كامل
14 Nov 2012, 06:44 PM
دفاعٌ عنْ أبيْ هُرَيْرَة رضي الله عنهأبو هريرة رضي الله عنه.....قبسٌ من أنوار الإسلام...أبو هريرة رضي الله عنه .... نورٌ يضيء القلوب....واحدٌ من قادة الإسلام الروّاد الذين ساهموا في إرساء قواعد دولة الإسلام الأولى ....ورمزٌ ومثالٌ لمعلمي الأمة الذين وجّهوا نهضتها الفكريةَ , وشرحوا لها قرآنَها , ووصفوا لها سيرةَ نبيها صلى الله عليه وسلم......وحددت مروياتُه جزئياتِ العقيدة , ورسمت صورة التفكير الملتزمِ بالتوجيهات الربانية , وحفظت الأخلاقَ , وأجّجت روح الجهاد .......ومن أجل ذلك ركّز عليه الأعداءُ الهجوم ....ومن أجل ذلك يكرهُهُ أصحابُ الأهواء والشهوات .....ومن أجل ذلك يحبّه كلّ مؤمن غيورٍ على الإسلام, ومصالح أمة الإسلام (1).وحاول البعضُ الطعنَ في روايات أبي هريرة لكثرتها , فكانت محاولاتُهم :كناطحٍ صخرةً يومـاً ليوهِنَها فلم يضرْها وأوهى قرنَهُ الوعِلُ... جميعنا يعلم أن القرآن الكريم محفوظٌ في الصدور والسطور , وقد تكفل الله عز وجل بحفظه . فلم يستطع أعداءُ الإسلام أن يُدخلوا فيه حرفاً أو ينقصوه , وباءت كلُّ محاولاتهم بالفشل , ( ولكنّ اليهود وأعوانهم وأتباعهم لم يلقوا السلاح , ولم ينصرفوا عن حربهم للإسلام , فسلكوا مسلكاً آخرَ يقوم على التشكيك في رواة السنة النبوية , ولا سيما المكثرين منهم , وإثارةِ الشبهات حولهم , والطعنِ في أمانتهم وصدقهم بحجة النقد العلمي , والبحثِ الموضوعيّ , والرأي الحرّ ..... وكان نصيبُ الصحابي الجليل , راويةِ الإسلام , وحبيبِ المؤمنين , أبي هريرة رضي الله عنه , من هذا الكيد الجديدِ الشيءَ الكثيرَ , لأنه رضي الله عنه من أكثر الصحابة روايةً للحديث , نظراً لأنه كان من أكثر الصحابة ملازمةً لمجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم , فسمع ما لم يسمع غيرُه, إضافة إلى مسموعاته من غيره من الصحابة , فصار عنده الشيءُ الكثير, يرويه للناس ويعلمهم إياه (2) واستطاع اليهودُ والمستشرقون أن ينشروا سمومهم في عقول أذنابهم من العرب , فأخذوا بالطعن في أبي هريرة أكثر من المستشرقين أنفسِهم , وذلك كما فعل الشيخُ محمودُ أبو رية في كتاب ألفه وسمّاه : (أضواءٌ على السنة المحمدية ) وهو في حقيقته ظلامٌ دامسٌ , وضلالٌ مبينٌ ......... وانبرى كثيرٌ من المسلمين والعلماء الأجلاء الغيورين على الدين للدفاع عن أبي هريرة رضي الله عنه مفنِّدين الشبهاتِ , ومبطلين تلك الدعاوى بالأدلةِ والبراهين , والكلام العلمي الدقيق , منهم الدكتور محمد أبو شهبة رحمه الله في كتابه ( دفاعٌ عن السنة ) والدكتور مصطفى السباعي رحمه الله في كتابه ( السنةُ ومكانتها في التشريع الإسلامي ) والدكتور محمد أبو زهو في كتابه ( الحديثُ والمحدثون ) والأستاذ محمد عجاج الخطيب في كتابه ( أبو هريرة راوية الإسلام) وغيرُهم الكثير من العلماء أمثال : الدكتور محمد السماحي , والشيخ المحقق عبدِ الرحمن العلمي اليماني رحمه الله مديرِ مكتبة الحرم المكي , والشيخِ محمد عبد الرزاق حمزة رحمه الله مديرِ دار الحديث بمكة المكرمة .........ثم جاء بعدهم الأستاذُ عبد المنعم صالح العلي العزّي , الذي ألف كتاباً جامعاً شاملاً سماه ( دفاعٌ عن أبي هريرة ) , فاستحق التقدّم في هذا المضمار , لأنه انتهج لنفسه نهجاً جديداً في العمل , حيث بدأ بجمع النقول , ثم نسّقها , وقارنَها بعمل أولئك العلماء , فأضاف ما غفلوا عنه , واستعان بما أنشؤوه من التعليقات , وجرَدَ جرداً ـ كما قال ـ معظمَ كتب الحديث ,وكتب الرجال, وكتب الرجال الشيعية صفحة صفحةً , وراجع فصولاً دون أخرى في كتب كثيرةٍ متنوعة في الحديث وأصوله , والتاريخ , والفقه ....