أبو محمد ..
17 Jun 2011, 08:30 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله وصحبه أجمعين ..
أما بعد ..
******=*****
فهذه مجموعة من الخواطر القصيرة التي كانت تطرأ على بالي على فترات متباعدة قمت بتدوينها على شكل رؤوس أقلام عسى أن يأتيها وقتها الذي يعاد النظر فيها بتوسع أكبر فطال العهد عليها والنفس لاقسة تميل إلى الدعة فرأيت أن تعرض ، فلعله أن يكون فيها خير من بث عزم أو إعادة نظر والمؤمن مرآة أخيه ..
فوائد وخواطر قصيرة :
::الجــزء الأول ::
(1)
قد يقدح اليقين في القلب بأمر يسير ،كما في حكايتي سحرة فرعون وبلقيس
وقد يغلب الكبر والعناد فيغطي الحقيقة ، كحال فرعون فرغم ما رآه من آيات موسى التسع ، وإسلام السحرة ، ثم انشقاق البحر ، ومع ذلك لم يتردد في خوض البحر ، ولم يجل في خلده أن صاحب هذه الآيات من الممكن أن يقضي على حياته ويحطم جبروته وكبرياءه .
وقد يقوم التقليد والجهل مقام العناد والكبر ، كما في حالة مشركي قريش فبعد إعجاز القرآن ، وانشقاق القمر ، وأمر الإسراء ، ومعرفة حال النبي صلى الله عليه وسلم من الصدق قبل البعثة ومع كل ذلك فلم يكن كافياً من منعهم تقديم أرواحهم يوم بدر
وهل شك إبليس في قدرة ربه ؟ أم كان الكبر أعظم في نفسه من الخوف والتوقير ؟ وكذا الحال مع أبي طالب ..
إذاً فمتبع معجزات الدجال ؟!
الجواب أن اليقين في التمسك بالأصل ، ومن عرف الحق لم تخدعه بهرجة الباطل ولذا أذن الله للأنبياء في تحذير قومهم منه مسبقاً ، فإنَّ مجرد مقابلته يقين بالله ووعده ، ولكنها فتنة عظيمة لمن ضعف إيمانه بالله ..
******=*****
(2)
دين الله دلائله فيها من الغيب والخفاء تظهر لمن تدبر وتفكر لتصل به إلى مرحلة القطع ،
إذ الإيمان بالظاهر القطعي ليس فيه نوع من بلاء وامتحان يفرق به بين قلوب الرجال لمعرفة درجات قربهم ، مع أن هناك من عاين ولا زال كافراً كإبليس ، ولكن هذا الصنف قليل ..
ولتقوية دلائل الدين أيد الله العبد بالفطرة حيث يولد مقراً مؤمناً بالخالق وهذه تكفي للحث على البحث والتدبر للوصول للقطع فهي مما يعين على فهم الدلالات الغيبية .
******=*****
(3)
في إنكار موسى على هارون وصفه بعض المنتسبين للعلم بالتسرع والغضب وغيرها من الصفات التي لا تناسب مقام الأنبياء لا سيما أولي العزم منهم
والجواب أنه لو تدبر متدبر في أسلوب عرض الله للحكاية لما وجد أدنى إشارة لعتابٍ على هذا التصرف .. وذلك لأن من كان في مقام موسى من هارون فأوصاه بالقوم وجاء وهم في أكبر منكر لم يكن ليخطر في باله ، فلا شك أنه سيغضب وينكر فكيف بنبي في أعلى مقامات اليقين ؟
ولا حظ أنه شدد الإنكار على هارون ، وذلك لأنه عالم ، والإنكار بالشدة على العالم معروف ومنه مقالة النبي صلى الله عليه وسلم في أسامة وأبي ذر ومعاذ وهي مشهورة منثورة في كتب الحديث
مع أنه عليه السلام لما توجه إلى قومه ألان لهم القول في الإنكار بل إنه لم يعاقب السامري المسؤول عما حدث بأكثر من الطرد ،
أوليس في هذا دليل على قمة الحلم والأناة ؟
أما إلقاؤه بالألواح فكان ذهولاً مما رأى ولو تدبر منصف ووضع نفسه في هذا المقام بعد الدعوة والتعليم والآيات التسع إضافة إلى آية إغراق فرعون والأمان من جيشه ، وبعد اصطفاء أهل التوحيد والإيمان ، وبعد أن وقر في النفس الثقة بمن معه على التوحيد والإيمان يأتي ليراهم يعبدون صنماً ويقولون : هذا إلهنا! فأي ذهول يصيبك بعد هذا ؟
أما كون الألواح كسرتْ ورفعتْ فهذا كلام لا مستند له ولا دليل عليه من شرعنا ، وإن كان حقاً فإن الله لم يلمه بل ساق الحكاية من دون ذكر عتاب
ولذلك فإن موسى يوم القيامة لم يعتذر عن مقام الشفاعة إلا بقتل النفس ، علماً بأنها - كما قيل - كانت قبل الوحي والنبوة ..
