ام حفصه
23 Aug 2011, 03:58 PM
د. راغب السرجاني
حول دراسة سيرة النبي
http://www.ala7ebah.com/images/stories/articles/1/11728_image002.jpgفي هذه السطور ندرس جانبًا من حياة رسول اللهالذي عاش فيه في مكة، وليس غرض ذلك أن نستقصي كل حدث أو واقعة وقعت في حياة النبيفي مكة، فهذا أمر يطول شرحه ويعجز البيان عن وصفه.
فلماذا لا نستطيع أن نحصي كل ما حدث في فترة مكة؟
أولاً: لأنها سجلت بدقة بالغة وخاصة منذ بعثة رسول اللهإلى أن مات، فكل لحظة في حياتهسجلت منذ البعثة وحتى الوفاة، حتى أدق التفاصيل في حياتهوبعناية فائقة. وكل نقطة لا يتخيل أنها تُسَجل عن حياة إنسان سجلت للنبي.
ولعل الحكمة من تعدد زواج النبيمن نساء كثيرة أن ينقلن الحكمة عن الرسول، وعن حياته الشخصية الداخلية التي لا يراها غيرهن.
ولماذا هذا التسجيل الضخم الدقيق الكبير؟!
ذلك لأن النبيقدوة كاملة وليس بعده نبي إلى يوم القيامة.. {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].
نحن مطالبون بأن نقتدي بالنبيفي كل حياته في كل خطوة من خطوات حياته، مطالبون باتباعه في رضاه وفي غضبه، مطالبون باتباعه في حزنه وفي سروره، في حلِّه وفي ترحاله، في كل لحظة من حياته، فإذا رضي فهذا هو الموضع الذي يجب أن نرضى فيه، وإذا غضب فهذا هو الموضع الذي يجب أن نغضب فيه.
ثانيًا: مما يجعل إحصاء كل أمر في حياة النبيأمرًا صعبًا، ذلك التنوع العجيب في حياة رسول الله، فتارة يكون مُطاردًا مُعرّضًا للأذى والاضطهاد، كما في حادث الهجرة لما خرج النبيمن مكة مطاردًا هو وصديقه أبو بكر t، وظلاَّ مطارديْن حتى وصلا إلى المدينة والمشركون لا يدخرون وسعًا في البحث عنهما لقتلهما، وفي نفس سيرة هذا الرجل تجد أنه مُكّن في الأرض، يرسل الرسائل إلى كل عظماء الأرض من محمد رسول اللهإلى كسرى عظيم الفرس، ورسالة إلى هرقل عظيم الروم، وإلى المقوقس عظيم القبط، ويرسل إلى كل ملوك الأرض في زمانه.
تغييرات وتطورات كثيرة جدًّا في حياة الرسول، فتارة تجدهيعاهد قومًا ثم تتغير الظروف وينقضوا عهدهم فيحاربهم، وتارة يكون فقيرًا معدمًا يربط على بطنه حجرين من الجوع لا يوقد في بيته نار ثلاثة أهِلَّة في شهرين، وتارة يكون غنيًّا تأتيه الأموال من كل بقاع الجزيرة العربية، ينفق في سبيل الله إنفاقًا غير مسبوق، يعطي لهذا مائة من الإبل وهذا مائة من الإبل، وهذا أكثر وهذا أقل، ينفق إنفاق من لا يخشى الفقر، كما قال الأعرابي لَمّا أعطاه النبيغنمًا بين جبلين، فذهب لقومه يقول لهم: أسلموا؛ فإن محمدًا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر. هو هو الذي كان فقيرًا مُعدِمًا.
يتعامل مع المشركين، ويتعامل مع اليهود، ويتعامل مع النصارى، ويتعامل مع المنافقين، ويتعامل مع المؤمنين.
فكل تنوع من الممكن أن يحدث في حياة رجل أو في حياة أمة حدث في حياة النبي؛ ومن ثَمَّ كان استقصاء كل مواقف سيرتهأمرًا صعبًا للغاية.
ثالثًا: هناك جيل عظيم عاش مع النبي، هذا الجيل العظيم صنع أحداثًا عظيمة تعجز عشرات المجلدات على حملها.
الإنسان العظيم الذي يعيش مع ناس هَمَل ليست لهم قيمة لن تكون له أحداث، إنما الرجل العظيم الذي يعيش مع عظماء يتفاعلون معه بصورة إيجابية تامة في كل لحظة من لحظات الحياة، يتحركون بحمية، يفكرون بجدية، يتناقشون بفهم ووعي وإدراك، فكل صحابي قصة ضخمة في حد ذاته، فأبو بكر t - على سبيل المثال - يحتاج إلى عشرات المجلدات لوصف مواقفه مع النبي، كذلك عمر وعثمان وعليّ y وكذلك السيدة عائشة والسيدة حفصة وباقي المهاجرين والأنصار y.
