مشاهدة النسخة كاملة : تراجم القراء السَّبعة ورواتهم ..
طيف المدينة
13 Jan 2012, 12:37 AM
تراجم القراء السَّبعة ورواتهم
الحمدُ لله ربِّ العالَمين، والصَّلاةُ والسَّلام على أشرف الأنبياء والمرسَلين، نبيِّنا محمَّد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
جَـزَى اللهُ بِالْخَيْرَاتِ عَنَّا أَئِمَّـَةً * لَنَا نَقَلُوا القُرْآنَ عَذْبًا وَسَـلْسَلاَ
فَمِنْهُمْ بُدُورٌ سَبْعَةٌ قَد تَّوَسَّطَتْ * سَمَاءَ الْعُلا واَلْعَدْلِ زُهْرًا وَكُـمَّلاَ
لَهَا شُهُبٌ عَنْهَا اسْتَنَارَتْ فَنَوَّرَتْ * سَوَادَ الدُّجَى حَتَّى تَفَرَّق وَانْجَلى
وَسَـوْفَ تَرَاهُمْ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ * مَـعَ اثْنَيْنِ مِنْ أَصْحَابِهِ مُتَمَثِّلاَ
تَخَيَّـرَهُمْ نُقَّـادُهُمْ كُـلَّ بَارِعٍ * وَلَيْسَ عَلَى قُـرْآنِهِ مُتَأَكِّـلاَ
أمَّا بعـد:
فهذه تراجِم للقرَّاء السَّبعةِ ورواتهم -رحمهم الله-، استَقَيْتُها -مع الاختصار- من " سِيَر أعلام النُّبلاء "، و" معرفة القُرَّاء الكبار " للحافظ الذَّهبيِّ -رحمه الله-.
أسأل الله -تبارك وتعالى- أنْ ينفَعَ بها.
وسأذكرُ -إن شاء الله- هؤلاء القرَّاء السَّبعة ورواتهم على التَّرتيب الَّذي جاء في منظومة " حرز الأماني " للشَّاطبيِّ -رحمه الله-.
واللهَ أسأل التَّوفيق والسَّداد.
فَأَمَّا الْكَرِيمُ السِّرِّ في الطِّيبِ نَـافِعٌ * فَذَاكَ الَّذِي اخْتَارَ الْمَدينَةَ مَنْزِلاَ
وَقَـالُونُ عِيسى ثُمَّ عُثْمانُ وَرْشُهُمْ * بِصُحْبَتِهِ المَجْـدَ الرَّفِيعَ تَأَثَّلاَ
ـ 1 ـ
نافع
هو نافع بن عبد الرَّحمن بن أبي نعيم اللَّيثيُّ مولاهم، المُقرئ المَدَنيُّ، الإمام، حبر القرآن، أبو رويم -ويقال: أبو الحسن، ويقال: أبو نعيم، ويقال: أبو محمد، ويقال: أبو عبد الله بن عبد الرحمن-.
أصله مِن أصبهان.
وُلِدَ في خلافة عبد الملك بن مروان سنة بضع وسبعين، وجوَّد كتاب الله على عدَّة من التَّابعين؛ بحيث إنَّ موسى بن طارق حكى عنه، قال: قرأتُ على سبعين من التَّابعين.
قال مالك -رحمه الله-: نافع إمام النَّاس في القراءة.
وقال سعيد بن منصور: سمعت مالكًا يقول: قراءةُ نافع سنَّة.
وقال عبدالله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي: أيُّ القراءة أحبُّ إليك؟ قال: قراءة أهل المدينة، فإنْ لَمْ يَكُنْ؛ فقراءة عاصم.
ورُوِيَ أنَّ نافعًا كان إذا تكلَّم توجد مِنْ فيه ريح مسكٍ؛ فسُئِلَ عنه؛ فقال: رأيت النبي -صلَّى الله عليه وسلم- في النَّوْمِ تَفَلَ فِي فِيَّ.
وقال اللَّيث بن سعد: حججتُ سنة ثلاث عشرة ومئة، وإمامُ النَّاس في القراءة بالمدينةِ: نافع بن أبي نعيم.
وقيل: كان أسود اللَّون، وكان طيِّب الخُلُق، صاحب دعابةٍ، يُـباسط أصحابه.
وَلَمَّا حَضَرَتْه الوفاة؛ قال له أبناؤه: أوْصِنَا؛ قال: " اتَّقُوا اللهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ".
توفي سنة تسع وستِّين ومئة.
ـ أ ـ
قالون
هو أبو موسى عيسى بن مينا بن وردان بن عيسى الزّرقيُّ، مولى بني زهرة، قارئ أهل المدينة في زمانه، ونحويُّهم.
قيل: إنَّه كان ربيبَ نافع، وهو الَّذي لقَّبه قالون؛ لجودة قراءته، وهي لفظة روميَّة، معناها: جيِّد.
لم يَزَلْ يقرأ على نافع حتَّى مهر وحذق.
وقد كان شديد الصَّمَم؛ فكان ينظر إلى شفتي القارئ؛ فيردّ عليه اللَّحنَ والخَطأ.
مات سنة عشرين ومئتين، عن نيِّف وثمانين سنة.
