قلم وقف لله
29 Oct 2011, 11:18 PM
مَحَبّةُ النَّبِيّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلّم
بَيْنَ
زَيْفِ الادّعَاءِ وَحَقِيْقَةِ الاقْتِدَاْءِ
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد :
فإنه مما لاشك فيه أن إسلام العبد إنما يصح ويقبل بشهادة أن لاإله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فالشهادة تنبني على هذين الركنين الأساسيين، وهما في الحقيقة يتضمنان إخلاص التوحيد لله وهذا في الشق الأول من الشهادة، وإفراد النبي صلى الله عليه وسلم بالاتباع والطاعة، وهذا في الشق الثاني منها . فكما أنه لامستحق للعبادة سوى الله، فكذلك لامستحق للاتباع سوى محمد صلى الله عليه وسلم . وهذا هو تحقيق معنى الشهادتين :
[ لاإله إلا الله : إفراد الله تعالى بالعبادة ( الإخلاص ) ]، [ محمد رسول الله : إفراد النبي صلى الله عليه وسلم بالاتباع ] .
وهناك أمور كثيرة يُلزَم بها من نطق بهاتين الشهادتين، ليس هذا موضع تفصيلها وبيانها . ما أصبوا إليه في هذا المقام هو مايتعلّق بجناب النبي صلوات ربي وسلامه عليه، فإن من لوزام شهادة المسلم برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، محبته ـــ أي محبة النبي صلى الله عليه وسلم ـــ بل إن محبّة المصطفى مقدّمة على جميع المحابّ، ولايكون العبد من أهل الإيمان إلا إن كان يحب المصطفى عليه السلام أكثر من أهله ونفسه وماله، دلّ على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : (( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين )) رواه البخاري ومسلم وغيرهما .
وعن عبد الله بن هشام قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر : يا رسول الله، لأنت أحب إلي من كل شيء، إلا من نفسي . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك )) فقال له عمر : فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( الآن يا عمر )) رواه البخاري .
ولهذا فمما عُلم من دين الله بالضرورة هو كفر من كان في قلبه شيئ من بغض المصطفى أو التنقص من قدره الشريف، أو بُغض شيئ مما جاء به أو أمر به أو نهى عنه، إذ لايُعقل ادّعاء الإسلام ومن ثَمّ بغض من جاء به .
والمحبة الحقيقة الحقّة إنما تكون بالاتباع والاقتداء، لا بالتمني والادعاء، فليس كل مدّع للمحبة مُحب، وليس كل مُظهر للمحبة محبّ .
وضابط ذلك : هو مقدار طاعة المحبوب والتأسّي به والعمل بمنهجه وسيرته، فمُحالٌ أن تدّعي محبة شخص ثم تَعمَد إلى مخالفة أمره أو فعل مانهى عنه أو أمر باجتنابه،،، فيا من تدّعي محبّته، أين أنت من سنّته، فآية المحبة الانقياد للمحبوب وطاعته في جميع أمره واجتناب جميع مانهى عنه .
تَعْصِي [الرسول] وَأَنْتَ تَزْعُمُ حُبَّهُ * * * هَذَا لَعَمْرِي فِي الْقِيَاسِ بَدِيعُ
لَوْ كَانَ حُبُّكَ صَادِقًا لَأَطَعْتَهُ * * * إِنَّ الْمُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعُ
ومصداق ذلك قول ربي جل في علاه : (( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ))، فقد جعل الله تبارك وتعالى مغفرته متعلّقة باتّباع النبي صلى الله عليه وسلم، بل ودليل على صدق محبة العبد لربّه،،، فتأمّل .
يقول ابن كثير رحمه الله في تفسيره : " هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله، وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر، حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأحواله، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عليه أمْرُنَا فَهُوَ رَدُّ " ولهذا قال : (( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ )) أي: يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبتكم إياه، وهو محبته إياكم، وهو أعظم من الأول، كما قال بعض الحكماء العلماء : ليس الشأن أن تُحِبّ، إنما الشأن أن تُحَبّ وقال الحسن البصري وغيره من السلف : زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية، فقال : (( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ )) . . . ثم قال: (( وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )) أي : باتباعكم للرسول صلى الله عليه وسلم يحصل لكم هذا كله ببركة سفارته .
ثم قال آمرًا لكل أحد من خاص وعام : (( قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا )) أي : خالفوا عن أمره (( فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ )) فدل على أن مخالفته في الطريقة كفر، والله لا يحب من اتصف بذلك، وإن ادعى وزعم في نفسه أنه يحب لله ويتقرب إليه، حتى يتابع الرسول النبي الأمي خاتم الرسل، ورسول الله إلى جميع الثقلين الجن والإنس الذي لو كان الأنبياء ـــ بل المرسلون، بل أولو العزم منهم ـــ في زمانه لما وسعهم إلا اتباعه، والدخول في طاعته، واتباع شريعته، كما سيأتي تقريره عند قوله : (( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ )) إن شاء الله تعالى "
بل إن العبد لايجد الإيمان وحلاوته إلا إن كان الله ورسوله أحبّ إليه مما سواهما، وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه مما سواهما . . . )) رواه البخاري ومسلم .
هذه هي عقيدتنا في وجوب محبة النبي صلى الله عليه وسلم، وكفر من أبغضه صلى الله عليه وسلم، أو أبغض شيئا من شرعه، أو انتقص شيئا من قدره، وهذا الذي ندين الله به ونُشهده عليه .
الفَقِيْرُ إلَىْ رَحْمَةِ رَبِّهِ وَعَفْوِهِ
.:: اَلْأَثَرِيُّ اَلْفُرَاْتِيُّ ::.
بَيْنَ
زَيْفِ الادّعَاءِ وَحَقِيْقَةِ الاقْتِدَاْءِ
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد :
فإنه مما لاشك فيه أن إسلام العبد إنما يصح ويقبل بشهادة أن لاإله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فالشهادة تنبني على هذين الركنين الأساسيين، وهما في الحقيقة يتضمنان إخلاص التوحيد لله وهذا في الشق الأول من الشهادة، وإفراد النبي صلى الله عليه وسلم بالاتباع والطاعة، وهذا في الشق الثاني منها . فكما أنه لامستحق للعبادة سوى الله، فكذلك لامستحق للاتباع سوى محمد صلى الله عليه وسلم . وهذا هو تحقيق معنى الشهادتين :
[ لاإله إلا الله : إفراد الله تعالى بالعبادة ( الإخلاص ) ]، [ محمد رسول الله : إفراد النبي صلى الله عليه وسلم بالاتباع ] .
وهناك أمور كثيرة يُلزَم بها من نطق بهاتين الشهادتين، ليس هذا موضع تفصيلها وبيانها . ما أصبوا إليه في هذا المقام هو مايتعلّق بجناب النبي صلوات ربي وسلامه عليه، فإن من لوزام شهادة المسلم برسالة محمد صلى الله عليه وسلم، محبته ـــ أي محبة النبي صلى الله عليه وسلم ـــ بل إن محبّة المصطفى مقدّمة على جميع المحابّ، ولايكون العبد من أهل الإيمان إلا إن كان يحب المصطفى عليه السلام أكثر من أهله ونفسه وماله، دلّ على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : (( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين )) رواه البخاري ومسلم وغيرهما .
وعن عبد الله بن هشام قال : كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب، فقال له عمر : يا رسول الله، لأنت أحب إلي من كل شيء، إلا من نفسي . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك )) فقال له عمر : فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( الآن يا عمر )) رواه البخاري .
ولهذا فمما عُلم من دين الله بالضرورة هو كفر من كان في قلبه شيئ من بغض المصطفى أو التنقص من قدره الشريف، أو بُغض شيئ مما جاء به أو أمر به أو نهى عنه، إذ لايُعقل ادّعاء الإسلام ومن ثَمّ بغض من جاء به .
والمحبة الحقيقة الحقّة إنما تكون بالاتباع والاقتداء، لا بالتمني والادعاء، فليس كل مدّع للمحبة مُحب، وليس كل مُظهر للمحبة محبّ .
وضابط ذلك : هو مقدار طاعة المحبوب والتأسّي به والعمل بمنهجه وسيرته، فمُحالٌ أن تدّعي محبة شخص ثم تَعمَد إلى مخالفة أمره أو فعل مانهى عنه أو أمر باجتنابه،،، فيا من تدّعي محبّته، أين أنت من سنّته، فآية المحبة الانقياد للمحبوب وطاعته في جميع أمره واجتناب جميع مانهى عنه .
تَعْصِي [الرسول] وَأَنْتَ تَزْعُمُ حُبَّهُ * * * هَذَا لَعَمْرِي فِي الْقِيَاسِ بَدِيعُ
لَوْ كَانَ حُبُّكَ صَادِقًا لَأَطَعْتَهُ * * * إِنَّ الْمُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعُ
ومصداق ذلك قول ربي جل في علاه : (( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ))، فقد جعل الله تبارك وتعالى مغفرته متعلّقة باتّباع النبي صلى الله عليه وسلم، بل ودليل على صدق محبة العبد لربّه،،، فتأمّل .
يقول ابن كثير رحمه الله في تفسيره : " هذه الآية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله، وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر، حتى يتبع الشرع المحمدي والدين النبوي في جميع أقواله وأحواله، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " مَنْ عَمِلَ عَمَلا لَيْسَ عليه أمْرُنَا فَهُوَ رَدُّ " ولهذا قال : (( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ )) أي: يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبتكم إياه، وهو محبته إياكم، وهو أعظم من الأول، كما قال بعض الحكماء العلماء : ليس الشأن أن تُحِبّ، إنما الشأن أن تُحَبّ وقال الحسن البصري وغيره من السلف : زعم قوم أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية، فقال : (( قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ )) . . . ثم قال: (( وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ )) أي : باتباعكم للرسول صلى الله عليه وسلم يحصل لكم هذا كله ببركة سفارته .
ثم قال آمرًا لكل أحد من خاص وعام : (( قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا )) أي : خالفوا عن أمره (( فَإِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ )) فدل على أن مخالفته في الطريقة كفر، والله لا يحب من اتصف بذلك، وإن ادعى وزعم في نفسه أنه يحب لله ويتقرب إليه، حتى يتابع الرسول النبي الأمي خاتم الرسل، ورسول الله إلى جميع الثقلين الجن والإنس الذي لو كان الأنبياء ـــ بل المرسلون، بل أولو العزم منهم ـــ في زمانه لما وسعهم إلا اتباعه، والدخول في طاعته، واتباع شريعته، كما سيأتي تقريره عند قوله : (( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ )) إن شاء الله تعالى "
بل إن العبد لايجد الإيمان وحلاوته إلا إن كان الله ورسوله أحبّ إليه مما سواهما، وفي هذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاة الإيمان : أن يكون الله ورسوله أحبّ إليه مما سواهما . . . )) رواه البخاري ومسلم .
هذه هي عقيدتنا في وجوب محبة النبي صلى الله عليه وسلم، وكفر من أبغضه صلى الله عليه وسلم، أو أبغض شيئا من شرعه، أو انتقص شيئا من قدره، وهذا الذي ندين الله به ونُشهده عليه .
الفَقِيْرُ إلَىْ رَحْمَةِ رَبِّهِ وَعَفْوِهِ
.:: اَلْأَثَرِيُّ اَلْفُرَاْتِيُّ ::.