وفي طلبه عليه السلام الرؤيا ، يقول بعض أهل العلم : في هذا ادلال الله له..
قلت : قد طلب الإحياء إبراهيم ، والمائدة الحواريون ، وقد أجاب الله الجميع إلى ما طلب ولكنه شدد القول على الحواريين لنقص اليقين في القلوب بينما أجاب إبراهيم وموسى لما علم من قلوبهما .
إذ طلب إبراهيم وموسى من باب الارتقاء من علم اليقين إلى عين اليقين ولا شك أن المعاينة فيها إمتاع للنفس ،
وقد يطلب الرجل من خليله فعل الشيء الذي يوقن بأنه قادر عليه
بينما طلب الحواريين كان من باب الوصول إلى علم اليقين ولذلك تم التهديد بأن بعد هذه المرحلة يبقى التراجع والإنكار معاندة صريحة للجبار سبحانه وإعلان تحد مع من قطع قلبه بقدرته
فطلب الإثبات والتدليل غير طلب المعرفة واليقين ..
******=*****
(4)
جواز اللعب واللهو في المباح
ومنه قول أحد أبناء يعقوب ( نرتع ونلعب )
وقول النبي صلى الله عليه وسلم (هلا بكر تلاعبها وتلاعبك )
أما حديث (كل لهو باطل) ففيه أن البطلان لغو ، أي لا فائدة شرعية ترجع للعبد ، وليس هو نهياً ، إذ الباطل في مقابلة العقود يفيد عدم الصحة ، أما في غيره فلا معنى له في باب النهي إلا المعنى اللغوي المرادف للغو .
وعليه فما لا نص فيه لا يعد محرماً والله تعالى أعلم ..
******=*****
(5)
ذكر القرطبي في تفسيره سورة يوسف (9/145) في سياق كلامه عن هم يوسف عليه السلام أثراً عن سليمان بن يسار أن امرأة تعرضتْ له فرفضها فجاءه في المنام يوسف عليه السلام ليقول له أنا الذي هممت وأنت الذي لم تهم .
أنكر القرطبي رحمه الله تعالى هذه الحكاية بناء على أنها تدل على تفضيل مقام الولاية على مقام النبوة ..
قلت : وهذا غير لازم من عدة أوجه :
أولها : أنه منام ، لا يتعلق به حكم شرعي .
ثانيها : أننا وإن صححناه فإن الهم هذا داعٍ من دواع الاشتهاء ، وهذا الداع قد يقابله دواعٍ أخرى أقوى تقوم بالقلب كالخوف والرهبة أو الميوعة وضعف الرغبة أو غير هذه .. كما قد وقع في زمننا وعرفنا أمثلة لهم ومن غير المسلمين أيضاً .. فليست بمعيارٍ ومقياسٍ للتقوى ..
فإن كانت الفحولة – تمام الرغبة - والجرأة والأمن .. فهنا يحق المقارنة والتفضيل ..
والله تعالى أعلم
******=*****
وبالله تعالى التوفيق
يـــــــــــتـــــــــــبـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــع
وكتبه
أبو محمد
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله محمد وآله وصحبه أجمعين ..
