رونق الامل
25 Nov 2012, 01:45 PM
قصة حدثت أمامي.. هكذا أيضاً تهرب الخادمات
سلام نجم الدين الشرابي
http://www.lahaonline.com/media/images/articles//3esheldababeer/thumbnail/th_2oo5pendoo7rrunaway6.jpg
عندما حلت ببيتي الخادمة، انهالت عليّ النصائح والتحذيرات من ظاهرة هروب الخادمات، وكثرت التنبيهات: "انتبهي أن تتركي بيدها وسيلة اتصال"، "لا تسمحي لها باقتناء جوال فتكلّم من هم من
جنسيتها"، "لا تأخذيها معك في زيارتك لقريبة أو صديقة؛ حتى لا تجلس مع خادماتهم فيخربنها أو يدللنها على طريقة للهرب من عندك".
ثم سمعت بعدها كمّاً من القصص الكثيرة عن هروب الخادمات بالاتفاق مع أبناء جنسيتها، أو مكاتب تعمل بالخفاء لترتيب عمل الخادمات بعد هروبهنّ لتأخذ نسبة من رواتبهنّ. كل ذلك جعلني أجلس وأنظر إليها كالمحقق (كونان)، أتفرّس في وجهها وملامحها.. وأفكر في الطرق الاستخباراتية التي يمكن أن تساعدني في مراقبتها وكشف خططها التكتيكية. وضعت الكاميرات، وعبئّت المخابرات المنزلية، وبدأت تأتيني التقارير: أكلت، شربت، عطست، نظرت نظرة مباغته نحو الباب الخارجي، رتّبت حقيبتها.. بعثرتها ثم رتبتها ثم بعثرتها ثم رتبتها!
لا لم يكن هذا حل مرضي.. توكلت على الله وقلت: "أعاملها معاملة حسنة كما أمرني ربي، وأسلّم أمري إلى الله، فما جلبتها لتزيد همي، وإنما لتخفف الأعباء عني".
وذات يوم، وتحديداً ليلة العيد، ذهبت إلى صالون التجميل، كان مزدحماً للغاية، وفيه عاملات لم يسبق لي رؤيتهنّ، منهنّ طبّاخة أرسلتها صاحبة الصالون لتقديم العون لزميلاتها في هذا اليوم المزدحم.
كانت الطاهية تتعامل مع الزبائن كما تتعامل مع الخلاط الكهربائي أو لوح تقطيع الأطعمة، وهي معذورة فليس لها خبرة في العمل في صالونات التجميل، فضلاً عن أنها كانت غاضبة جداً من كفيلتها؛ لأنها طلبت منها الطبخ في أول أيام العيد بعد أن وعدتها بإجازة ليوم واحد، وكانت الطاهية تشكو لكل زبونة تقوم بالتعامل معها: "أنا يبي إجازة سمسم ماما ، يبي أطلع سوي شوي في بر، أنا مسكين يبي فرحان.."
منّا من يرد بالمواساة، ومنا من يلتزم الصمت، حتى جاءت امرأة واصطحبتها إلى غرفة غسيل الشعر، وصارت تسألها عن أنواع الأطعمة التي تحسن طهيها: وش تعرفين تسوين من الأكل؟
العاملة: أنا يقدر يسوي كل شي حق عزايم.... قرصان، برياني، إيدام، فطاير، ورق عنب.
الزبونة: يا حليلك مرّة حلو، كم راتبك، انت تعرفين إذا اشتغلت لوحدك بتطلّعين 500 ريال في اليوم.
العاملة: 50 ريال في اليوم!
الزبونة: 500 رياااال
العاملة: 50
الزبونة : لا 500.. 500 ريال.
ثم استمرت الزبونة بالتحدث للعاملة عن الميّزات الرائعة التي ستحصدها إذا هربت من كفيلتها، و عملت بشكل مستقل، بينما وقفت العاملة عند رقم 50 دون أن تستطيع التلفظ بالـ 500
الزبونة: وش رايك تشتغلين معي، عليك الشغل وعلي التسويق والفلوس بالنص.
العاملة: تردد 50 ريال 50 ريال
الزبونة: وش بلاك إيش فيكي تنحتي 500 ريااال... اسمعي كلمي كفيلتك وقدمي إجازة، ما يبيلها شيء، بعدين كلميني وأوصفلك البيت.
الزبونة: عندك جوال؟
العاملة: إيوا
الزبونة: أبي رقمك، دقيلي وأنا كلمك، خلاص أنتظرك.
