوَ وَأَصْحَابُهُ ، فَلَمَّا وُضِعَ الطَّعَامُ قَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ " إِنِّي صَائِمٌ " فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ( دَعَاكُمْ أَخُوكُمْ وَتَكَلَّفَ لَكُمْ ) ثُمَّ قَالَ لَهُ ( أَفْطِرْ وَصُمْ مَكَانَهُ يَوْمًا إِنْ شِئْتَ ) .
رواه البيهقي في " السنن الكبرى " ( 4 / 279 ) وحسَّنه الحافظ ابن حجر في " فتح الباري " ( 4 / 210 ) ، والألباني في " إرواء الغليل " ( 7 / 11 ) .
رابعاً:
وأما الجملة الثالثة : وهي : " أَنْ يُقَارِبَ الرَّجُلُ جَارِيَتَهُ أَوْ زَوْجَتَهُ فَيُصِيبَهَا قَبْلَ أَنْ يُحَدِّثَهَا وَيُؤَانِسَهَا ، وَيُضَاجِعَهَا فَيَقْضِي حَاجَتَهُ مِنْهَا قَبْلَ أَنْ تَقْضِي حَاجَتَهَا مِنْهُ " : فهي صحيحة المعنى ، وقد ذكر العلماء أن من آداب الجماع أن يسبقه الزوج بالكلام والتقبيل وأن لا يباشر بالجماع دونهما ، كما نبَّهوا على حق المرأة في الاستمتاع بزوجها ، فلا ينبغي له إذا أولج فأنزل أن يقوم عنها حتى يعلم أنها قضت حاجتها منه .
قال ابن القيم – رحمه الله - :
وممَّا ينبغى تقديُمُه على الجِماع : ملاعبةُ المرأة ، وتقبيلُها ، ومصُّ لِسانها ، وكان رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلاعبُ أهله ، ويُقَبلُها .
" زاد المعاد في هدي خير العباد " ( 4 / 253 ) .
وقال الغزالي – رحمه الله - :
ثم إذا قضى وطره فليتمهل على أهله حتى تقضي هي أيضاً نَهْمتها ؛ فإن إنزالها ربما يتأخر فتَهيجُ شهوتُها ، ثم القعود عنها إيذاءٌ لها ، والاختلاف في طبع الإنزال يوجب التنافر مهما كان الزوج سابقاً إلى الإنزال ، والتوافق في وقت الإنزال ألذ عندها ، ولا يشتغل الرجل بنفسه عنها فإنها ربما تستحي .
" إحياء علوم الدين " ( 2 / 50 ) .
فتبين مما سبق أن الحديث الوارد نصُّه في السؤال لا يصح من حيث إسناده ، وأما ما تضمنه من المعاني والإرشادات : فهي صحيحة ، لا غبار عليها .
والله أعلم
الإسلام سؤال وجواب
http://www.islamqa.info/ar/ref/158423