آلاف من الكتب والمراجع كتبت عن هؤلاء الصحابة وكل هذا في النهاية هو جزء في سيرة النبي.رابعا الأحداث العظيمة التي تحدث في حياة الناس هي التي ينبغي أن نقف عندها، فكلما كان الحدث عظيمًا كلما احتاج إلى دراسة وتحليل ووصف وشرح، تمر على حياة الناس عشرات السنين دون أن يكون هناك حدث عظيم يؤثر في مجموع البشر، فالأحداث المؤثرة فقط تحتاج إلى تحليل ووصف، ومن الممكن أن تعيش دولة من الدول عشرات السنين دون أن تجد حدثًا ضخمًا مؤثرًا.
حادث حرب رمضان 1393هـ أكتوبر 1973م نسأل اللهأن يعيد أمثالها، كم من أبحاث وتحاليل ودراسات ووصف لهذه الحرب وهي منذ ثلاثين عامًا، ولا زلنا نكتب عنها وسيكتب عنها المحللون والمؤرخون؛ لأنه حدث كبير.
وقائع في حياة النبي
تخيل هذا الحدث وتخيل حياة النبيوفي كل عام من هجرته موقعة عسكرية ضخمة:
- 2هـ موقعة بدر.
- 3هـ موقعة أُحد وبني قينقاع.
- 4هـ بني النضير.
- 5هـ موقعة الخندق وبني قريظة وبني المصطلق.
إذا أحصينا في حياة النبيكل هذا الكم الهائل من الوقائع والأحداث، فكم سنحتاج من دراسة وتحاليل لهذه الوقائع.
السيرة النبويةمعين لا ينضب، وفي كل زمن ينظر المفكرون إلى هذه السيرة فيستخرجون منها الكثير مع أنه قد فكر في هذا الحدث آلاف المحللين والمفكرين قبل ذلك، لكن هذا ثراء ملحوظ في السيرة النبوية.
فما نفكر فيه هو هدف كبير، وهو إعادة بناء الأمة
حول دراسة سيرة النبي
http://www.ala7ebah.com/images/stories/articles/1/11728_image002.jpgفي هذه السطور ندرس جانبًا من حياة رسول اللهالذي عاش فيه في مكة، وليس غرض ذلك أن نستقصي كل حدث أو واقعة وقعت في حياة النبيفي مكة، فهذا أمر يطول شرحه ويعجز البيان عن وصفه.
فلماذا لا نستطيع أن نحصي كل ما حدث في فترة مكة؟
أولاً: لأنها سجلت بدقة بالغة وخاصة منذ بعثة رسول اللهإلى أن مات، فكل لحظة في حياتهسجلت منذ البعثة وحتى الوفاة، حتى أدق التفاصيل في حياتهوبعناية فائقة. وكل نقطة لا يتخيل أنها تُسَجل عن حياة إنسان سجلت للنبي.
ولعل الحكمة من تعدد زواج النبيمن نساء كثيرة أن ينقلن الحكمة عن الرسول، وعن حياته الشخصية الداخلية التي لا يراها غيرهن.
ولماذا هذا التسجيل الضخم الدقيق الكبير؟!
ذلك لأن النبيقدوة كاملة وليس بعده نبي إلى يوم القيامة.. {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21].
نحن مطالبون بأن نقتدي بالنبيفي كل حياته في كل خطوة من خطوات حياته، مطالبون باتباعه في رضاه وفي غضبه، مطالبون باتباعه في حزنه وفي سروره، في حلِّه وفي ترحاله، في كل لحظة من حياته، فإذا رضي فهذا هو الموضع الذي يجب أن نرضى فيه، وإذا غضب فهذا هو الموضع الذي يجب أن نغضب فيه.
ثانيًا: مما يجعل إحصاء كل أمر في حياة النبيأمرًا صعبًا، ذلك التنوع العجيب في حياة رسول الله، فتارة يكون مُطاردًا مُعرّضًا للأذى والاضطهاد، كما في حادث الهجرة لما خرج النبيمن مكة مطاردًا هو وصديقه أبو بكر t، وظلاَّ مطارديْن حتى وصلا إلى المدينة والمشركون لا يدخرون وسعًا في البحث عنهما لقتلهما، وفي نفس سيرة هذا الرجل تجد أنه مُكّن في الأرض، يرسل الرسائل إلى كل عظماء الأرض من محمد رسول اللهإلى كسرى عظيم الفرس، ورسالة إلى هرقل عظيم الروم، وإلى المقوقس عظيم القبط، ويرسل إلى كل ملوك الأرض في زمانه.