خرجتُ من الصالون وأنا أفكر بالعاملة، وكيف تم استغلال غضبها واغوائها لترك عملها، والعمل في مكان آخر لم يتكلف ثمن استقدامها، وغيرها من المعاملات الرسمية والمالية، ربما لم يخطر في بال صاحبة صالون التجميل أن تأتيها الضربة من بنات جنسيتها، وربما انحصر خوفها كما يعتقد الجميع من العاملات اللواتي يشتركن مع العاملة في الجنسية وظروف العمل.
لم يمض يوم أو يومان حتى حصل أمر مشابه مع الخادمة التي تعمل لدي، فعندما خرجتُ بالأولاد إلى الحديقة، رافقتهم الخادمة لتلاعبهم على الأرجوحة، اقتربت امرأة من الخادمة وبدأت الحديث معها بصوت منخفض:
المرأة: ممكن تدفين بنتي معك.
الخادمة: ما في مشكل.
المرأة: أنت كم راتبك، وش رأيك تشتغلين عندي واحد شهر
الخادمة: وش يبي سوي إذا خلص واحد شهر
المرأة : ما أدري؟.
وفي اليوم التالي وفي الحديقة ذاتها.. قدمت امرأة أخرى إلى الخادمة وسألتها: كم عندك بزورة(أولاد) في البيت؟
الخادمة: تلاتة بنت.
المرأة: عندك جوال، أبي رقمك.
الخادمة إيش يبغى من رقمي.
المرأة: أبي.. أممممم فين بابا .. ماما؟
الخادمة: اجلسي هناك.
نظرت المرأة باتجاهنا، حيث كنا نجلس، ثم ذهبت بعيداً دون أن تتم حديثها مع الخادمة، بينما أقبلت الخادمة علينا تحكي لنا ما حصل معها، ثم سألتني: "حرمة هذه وش يبي مني.. هذا نفر مو كويس لما أنا كلام هنا ماما بابا هي اسكتي بعدين روح".
تفرّست من جديد في الخادمة، هل هي حقاً بسيطة ولم تفهم؟ نظرت لها باستغباء ثم قلت لها بطريقتها: "أنا كمان ما في معلوم إيش هي يبغي، بس في ناس ممكن سوي مصيبة كبير حق أنت.. انتبهي منهم".
لها اون لاين
سلام نجم الدين الشرابي
http://www.lahaonline.com/media/images/articles//3esheldababeer/thumbnail/th_2oo5pendoo7rrunaway6.jpg
عندما حلت ببيتي الخادمة، انهالت عليّ النصائح والتحذيرات من ظاهرة هروب الخادمات، وكثرت التنبيهات: "انتبهي أن تتركي بيدها وسيلة اتصال"، "لا تسمحي لها باقتناء جوال فتكلّم من هم من
جنسيتها"، "لا تأخذيها معك في زيارتك لقريبة أو صديقة؛ حتى لا تجلس مع خادماتهم فيخربنها أو يدللنها على طريقة للهرب من عندك".
ثم سمعت بعدها كمّاً من القصص الكثيرة عن هروب الخادمات بالاتفاق مع أبناء جنسيتها، أو مكاتب تعمل بالخفاء لترتيب عمل الخادمات بعد هروبهنّ لتأخذ نسبة من رواتبهنّ. كل ذلك جعلني أجلس وأنظر إليها كالمحقق (كونان)، أتفرّس في وجهها وملامحها.. وأفكر في الطرق الاستخباراتية التي يمكن أن تساعدني في مراقبتها وكشف خططها التكتيكية. وضعت الكاميرات، وعبئّت المخابرات المنزلية، وبدأت تأتيني التقارير: أكلت، شربت، عطست، نظرت نظرة مباغته نحو الباب الخارجي، رتّبت حقيبتها.. بعثرتها ثم رتبتها ثم بعثرتها ثم رتبتها!
لا لم يكن هذا حل مرضي.. توكلت على الله وقلت: "أعاملها معاملة حسنة كما أمرني ربي، وأسلّم أمري إلى الله، فما جلبتها لتزيد همي، وإنما لتخفف الأعباء عني".
وذات يوم، وتحديداً ليلة العيد، ذهبت إلى صالون التجميل، كان مزدحماً للغاية، وفيه عاملات لم يسبق لي رؤيتهنّ، منهنّ طبّاخة أرسلتها صاحبة الصالون لتقديم العون لزميلاتها في هذا اليوم المزدحم.