فحوى الكتابُ جميع ما يهم موضوعَ أبي هريرة رضي الله عنه , وتمكن من وضع حقائق , واكتشافات جديدة , أمام أنظار محبّي أبي هريرة لم يوردها غيرُه من العلماء .....بعد المقدمة قسّم المؤلفُ كتابه إلى ثلاثة أقسام:القسم الأول: من ص: (17) إلى ص: (170)تحدث فيه عن اسمه في الجاهلية والإسلام , ونسبته إلى دَوْس , وسبب كنيته الغريبة التي منها ما أخرجه الترمذيُّ عنه قال : ( كنتُ أرعى غنم أهلي , فكانت لي هريرةٌ صغيرةٌ , فكنت أضعها بالليل في الشجرة , فإذا كان النهارُ ذهبت بها معي فلعبت بها , فكنّوني بأبي هريرة ) , وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوه أبا هرّ , ويدعه الناس أبا هريرة ......ثم تحدث عن صفته وإسلامه وهجرته ومدة صحبته وهي أربعُ سنين وزيادة وذكر بعد ذلك تتابعَ الفضل على أبي هريرة ومن هذا الفضل :نيلُهُ فضلَ الصحبة المطلقة , ونيله شرفَ دعوة النبي صلى الله عليه وسلم لدوسٍ بالهداية , ونيلُه شرف اليمن وأهلها آنذاك , ونيلُه شرف دعوة وتوثيق النبي صلى الله عليه وسلم له , ولحوق شرف الفقر , وسكنى صفة المسجد به , وحبه النبيَّ صلى الله عليه وسلم وملازمتُهُ له, وجوعه وجهاده , وشهودُه غزوةَ خيبر وقتال وادي القرى , وعمرة القضاء , وذات الرقاع وإجلاءَ بعض يهود المدينة , والفتحَ الأكبر وحنين والطائف , وتبوك ومؤتةَ واشتراكه في قمع المرتدين و وشهودُه اليرموك ,وغزوات أرمينية وجهات جرجان .....ثم تحدث عن تحلّيه بأخلاق المؤمنين , كعنايته بالقرآن الكريم وحفظه له , وكثرةِ تعبُّدِه وأمره بالمعروف , وبره بأمه, وتواضعه العلمي وعدم اغتراره , وتثبتهِ في الفتوى , وأهليته لها , وكرمه وعتقه العبيدَ , وإحسانه لمواليه , وكفالته الأيتامَ , وتربيته الصالحة لأولاده ودعابته .....ثم تحدث عن أبي هريرة الحافظِ الثقة , وتوثيق النبيّ صلى الله عليه وسلم له بالحديث الذي رواه البخاري عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - « لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لاَ يَسْأَلَنِي عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ ، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ ، أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِهِ »وغيرِه من الأحاديث , وتوثيقِ الصحابة له , كطلحة وأبي بن كعب وابنِ عمر وحذيفةَ بنِ اليمان , واعتمادِ أبي بكر له , وقبول عمر لشهادته , والصنيع العمليِّ من الصحابة الدالِّ على توثيق أبي هريرة , ومجالستهِ لابن عباس , وقبولِ ابن عباس معارضته واتباعِه له ,وغيره الكثير ... وذكر أن أهل المدينة قبلوا جميعاً تصدُّرَ أبي هريرةَ للفتوى ثلاثاً وعشرين سنة , وتوثيقَ التابعين والذين بعدهم , وفنَّد الأقوال التي تُنسب إلى الخلفاء الراشدين في تكذيب أبي هريرة , وأظهر بطلانها ....ثم انتقل إلى الحديث عن أبي هريرة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم حيث كان مع العلاء بن الحضرميِّ في زمن أبي بكر رضي الله عنه, ومع قُدامة بنِ مظعون في زمن سيدنا عمرَ وولّاه الفاروقُ أميراً على البحرين بعد هذا التدرّج .......