ام حفصه
08 Sep 2011, 04:46 PM
وغداً تبدأ الدراسة
يحيى بن موسى الزهراني
أيها المسلمون :
متى ما استمسكت الأمة بعقيدتها وثوابتها صلحت أحوالها، واستتبّت أوضاعها، وتلاشت عن مجتمعاتها الظواهر المخالفة لدينها ، ومتى فرَّطت في إسلامها، وأرخت الزمام لأبنائها، يخبطون خبط عشواء في دخيل الأفكار وهزيل المناهج ، ومستورَد الثقافات والتفاهات دون ضوابط شرعية وآداب مرعِيَّة، تفشت بينها الظواهر المخالفة لشريعتها، مما يترك آثارًا سلبية على أفرادها ومجتمعاتها، ويحتاج إلى التصدي والعلاج من قبل الغيورين عليها، والمهتمين بشؤونها وأوضاعها.
اخوة العقيدة والدين :
قضايا واقعية ، ندرسها بكل شفافية ، ونعرضها بكل جدية وموضوعية ، وذلك عن طريق هذه المحاور الموجزة المهمة :
المحور الأول ، بدء الدراسة غداً ، فغداً عباد الله يعود الطلاب والطالبات إلى مقاعــد الدراسة وطلب العلم , ولنا مع الغد وقفات :
الوقفة الأولى : ذلك السير الحثيث وتلك الجموع الغفيرة التي تموج بها الشوارع ، وتغص بها الطرقات , وهم من كل حدب ينسلون ، تكتض بهم معابر الوصول إلى غاياتهم ومقاصدهم , ذلك الأمر يذكرنا بيوم الجمع يوم التغابن يوم يقوم الناس لرب العالمين , غداً ترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن السهر الطويل وتغير البرامج اليومية , يجعلهم يتمايلون ، وربما ظل بعضهم طريقه , ويوم القيامة هول رهيب ، وهلع عجيب , الجميع يخشى الحساب , ويخاف العقاب " يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم * يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد " ، غدا أيها المسلمون ينطلق الآباء والأبناء والأمهات والبنات إلى دور العلم ، ومدارس التعليم , تحفهم السكينة , ويغشاهم الأمان ، وربما ارتسمت على وجوههم البسمة ، يجوبون الشوارع بكل هدوء واطمئنان , ويوم القيامة يهربون متجهين إلى أرض المحشر ، إلى يوم الجمع قال تعالى : " يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن " وقال تعالى : " قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون " ، وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَرَوْا عَشْرَ آيَاتٍ : طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ، وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ، وَالدَّابَّةَ ، وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ : خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنَ تَسُوقُ النَّاسَ أَوْ تَحْشُرُ النَّاسَ ، فَتَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا ، وَتَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا " [ أخرجه الترمذي وقال : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ] ، فماذا أعددنا لذلك اليوم الذي يشيب فيه الولدان ؟
أما الوقفة الثانية : فغداً عباد الله يحرص الآباء والأمهات على إيقاظ أبنائهم وبناتهم مبكرين ، وإلى مدارسهم متجهين ، لا سيما ويوم الغد أول أيام العام الدراسي الجديد وربما غـداً مـن الآباء والأمهات من أيقـظ أبناءه قبل صلاة الفجر , لا لأداء الصلاة ولكن خشـية أن تفوتهم الدراسة وتوزيع المناهج الدراسية , فهلا عقل الآباء والأمهات خطورة هذا الأمـر , قال صلى الله عليه وسلم : " من صلى الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء فيدركه فيكبه في نار جهنم " [ أخرجه مسلم ] , ومن كان في ذمة الله فلن يضيعه الله أبداً ، ألا فأعلموا رحمكم الله أن أداء صلاة الفجر جماعة في بيوت الله تعالى دليل على رفع مستوى الإيمان لدى المسلم , وعلاقته على خوفه من ربه , وإشـارة على حفظ الله له , فمن صلى هذه الصلاة العظيمة التي تشهدها ملائـكة الليل والنهار جعل الله له نوراً يسير به في حياته وبعد مماته, قال صلى الله عليه وسلم : " بِِشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة " [ أخرجه الترمذي ، وأبو داود ، وابن ماجة ] ، فاستيقنوا يا رعاكم الله هذا الفضل العظيم لمن أدى صلاة الصبح جماعة في بيوت الله تعالى , فبصلاة الصبح جماعة يوفق الأبناء والبنات ، ويكونون في كنف ربهم تعالى وفي حفظه ورعايتة وعنايته ، فاهتموا بهذه الشعيرة العظيمة ، وأدوها وفق شرع الله تعالى ،
الوقفة الثالثة : يسعى الآباء مجتهدين بشراء مستلزمات العام الدراسي كل وفق طاقته وجهده ، ليدخلوا الفرح والسرور إلى قلوب أبنائهم ، وربما كانت هناك فئة من الناس يتباهون ويتنافسون في شراء أنفس السلع وأغلاها ثمناً , لا سيما من فتح الله عليه بالمال وأغدق عليه النعم والخيرات , فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم , لكن يا عباد الله تذكروا أن هناك طلاباً وطالبات قد دخلوا مع الفقر معتركا , ودارت بهم رحى الفاقة , وجذبتهم عاصفة الحاجة , فكونوا خير معين لهم ، كم هم الفقراء اليوم وكم هم المساكين , ناهيكم عن الأيتام والأرامل الذين لا يجدون لقمة يسدون بها جوعهم , أو لباساً يواري سؤاتهم , وغداً أبناؤنا بلبس جديد , وعيش رغيد , ودفتر جديد , فالحمد لله على ما أنعم , والشكر له على ما أسدى , لكن تأملوا نظـرات الأيتام غداً , وراقبوا حركات الأعين , وحزن الوجوه , فهلا من رجل يتقي النار بشق تمرة , فيملأ بيوت الفقراء هذا اليوم قبل الغد فرحة وسروراً , قال تعالى : " وآتوهم من مال الله آتاكم " ، وقال صلى الله عليه وسلم : " أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا " وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما " [ أخرجه البخاري ] ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله " وأحسبه قال " وكالقائم الذي لا يفتر , وكالصائم الذي لا يفطر " [ متفق عليه ] ، فارعوا إخوانكم الفقراء , واهتموا بتكافل المجتمع ، وأبنوا لبناته على أساس من التقوى ، والخوف من الله جل وعلا , وتذكروا أن اليوم صحة وغـداً سقم ومرض , واليوم غنى وغداً فقر وحاجة , وتأملوا قول النبي صلى الله عليه وسلم : " اغتنم خمسا قبل : وغناك قبل فقرك ، وسعتك قبل سقمك ، فاغتنموا هذه الأموال التي بين أيديكم , وأنفقوها في طاعة ربكم ، قبل أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله ، تكلم كانت بعض الوقفات مع يوم الغد , يوم انطلاقة العام الدراسي الجديد ، فتأهبوا ليوم الوعد والوعيد ، وأكثروا من الأعمال الصلحة ، وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم .
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه ، واشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشانه ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والأنبياء إخوانه ، وسلم تسليماً كثيراً . . أما بعد : فاتقوا الله عباد الله ، واكثروا من صالح الأعمال ، وابتعدوا عن سيئها ، فتلكم فضيلة عظيمة ، وسجية طيبة .