أما بعد ..
******=*****
فهذه مجموعة من الخواطر القصيرة التي كانت تطرأ على بالي على فترات متباعدة قمت بتدوينها على شكل رؤوس أقلام عسى أن يأتيها وقتها الذي يعاد النظر فيها بتوسع أكبر فطال العهد عليها والنفس لاقسة تميل إلى الدعة فرأيت أن تعرض ، فلعله أن يكون فيها خير من بث عزم أو إعادة نظر والمؤمن مرآة أخيه ..
فوائد وخواطر قصيرة :
::الجــزء الأول ::
(1)
قد يقدح اليقين في القلب بأمر يسير ،كما في حكايتي سحرة فرعون وبلقيس
وقد يغلب الكبر والعناد فيغطي الحقيقة ، كحال فرعون فرغم ما رآه من آيات موسى التسع ، وإسلام السحرة ، ثم انشقاق البحر ، ومع ذلك لم يتردد في خوض البحر ، ولم يجل في خلده أن صاحب هذه الآيات من الممكن أن يقضي على حياته ويحطم جبروته وكبرياءه .
وقد يقوم التقليد والجهل مقام العناد والكبر ، كما في حالة مشركي قريش فبعد إعجاز القرآن ، وانشقاق القمر ، وأمر الإسراء ، ومعرفة حال النبي صلى الله عليه وسلم من الصدق قبل البعثة ومع كل ذلك فلم يكن كافياً من منعهم تقديم أرواحهم يوم بدر
وهل شك إبليس في قدرة ربه ؟ أم كان الكبر أعظم في نفسه من الخوف والتوقير ؟ وكذا الحال مع أبي طالب ..
إذاً فمتبع معجزات الدجال ؟!
الجواب أن اليقين في التمسك بالأصل ، ومن عرف الحق لم تخدعه بهرجة الباطل ولذا أذن الله للأنبياء في تحذير قومهم منه مسبقاً ، فإنَّ مجرد مقابلته يقين بالله ووعده ، ولكنها فتنة عظيمة لمن ضعف إيمانه بالله ..
******=*****
(2)
دين الله دلائله فيها من الغيب والخفاء تظهر لمن تدبر وتفكر لتصل به إلى مرحلة القطع ،
إذ الإيمان بالظاهر القطعي ليس فيه نوع من بلاء وامتحان يفرق به بين قلوب الرجال لمعرفة درجات قربهم ، مع أن هناك من عاين ولا زال كافراً كإبليس ، ولكن هذا الصنف قليل ..
ولتقوية دلائل الدين أيد الله العبد بالفطرة حيث يولد مقراً مؤمناً بالخالق وهذه تكفي للحث على البحث والتدبر للوصول للقطع فهي مما يعين على فهم الدلالات الغيبية .
******=*****
(3)
في إنكار موسى على هارون وصفه بعض المنتسبين للعلم بالتسرع والغضب وغيرها من الصفات التي لا تناسب مقام الأنبياء لا سيما أولي العزم منهم
والجواب أنه لو تدبر متدبر في أسلوب عرض الله للحكاية لما وجد أدنى إشارة لعتابٍ على هذا التصرف .. وذلك لأن من كان في مقام موسى من هارون فأوصاه بالقوم وجاء وهم في أكبر منكر لم يكن ليخطر في باله ، فلا شك أنه سيغضب وينكر فكيف بنبي في أعلى مقامات اليقين ؟
ولا حظ أنه شدد الإنكار على هارون ، وذلك لأنه عالم ، والإنكار بالشدة على العالم معروف ومنه مقالة النبي صلى الله عليه وسلم في أسامة وأبي ذر ومعاذ وهي مشهورة منثورة في كتب الحديث
مع أنه عليه السلام لما توجه إلى قومه ألان لهم القول في الإنكار بل إنه لم يعاقب السامري المسؤول عما حدث بأكثر من الطرد ،
أوليس في هذا دليل على قمة الحلم والأناة ؟
أما إلقاؤه بالألواح فكان ذهولاً مما رأى ولو تدبر منصف ووضع نفسه في هذا المقام بعد الدعوة والتعليم والآيات التسع إضافة إلى آية إغراق فرعون والأمان من جيشه ، وبعد اصطفاء أهل التوحيد والإيمان ، وبعد أن وقر في النفس الثقة بمن معه على التوحيد والإيمان يأتي ليراهم يعبدون صنماً ويقولون : هذا إلهنا! فأي ذهول يصيبك بعد هذا ؟
أما كون الألواح كسرتْ ورفعتْ فهذا كلام لا مستند له ولا دليل عليه من شرعنا ، وإن كان حقاً فإن الله لم يلمه بل ساق الحكاية من دون ذكر عتاب
ولذلك فإن موسى يوم القيامة لم يعتذر عن مقام الشفاعة إلا بقتل النفس ، علماً بأنها - كما قيل - كانت قبل الوحي والنبوة ..
