ام حفصه
01 Dec 2012, 11:26 AM
وقفات مضيئة مع نساء النصرة الأُوَل
لبنى شرف / الأردن
كلماتي هذه أخطها إليكنّ يا شقائق الرجال .. يا من كان أول من آمن بالإسـلام منكن .. و أول شهيد في الإسلام منكن .. و أول من توجه إليها النبي – صلى الله عليه و سلم – بالدعوة منكن ؛ يا من رضيتن بالله ربّاً ، و بالإسلام ديناً ، و بمحمد – صلى الله عليه و سلم – نبيّـاً و رسولاً .. و يا من ارتفعتنّ و سمَوْتُنَّ بالإيمان فوق الهوى ، أين أنتن من مسيرة النصرة اليوم ؟ .. و أين أنتنّ من نساء النصرة الأول ؟ .. أين أنتن من اُمِّكُنَّ خديجة – رضي الله عنها – أول امرأة بل أول إنسان في مسيرة النصرة المباركة ؛ نصرة النبي الكريم – عليـه و آله الصلاة و السلام - ، و نصرة شرع الله الحكيم ، و المنهج القويم ، كانت للنبي وزير صدق في الإسلام يشكو إليها ، فتواسيه ، و تشد من أزره ، و تهدئ من روعه ، و تصدقه فيما يقول ، فخفف الله بذلك عن نبيه – صلى الله عليه و سلم - ، لا يسمع شيئاً مما يكرهه من رد عليه وتكذيب له فيحزنه ذلك إلا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها ، تثبته وتخفف عليه وتصدقه وتهون عليه أمر الناس .. رضي الله عنها و أرضاها .
و كانت معه في شعب أبي طالب وقت الحصار ، محبوسين محصورين مضيقـاً عليهم و مقطوعاً عنهم الميرة نحو ثلاث سنين ، حتى بلغهم الجهد و سمع أصوات صبيانهم بالبكاء من وراء الشعب ... ، فصبرت و احتسبت . فكان جزاؤها أن كانت من خير نساء العالمين : " أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد ، و فاطمة بنت محمد ، و مريم بنت عمـران ، و آسية بنت مزاحم امرأة فرعون " [ الألباني ـ السلسلة الصحيحة : 1508 ] ، و أن بُشِّرت ببيتٍ في الجنة لا صخب فيه و لا نصب : " أتاني جبريل فقال : يا رسول الله ! هذه خديجة قد أتتك معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب ، فإذا هي قد أتتك ، فاقرأ عليها السلام من ربها و مني ، و بشرهـا ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه و لا نصب " [ صحيح ، الألباني ـ صحيح الجامع : 69 ] . و بقيت ذكراها في قلب النبي الكريم – عليـه و آله الصلاة و السلام - ، لم ينسها ، و لم ينس مواقفها الجليلة ، و لا عشرتها الهنية ، فكان دائم الذكر لها و البر برفيقاتها ، حتى أن عائشة – رضي الله عنها – غارت مرة و قالت : " ما غرت على أحد من أزواج النبي صلى الله عليه و سلم ما غرت على خديجة ، و ما بي أن أكون أدركتها ، و ما ذلك إلا لكثرة ذكر رسول الله صلى الله عليه و سلم لها ، و إن كان ليذبح الشاة فيتتبع بها صدايق خديجة فيهديها لهن " [ صحيح ، الألباني ـ صحيح الترمـذي : 2017 ] ، و قالت : " كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا ذكر خديجة أثنى عليها بأحسن الثناء ، قالت : فغرت يوماً فقلت ك ما أكثر ما تذكرها حمراء الشدقين قد أبدلك الله خيراً منها قال ما أبدلني الله خيراً منها وقد آمنت بي إذ كفر بي الناس وصدقتني إذ كذبنني وآستني بمالها إذ حرمني الناس ورزقني الله ولدها إذ حرمني أولاد النساء أيضـاً " [ إسناده لا بأس به ، ابن كثير ـ البداية و النهاية : 3/126 ] ..... فلك منا يا أمنا كل حب و إجلال و امتنان .