ـ ب ـ
وَرْش
شيخ الإقراء بالدِّيار المصرية، أبو سعيد وأبو عمرو عثمان بن سعيد بن عبد الله بن عمرو، وقيل: اسم جدِّه عديّ بن غزوان، القبطي، الإفريقي، مولى آل الزبير.
قيل: ولد سنة عشر ومئة.
قرأ القرآن، وجوَّده على نافع عدَّة ختمات، في حدود سنة خمس وخمسين ومئة.
ونافع هو الَّذي لقَّبه بِوَرْشٍ؛ لشدَّة بياضه، والوَرْش: شَيءٌ يُصْنَعُ مِن اللَّبَنِ. ويُقال: لَقَّبَهُ بالوَرْشان، وهو: طائر معروف، فكان يقول: " اقرأ يا ورشان، وهاتِ يا ورشان "، ثم خُفِّفَ، وقيل: وَرْش. وَكَان لا يكرهُه، ويُعْجِبُه، ويقول: أستاذي نافع سَمَّاني به.
وكان أشقر، أزرق، رَبْعة، سمينًا، قصير الثياب، ماهرًا بالعربيَّة، انتهت إليه رئاسة الإقراء في الدِّيار المصريَّة في زمانه.
قال أبو يعقوب الأزرق: إنَّ وَرْشًا لَمَّا تَعمَّق في النَّحو وأحْكَمَه؛ اتَّخَذ لنفسه مقرأً يُسمَّى: مَقْرأ وَرْشٍ.
قال يونس: كان جيِّد القراءة، حَسَن الصَّوت، إذا قرأ يهمز، ويمدّ، ويشدِّد، ويبيِّن الإعراب، لا يملّه سامعُه. ويقال: إنَّه تلا على نافع أربع ختماتٍ في شهر واحد.
مات بمصر، في سنة سبع وتسعين ومائة.
طيف المدينة
13 Jan 2012, 12:40 AM
وَمَكَّةُ عَبْدُ اللهِ فِيهَا مُقَامُهُ * هُوَ ابْنُ كَثِيرٍ كاثِرُ الْقَوْمِ مُعْتَلى
رَوَى أَحْمَدُ الْبَزِّي لَهُ وَمُحَمَّدٌ * عَلَى سَنَدٍ وَهْوَ المُلَقَّبُ قُنْبُلاَ
ـ 2 ـ
ابن كثير
هو عبد الله بن كثير بن عمرو بن عبد الله بن زاذان بن فيروزان بن هرمز، الإمام، العلم، مقرئ مكَّة، وأحد القُرَّاء السَّبعة، أبو معبد، الكنانيُّ، الدَّاريُّ، المكيُّ، مولى عمرو بن علقمة الكنانيِّ. وقيل: يكنى أبا عباد، وقيل: أبا بكر. فارسيُّ الأصل. وكان داريًّا وهو العطَّار.
وكان رجلاً مهيبًا، طويلاً، أبيض اللِّحية، جسيمًا، أسمر، أشهل العينين، تعلوه سكينة ووقار، وكان فصيحًا مفوَّهًا، واعظًا، كبير الشَّأن.
قال ابن سعد: كان ابن كثير المقرئ ثقة، له أحاديث صالحة، مات سنة اثنتين وعشرين ومئة.
وقال ابن عيينة: لَمْ يَكُنْ بمكَّةَ أحدٌ أقرأ مِنْ حميد بن قيس، وعبد الله بن كثير.
وقال جرير بن حازم : رأيتُ عبد الله بن كثير فصيحًا بالقرآن.
وعاش خمسًا وسبعين سنة. مات سنة عشرين ومئة.
ـ أ ـ
البَزِّي
أبو الحسن أحمد بن محمَّد بن عبد الله بن القاسم بن نافع بن أبي بزَّة، قارئ مكَّة، ومؤذِّن المسجد الحرام، ومولى بني مخزوم. أصله من فارس.
ولد سنة سبعين ومائة.
كان دينًا، عالمًا، صاحب سنَّة، أذَّن في المسجد الحرام أربعين سنة، وأقرأ النَّاس بالتَّكبير من " والضُّحى ".
ومات سنة خمسين ومائتين.
ـ ب ـ
قُنبُل
هو أبو عمر محمَّد بن عبد الرَّحمن، المخزوميُّ مولاهم المكيُّ، مُقرئ أهل مكَّة.
وُلِدَ سنة خمس وتسعين ومئة، وجوَّد القراءة على أبي الحسن القوَّاس، وأخذ القراءة عن البَزيِّ أيضًا، وانتهَتْ إليه رئاسة الإقراء بالحجاز.
وقيل: إنَّه كان يستعمل دواءً يسقى للبقر، يُسمَّى: " قنبيل "؛ فلمَّا أكْثَرَ مِن استعماله؛ عُرِفَ به، ثُمَّ خُفِّفَ، وقيل: " قُنْبُل ". وقيل: بَلْ هو مِن قومٍ يُقال لهم: " القنابلة ".
وكان قنبل قَد وَلِيَ الشّرطة بمكَّة في وَسطِ عمره؛ فحُمِدَتْ سِيرتُه. ثُمَّ إنَّه طَعَن في السِّنِّ وشاخ، وقطع الإقراء قبل موته بسبع سنين.
