ام حفصه
14 Nov 2011, 01:58 PM
الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ، تبصرة لأولي الألباب ، وأودعه من فنون
العلوم والحكم العجب العجاب ، وجعله أجل الكتب قدرا ، وأغزرها علما ، وأعذبها
نظما ، وأبلغها في الخطاب ، قرآنا غير ذي عوج لا شبهة، فيه ولا ارتياب.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، رب الأرباب ، الذي عنت لقيوميته الوجوه وخضعت له الرقاب. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث من أكرم الشعوب وأشرف الشعاب ، إلى خير أمة بأفضل كتاب ، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه الأنجاب ، صلاة وسلاما دائمين إلى يوم المآب.
وبعد ،،،، فإن العلوم وإن كثر عددها ، وانتشر في الخافقين مددها ، فغايتها بحر قعره لا يدرك ، ونهايتها طود شامخ لا يستطاع إلى ذروته أن يسلك ، ولكن العلوم تشرف بشرف المعلوم ؛ لذا فخير العلوم على الإطلاق ، وبه يحدث في الأمة الوفاق ، بعد التشتت والشقاق ، هو القرآن الكريم : كلام رب العالمين ، المنزل على سيد المرسلين ، نزل به الروح الأمين ، المتعبد بتلاوته إلى يوم الدين ، المتحدى بأقصر سورة منه العالمين ،عدا الملائكة المقربين ؛ فهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
فعلم ذووا الألباب فضله ، فساروا على نوره وهديه ،وأقبلوا عليه زرافات ووحدانا ، طامعين في ثناء ربنا ومولانا ، حيث وعد التالين له بالأجر العظيم ، فقال تعالى: http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/qos1.png إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/qos2.png… (فاطر:29،30) فعلم أصحاب العقل والرشاد أنه شافع لهم يوم التناد ، وأنه خير جليس لا يمله العلماء ولا العباد ، وفي ذلك قال صاحب الشاطبية:
وإن كتاب الله أوثق شافــــع = وأغنى غناء واهبا متفضـلا
وخير جليـس لا يمل حديـثــه = وترداده يزداد فيه تجمــلا
وحيث الفتى يرتـاع في ظلمـاته = من القبر يلقاه سنا متهــللا
فحملوا القرآن كما ينبغي أن يحمل ، وعاشوه قلبا وقالبا ، فها هي عائشة http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/anha.png تسأل عن خلق النبي عليه الصلاة والسلام ، فأوجزت في الجواب والبيان ، فقالت : كان خلقه القرآن.
وخذ طرفا ممن صدقوا في حمله ، وأرادوا أن يكونوا من أهله ، فصدق منهم الجنان ، وخشعت الجلود والأركان ، فتأمل إلى انشغالهم به عن غيره : فقد أخرج ابن أبي داود عن مكحول قال : كان أقوياء أصحاب رسول الله http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/slah.png يقرءون القرآن في سبع ، وبعضهم في شهر ، وبعضهم في شهرين ، وبعضهم في أكثر من ذلك
ولقد كان السلف http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/anhm.png لهم عادات مختلفة في قدر ما يختمون فيه ، فروى ابن أبي داود ما ذكرته آنفا وزاد فقال: (..... وعن بعضهم في كل عشر ليال ختمة ، وعن بعضهم في كل ثمان ليال ختمة ، وعن الأكثرين في كل سبع ليال ، وعن بعضهم في كل ست ، وعن بعضهم في كل خمس ، وعن بعضهم في كل أربع، وعن كثيرين في كل ثلاث ، وعن بعضهم في كل ليلتين ، وختم بعضهم في كل يوم وليلة ختمة، ومنهم من كان يختم في كل يوم وليلة ختمتين ، ومنم من كان يختم ثلاثا ........ فمن الذين كانوا يختمون ختمة في الليل واليوم عثمان بن عفان http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/anho.png وتميم الداري وسعيد بن جبير ومجاهد والشافعي وآخرون ....... ).
وليس المقام لتفنيد حكم ختم القرآن فوق أو دون الثلاث ، بل خذ العبرة من ذلك ، إذ أن القرآن كان شغلهم الشاغل ، ولك أن تتأمل إلى من يعيش مع القرآن بهذه الصورة المشرقة ، كيف أصبح حاله ؟ وكيف يكون مآله؟
ولا تظنن أن همهم عند تلاوته نهاية السورة ، بل التدبر هدفهم ، والفهم مقصدهم ، حيث علمهم النبي http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/slah.png ذلك. فلا بأس إن كرروا منه الآية لإصلاح قلوبهم، وطهارة أفئدتهم، روى النسائي وغيره عن أبي ذر، ( أن النبي http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/slah.png قام بآية يرددها حتى أصبح : http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/qos1.png إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُhttp://www.tafsir.net/vb/images/smilies/qos2.png (المائدة:118) )
بل وعند تلاوته كان البكاء صفتهم ، والخشوع سمتهم ، عملا بقول ربهم:http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/qos1.png وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاًhttp://www.tafsir.net/vb/images/smilies/qos2.png … (الاسراء:109) واقتداء بسنة نبيهم http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/slah.png ، كما ثبت في الصحيحين حديث قراءة ابن مسعود على النبي http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/slah.png ، وفيه (فإذا عيناه تذرفان).