و أين أنتن من سمية ؟ من صبرت على التعذيب برغم أنوثتها فلم تهن تحت مطارق المحنـة و الفتنة ، و لاقت ما لاقت من العنت و الألم و الشدة و الضر على أيدي زبانية قريش ، فكان السلوان : " صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة " [ حسن صحيح ، الألباني ـ فقه السيرة : 103 ] ، إلى أن فاضت روحها إلى بارئها تشهد بأنها أول من قتل في سبيل نصرته و نصرة شريعته .. فأية عزة هذه .. و أي فخر .. و أية كرامة !! .. و أي استعلاء و ترفع عن عالم الطين .. فهذا هو الطريق : إيمان و جهاد .. و محنة و ابتـلاء .. و صبر و ثبات .. و توجه إلى الله وحده ، ثم يجيء النصر ، ثم يجيء النعيم . يقول سيد قطب – يرحمه الله - : (( إن الصراع و الصبر عليه يهب النفوس قوة ، و يرفعهـا على ذواتهـا ، و يطهرها في بوتقة الألم ، فيصفو عنصرها و يضيء ، و يهب العقيدة عمقاً و قوة و حيوية، فتتلألأ حتى في أعين أعدائها و خصومها ، و عندئذٍ يدخلون في دين الله أفواجاً كمـا وقع ، و كما يقع في كل قضية حق ، يلقى أصحابها ما يلقون في أول الطريق ، حتى إذا ثبتوا للمحنة انحاز إليهم من كانوا يحاربونهم ، و ناصرهم أشد المناوئين و أكبر المعاندين . على أنه – حتى إذا لم يقع هذا – يقع ما هو أعظم منه في حقيقته ، يقع أن ترتفع أرواح أصحاب الدعوة على كل قوى الأرض و شرورها و فتنتها ، و أن تنطلق من إسار الحرص على الدعة و الراحة ، و الحرص على الحياة نفسها في النهاية .. و هذا الانطلاق كسب للبشرية كلهـا ، و كسب للأرواح التي تصل إليه عن طريق الاستعلاء ، كسب يرجح جميع الآلام و جميع البأساء و الضراء التي يعانيها المؤمنون ، المؤتمنون على راية الله و أمانته و دينه و شريعته، و هذا الانطلاق هو المؤهل لحياة الجنة في نهاية المطاف .. و هذا هو الطريق كما يصفه الله للجماعة المسلمة الأولى ، و للجماعة المسلمة في كل جيل )) .
و أين أنتن أخواتي من ذات النطاقين – أسماء بنت أبي بكـر رضي الله عنها – ؟ من كانت تأتي النبي – عليه و آله الصلاة و السلام – و أبيها أبي بكر – رضي الله عنه – بما يصلحهما من الطعام كل مساء ، و هما في غار ثور في طريق الهجرة من مكة إلى المدينة ، و تحملت العنــت و المشقة و هي تقطع تلك المسافة ذهاباً و إياباً !! . عن أسمـاء قالت : (( صنعت سفرة النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أبي حين أراد أن يهاجر، فلم أجد لسفرته ولا لسقائه ما أربطهما ، فقلت لأبي : ما أجد إلا نطاقي ، قال : شقيه باثنين فاربطي بهما ، قال : فلذلك سميت ذات النطاقيـن )) . و قالت – رضي الله عنها - : (( لما توجه النبي صلى الله عليه وسلم من مكة حمل أبو بكر معه جميع ماله ، خمسة آلاف أو ستة آلاف ، فأتاني جدي أبو قحافة ، وقد عمي ، فقال : إن هذا قد فجعكم بماله ونفسه ، فقلت : كلا ، قد ترك لنا خيراً كثيراً . فعمدت إلى أحجار فجعلتهن في كوة البيت ، وغطيت عليها بثوب ، ثم أخذت بيده ووضعتها على الثوب فقلت : هذا تركه لنا ، فقال : أما إذ ترك لكم هذا فنعم )) . و عنها أنها قالت : (( لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه أتانا نفر من قريش ، فيهم أبو جهل بن هشام ، فوقفوا على باب أبي بكر فخرجت إليهم فقالوا : أين أبوك يا بنت أبي بكر ؟ قالت قلت : لا أدري والله أين أبي ؟ قالت فرفع أبو جهل يده وكان فاحشا خبيثاً ، فلطم خدي لطمة طرح منها قرطي )) .. فأية عقيدة هذه التي كانت تحملها و أي إيمـان و جلد في سبيل نصـرة الله و رسوله !! .
و هذه الخنساء مثال مشرق يصدح بالأنوار في مسيرة النصرة ، قدمت أولادها الأربعة في معركة القادسية تحرضهم على القتال و عدم الفرار لتفخر بهم بعد أن احتسبتهم من الشهداء .. فأي أُمٍّ هذه ، و أي إيمان و يقين في قلبها ؟!! .