تُوُفِّي سنة إحدى وتسعين ومئتين.
طيف المدينة
13 Jan 2012, 12:43 AM
وَأَمَّا الإْمَامُ المَازِنِيُّ صَرِيحُهُمْ * أَبُو عَمْرٍو الْبَصْرِي فَوَالِدُهُ الْعَـلاَ
أَفَاضَ عَلَى يَحْيَى الْيَزيدِيِّ سَيْبَهُ * فَأَصْبَحَ بِالْعَذْبِ الْفُرَاتِ مُعَلَّلاَ
أَبُو عُمَرَ الدُّورِي وَصَالِحُهُمْ أَبُو * شُعَيْبٍ هُوَ السُّوسِيُّ عَنْهُ تَقَبَّلاَ
ـ 3 ـ
أبو عمرو بن العلاء
أبو عمرو بن العلاء بن عمَّار بن العريان التَّميميُّ، ثم المازنيُّ، البصريُّ، شيخ القرَّاء والعربيَّة، ومقرئ أهل البصرة.
اختُلف في اسمه على أقوال أشهرها: زبَّان، وقيل: العريان.
مولده في نحو سنة سبعين.
بَرَزَ في الحروف، وفي النَّحو، واشتهر بالفصاحة، والصِّدق، وسعة العلم.
قال أبو عبيدة: كان أعلم النَّاسِ بالقراءات، والعربيَّة، والشِّعر، وأيَّام العرب، وكانَت دفاتره ملءَ بيت إلى السَّقف، ثمَّ تنسَّكَ فأحرقها.
وقال اليزيديُّ: كان أبو عمرو قد عرف القراءات؛ فقرأ من كلِّ قراءة بأحسنها، وبما يختار العرب، وبما بلغه من لغة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وجاء تصديقه في كتاب الله عزَّ وجلَّ.
وروى اليزيديُّ عن أبي عمرو قال: سمع سعيد بن جبير قراءتي؛ فقال: الزم قراءتك هذه.
ورَوى أبو العيناء، عن الأصمعيِّ، قال لي أبو عمرو بن العلاء: لو تَهَيَّأ أن أُفْرِغَ ما في صدري مِنَ العلم في صدرك لَفَعَلْتُ، ولقد حفظتُ في علم القرآن أشياء لو كُتِبَتْ ما قدر الأعمش على حَمْلِها، ولولا أنْ ليس لي أنْ أقرأ إلا بما قُرِئَ لقرأتُ حرف كذا، وَذَكَر حُروفًا.
قال إبراهيم الحربيُّ وغيره: كان أبو عمرو مِن أهل السُّنَّة.
وقال الأصمعيُّ: قال لي أبو عمرو: كُنْ على حَذَرٍ مِنَ الكريم إذا أهَنْتَه، ومِنَ اللَّئيم إذا أكرمتَه، ومِن العاقل إذا أحرَجْتَه، ومِنَ الأحمق إذا مازَحْتَهُ، ومِنَ الفاجر إذا عاشرته، وليس من الأدب أنْ تُجيبَ مَنْ لا يسألك، أو تسأل مَنْ لا يُجيبك، أو تُحدِّث مَنْ لا يُنصِت لك.
ذَكَر غيرُ واحدٍ أنَّ وفاته كانت في سنة أربع وخمسين ومئة.
ـ أ ـ
أبو عمر الدُّوريُّ
أبو عُمَر حفص بن عمر بن عبد العزيز بن صهبان، ويقال: صهيب، الأزديُّ مولاهم الدُّوريُّ (نسبة إلى " الدُّور " وهي محلَّة معروفة بالجانب الشَّرقيِّ من بغداد)، المقرئ، النَّحويُّ، البغداديُّ، الضَّرير، نزيل سامراء، ومُقرئ الإسلام، وشيخ العراق في وقته.
ولد سنة بضع وخمسين ومئة، في دولة المنصور.
قال أبو عليٍّ الأهوازيُّ: رحل أبو عمر في طلب القراءات، وقرأ سائر حروف السَّبعة وبالشواذِّ، وسمع من ذلك الكثير، وصنَّف في القراءات، وهو ثقة، وعاش دهرًا، وفي آخر عمره ذهب بصره، وكان ذا دين.
قال الذَّهبيُّ: طال عمره، وقُصِدَ مِنَ الآفاق، وازدحم عليه الحذَّاق؛ لعُلُوِّ سَنَدِه، وسعة علمه.
قال أحمد بن فرح: قلت للدُّوريِّ: ما تقول في القرآن؟ قال: كلام الله غير مخلوق.
تُوُفِّي في شوَّال سنة ستٍّ وأربعين ومئتين.
ـ ب ـ
السُّوسيُّ
الإمام المقرئ المحدِّث، شيخ الرَّقََّّة، أبو شُعَيْب صالح بن زياد بن عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم بن الجارود بن مسرح، الرستبيُّ السُّوسيُّ الرَّقِّيُّ.
ولد سنة نيِّف وسبعين ومئة.
وجوَّد القرآن على يحيى اليزيديِّ، وأحكم عليه حرف أبي عمرو.
وكانَ صاحب سنَّةٍ.
مات في أول سنة إحدى وستين ومائتين، وقد قارب التِّسعين.