وذكر موقفَه الصائبَ في محنة عثمانَ رضي الله عنه , وحيادَه أثناء فتنة القتال بين علي ومعاوية رضي الله عنهما , ثم عن علاقته بمروانَ بنِ الحكم والأمويين ..... وعن زواجه وأولاده وأقاربه ومواليه ...وختم المؤلفُ هذا القسمَ بوداع أبي هريرة للدنيا , واختلاف العلماء في سنة وفاته مابين سبع وخمسي وتسع وخمسين .القسم الثاني: من ص ( 171) إلى ص ( 260 ):بدأه المؤلف بحب أبي هريرة لعلي وفاطمةَ , وللحسن والحسن رضي الله عنهم وبالأحاديث التي يرويها في حبَّ الحسن والحسين معاً , ثم تحدث عن رواية أبناءِ سيدنا علي رضي الله عنه وفرسانه وأصحابِهِ ومواليه وجماهيرِ الشيعة الأوائل عن أبي هريرة رضي الله عنه , وذلك كروايةِ الإمام زينِ العابدين والباقرِ والصادقِ وابنِ الحنفية ومديرِ شرطة أمير المؤمنين وعظيمِ خواصّه وكاتبه وأمينِ سره , والشيعةِ من أتباع التابعين وتابعيهم أيضاً , وذكر منهم سليمانَ بنَ مهران الأعمش الشيعيَّ , ومنصورَ بنَ المعتمر وابن فضيل وأبا أحمد الزبيريَّ , وكيف أن الشيعة وثَّقوا صهرَ أبي هريرة , وأشهرَ تلامذته سعيدَ بنَ المسيَّب...وذكر أن الحسن والحسين رضي الله عنهما أمسكا عن جرحه , وكذلك أبناءهم والعقيليين الذين يعف لسانهم , والجعفريين والعباسيين , وسكوت أصحاب علي من الصحابة عن جرح أبي هريرة .....وتحدث بعد ذلك عن الاستدراكات التي بيَّن أنها من باب السؤال والاستفسار .وعن استدراكات ضعافِ الإيمان على بعض الأحاديث الصحيحة , كحديث الذباب , ونفي العدوى, وتحاججِ الجنة والنار , وحديث خلق آدمَ على صورته....أما القسم الثالث فهو من ص ( 267 ) إلى ص ( 449 ) :وقد خصصه المؤلفُ للحديث عن رواية الثقات عن أبي هريرة رضي الله عنه, فذكر قائمةً موحدةً بأسماء الذين روَوْا عن أبي هريرة , وأرقامَ الذين أخرج البخاريُّ رواياتِهم عن أبي هريرة في صحيحه , وأرقامَ الذين زادهم مسلمٌ والنسائي وأبو داود والترمذي وابن ماجة والإمام أحمدُ , ومن زاد إسحاقُ بن راهويه على الكتب السبعة , وزياداتٍ أخرى , ورسم خوارطَ أسانيد البخاري ومسلم إلى أبي هريرة بإحكام وإتقان , ووضع قائمةً بأسماء الرواة الواردة في الخوارط ....ثم تحدّث عن الوضع على أبي هريرة , ومسند أبي هريرة كما يرويه البخاري.والخاتمة بدأها المؤلفُ بأبي هريرة في شعر المؤمنين , حيث ذكر عدةَ قصائدَ في مدح أبي هريرة رضي الله عنه , منها قصيدةٌ لوليد الأعظمي عنوانها: ( سيدي أبا هريرة ) مطلعها :حباك النـبيُّ بألـطـافـه وعشتَ سعيداً بقرْب النبيوقصيدةٌ لمحمود دللي آل جعفر عنوانها: ( إلى صحابي ) , ومطلعُها :من أجل بعثِ هدى الإسلامِ معتكفُ ومـن عـذوبة ذاك النبعِ مغترفُوقصيدةٌ للأستاذ عبدِ الجليل رشيد عنوانها: ( أبو هريرة تاريخٌ ومفخرةٌ ) مطلعُها :أشدو بذكركَ شدوَ الطير في السحَرِ وأقبسُ الهـديَ من تاريخِكَ العطِرِوغيرُها من القصائد الرائعة.ثم ذكر قائمةً بأسماء المصادر والمراجع.فجزى اللهُ المؤلفَ كلّ خير لدفاعه عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم , وعن صحابيٍ من خيرة أصحابه رضي الله عنهم أجمعين , وجعل ما كتب في ميزان حسناته يوم العرض عليه . إنه سميع قريب . الشيخ الأديب : مصطفى قاسم عباسالكتاب : دفاعٌ عن أبي هريرةالمؤلف : عبد المنعم صالح العلي العزيط: (2) عام 1981 م دار القلم : بيروت لبنان ـــــــــــــــــــــــــــ(1) ـ انظر ص : 459 من الكتاب(2) (2) انظر ص : 7 ـ 8 من الكتاب