و نرى ذات النطاقين التي *** هي رمز الصدق و الصبر المتين
و نرى الخنساء في إيمانها *** كالرواسي في ثبات لا تليـــن
لبنى شرف / الأردن
كلماتي هذه أخطها إليكنّ يا شقائق الرجال .. يا من كان أول من آمن بالإسـلام منكن .. و أول شهيد في الإسلام منكن .. و أول من توجه إليها النبي – صلى الله عليه و سلم – بالدعوة منكن ؛ يا من رضيتن بالله ربّاً ، و بالإسلام ديناً ، و بمحمد – صلى الله عليه و سلم – نبيّـاً و رسولاً .. و يا من ارتفعتنّ و سمَوْتُنَّ بالإيمان فوق الهوى ، أين أنتن من مسيرة النصرة اليوم ؟ .. و أين أنتنّ من نساء النصرة الأول ؟ .. أين أنتن من اُمِّكُنَّ خديجة – رضي الله عنها – أول امرأة بل أول إنسان في مسيرة النصرة المباركة ؛ نصرة النبي الكريم – عليـه و آله الصلاة و السلام - ، و نصرة شرع الله الحكيم ، و المنهج القويم ، كانت للنبي وزير صدق في الإسلام يشكو إليها ، فتواسيه ، و تشد من أزره ، و تهدئ من روعه ، و تصدقه فيما يقول ، فخفف الله بذلك عن نبيه – صلى الله عليه و سلم - ، لا يسمع شيئاً مما يكرهه من رد عليه وتكذيب له فيحزنه ذلك إلا فرج الله عنه بها إذا رجع إليها ، تثبته وتخفف عليه وتصدقه وتهون عليه أمر الناس .. رضي الله عنها و أرضاها .
و كانت معه في شعب أبي طالب وقت الحصار ، محبوسين محصورين مضيقـاً عليهم و مقطوعاً عنهم الميرة نحو ثلاث سنين ، حتى بلغهم الجهد و سمع أصوات صبيانهم بالبكاء من وراء الشعب ... ، فصبرت و احتسبت . فكان جزاؤها أن كانت من خير نساء العالمين : " أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد ، و فاطمة بنت محمد ، و مريم بنت عمـران ، و آسية بنت مزاحم امرأة فرعون " [ الألباني ـ السلسلة الصحيحة : 1508 ] ، و أن بُشِّرت ببيتٍ في الجنة لا صخب فيه و لا نصب : " أتاني جبريل فقال : يا رسول الله ! هذه خديجة قد أتتك معها إناء فيه إدام أو طعام أو شراب ، فإذا هي قد أتتك ، فاقرأ عليها السلام من ربها و مني ، و بشرهـا ببيت في الجنة من قصب ، لا صخب فيه و لا نصب " [ صحيح ، الألباني ـ صحيح الجامع : 69 ] . و بقيت ذكراها في قلب النبي الكريم – عليـه و آله الصلاة و السلام - ، لم ينسها ، و لم ينس مواقفها الجليلة ، و لا عشرتها الهنية ، فكان دائم الذكر لها و البر برفيقاتها ، حتى أن عائشة – رضي الله عنها – غارت مرة و قالت : " ما غرت على أحد من أزواج النبي صلى الله عليه و سلم ما غرت على خديجة ، و ما بي أن أكون أدركتها ، و ما ذلك إلا لكثرة ذكر رسول الله صلى الله عليه و سلم لها ، و إن كان ليذبح الشاة فيتتبع بها صدايق خديجة فيهديها لهن " [ صحيح ، الألباني ـ صحيح الترمـذي : 2017 ] ، و قالت : " كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا ذكر خديجة أثنى عليها بأحسن الثناء ، قالت : فغرت يوماً فقلت ك ما أكثر ما تذكرها حمراء الشدقين قد أبدلك الله خيراً منها قال ما أبدلني الله خيراً منها وقد آمنت بي إذ كفر بي الناس وصدقتني إذ كذبنني وآستني بمالها إذ حرمني الناس ورزقني الله ولدها إذ حرمني أولاد النساء أيضـاً " [ إسناده لا بأس به ، ابن كثير ـ البداية و النهاية : 3/126 ] ..... فلك منا يا أمنا كل حب و إجلال و امتنان .