طيف المدينة
13 Jan 2012, 12:48 AM
وَأَمَّا دِمَشْقُ الشَّامِ دَارُ ابْنِ عَامِرٍ * فَتِلْكَ بِعَبْدِ اللهِ طَابَتْ مُحَلَّلاَ
هِشَـامٌ وَعَبْدُ اللهِ وَهْوَ انتِسَابُهُ * لِذَكْوَانَ بِالإِسـنَادِ عَنْهُ تَنَقَّلاَ
ـ 4 ـ
ابن عامر
هو عبد الله بن عامر بن يزيد بن تميم، الإمام الكبير، مقرئ الشَّام، وأحد الأعلام، أبو عمران اليحصبيُّ الدِّمشقيُّ.
عربيٌّ ثابت النَّسَب مِنْ حمير.
يقال: ولد سنة إحدى وعشرين.
قال يحيى الذماريُّ: كان ابن عامر قاضي الجند، وكان على بناء مسجد دمشق، وكان رئيس المسجد، لا يرى فيه بدعة إلا غيَّرها . قال: ومات يوم عاشوراء سنة ثمان عشرة ومئة، وله سبع وتسعون سنة.
ومراده بالجند: جند دمشق، وهي البلد وما يلتحق بها من السَّواحل والقلاع.
ـ أ ـ
هشام
هو هشام بن عمَّار بن نصير بن ميسرة بن أبان، الإمام الحافظ العلامة المقرئ، عالم أهل الشَّام، أبو الوليد السلميُّ، ويقال: الظفريُّ، خطيب دمشق.
وُلِدَ سنة ثلاث وخمسين ومئة.
كان مِنْ أوعية العلم، وكان ابتداء طلبه للعلم وهو حَدَث، قبل السَّبعين ومئة.
قال أبو القاسم بن الفرات: أخبرنا أبو عليٍّ أحمد بن محمد الأصبهانيُّ المقرئ: لَمَّا تُوُفِّي أيُّوب بن تميم -يعني: مقرئ دمشق- رَجَعَتِ الإمامةُ حينئذ إلى رَجلين، أحدهما: مشتهر بالقراءة والضَّبط، وهو: ابن ذكوان فأتَمَّ النَّاس به، والآخر: مشتهر بالنَّقل والفصاحة والرِّواية والعلم والدِّراية، وهو: هشام بن عمَّار، وكان خطيبًا بدمشق، رُزِقَ كبر السِّنِّ، وصحَّة العقل والرَّأي؛ فارتحل النَّاس إليه في نقل القراءة والحديث.
وكان ابن ذكوان يُفضِّله، ويرى مكانه لكبر سنه.
قال يعقوب بن إسحاق الهرويُّ، عن صالح بن محمَّد الحافظ: سمعت هشام بن عمَّار، يقول: دخلتُ على مالكٍ، فقلت له: حدِّثني، فقال: اقرأ، فقلت: لا، بل حدِّثني، فقال: اقرأ، فلمَّا أكثرتُ عليه؛ قال: يا غلام، تعالَ اذْهب بهذا، فاضربْه خمسةَ عشرَ، فذهب بي فضربني خمس عشرة درَّة، ثم جاء بي إليه، فقال: قد ضربتُه، فقلتُ له: لِمَ ظَلَمْتَني؟ ضربتَني خمس عشرة درَّةً بغير جُرْمٍ، لا أجعلك في حلٍّ، فقال مالك: فما كفَّارته؟ قلتُ: كفَّارته أنْ تُحدِّثَني بخمسة عشر حديثًا، قال: فَحَدَّثني بخمسة عشر حديثًا، فقلتُ له: زِدْ مِنَ الضَّرب، وزِدْ في الحديث؛ فضَحِكَ مالكٌ، وقال: اذهبْ.
قال محمَّد بن خريم الخُرَيْمي: سمعت هشام بن عمَّار يقول في خطبته: قولوا الحقَّ؛ يُنْزِلْكم الحقُّ منازل أهل الحقِّ، يوم لا يُقضى إلا بالحقِّ.
وكان هشام خطيبًا بليغًا، صاحب بديهة.
روى عنه عبدان الجواليقيُّ، قال: ما أعدتُّ خطبةً منذ عشرين سنةً.
قال البخاري وغيره : تُوفي هشام بن عمَّار في آخر المحرَّم سنة خمس وأربعين ومائتين.
ـ ب ـ
ابن ذكوان
هو عبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان، أبو عمرو وأبو محمَّد البهرانيُّ مولاهم الدِّمشقيُّ المقرئ.
مقرئ دمشق، وإمام الجامع.
وُلِدَ يوم عاشوراء سنة ثلاث وسبعين ومئة.
قال الحافظ الذَّهبيُّ: كان ابن ذكوان أقرأ من هشام بكثير، وكان هشام أوسع علمًا من ابن ذكوان بكثير.
وقال أبو زرعة الدِّمشقيُّ: لم يكن بالعراق ولا بالحجاز ولا بالشَّام ولا بمصر ولا بخراسان في زمان ابن ذكوان أقرأ عندي منه.
توفي ابن ذكوان يوم الإثنين، لليلتين بَقِيَتا من شوَّال، سنة اثنتين وأربعين ومئتين.