كانت الطاهية تتعامل مع الزبائن كما تتعامل مع الخلاط الكهربائي أو لوح تقطيع الأطعمة، وهي معذورة فليس لها خبرة في العمل في صالونات التجميل، فضلاً عن أنها كانت غاضبة جداً من كفيلتها؛ لأنها طلبت منها الطبخ في أول أيام العيد بعد أن وعدتها بإجازة ليوم واحد، وكانت الطاهية تشكو لكل زبونة تقوم بالتعامل معها: "أنا يبي إجازة سمسم ماما ، يبي أطلع سوي شوي في بر، أنا مسكين يبي فرحان.."
منّا من يرد بالمواساة، ومنا من يلتزم الصمت، حتى جاءت امرأة واصطحبتها إلى غرفة غسيل الشعر، وصارت تسألها عن أنواع الأطعمة التي تحسن طهيها: وش تعرفين تسوين من الأكل؟
العاملة: أنا يقدر يسوي كل شي حق عزايم.... قرصان، برياني، إيدام، فطاير، ورق عنب.
الزبونة: يا حليلك مرّة حلو، كم راتبك، انت تعرفين إذا اشتغلت لوحدك بتطلّعين 500 ريال في اليوم.
العاملة: 50 ريال في اليوم!
الزبونة: 500 رياااال
العاملة: 50
الزبونة : لا 500.. 500 ريال.
ثم استمرت الزبونة بالتحدث للعاملة عن الميّزات الرائعة التي ستحصدها إذا هربت من كفيلتها، و عملت بشكل مستقل، بينما وقفت العاملة عند رقم 50 دون أن تستطيع التلفظ بالـ 500
الزبونة: وش رايك تشتغلين معي، عليك الشغل وعلي التسويق والفلوس بالنص.
العاملة: تردد 50 ريال 50 ريال
الزبونة: وش بلاك إيش فيكي تنحتي 500 ريااال... اسمعي كلمي كفيلتك وقدمي إجازة، ما يبيلها شيء، بعدين كلميني وأوصفلك البيت.
الزبونة: عندك جوال؟
العاملة: إيوا
الزبونة: أبي رقمك، دقيلي وأنا كلمك، خلاص أنتظرك.
خرجتُ من الصالون وأنا أفكر بالعاملة، وكيف تم استغلال غضبها واغوائها لترك عملها، والعمل في مكان آخر لم يتكلف ثمن استقدامها، وغيرها من المعاملات الرسمية والمالية، ربما لم يخطر في بال صاحبة صالون التجميل أن تأتيها الضربة من بنات جنسيتها، وربما انحصر خوفها كما يعتقد الجميع من العاملات اللواتي يشتركن مع العاملة في الجنسية وظروف العمل.
لم يمض يوم أو يومان حتى حصل أمر مشابه مع الخادمة التي تعمل لدي، فعندما خرجتُ بالأولاد إلى الحديقة، رافقتهم الخادمة لتلاعبهم على الأرجوحة، اقتربت امرأة من الخادمة وبدأت الحديث معها بصوت منخفض:
المرأة: ممكن تدفين بنتي معك.
الخادمة: ما في مشكل.
المرأة: أنت كم راتبك، وش رأيك تشتغلين عندي واحد شهر
الخادمة: وش يبي سوي إذا خلص واحد شهر
المرأة : ما أدري؟.
وفي اليوم التالي وفي الحديقة ذاتها.. قدمت امرأة أخرى إلى الخادمة وسألتها: كم عندك بزورة(أولاد) في البيت؟
الخادمة: تلاتة بنت.
المرأة: عندك جوال، أبي رقمك.
الخادمة إيش يبغى من رقمي.
المرأة: أبي.. أممممم فين بابا .. ماما؟
الخادمة: اجلسي هناك.
نظرت المرأة باتجاهنا، حيث كنا نجلس، ثم ذهبت بعيداً دون أن تتم حديثها مع الخادمة، بينما أقبلت الخادمة علينا تحكي لنا ما حصل معها، ثم سألتني: "حرمة هذه وش يبي مني.. هذا نفر مو كويس لما أنا كلام هنا ماما بابا هي اسكتي بعدين روح".
تفرّست من جديد في الخادمة، هل هي حقاً بسيطة ولم تفهم؟ نظرت لها باستغباء ثم قلت لها بطريقتها: "أنا كمان ما في معلوم إيش هي يبغي، بس في ناس ممكن سوي مصيبة كبير حق أنت.. انتبهي منهم".
لها اون لاين