تغييرات وتطورات كثيرة جدًّا في حياة الرسول، فتارة تجدهيعاهد قومًا ثم تتغير الظروف وينقضوا عهدهم فيحاربهم، وتارة يكون فقيرًا معدمًا يربط على بطنه حجرين من الجوع لا يوقد في بيته نار ثلاثة أهِلَّة في شهرين، وتارة يكون غنيًّا تأتيه الأموال من كل بقاع الجزيرة العربية، ينفق في سبيل الله إنفاقًا غير مسبوق، يعطي لهذا مائة من الإبل وهذا مائة من الإبل، وهذا أكثر وهذا أقل، ينفق إنفاق من لا يخشى الفقر، كما قال الأعرابي لَمّا أعطاه النبيغنمًا بين جبلين، فذهب لقومه يقول لهم: أسلموا؛ فإن محمدًا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر. هو هو الذي كان فقيرًا مُعدِمًا.
يتعامل مع المشركين، ويتعامل مع اليهود، ويتعامل مع النصارى، ويتعامل مع المنافقين، ويتعامل مع المؤمنين.
فكل تنوع من الممكن أن يحدث في حياة رجل أو في حياة أمة حدث في حياة النبي؛ ومن ثَمَّ كان استقصاء كل مواقف سيرتهأمرًا صعبًا للغاية.
ثالثًا: هناك جيل عظيم عاش مع النبي، هذا الجيل العظيم صنع أحداثًا عظيمة تعجز عشرات المجلدات على حملها.
الإنسان العظيم الذي يعيش مع ناس هَمَل ليست لهم قيمة لن تكون له أحداث، إنما الرجل العظيم الذي يعيش مع عظماء يتفاعلون معه بصورة إيجابية تامة في كل لحظة من لحظات الحياة، يتحركون بحمية، يفكرون بجدية، يتناقشون بفهم ووعي وإدراك، فكل صحابي قصة ضخمة في حد ذاته، فأبو بكر t - على سبيل المثال - يحتاج إلى عشرات المجلدات لوصف مواقفه مع النبي، كذلك عمر وعثمان وعليّ y وكذلك السيدة عائشة والسيدة حفصة وباقي المهاجرين والأنصار y.
آلاف من الكتب والمراجع كتبت عن هؤلاء الصحابة وكل هذا في النهاية هو جزء في سيرة النبي.رابعا الأحداث العظيمة التي تحدث في حياة الناس هي التي ينبغي أن نقف عندها، فكلما كان الحدث عظيمًا كلما احتاج إلى دراسة وتحليل ووصف وشرح، تمر على حياة الناس عشرات السنين دون أن يكون هناك حدث عظيم يؤثر في مجموع البشر، فالأحداث المؤثرة فقط تحتاج إلى تحليل ووصف، ومن الممكن أن تعيش دولة من الدول عشرات السنين دون أن تجد حدثًا ضخمًا مؤثرًا.
حادث حرب رمضان 1393هـ أكتوبر 1973م نسأل اللهأن يعيد أمثالها، كم من أبحاث وتحاليل ودراسات ووصف لهذه الحرب وهي منذ ثلاثين عامًا، ولا زلنا نكتب عنها وسيكتب عنها المحللون والمؤرخون؛ لأنه حدث كبير.
وقائع في حياة النبي
تخيل هذا الحدث وتخيل حياة النبيوفي كل عام من هجرته موقعة عسكرية ضخمة:
- 2هـ موقعة بدر.
- 3هـ موقعة أُحد وبني قينقاع.
- 4هـ بني النضير.
- 5هـ موقعة الخندق وبني قريظة وبني المصطلق.
إذا أحصينا في حياة النبيكل هذا الكم الهائل من الوقائع والأحداث، فكم سنحتاج من دراسة وتحاليل لهذه الوقائع.
السيرة النبويةمعين لا ينضب، وفي كل زمن ينظر المفكرون إلى هذه السيرة فيستخرجون منها الكثير مع أنه قد فكر في هذا الحدث آلاف المحللين والمفكرين قبل ذلك، لكن هذا ثراء ملحوظ في السيرة النبوية.
فما نفكر فيه هو هدف كبير، وهو إعادة بناء الأمة