طيف المدينة
13 Jan 2012, 12:49 AM
فَأَمَّـا أَبُو بَـكْرٍ وَعَاصِمٌ اسْمُهُ * فَشُـعْبَةُ رَاوِيهِ المُبَرِّزُ أَفْضَـلاَ
وَذَاكَ ابْنُ عَيَّاشٍ أَبُو بَكْرٍ الرِّضَى * وَحَفْصٌ وَبِاْلإتقَانِ كانَ مُفضَّلاَ
ـ 5 ـ
عاصم
عاصم بن أبي النَّجود الأسديُّ مولاهم الكوفيُّ، القارئ الإمام، أبو بكرٍ، واسم أبيه: بهدلة -على الصَّحيح-.
مولده في إمرة معاوية بن أبي سفيان http://www.ahlalloghah.com/images/up/626f0ad11c.jpg، وهو معدودٌ في التَّابعين.
إليه انتهت الإمامة في القراءة بالكوفة، بعد شيخه أبي عبد الرَّحمن السُّلميِّ.
قال أبو بكر بن عيَّاش: لَمَّا هَلَك أبو عبد الرَّحمن؛ جَلَس عاصم يُقرئ النَّاس، وكان عاصمٌ أحسنَ النَّاسِ صوتًا بالقرآن.
وقال عبدالله بن أحمد بن حنبل: سألت أبي عن عاصم بن بهدلة؛ فقال: رجل صالح خير ثقة، فسألتُه: أيُّ القراءة أحبُّ إليك؟ قال: قراءة أهل المدينة، فإن لَمْ يكنْ؛ فقراءة عاصم.
وقال أبو بكر: قال لي عاصم: مرضتُ سنتين، فلمَّا قمتُ؛ قرأتُ القرآن، فما أخطأتُ حرفًا.
وقال أبو بكر بن عيَّاش: كان عاصم نحويًّا، فصيحًا إذا تكلَّم، مشهور الكلام. وكان الأعمش وعاصم وأبو حصين كلُّهم لا يبصرون، جاء رجلٌ يومًا يقود عاصمًا؛ فوقع وقعة شديدةً؛ فما كَهَرَه، ولا قال له شيئًا.
وقال أبو بكر بن عيَّاش أيضًا: قال عاصمٌ: مَنْ لَمْ يُحسِنْ مِنَ العربيَّة إلا وجهًا واحدًا؛ لَمْ يُحْسِنْ شيئًا، ثمَّ قال: ما أقرأني أحدٌ حرفًا إلاَّ أبو عبد الرَّحمن، وكان قد قَرَأَ على عليِّ http://www.ahlalloghah.com/images/up/626f0ad11c.jpg، وكنت أرجع مِن عنده، فأعرض على زرِّ بن حبيش، وكان زِرٌّ قَد قَرَأَ على ابنِ مسعودٍ، فقلتُ لعاصم: لقد استوثقت.
ورُوِيَ عن حفص بن سليمان قال: قال لي عاصم: ما كان مِنَ القراءة التي أقرأتُكَ بها؛ فهي القراءة التي قرأتُ بِهَا على أبي عبد الرَّحمن السُّلميِّ عن عليٍّ http://www.ahlalloghah.com/images/up/626f0ad11c.jpg، وما كان من القراءة الَّتي أقرأتُ بِها أبا بكر بن عيَّاش؛ فهي القراءة الَّتي كنتُ أعرضها على زرِّ بن حبيش عن ابن مسعودٍ http://www.ahlalloghah.com/images/up/626f0ad11c.jpg.
وقال سلمة بن عاصم: كان عاصم بن أبي النَّجود ذا نُسُكٍ، وأدبٍ، وفصاحةٍ، وصوتٍ حَسَنٍ.
وقال زياد بن أيُّوب: حدَّثنا أبو بكر قال: كان عاصمٌ إذا صلَّى ينتصب كأنَّه عود، وكان عاصم يوم الجمعة في المسجد إلى العصر، وكان عابدًا خيِّرًا يصلِّي أبدًا، ربَّما أتى حاجة، فإذا رأى مسجدًا؛ قال: مِلْ بِنَا؛ فإنَّ حاجتنا لا تفوت، ثمَّ يدخل فيصلِّي.
تُوُفِّي عاصم في آخر سنة سبع وعشرين ومئة. وقال إسماعيل بن مجالد: سنة ثمان وعشرين.
ـ أ ـ
شُعبة
هو أبو بكر بن عيَّاش بن سالم الأسديُّ مولاهم الكوفيُّ، الحنَّاط، الإمام، المقرئ، الفقيه، المحدِّث، مولى واصل الأحدب.
وُلِدَ سنة خمس وتسعين.
وفي اسمه أقوال، أصحُّها قولان: كُنْيَتُه، وما رواه أبو هشام الرِّفاعيُّ وحسين بن عبد الأوَّل أنَّهما سألاه عن اسمه؛ فقال: شعبة.
قرأ القرآن، وجوَّده ثلاثَ مرَّات على عاصم بن أبي النَّجود.
وكان سيِّدًا، إمامًا، حُجَّة، كثير العلم والعمل، منقطع القرين.