بل والتزموا معه الأدب ، ولم لا وهو كلام الرب ، فذكر البيهقي : (كان ابن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه.
وفوق كل ذلك فقد أحلوا حلاله وحرموا حرامه ، فكان أحدهم مع آي الله وقافا ، فيأتمر بما أمر ، وينتهي عما نهى، فصدق فيهم أنهم أهل القرآن وخاصته .
فخلف من بعدهم خلف ، لم يعرفوا من الإسلام إلا اسمه ، ولا من القرآن إلا رسمه ، وزعم منهم من زعم أنهم للقرآن حملة ، وأنهم أهل الله وخاصته،مع أنهم حرموا حلاله ، وأحلوا حرامه، وتركوا محكمه ، وتلاعبوا بمتشابهه ، وقصدوا به وجه الخلق دون الخالق –إلا من رحم الله- وفي مثل هؤلاء الأدعياء قال علي ابن أبي طالب http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/anho.png : ( يا حملة القرآن اعملوا به فإنما العالم من عمل بما علم ووافق علمه عمله ، وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم يخالف عملهم علمهم ، وتخالف سريرتهم علانيتهم ، يجلسون حلقا يباهي بعضهم بعضا حتى أن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه . أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله تعالى) .
فكلنا يزعم اليوم أننا حاملون للقرآن ، مع أن كثيرا منا لم يتعرف على آدابه سواء كان عالما أو متعلما – إلا من رحم الله – فيا حامل القرآن زعما : ألم تسمع قول النووي –http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/rhm.png - : ( ومن آداب حامل القرآن أن يكون على أكمل الأحوال ، وأكرم الشمائل ، وأن يرفع نفسه عن كل ما نهى القرآن عنه إجلالا للقرآن ، وأن يكون مصونا عن دنيء الاكتساب شريف النفس ، مرتفعا على الجبابرة والجفاة من أهل الدنيا ، متواضعا للصالحين وأهل الخير )والمساكين ، وأن يكون متخشعا ذا سكينة ووقار ، فقد جاء عن عمر بن الخطاب http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/anho.png أنه قال: (يا معشر القراء ارفعوا رؤوسكم فقد وضح لكم الطريق فاستبقوا الخيرات ، لا تكونوا عيالا على الناس ) أهـ
فالقرآن له جلال ؛ لذا ينبغي له الإجلال ، ولقد رأيت معي هدي من سبق ، ممن أخلص وصدق ، ففازوا بقصب السبق ، وهاهو واحد من أهل القرآن يوضح لنا سمات حامله ، وما ينبغي أن يكون عليه قارؤه ، فيقول ابن مسعود http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/anho.png : ينبغي لحامل القرآن أن يعرف
فيا حامل القرآن: أترى في نفسك ما أسلفنا ذكره من أقوال سلفنا أم أنت ممن لبسوا جلود الضأن على قلوب الذئاب. إن لحامل القرآن آدابا سواء للمعلم أو المتعلم ، ولا يسع المجال لذكر ذلك ، بل سيذكر في حينه إن شاء الله، إلا أنني أطرح عليك عدة تساؤلات اجعلها لك مفتاحا ، أو علامات على أول الطريق ، ولكن كن صادقا في الجواب على نفسك ، حتى تشرف أن تكون من أهل القرآن.
أولا: ما نيتك عند تلاوة القرآن؟ أو عند تعلمه أو تعليمه.
ثانيا: ما شعورك إذا قصد الناس غير مجلسك ؟ والتفوا حول غيرك.
ثالثا: في كم يوم تختم القرآن؟
رابعا: هل لك ورد بالليل؟ وإن كان ، فكم تختم في كل ليلة؟
خامسا: هل تتأدب مع القرآن عند تلاوته؟ .
سادسا: هل تجد قلبك عند تلاوة القرآن؟
سابعا: تعرف على أخلاقك من حيث حسنها وقبحها ، ورفعتها وتدنيها.
فيا حامل القرآن : هذه بعض أسئلة هامة وليس كلها ، فأجب بصدق وبادر بالسعي عسى أن تصل إلى أشرف مقصود وتنال رضا الرب المعبود.
جعلني الله وإياك من أهل القرآن وخاصته ، إنه ولي ذلك والقادر عليه
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
منقول ----
العلوم والحكم العجب العجاب ، وجعله أجل الكتب قدرا ، وأغزرها علما ، وأعذبها
نظما ، وأبلغها في الخطاب ، قرآنا غير ذي عوج لا شبهة، فيه ولا ارتياب.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، رب الأرباب ، الذي عنت لقيوميته الوجوه وخضعت له الرقاب. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المبعوث من أكرم الشعوب وأشرف الشعاب ، إلى خير أمة بأفضل كتاب ، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه الأنجاب ، صلاة وسلاما دائمين إلى يوم المآب.
وبعد ،،،، فإن العلوم وإن كثر عددها ، وانتشر في الخافقين مددها ، فغايتها بحر قعره لا يدرك ، ونهايتها طود شامخ لا يستطاع إلى ذروته أن يسلك ، ولكن العلوم تشرف بشرف المعلوم ؛ لذا فخير العلوم على الإطلاق ، وبه يحدث في الأمة الوفاق ، بعد التشتت والشقاق ، هو القرآن الكريم : كلام رب العالمين ، المنزل على سيد المرسلين ، نزل به الروح الأمين ، المتعبد بتلاوته إلى يوم الدين ، المتحدى بأقصر سورة منه العالمين ،عدا الملائكة المقربين ؛ فهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
فعلم ذووا الألباب فضله ، فساروا على نوره وهديه ،وأقبلوا عليه زرافات ووحدانا ، طامعين في ثناء ربنا ومولانا ، حيث وعد التالين له بالأجر العظيم ، فقال تعالى: http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/qos1.png إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/qos2.png… (فاطر:29،30) فعلم أصحاب العقل والرشاد أنه شافع لهم يوم التناد ، وأنه خير جليس لا يمله العلماء ولا العباد ، وفي ذلك قال صاحب الشاطبية:
وإن كتاب الله أوثق شافــــع = وأغنى غناء واهبا متفضـلا
وخير جليـس لا يمل حديـثــه = وترداده يزداد فيه تجمــلا
وحيث الفتى يرتـاع في ظلمـاته = من القبر يلقاه سنا متهــللا
فحملوا القرآن كما ينبغي أن يحمل ، وعاشوه قلبا وقالبا ، فها هي عائشة http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/anha.png تسأل عن خلق النبي عليه الصلاة والسلام ، فأوجزت في الجواب والبيان ، فقالت : كان خلقه القرآن.
وخذ طرفا ممن صدقوا في حمله ، وأرادوا أن يكونوا من أهله ، فصدق منهم الجنان ، وخشعت الجلود والأركان ، فتأمل إلى انشغالهم به عن غيره : فقد أخرج ابن أبي داود عن مكحول قال : كان أقوياء أصحاب رسول الله http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/slah.png يقرءون القرآن في سبع ، وبعضهم في شهر ، وبعضهم في شهرين ، وبعضهم في أكثر من ذلك
ولقد كان السلف http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/anhm.png لهم عادات مختلفة في قدر ما يختمون فيه ، فروى ابن أبي داود ما ذكرته آنفا وزاد فقال: (..... وعن بعضهم في كل عشر ليال ختمة ، وعن بعضهم في كل ثمان ليال ختمة ، وعن الأكثرين في كل سبع ليال ، وعن بعضهم في كل ست ، وعن بعضهم في كل خمس ، وعن بعضهم في كل أربع، وعن كثيرين في كل ثلاث ، وعن بعضهم في كل ليلتين ، وختم بعضهم في كل يوم وليلة ختمة، ومنهم من كان يختم في كل يوم وليلة ختمتين ، ومنم من كان يختم ثلاثا ........ فمن الذين كانوا يختمون ختمة في الليل واليوم عثمان بن عفان http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/anho.png وتميم الداري وسعيد بن جبير ومجاهد والشافعي وآخرون ....... ).
وليس المقام لتفنيد حكم ختم القرآن فوق أو دون الثلاث ، بل خذ العبرة من ذلك ، إذ أن القرآن كان شغلهم الشاغل ، ولك أن تتأمل إلى من يعيش مع القرآن بهذه الصورة المشرقة ، كيف أصبح حاله ؟ وكيف يكون مآله؟
ولا تظنن أن همهم عند تلاوته نهاية السورة ، بل التدبر هدفهم ، والفهم مقصدهم ، حيث علمهم النبي http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/slah.png ذلك. فلا بأس إن كرروا منه الآية لإصلاح قلوبهم، وطهارة أفئدتهم، روى النسائي وغيره عن أبي ذر، ( أن النبي http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/slah.png قام بآية يرددها حتى أصبح : http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/qos1.png إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُhttp://www.tafsir.net/vb/images/smilies/qos2.png (المائدة:118) )
بل وعند تلاوته كان البكاء صفتهم ، والخشوع سمتهم ، عملا بقول ربهم:http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/qos1.png وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاًhttp://www.tafsir.net/vb/images/smilies/qos2.png … (الاسراء:109) واقتداء بسنة نبيهم http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/slah.png ، كما ثبت في الصحيحين حديث قراءة ابن مسعود على النبي http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/slah.png ، وفيه (فإذا عيناه تذرفان).
بل والتزموا معه الأدب ، ولم لا وهو كلام الرب ، فذكر البيهقي : (كان ابن عمر إذا قرأ القرآن لم يتكلم حتى يفرغ منه.
وفوق كل ذلك فقد أحلوا حلاله وحرموا حرامه ، فكان أحدهم مع آي الله وقافا ، فيأتمر بما أمر ، وينتهي عما نهى، فصدق فيهم أنهم أهل القرآن وخاصته .
فخلف من بعدهم خلف ، لم يعرفوا من الإسلام إلا اسمه ، ولا من القرآن إلا رسمه ، وزعم منهم من زعم أنهم للقرآن حملة ، وأنهم أهل الله وخاصته،مع أنهم حرموا حلاله ، وأحلوا حرامه، وتركوا محكمه ، وتلاعبوا بمتشابهه ، وقصدوا به وجه الخلق دون الخالق –إلا من رحم الله- وفي مثل هؤلاء الأدعياء قال علي ابن أبي طالب http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/anho.png : ( يا حملة القرآن اعملوا به فإنما العالم من عمل بما علم ووافق علمه عمله ، وسيكون أقوام يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم يخالف عملهم علمهم ، وتخالف سريرتهم علانيتهم ، يجلسون حلقا يباهي بعضهم بعضا حتى أن الرجل ليغضب على جليسه أن يجلس إلى غيره ويدعه . أولئك لا تصعد أعمالهم في مجالسهم تلك إلى الله تعالى) .
فكلنا يزعم اليوم أننا حاملون للقرآن ، مع أن كثيرا منا لم يتعرف على آدابه سواء كان عالما أو متعلما – إلا من رحم الله – فيا حامل القرآن زعما : ألم تسمع قول النووي –http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/rhm.png - : ( ومن آداب حامل القرآن أن يكون على أكمل الأحوال ، وأكرم الشمائل ، وأن يرفع نفسه عن كل ما نهى القرآن عنه إجلالا للقرآن ، وأن يكون مصونا عن دنيء الاكتساب شريف النفس ، مرتفعا على الجبابرة والجفاة من أهل الدنيا ، متواضعا للصالحين وأهل الخير )والمساكين ، وأن يكون متخشعا ذا سكينة ووقار ، فقد جاء عن عمر بن الخطاب http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/anho.png أنه قال: (يا معشر القراء ارفعوا رؤوسكم فقد وضح لكم الطريق فاستبقوا الخيرات ، لا تكونوا عيالا على الناس ) أهـ
فالقرآن له جلال ؛ لذا ينبغي له الإجلال ، ولقد رأيت معي هدي من سبق ، ممن أخلص وصدق ، ففازوا بقصب السبق ، وهاهو واحد من أهل القرآن يوضح لنا سمات حامله ، وما ينبغي أن يكون عليه قارؤه ، فيقول ابن مسعود http://www.tafsir.net/vb/images/smilies/anho.png : ينبغي لحامل القرآن أن يعرف
فيا حامل القرآن: أترى في نفسك ما أسلفنا ذكره من أقوال سلفنا أم أنت ممن لبسوا جلود الضأن على قلوب الذئاب. إن لحامل القرآن آدابا سواء للمعلم أو المتعلم ، ولا يسع المجال لذكر ذلك ، بل سيذكر في حينه إن شاء الله، إلا أنني أطرح عليك عدة تساؤلات اجعلها لك مفتاحا ، أو علامات على أول الطريق ، ولكن كن صادقا في الجواب على نفسك ، حتى تشرف أن تكون من أهل القرآن.
أولا: ما نيتك عند تلاوة القرآن؟ أو عند تعلمه أو تعليمه.
ثانيا: ما شعورك إذا قصد الناس غير مجلسك ؟ والتفوا حول غيرك.
ثالثا: في كم يوم تختم القرآن؟
رابعا: هل لك ورد بالليل؟ وإن كان ، فكم تختم في كل ليلة؟
خامسا: هل تتأدب مع القرآن عند تلاوته؟ .
سادسا: هل تجد قلبك عند تلاوة القرآن؟
سابعا: تعرف على أخلاقك من حيث حسنها وقبحها ، ورفعتها وتدنيها.
فيا حامل القرآن : هذه بعض أسئلة هامة وليس كلها ، فأجب بصدق وبادر بالسعي عسى أن تصل إلى أشرف مقصود وتنال رضا الرب المعبود.
جعلني الله وإياك من أهل القرآن وخاصته ، إنه ولي ذلك والقادر عليه
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
منقول ----