وفي طلبه عليه السلام الرؤيا ، يقول بعض أهل العلم : في هذا ادلال الله له..
قلت : قد طلب الإحياء إبراهيم ، والمائدة الحواريون ، وقد أجاب الله الجميع إلى ما طلب ولكنه شدد القول على الحواريين لنقص اليقين في القلوب بينما أجاب إبراهيم وموسى لما علم من قلوبهما .
إذ طلب إبراهيم وموسى من باب الارتقاء من علم اليقين إلى عين اليقين ولا شك أن المعاينة فيها إمتاع للنفس ،
وقد يطلب الرجل من خليله فعل الشيء الذي يوقن بأنه قادر عليه
بينما طلب الحواريين كان من باب الوصول إلى علم اليقين ولذلك تم التهديد بأن بعد هذه المرحلة يبقى التراجع والإنكار معاندة صريحة للجبار سبحانه وإعلان تحد مع من قطع قلبه بقدرته
فطلب الإثبات والتدليل غير طلب المعرفة واليقين ..
******=*****
(4)
جواز اللعب واللهو في المباح
ومنه قول أحد أبناء يعقوب ( نرتع ونلعب )
وقول النبي صلى الله عليه وسلم (هلا بكر تلاعبها وتلاعبك )
أما حديث (كل لهو باطل) ففيه أن البطلان لغو ، أي لا فائدة شرعية ترجع للعبد ، وليس هو نهياً ، إذ الباطل في مقابلة العقود يفيد عدم الصحة ، أما في غيره فلا معنى له في باب النهي إلا المعنى اللغوي المرادف للغو .
وعليه فما لا نص فيه لا يعد محرماً والله تعالى أعلم ..
******=*****
(5)
ذكر القرطبي في تفسيره سورة يوسف (9/145) في سياق كلامه عن هم يوسف عليه السلام أثراً عن سليمان بن يسار أن امرأة تعرضتْ له فرفضها فجاءه في المنام يوسف عليه السلام ليقول له أنا الذي هممت وأنت الذي لم تهم .
أنكر القرطبي رحمه الله تعالى هذه الحكاية بناء على أنها تدل على تفضيل مقام الولاية على مقام النبوة ..
قلت : وهذا غير لازم من عدة أوجه :
أولها : أنه منام ، لا يتعلق به حكم شرعي .
ثانيها : أننا وإن صححناه فإن الهم هذا داعٍ من دواع الاشتهاء ، وهذا الداع قد يقابله دواعٍ أخرى أقوى تقوم بالقلب كالخوف والرهبة أو الميوعة وضعف الرغبة أو غير هذه .. كما قد وقع في زمننا وعرفنا أمثلة لهم ومن غير المسلمين أيضاً .. فليست بمعيارٍ ومقياسٍ للتقوى ..
فإن كانت الفحولة – تمام الرغبة - والجرأة والأمن .. فهنا يحق المقارنة والتفضيل ..
والله تعالى أعلم
******=*****
وبالله تعالى التوفيق
يـــــــــــتـــــــــــبـــــــــــــــــــــــــ ـــــــــع
وكتبه
أبو محمد