قال ابن المبارك: ما رأيتُ أحدًا أسرع إلى السُّنَّة من أبي بكر بن عيَّاش.
وقال أبو داود: حدَّثنا حمزة بن سعيد المروزيُّ -وكان ثقة- قال: سألت أبا بكر بن عيَّاش، فقلتُ: قد بَلَغَكَ ما كان مِنْ أمر ابن عليَّة في القرآن، قال: ويلك، مَنْ زَعَمَ أنَّ القرآنَ مخلوقٌ؛ فهو عندنا كافر، زِنديق، عدوُّ الله، لا نُجالسه، ولا نُكلِّمه.
وقد سئل أبو بكر عن القرآن؛ فقال: هو كلام الله غير مخلوق.
وقال أحمد بن يونس: قلتُ لأبي بكر بن عيَّاش: لي جار رافضيٌّ قد مَرِضَ، قال: عُدْهُ مِثلما تعود اليهوديَّ والنَّصرانيَّ، لا تنوي فيه الأجر.
وقال الحافظ يعقوب بن شيبة: كان أبو بكر معروفًا بالصَّلاح البارع، وكان له فقهٌ وعلم بالأخبار.
قال يحيى بن سعيد: زاملتُ أبا بكر بن عيَّاش إلى مكَّة، فما رأيت أورعَ منه، لقد أهدى له رجلٌ رُطبًا، فبَلَغَهُ أنَّه مِن بستانٍ، أخذ من خالد بن سلمة المخزوميِّ؛ فأتى آل خالد؛ فاستحلَّهم، وتصدَّق بثمنه.
وقال أبو بكر: أدنى نفع السُّكوت: السَّلامة، وكفى بها عافيةً، وأدنى ضرر المنطِق: الشُّهرة، وكفى بها بليَّةً.
وقال عبيد بن يعيش: سمعتُ أبا بكر يقول: ما رأيتُ أقرأ مِن عاصمٍ؛ فقرأتُ عليه، وما رأيتُ أفقه من مغيرة؛ فلزمته.
وقال سفيان بن عيينة: قال لي أبو بكر بن عيَّاش: رأيت الدُّنيا في النَّومِ عجوزًا مُشوَّهة.
تُوفِّي في جمادى الأولى سنة ثلاث وتسعين ومئة.
ـ ب ـ
حفص
حفص بن سليمان أبو عمر الأسديُّ مولاهم الغاضريُّ الكوفيُّ، المقرئ، الإمام، صاحب عاصم، وابن زوجة عاصم.
وُلِدَ سنة تسعين، ومات سنة ثمانين ومئة.
قال أبو الحسين بن المنادي: قَرَأ على عاصم مرارًا، وكان الأوَّلون يعدُّونه في الحفظ فوق أبي بكر بن عيَّاش، ويصفونه بضبط الحروف الَّتي قرأ بها على عاصم. أقرأ النَّاس دهرًا، وكانت القراءة الَّتي أخَذَها عن عاصم ترتفع إلى عليٍّ http://www.ahlalloghah.com/images/up/626f0ad11c.jpg.
طيف المدينة
13 Jan 2012, 12:52 AM
وَحَمْزَةُ مَا أَزْكاهُ مِنْ مُتَوَرِّعٍ * إِمَامًا صَبُورًا لِلقُرَانِ مُرَتِّلاَ
رَوَى خَلَفٌ عَنْهُ وَخَلاَّدٌ الَّذِي * رَوَاهُ سُلَيْمٌ مُتْقَنًا وَمُحَصَّلاَ
ـ 6 ـ
حمزة
حمزة بن حبيب بن عمارة بن إسماعيل، الإمام القدوة، شيخ القراءة، أبو عمارة التَّيميُّ مولاهم الكوفيُّ الزَّيَّات. أصله فارسيٌّ.
ولد سنة ثمانين.
كان يجلب الزَّيت من الكوفة إلى حلوان، ويجلب من حلوان الجوز والجبن إلى الكوفة.
وكان إمامًا حُجَّةً، قيِّمًا بكتاب الله تعالى، حافظًا للحديث، بصيرًا بالفرائض والعربيَّة، عابدًا خاشعًا قانتًا لله، ثخين الوَرَعِ، رفيع الذِّكر، عديم النَّظير.
قال حمزة: ما قرأتُ حرفًا إلا بأثر.
وقال أسود بن سالم: سألتُ الكسائيَّ عن الهمز والإدغام، ألَكُم فيه إمام؟ قال: نعم، هذا حمزة يَهمز ويكسر [أي: يُميلُ]، وهو إمام من أئمَّة المسلمين، وسيِّد القرَّاء والزُّهَّاد، لو رأيتَه؛ لَقَرَّتْ عينُكَ به مِن نُسُكهِ.
وقال حسين الجعفيُّ: ربَّما عَطِش حمزة، فلا يستسقي؛ كراهيةَ أنْ يُصادفَ مَنْ قَرَأ عليه.
وذكر جرير بن عبد الحميد، قال: مرَّ بي فطَلَبَ ماءً؛ فأتيتُهُ به؛ فلم يشرب منِّي؛ لكوني أحضر القراءة عنده.