و أين أنتن من سمية ؟ من صبرت على التعذيب برغم أنوثتها فلم تهن تحت مطارق المحنـة و الفتنة ، و لاقت ما لاقت من العنت و الألم و الشدة و الضر على أيدي زبانية قريش ، فكان السلوان : " صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة " [ حسن صحيح ، الألباني ـ فقه السيرة : 103 ] ، إلى أن فاضت روحها إلى بارئها تشهد بأنها أول من قتل في سبيل نصرته و نصرة شريعته .. فأية عزة هذه .. و أي فخر .. و أية كرامة !! .. و أي استعلاء و ترفع عن عالم الطين .. فهذا هو الطريق : إيمان و جهاد .. و محنة و ابتـلاء .. و صبر و ثبات .. و توجه إلى الله وحده ، ثم يجيء النصر ، ثم يجيء النعيم . يقول سيد قطب – يرحمه الله - : (( إن الصراع و الصبر عليه يهب النفوس قوة ، و يرفعهـا على ذواتهـا ، و يطهرها في بوتقة الألم ، فيصفو عنصرها و يضيء ، و يهب العقيدة عمقاً و قوة و حيوية، فتتلألأ حتى في أعين أعدائها و خصومها ، و عندئذٍ يدخلون في دين الله أفواجاً كمـا وقع ، و كما يقع في كل قضية حق ، يلقى أصحابها ما يلقون في أول الطريق ، حتى إذا ثبتوا للمحنة انحاز إليهم من كانوا يحاربونهم ، و ناصرهم أشد المناوئين و أكبر المعاندين . على أنه – حتى إذا لم يقع هذا – يقع ما هو أعظم منه في حقيقته ، يقع أن ترتفع أرواح أصحاب الدعوة على كل قوى الأرض و شرورها و فتنتها ، و أن تنطلق من إسار الحرص على الدعة و الراحة ، و الحرص على الحياة نفسها في النهاية .. و هذا الانطلاق كسب للبشرية كلهـا ، و كسب للأرواح التي تصل إليه عن طريق الاستعلاء ، كسب يرجح جميع الآلام و جميع البأساء و الضراء التي يعانيها المؤمنون ، المؤتمنون على راية الله و أمانته و دينه و شريعته، و هذا الانطلاق هو المؤهل لحياة الجنة في نهاية المطاف .. و هذا هو الطريق كما يصفه الله للجماعة المسلمة الأولى ، و للجماعة المسلمة في كل جيل )) .
و أين أنتن أخواتي من ذات النطاقين – أسماء بنت أبي بكـر رضي الله عنها – ؟ من كانت تأتي النبي – عليه و آله الصلاة و السلام – و أبيها أبي بكر – رضي الله عنه – بما يصلحهما من الطعام كل مساء ، و هما في غار ثور في طريق الهجرة من مكة إلى المدينة ، و تحملت العنــت و المشقة و هي تقطع تلك المسافة ذهاباً و إياباً !! . عن أسمـاء قالت : (( صنعت سفرة النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أبي حين أراد أن يهاجر، فلم أجد لسفرته ولا لسقائه ما أربطهما ، فقلت لأبي : ما أجد إلا نطاقي ، قال : شقيه باثنين فاربطي بهما ، قال : فلذلك سميت ذات النطاقيـن )) . و قالت – رضي الله عنها - : (( لما توجه النبي صلى الله عليه وسلم من مكة حمل أبو بكر معه جميع ماله ، خمسة آلاف أو ستة آلاف ، فأتاني جدي أبو قحافة ، وقد عمي ، فقال : إن هذا قد فجعكم بماله ونفسه ، فقلت : كلا ، قد ترك لنا خيراً كثيراً . فعمدت إلى أحجار فجعلتهن في كوة البيت ، وغطيت عليها بثوب ، ثم أخذت بيده ووضعتها على الثوب فقلت : هذا تركه لنا ، فقال : أما إذ ترك لكم هذا فنعم )) . و عنها أنها قالت : (( لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه أتانا نفر من قريش ، فيهم أبو جهل بن هشام ، فوقفوا على باب أبي بكر فخرجت إليهم فقالوا : أين أبوك يا بنت أبي بكر ؟ قالت قلت : لا أدري والله أين أبي ؟ قالت فرفع أبو جهل يده وكان فاحشا خبيثاً ، فلطم خدي لطمة طرح منها قرطي )) .. فأية عقيدة هذه التي كانت تحملها و أي إيمـان و جلد في سبيل نصـرة الله و رسوله !! .
و هذه الخنساء مثال مشرق يصدح بالأنوار في مسيرة النصرة ، قدمت أولادها الأربعة في معركة القادسية تحرضهم على القتال و عدم الفرار لتفخر بهم بعد أن احتسبتهم من الشهداء .. فأي أُمٍّ هذه ، و أي إيمان و يقين في قلبها ؟!! .
و نرى ذات النطاقين التي *** هي رمز الصدق و الصبر المتين
و نرى الخنساء في إيمانها *** كالرواسي في ثبات لا تليـــن