أمة الإسلام :
ها قد عادت قوافل المسافرين من جو المصايف , وأماكن الترفيه ، ومناطق المنتزهات , فما هي بضاعة أولئك النازحين , أهي بضاعة مزجاة , خاسر صاحبها , وصحيفتة سوداء , أم هي تجارة مع الله رابحة , قال تعالى : " ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون ياويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً " ، وقال تعالى : " وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً * اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً " ، فالعائدون من بني جلدتنا ، من الإجازة ، أقسام ثلاثة : قسم زاد إيمانه , وارتفع منسوب خوفه فقضى وقته أوجله في طلب العلم الشرعي ، وحفظ ما تيسر من كتاب الله تعالى ، وزيارة الأماكن المقدسة في الحرمين الشريفين ، وصلة الأرحام , والترفيه البريء ، فهذا الصنف من الناس مثاب على خير أفعاله , ومأجور على حسن أعماله . وقسم اغتيل إيمانه , وهلك إحسانه , وخان الله ورسوله , سافر خارج البلاد ، لمعصية رب العباد ، أطلق العنان لجوارحه ، وأطلق الزمام للحرام , فهذا الصنف معاقب على سوء نيته ، ومحاسب!
على خبث طويته ، ومن نوقش الحساب عذب ، قال تعالى : " أفحسبتم أنما خلقناكــم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون " ، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ " [ متفق عليه واللفظ لأبي داود ] ، فاعلموا أن الله تعالى لم يخلق الخلق عبثاً , ولم يتركهم هملاً , ولا ليتخذوا الحياة لهواً ولعباً , وإنما خلقوا لغاية عظيمة لو أدركوها لما غفلوا وناموا ، قال تعالى : " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " ، وقسم ثالث بين المنزلتين ، فهذا لا له ولا عليه ، فكل يأخذ بزمام نفسه ، ويحذر عاقبة أمره ، فمن شب على شيء شاب عليه ، والأعمال بالخواتيم .
منقول ----
يحيى بن موسى الزهراني
أيها المسلمون :
متى ما استمسكت الأمة بعقيدتها وثوابتها صلحت أحوالها، واستتبّت أوضاعها، وتلاشت عن مجتمعاتها الظواهر المخالفة لدينها ، ومتى فرَّطت في إسلامها، وأرخت الزمام لأبنائها، يخبطون خبط عشواء في دخيل الأفكار وهزيل المناهج ، ومستورَد الثقافات والتفاهات دون ضوابط شرعية وآداب مرعِيَّة، تفشت بينها الظواهر المخالفة لشريعتها، مما يترك آثارًا سلبية على أفرادها ومجتمعاتها، ويحتاج إلى التصدي والعلاج من قبل الغيورين عليها، والمهتمين بشؤونها وأوضاعها.
اخوة العقيدة والدين :
قضايا واقعية ، ندرسها بكل شفافية ، ونعرضها بكل جدية وموضوعية ، وذلك عن طريق هذه المحاور الموجزة المهمة :
المحور الأول ، بدء الدراسة غداً ، فغداً عباد الله يعود الطلاب والطالبات إلى مقاعــد الدراسة وطلب العلم , ولنا مع الغد وقفات :
الوقفة الأولى : ذلك السير الحثيث وتلك الجموع الغفيرة التي تموج بها الشوارع ، وتغص بها الطرقات , وهم من كل حدب ينسلون ، تكتض بهم معابر الوصول إلى غاياتهم ومقاصدهم , ذلك الأمر يذكرنا بيوم الجمع يوم التغابن يوم يقوم الناس لرب العالمين , غداً ترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن السهر الطويل وتغير البرامج اليومية , يجعلهم يتمايلون ، وربما ظل بعضهم طريقه , ويوم القيامة هول رهيب ، وهلع عجيب , الجميع يخشى الحساب , ويخاف العقاب " يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم * يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد " ، غدا أيها المسلمون ينطلق الآباء والأبناء والأمهات والبنات إلى دور العلم ، ومدارس التعليم , تحفهم السكينة , ويغشاهم الأمان ، وربما ارتسمت على وجوههم البسمة ، يجوبون الشوارع بكل هدوء واطمئنان , ويوم القيامة يهربون متجهين إلى أرض المحشر ، إلى يوم الجمع قال تعالى : " يوم يجمعكم ليوم الجمع ذلك يوم التغابن " وقال تعالى : " قل الله يحييكم ثم يميتكم ثم يجمعكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ولكن أكثر الناس لا يعلمون " ، وقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَرَوْا عَشْرَ آيَاتٍ : طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا ، وَيَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ، وَالدَّابَّةَ ، وَثَلَاثَةَ خُسُوفٍ : خَسْفٌ بِالْمَشْرِقِ ، وَخَسْفٌ بِالْمَغْرِبِ ، وَخَسْفٌ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ ، وَنَارٌ تَخْرُجُ مِنْ قَعْرِ عَدَنَ تَسُوقُ النَّاسَ أَوْ تَحْشُرُ النَّاسَ ، فَتَبِيتُ مَعَهُمْ حَيْثُ بَاتُوا ، وَتَقِيلُ مَعَهُمْ حَيْثُ قَالُوا " [ أخرجه الترمذي وقال : حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ ] ، فماذا أعددنا لذلك اليوم الذي يشيب فيه الولدان ؟
أما الوقفة الثانية : فغداً عباد الله يحرص الآباء والأمهات على إيقاظ أبنائهم وبناتهم مبكرين ، وإلى مدارسهم متجهين ، لا سيما ويوم الغد أول أيام العام الدراسي الجديد وربما غـداً مـن الآباء والأمهات من أيقـظ أبناءه قبل صلاة الفجر , لا لأداء الصلاة ولكن خشـية أن تفوتهم الدراسة وتوزيع المناهج الدراسية , فهلا عقل الآباء والأمهات خطورة هذا الأمـر , قال صلى الله عليه وسلم : " من صلى الصبح فهو في ذمة الله فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء فيدركه فيكبه في نار جهنم " [ أخرجه مسلم ] , ومن كان في ذمة الله فلن يضيعه الله أبداً ، ألا فأعلموا رحمكم الله أن أداء صلاة الفجر جماعة في بيوت الله تعالى دليل على رفع مستوى الإيمان لدى المسلم , وعلاقته على خوفه من ربه , وإشـارة على حفظ الله له , فمن صلى هذه الصلاة العظيمة التي تشهدها ملائـكة الليل والنهار جعل الله له نوراً يسير به في حياته وبعد مماته, قال صلى الله عليه وسلم : " بِِشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة " [ أخرجه الترمذي ، وأبو داود ، وابن ماجة ] ، فاستيقنوا يا رعاكم الله هذا الفضل العظيم لمن أدى صلاة الصبح جماعة في بيوت الله تعالى , فبصلاة الصبح جماعة يوفق الأبناء والبنات ، ويكونون في كنف ربهم تعالى وفي حفظه ورعايتة وعنايته ، فاهتموا بهذه الشعيرة العظيمة ، وأدوها وفق شرع الله تعالى ،
الوقفة الثالثة : يسعى الآباء مجتهدين بشراء مستلزمات العام الدراسي كل وفق طاقته وجهده ، ليدخلوا الفرح والسرور إلى قلوب أبنائهم ، وربما كانت هناك فئة من الناس يتباهون ويتنافسون في شراء أنفس السلع وأغلاها ثمناً , لا سيما من فتح الله عليه بالمال وأغدق عليه النعم والخيرات , فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم , لكن يا عباد الله تذكروا أن هناك طلاباً وطالبات قد دخلوا مع الفقر معتركا , ودارت بهم رحى الفاقة , وجذبتهم عاصفة الحاجة , فكونوا خير معين لهم ، كم هم الفقراء اليوم وكم هم المساكين , ناهيكم عن الأيتام والأرامل الذين لا يجدون لقمة يسدون بها جوعهم , أو لباساً يواري سؤاتهم , وغداً أبناؤنا بلبس جديد , وعيش رغيد , ودفتر جديد , فالحمد لله على ما أنعم , والشكر له على ما أسدى , لكن تأملوا نظـرات الأيتام غداً , وراقبوا حركات الأعين , وحزن الوجوه , فهلا من رجل يتقي النار بشق تمرة , فيملأ بيوت الفقراء هذا اليوم قبل الغد فرحة وسروراً , قال تعالى : " وآتوهم من مال الله آتاكم " ، وقال صلى الله عليه وسلم : " أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا " وأشار بالسبابة والوسطى وفرج بينهما " [ أخرجه البخاري ] ، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله " وأحسبه قال " وكالقائم الذي لا يفتر , وكالصائم الذي لا يفطر " [ متفق عليه ] ، فارعوا إخوانكم الفقراء , واهتموا بتكافل المجتمع ، وأبنوا لبناته على أساس من التقوى ، والخوف من الله جل وعلا , وتذكروا أن اليوم صحة وغـداً سقم ومرض , واليوم غنى وغداً فقر وحاجة , وتأملوا قول النبي صلى الله عليه وسلم : " اغتنم خمسا قبل : وغناك قبل فقرك ، وسعتك قبل سقمك ، فاغتنموا هذه الأموال التي بين أيديكم , وأنفقوها في طاعة ربكم ، قبل أن تقول نفس يا حسرتى على ما فرطت في جنب الله ، تكلم كانت بعض الوقفات مع يوم الغد , يوم انطلاقة العام الدراسي الجديد ، فتأهبوا ليوم الوعد والوعيد ، وأكثروا من الأعمال الصلحة ، وتزودوا فإن خير الزاد التقوى ، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم .
الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه ، واشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيماً لشانه ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والأنبياء إخوانه ، وسلم تسليماً كثيراً . . أما بعد : فاتقوا الله عباد الله ، واكثروا من صالح الأعمال ، وابتعدوا عن سيئها ، فتلكم فضيلة عظيمة ، وسجية طيبة .
أمة الإسلام :
ها قد عادت قوافل المسافرين من جو المصايف , وأماكن الترفيه ، ومناطق المنتزهات , فما هي بضاعة أولئك النازحين , أهي بضاعة مزجاة , خاسر صاحبها , وصحيفتة سوداء , أم هي تجارة مع الله رابحة , قال تعالى : " ووضع الكتاب فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون ياويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضراً ولا يظلم ربك أحداً " ، وقال تعالى : " وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً * اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً " ، فالعائدون من بني جلدتنا ، من الإجازة ، أقسام ثلاثة : قسم زاد إيمانه , وارتفع منسوب خوفه فقضى وقته أوجله في طلب العلم الشرعي ، وحفظ ما تيسر من كتاب الله تعالى ، وزيارة الأماكن المقدسة في الحرمين الشريفين ، وصلة الأرحام , والترفيه البريء ، فهذا الصنف من الناس مثاب على خير أفعاله , ومأجور على حسن أعماله . وقسم اغتيل إيمانه , وهلك إحسانه , وخان الله ورسوله , سافر خارج البلاد ، لمعصية رب العباد ، أطلق العنان لجوارحه ، وأطلق الزمام للحرام , فهذا الصنف معاقب على سوء نيته ، ومحاسب!
على خبث طويته ، ومن نوقش الحساب عذب ، قال تعالى : " أفحسبتم أنما خلقناكــم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون " ، وقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى ، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَهِجْرَتُهُ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ، وَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ لِدُنْيَا يُصِيبُهَا أَوِ امْرَأَةٍ يَتَزَوَّجُهَا ، فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ إِلَيْهِ " [ متفق عليه واللفظ لأبي داود ] ، فاعلموا أن الله تعالى لم يخلق الخلق عبثاً , ولم يتركهم هملاً , ولا ليتخذوا الحياة لهواً ولعباً , وإنما خلقوا لغاية عظيمة لو أدركوها لما غفلوا وناموا ، قال تعالى : " وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون " ، وقسم ثالث بين المنزلتين ، فهذا لا له ولا عليه ، فكل يأخذ بزمام نفسه ، ويحذر عاقبة أمره ، فمن شب على شيء شاب عليه ، والأعمال بالخواتيم .
منقول ----