وقال إسحاق بن الجرَّاح: قال خلف بن تميم: مات أبي وعليه دَيْنٌ، فأتيت حمزة ليكلِّم صاحب الدَّيْن؛ فقال: ويحك، إنَّه يقرأ عليَّ، وأنا أكره أن أشربَ مِن بَيْتِ مَنْ يقرأ عليَّ الماءَ.
وقال يحيى بن معين: سمعتُ محمَّد بن فضيل يقول: ما أحسب أنَّ الله يدفع البلاء عن أهل الكوفة إلاَّ بحمزة.
وكان شعيب بن حرب يقول لأصحاب الحديث: ألا تسألوني عن الدُّرِّ؟ قراءة حمزة.
وقال أبو عمر الدُّوريُّ: حدَّثنا أبو المنذر يحيى بن عقيل، قال: كان الأعمش إذا رأى حمزة قد أقبل؛ قال: هذا حبر القرآنِ.
وعن مندل قال: إذا ذُكِرَ القُرَّاء؛ فحسبكَ بحمزةَ في القراءة والفرائض.
وقال سفيان الثوريُّ: غلب حمزةُ النَّاسَ على القرآن والفرائض.
وعن حمزة قال: نَظَرتُ في المصحف حتَّى خشيتُ أن يذهب بصري.
قال سُلَيم: سمعتُ حمزةَ يقول: وُلدتُّ سنة ثمانين، وأحكمتُ القراءة ولي خمس عشرة سنة. مات حمزة سنة ست وخمسين ومئة.
ـ أ ـ
خَلَف
خَلَف بن هشام بن ثعلب - وقيل: ابن طالب - بن غراب، الإمام الحافظ الحجَّة، شيخ الإسلام، المقرئ، أبو محمَّد البغداديُّ، البزَّار، أحد الأعلام.
مولده سنة خمسين ومئة.
له اختيارٌ أقْرَأَ به، وخالف فيه حمزة.
قرأ على سُلَيْم عن حمزة، وقرأ أيضًا على أبي يوسف الأعمش لعاصم، وأخَذَ حرف نافع عن إسحاق المسيـبي، وقراءة أبي بكر عن يحيى بن آدم.
قال الدَّارَقُطْنيُّ: كان عابدًا فاضلاً.
وقال حمدان بن هانىء المقرئ: سَمِعْتُ خَلَفَ بنَ هشام يقول: أشْكلَ عليَّ بابٌ مِنَ النَّحْوِ؛ فأنفقتُ ثمانين ألف درهمٍ حتَّى حذقتُهُ.
وعَنْ خَلَفٍ قال: أعدتُّ الصَّلاةَ أربعين سنةً كنتُ أتناول فيها الشَّرابَ على مذهب الكوفيِّين. وقال الحسين بن فهم: ما رأيتُ أنبلَ مِن خَلَف بن هشامٍ، كان يبدأ بأهل القرآن، ثمَّ يأذن للمحدِّثين، وكان يقرأ علينا من حديث أبي عوانة خمسين حديثًا.
توفي سنة تسع وعشرين ومئتين، وقد شارف الثَّمانين.
ـ ب ـ
خلاد
خلاَّد بن خالد -وقيل: ابن عيسى- أبو عيسى، وقيل: أبو عبد الله، الشَّيبانيُّ مولاهم الصَّيْرَفيُّ الكوفيُّ، الأحول، المقرئ، صاحب سُلَيم.
أقرأ النَّاس مدَّة، وحدَّث عن زهير بن معاوية، والحسن بن صالح بن حيٍّ.
توفي سنة عشرين ومئتين.
طيف المدينة
13 Jan 2012, 12:53 AM
وَأَمَّـا عَلِـيٌّ فَالْكِسَـائِيُّ نَعْتُـهُ * لِمَـا كَـانَ فِي الإِحْـرَامِ فِيهِ تَسَـرْبَلاَ
رَوَى لَيْثُهُمْ عَنْهُ أَبُو الْحَارِثِ الرِّضَى * وَحَفْصٌ هُوَ الدُّورِي وَفيِ الذِّكْرِ قَدْ خَلاَ
ـ 7 ـ
الكسائيُّ
الإمام، شيخ القراءة والعربيَّة، عليُّ بن حمزة الكسائيُّ، أبو الحسن الأسديُّ مولاهم الكوفيُّ، المقرئ، النَّحْويُّ، أحد الأعلامِ.
ولد في حدود سنة عشرين ومئة.
وَاختار لنفسه قراءةً، ورَحَل إلى البصرة، فأخَذَ العربيَّة عن الخليل بن أحمد، وخَرَج إلى البوادي، فغاب مدَّة طويلة، وكَتَبَ الكثير من اللُّغات والغريب عن الأعراب بنجدٍ وتهامة، ثم قَدِم وَقَدْ أنفَدَ خَمْسَ عَشرةَ قِنِّينة حِبرٍ.
وإليه انتهت الإمامة في القراءة والعربيَّة.
قال ابن مجاهد: كان النَّاس يأخذون عنه ألفاظه بقراءته عليهم.
قال أبو عبيد في كتاب " القراءات ": كان الكسائيُّ يتخيَّر القراءات، فأخَذَ مِن قراءة حمزة ببعضٍ، وَتَرَك بعضًا، وكان مِن أهل القراءة، وهي كانَت عِلمَه وصِناعَتَه، ولم نُجالسْ أحدًا كان أضبطَ ولا أقومَ بِهَا منه.
وقال أبو عمر الدُّوريُّ: سمعت يحيى بن معين يقول: ما رأيتُ بعيني أصدق لهجةً مِنَ الكسائيِّ. وقال خَلف بن هشام: كنتُ أحضر بين يدي الكسائيِّ، وهو يقرأ على الناس، وينقطون مصاحفهم بقراءته عليهم.
وقال عبد الرَّحيم بن موسى: سألتُ الكسائيَّ عن نسبته؛ قال: أحرمتُ في كساءٍ.
قال الشَّافعيُّ -http://www.ahlalloghah.com/images/up/626f0ad11c.jpg-: مَنْ أرادَ أنْ يتبحَّرَ في النَّحو؛ فهو عيال على الكسائيِّ.
وقال أبو بكر بن الأنباري: اجتَمَعَتْ في الكسائيِّ أمورٌ: كان أعلمَ النَّاس بالنَّحو، وواحدَهم في الغريبِ، وكان أوْحَدَ النَّاس في القرآن؛ فكانوا يُكثرون عليه حتَّى لا يضبط الأخذ عليهم؛ فيجمعهم، ويجلس على كرسيٍّ، ويتلو القرآن من أوَّله إلى آخره، وهم يسمعون ويضبطون عنه حتَّى المقاطع والمبادئ.
وقيل لأبي عمر الدُّوريِّ: كيف صحبتم الكسائي على الدّعابة الَّتي فيه؟! قال: لصدق لسانه. وقال الكسائيُّ: صلَّيتُ بهارون الرَّشيد، فأعجبتني قراءتي؛ فغلطتُ في آية ما أخطأ فيها صبيٌّ قطُّ؛ أردتُّ أن أقول: " لَعَلَّهُم يَرْجِعونَ "؛ فقلتُ: " لعلَّهُم يَرجعينَ "؛ فواللهِ ما اجترأ هارون أنْ يقول أخطأتَ، ولكنَّه لَمَّا سَلَّم؛ قال: أيُّ لغةٍ هذه؟ قلتُ: يا أمير المؤمنين! قَد يعثُر الجوادُ، قال: أمَّا هذه؛ فَنَعَمْ.
وقال ابن الدَّورقيُّ: اجتمع الكسائيُّ واليزيديُّ عند الرَّشيد، فحضرتْ صلاةٌ؛ فقدَّموا الكسائيَّ يُصلِّي؛ فأُرْتِجَ عليه قراءة: " قُلْ يَا أيُّها الكافِرونَ "؛ فقال اليزيديُّ: قراءةُ " قُلْ يَا أيُّها " ترتج على قارئ الكوفة! قال: فَحَضَرَتْ صلاةٌ؛ فقدَّموا اليزيديَّ؛ فأُرْتِجَ عليه في: " الحمدُ "؛ فلمَّا سَلَّم؛ قال:
احْفَظْ لِسانَكَ، لا تقول فتُبْتَلى * إنَّ البَلاءَ مُوكَّلٌ بِالْمَنطِقِ
وعن الفرَّاء قال: إنَّما تعلَّم الكسائيُّ النَّحوَ على كِبَرٍ، ولَزِمَ معاذًا الهرَّاء مُدَّةً، ثُمَّ خَرَجَ إلى الخليل.
قال الذَّهبيُّ: وكان الكسائيُّ ذا منزلةٍ رفيعةٍ عند الرَّشيد، وأدَّبَ وَلَدَهُ الأمين، ونال جاهًا وأموالاً.
سارَ مَع الرَّشيد، فمات بالرَّيِّ سنة تسع وثمانين ومائة، عن سبعين سنة، وفي تاريخ موته أقوال، فهذا أصحُّها.
ولَمَّا ماتَ محمَّد بن الحَسَن والكسائيُّ؛ قال الرَّشيدُ: دَفَنَّا الفِقْهَ والنَّحوَ بالرَّيِّ.
ـ أ ـ
أبو الحارث
هو اللَّيْث بن خالد، أبو الحارث، البغداديُّ، المقرئ، صاحب الكسائيِّ، والمقدَّم مِنْ بين أصحابه.
توفي سنة أربعين ومئتين.
ـ ب ـ
الدُّوريّ
هو راوي أبي عمرو بن العلاء المتقدِّم.
مَضَتْ ترجمته.
رحمهم الله تعالى
والحمدُ لله الَّذي بنعمته تتمُّ الصَّالحات
" مما تم نقله "
عبدالله الكعبي
16 Feb 2012, 09:07 AM
بارك الله فيك و جزاك الله خيرا على الموضوع
طيف المدينة
21 Mar 2012, 12:17 AM
وفيكم بارك الرحمن وجزاكم خير الجزاء ..
شامخه بديني
23 Mar 2012, 05:42 PM
بارك الله فيكم ونفع الله بكـم
رونق الامل
09 May 2012, 08:22 AM
جزاكم الله خيرا
فله المميزة
13 Jun 2012, 08:20 PM
بارك الله فيكم ونفع بكم
موضوع مميز جزاك الله الجنة
Powered by vBulletin® Version 4.2.2 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir