طريق الشروق
25 Dec 2004, 04:23 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
إعلام العالمين بحرمة حلق لحى المسلمين
إن الحمد لله لا نحصي ثناء عليه كما أثنى على نفسه. فله الحمد كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، له الحمد كالذي نقول وخيراً مما نقول وله الحمد أن هدانا لحمده، وعرفنا به، ونسأله تعالى أن يرزقنا الإيمان به، والثبات على الإيمان حتى نلقاه، والصلاة والسلام على نبي الهدى والرحمة، الذي بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة ، ونصح الأمة وكشف الله به الغمة، فصلوات ربي وسلامه عليه .. أما بعد،،،
إن الانحراف بالكفر والخروج عن الدين صراحة ومجاهرة قد يكون أمراً بشرياً واقعاً في حياة الناس، ولكن أن يعيش المسلمون حياة النفاق، فلا هم لهؤلاء ولا الى هؤلاء، ويسلكوا درب التذبذب فلا وضوح في سلوك و لا هدف، ويمسكوا بالعصا من الوسط، فلا هم في مرضاة الله مخلصين، ولاهم عن مرضاة أعداء الله كافين، فهذه حقيقة الهزيمة النفسية التي يعيشها مسلم اليوم، هذا هو الانفصام الاجتماعي الذي يعاني منه مسلم اليوم، وهذا هو الذي يفقده توازنه فلا يتمكن أن يكيف ضغط الواقع مع مقتضيات المبدأ إلا بشيء من التلفيق .
مثال هذا التلفيق: أن ترى رجلاً يلبس البدلة الأوروبية وربطة العنق، وقد حسر عن رأسه وترك شعر وجهه بعض أيام دون حلاقة، وتراه يقول لك هذه لحية وأنا متدين وعلى السنة، والأدهى من ذلك والأمرّ أن يكون هذا الشخص في مركز ديني قيادي كأن يكون إماماً وخطيباً في مسجد، أو مدرساً للشريعة في جامعة، أو نرى على هذه الحالة كثيراً من الذين يتربعون على أعلى قمم هيئات الإفتاء والبحوث الإسلامية …. هذا هو التلفيق والانهزامية وحياة النفاق التي يعيشها مسلم اليوم من نفي للسنة الصحيحة، ورداً لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ومخالفة سنن الخلفاء الراشدين والتابعين وتابعيهم بإحسان الى يوم الدين .
وهذا الذي قاله قبل عدة قرون ابن خلدون: إن من سمات المغلوب أن يقلد الغالب، وأنا للمهزوم والمغلوب أن يغير ويصلح وهو مبهور مجرور مع عادات العصر، وتقليد أوروبا الكافرة، بل سيكون تربة خصبة ليزرعوا فيه ما شاءوا"، ومثل هؤلاء ممن ينتسبون الى العلم الشرعي حالهم أسوء من العوام. لذلك قد وَجَدت كثيراً من العادات الكريهة طريقها إلينا وغزتنا، ومن أبين هذه العادات وأسوأها عادة حلق اللحية، التي ابتلي بها كثير من عامة المسلمين بل ابتلي بها من يسمون بمشايخ وعلماء المسلمين .
ومن هنا نبدأ بتعريف اللحية لغةً اللحية في اللغة: قال المجد الفيروزابادي في القاموس المحيط: اللحية بالكسر شعر الخدين والذقن وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: اللحية إسم للشعر النابت على الخدين والذقن اللحية شرعاً: يقول صاحب كتاب "مسائل في اللحية": حد اللحية من العنفقة أي الشعر النابت على الشفة السفلى ومن شعر الخدين وهما العارضان أي جانبي الوجه ومن شعر الصدغين إلى ما تحت الحنك الأسفل من الشعر … هذا كله لحية .
يقول المحدث العلامة الكاندهلوي صاحب كتاب "أوجز المسالك شرح موطأ الإمام مالك": اعلم أخي أن المعاصي عديدة كالزنا والسرقة وشرب الخمر وغيرها، ويأثم مرتكبها وقت ارتكابه لهذا الذنب، كما أشار إليه الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن …..الخ. والحديث رواه البخاري ومسلم. قال عكرمة قلت لابن عباس:" كيف ينزع الإيمان منه؟ قال هكذا، وشَبَّك بين أصابعه ثم أخرجها. فإن تاب عاد إليه هكذا وشبك بين أصابعه. رواه البخاري. ومن المعلوم عند أهل السنة والجماعة أن الإيمان يزيد وينقص فيزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، فهذه المعاصي تنتهي بانتهاء فعلها.
أما حلق اللحية وتقصيرها فإنما هو إثم مستمر في كل حين، حيث أنه يجب على المؤمن دائماً وأبداً أن تكون لحيته معفاة وموافقة للشريعة باستمرار، فإن خالف أمر الشرع كان آثماً دائماً في كل لحظة من لحظات حياته إلى أن يتوب وتطول لحيته كما أمر الله على لسان المصطفى صلى الله عليه وسلم. انتهى كلامه .
قال العلامة الشنقيطي في "أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن" عند تفسير قوله تعالى: يابنؤم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي …. الخ الآية، وهذه الآية تدل على أن اللحية سنة من سنن الأنبياء، ودليل قرآني على إعفاء اللحية وعدم حلقها .
وعلق العلامة التهاوني في تفسيره المسمى "بيان القرآن" بعد قوله تعالى: ولآمرنهم فليُغيرنّ خلق الله ومن يتخذ الشيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسراناً مبينا. إن اللحية بلا شك داخلة في هذا التغيير حيث أن الله خلق الرجل على صورته الحالية – بلحية – فهو عندما يحلقها فإنه يدخل بذلك في التغيير لخلق الله، ولو أراد الله للرجل ذلك لخلقه ناعماً كما المرأة …..!!؟؟ فثبت بالآية أن التغيير هنا سبب من أسباب لعنة الله، وأن ما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم هو ما نهى عنه الله تعالى وهذا ظاهر جداً، وقد يدخل الحالق في باب أوسع من التشبه بالنساء للحسن والنعومة، فيكون بذلك والعياذ بالله مستحقاً للعنة، كما في الحديث الذي صححه الالباني ورواه الترمذي عن ابن عباس "لعن الله المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء .
يقول ابن عثيمين، عضو اللجنة الدائمة للإفتاء: إن أدلة حرمة حلق اللحية كثيرة، ومن أبين الأدلة من القرآن قوله تعالى: ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسراناً مبينا".ولاشك أن حلق اللحية من تغيير خلق الله فيكون من أوامر الشيطان، والحالق لها منفذ أوامره أي الشيطان .
يقول الشيخ عثمان الصافي في كتاب "حكم الشرع في اللحية والأزياء": من ذا الذي يجرؤ على الزعم أن اللحية ليست من خلق الله، بل هي ظاهرة كونية تدخل في نطاق البنية البشرية للإنسان، وعليه فلا مجال للمراء في أن حلقها هو تبديل لخلق الله فيكون معنياً في الآية الكريمة وداخلاً في عمومها أما الأدلة من السنة المطهرة بما ورد من أحاديث صحيحة: فهي كما يلي روى البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهكوا الشوارب وأعفوا اللحى .
و روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جزوا الشوارب أرخوا اللحى وخالفوا المجوس
روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعفوا اللحى وجزوا الشوارب ولا تشبهوا باليهود والنصارى .
والأحاديث كثيرة لا يتسع المجال لذكرها، ومن مجموع الروايات يحصل عندنا خمس روايات. " اعفوا، وأوفوا، وأرخوا، و ارجوا، ووفروا. ومعناها جميعاً الأمر بترك اللحية على حالها وتكثيرها، وحيث أن كل هذه الأفعال أفعال أمر، والأمر في الشريعة يُأخذ للوجوب ما لم يأت نص أخر يحوله عن سابقه. فالأوامر هنا للوجوب، وهذا ما ذهب إليه جمهور العلماء و أصحاب المذاهب بلا خلاف .
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري شرح صحيح البخاري": حقيقة الإعفاء الترك وترك التعرض لها أي اللحية، ويستلزم تكثيرها، وقال أيضاً: وفروا بتشديد الفاء من التوفير وهو الإبقاء، أي اتركوها وافرة، وإعفاء اللحية تركها على حالها .
الشـافعية: قال الإمام الشافعي في كتابه "الأم": يحرم حلق اللحية. وكذلك نص الزركشي وأستاذه القفال الشاشي، على حرمة حلق اللحية، وكذلك الإمام النووي نص على حرمة حلق اللحية والأخذ منها .
المالكية: قد نص الإمام مالك كما نُقِل ذلك في المسير على خليل: على حرمة حلق اللحية وتقصيرها، وقال ابن عبد البر في "التمهيد": يحرم حلق اللحية ولا يفعله إلا المخنثون من الرجال .
الحنفية: قال ابن عابدين في "الدر المختار": يحرم حلق اللحية وأما الأخذ منها وهي دون القبضة كما يفعله المغاربة ومخنثة الرجال فلم يبحه أحد، وأخذها كلها فعل يهود الهنود ومجوس الأعاجم .
الحنابلة: قال السفاريني في "غذاء الألباب": والمعتمد في المذهب بحرمة حلق اللحية ونص في الإقناع على ذلك، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاختيارات العلمية": يحرم حلق اللحية، والأخذ من طولها ومن عرضها .
الظاهرية: نقل الإمام أبو محمد بن حزم في "المُحلّى" الإجماع على أن قصّ الشارب وإعفاء اللحية فرض .
قال الغزالي في "إحياء علوم الدين" الجزء الثاني: ونتف الفنكين بدعة، وهما جانبا العنفقه، وشهد عند عمر بن عبد العزيز رجل كان ينتف فنكيه فرد شهادته، ونقل أيضاً عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وابن أبي يعلى قاضي المدينة انه رد شهادة من كان ينتف لحيته .
ونقل العدوي عن الإمام مالك، كما في "حاشية العدوي على الرسالة" أنه قال: حلق ما تحت الحنك فعل المجوس .
وقال المباركفوري في "تحفة الاحوذي شرح سنن الترمذي": يحرم حلقها أو تقصيرها.
قال الإمام النووي في شرح مسلم: والرأي المعتمد والذي عليه الأدلة عدم التعرض للحية لا من طولها ولا من عرضها وتركها على حالها، وقال في موضع آخر، واللحية زينة الرجال ومن تمام الخلق وبها ميز الله الرجال والنساء ومن علامات الكمال، ونتفها أول نباتها تشبه بالمرد وكذلك قصها أو حلقها من المنكرات الكبار. انتهى .
ومن أقوال العلامة الشنقيطي: إن إطلاق و إرخاء اللحى سنة من سنن الأنبياء عليهم السلام وسمة من سمات العرب وهي من اعظم الفوارق الحسية بين الرجل والمرأة وكان الرسول صلى الله عليه وسلم كث اللحية، عظيم اللحية، وهو من أجمل الخلق وأحسنهم صورة، والجدير بالذكر أن الرجال الذين فتحوا السند والهند وفارس والأندلس وبيزنطا، و ... لم يكن فيهم حليق، وكانوا أشد الناس تشبهاً واقتداءً بالرسول صلى الله عليه وسلم .
وقال القرطبي في الأحكام: لا يجوز، أي اللحية حلقها ولا نتفها ولا قصها
وقال المحدث الإمام أبو شامة، نقلاً عن كتاب "أدلة تحريم حلق اللحية": أمرهم الله بالتأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم فخالفوه وعصوه وتأسو بالمجوس والكفرة، فقد قال لهم أعفوا اللحى، وأرجو اللحى فعصوه وعمدوا إلى لحاهم فحلقوها وأمرهم بجز الشوارب فأطالوها وعظموها، فعكسوا القضية وعصوا الله ورسوله بإقرارهم للقوانين الوضعية وعملهم على إلغاء وإيقاف ما شرع الله ورسوله. اللهم إنّا نعوذ بك من عمى القلوب ورين الذنوب وخزي الدنيا وعذاب الآخرة .
والسلام عليكم ورحمة الله بركاته
إعلام العالمين بحرمة حلق لحى المسلمين
إن الحمد لله لا نحصي ثناء عليه كما أثنى على نفسه. فله الحمد كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، له الحمد كالذي نقول وخيراً مما نقول وله الحمد أن هدانا لحمده، وعرفنا به، ونسأله تعالى أن يرزقنا الإيمان به، والثبات على الإيمان حتى نلقاه، والصلاة والسلام على نبي الهدى والرحمة، الذي بلّغ الرسالة، وأدى الأمانة ، ونصح الأمة وكشف الله به الغمة، فصلوات ربي وسلامه عليه .. أما بعد،،،
إن الانحراف بالكفر والخروج عن الدين صراحة ومجاهرة قد يكون أمراً بشرياً واقعاً في حياة الناس، ولكن أن يعيش المسلمون حياة النفاق، فلا هم لهؤلاء ولا الى هؤلاء، ويسلكوا درب التذبذب فلا وضوح في سلوك و لا هدف، ويمسكوا بالعصا من الوسط، فلا هم في مرضاة الله مخلصين، ولاهم عن مرضاة أعداء الله كافين، فهذه حقيقة الهزيمة النفسية التي يعيشها مسلم اليوم، هذا هو الانفصام الاجتماعي الذي يعاني منه مسلم اليوم، وهذا هو الذي يفقده توازنه فلا يتمكن أن يكيف ضغط الواقع مع مقتضيات المبدأ إلا بشيء من التلفيق .
مثال هذا التلفيق: أن ترى رجلاً يلبس البدلة الأوروبية وربطة العنق، وقد حسر عن رأسه وترك شعر وجهه بعض أيام دون حلاقة، وتراه يقول لك هذه لحية وأنا متدين وعلى السنة، والأدهى من ذلك والأمرّ أن يكون هذا الشخص في مركز ديني قيادي كأن يكون إماماً وخطيباً في مسجد، أو مدرساً للشريعة في جامعة، أو نرى على هذه الحالة كثيراً من الذين يتربعون على أعلى قمم هيئات الإفتاء والبحوث الإسلامية …. هذا هو التلفيق والانهزامية وحياة النفاق التي يعيشها مسلم اليوم من نفي للسنة الصحيحة، ورداً لأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، ومخالفة سنن الخلفاء الراشدين والتابعين وتابعيهم بإحسان الى يوم الدين .
وهذا الذي قاله قبل عدة قرون ابن خلدون: إن من سمات المغلوب أن يقلد الغالب، وأنا للمهزوم والمغلوب أن يغير ويصلح وهو مبهور مجرور مع عادات العصر، وتقليد أوروبا الكافرة، بل سيكون تربة خصبة ليزرعوا فيه ما شاءوا"، ومثل هؤلاء ممن ينتسبون الى العلم الشرعي حالهم أسوء من العوام. لذلك قد وَجَدت كثيراً من العادات الكريهة طريقها إلينا وغزتنا، ومن أبين هذه العادات وأسوأها عادة حلق اللحية، التي ابتلي بها كثير من عامة المسلمين بل ابتلي بها من يسمون بمشايخ وعلماء المسلمين .
ومن هنا نبدأ بتعريف اللحية لغةً اللحية في اللغة: قال المجد الفيروزابادي في القاموس المحيط: اللحية بالكسر شعر الخدين والذقن وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: اللحية إسم للشعر النابت على الخدين والذقن اللحية شرعاً: يقول صاحب كتاب "مسائل في اللحية": حد اللحية من العنفقة أي الشعر النابت على الشفة السفلى ومن شعر الخدين وهما العارضان أي جانبي الوجه ومن شعر الصدغين إلى ما تحت الحنك الأسفل من الشعر … هذا كله لحية .
يقول المحدث العلامة الكاندهلوي صاحب كتاب "أوجز المسالك شرح موطأ الإمام مالك": اعلم أخي أن المعاصي عديدة كالزنا والسرقة وشرب الخمر وغيرها، ويأثم مرتكبها وقت ارتكابه لهذا الذنب، كما أشار إليه الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن …..الخ. والحديث رواه البخاري ومسلم. قال عكرمة قلت لابن عباس:" كيف ينزع الإيمان منه؟ قال هكذا، وشَبَّك بين أصابعه ثم أخرجها. فإن تاب عاد إليه هكذا وشبك بين أصابعه. رواه البخاري. ومن المعلوم عند أهل السنة والجماعة أن الإيمان يزيد وينقص فيزيد بالطاعات وينقص بالمعاصي، فهذه المعاصي تنتهي بانتهاء فعلها.
أما حلق اللحية وتقصيرها فإنما هو إثم مستمر في كل حين، حيث أنه يجب على المؤمن دائماً وأبداً أن تكون لحيته معفاة وموافقة للشريعة باستمرار، فإن خالف أمر الشرع كان آثماً دائماً في كل لحظة من لحظات حياته إلى أن يتوب وتطول لحيته كما أمر الله على لسان المصطفى صلى الله عليه وسلم. انتهى كلامه .
قال العلامة الشنقيطي في "أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن" عند تفسير قوله تعالى: يابنؤم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي …. الخ الآية، وهذه الآية تدل على أن اللحية سنة من سنن الأنبياء، ودليل قرآني على إعفاء اللحية وعدم حلقها .
وعلق العلامة التهاوني في تفسيره المسمى "بيان القرآن" بعد قوله تعالى: ولآمرنهم فليُغيرنّ خلق الله ومن يتخذ الشيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسراناً مبينا. إن اللحية بلا شك داخلة في هذا التغيير حيث أن الله خلق الرجل على صورته الحالية – بلحية – فهو عندما يحلقها فإنه يدخل بذلك في التغيير لخلق الله، ولو أراد الله للرجل ذلك لخلقه ناعماً كما المرأة …..!!؟؟ فثبت بالآية أن التغيير هنا سبب من أسباب لعنة الله، وأن ما نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم هو ما نهى عنه الله تعالى وهذا ظاهر جداً، وقد يدخل الحالق في باب أوسع من التشبه بالنساء للحسن والنعومة، فيكون بذلك والعياذ بالله مستحقاً للعنة، كما في الحديث الذي صححه الالباني ورواه الترمذي عن ابن عباس "لعن الله المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء .
يقول ابن عثيمين، عضو اللجنة الدائمة للإفتاء: إن أدلة حرمة حلق اللحية كثيرة، ومن أبين الأدلة من القرآن قوله تعالى: ولآمرنهم فليغيرن خلق الله ومن يتخذ الشيطان ولياً من دون الله فقد خسر خسراناً مبينا".ولاشك أن حلق اللحية من تغيير خلق الله فيكون من أوامر الشيطان، والحالق لها منفذ أوامره أي الشيطان .
يقول الشيخ عثمان الصافي في كتاب "حكم الشرع في اللحية والأزياء": من ذا الذي يجرؤ على الزعم أن اللحية ليست من خلق الله، بل هي ظاهرة كونية تدخل في نطاق البنية البشرية للإنسان، وعليه فلا مجال للمراء في أن حلقها هو تبديل لخلق الله فيكون معنياً في الآية الكريمة وداخلاً في عمومها أما الأدلة من السنة المطهرة بما ورد من أحاديث صحيحة: فهي كما يلي روى البخاري في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهكوا الشوارب وأعفوا اللحى .
و روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جزوا الشوارب أرخوا اللحى وخالفوا المجوس
روى الإمام أحمد في مسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعفوا اللحى وجزوا الشوارب ولا تشبهوا باليهود والنصارى .
والأحاديث كثيرة لا يتسع المجال لذكرها، ومن مجموع الروايات يحصل عندنا خمس روايات. " اعفوا، وأوفوا، وأرخوا، و ارجوا، ووفروا. ومعناها جميعاً الأمر بترك اللحية على حالها وتكثيرها، وحيث أن كل هذه الأفعال أفعال أمر، والأمر في الشريعة يُأخذ للوجوب ما لم يأت نص أخر يحوله عن سابقه. فالأوامر هنا للوجوب، وهذا ما ذهب إليه جمهور العلماء و أصحاب المذاهب بلا خلاف .
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري شرح صحيح البخاري": حقيقة الإعفاء الترك وترك التعرض لها أي اللحية، ويستلزم تكثيرها، وقال أيضاً: وفروا بتشديد الفاء من التوفير وهو الإبقاء، أي اتركوها وافرة، وإعفاء اللحية تركها على حالها .
الشـافعية: قال الإمام الشافعي في كتابه "الأم": يحرم حلق اللحية. وكذلك نص الزركشي وأستاذه القفال الشاشي، على حرمة حلق اللحية، وكذلك الإمام النووي نص على حرمة حلق اللحية والأخذ منها .
المالكية: قد نص الإمام مالك كما نُقِل ذلك في المسير على خليل: على حرمة حلق اللحية وتقصيرها، وقال ابن عبد البر في "التمهيد": يحرم حلق اللحية ولا يفعله إلا المخنثون من الرجال .
الحنفية: قال ابن عابدين في "الدر المختار": يحرم حلق اللحية وأما الأخذ منها وهي دون القبضة كما يفعله المغاربة ومخنثة الرجال فلم يبحه أحد، وأخذها كلها فعل يهود الهنود ومجوس الأعاجم .
الحنابلة: قال السفاريني في "غذاء الألباب": والمعتمد في المذهب بحرمة حلق اللحية ونص في الإقناع على ذلك، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاختيارات العلمية": يحرم حلق اللحية، والأخذ من طولها ومن عرضها .
الظاهرية: نقل الإمام أبو محمد بن حزم في "المُحلّى" الإجماع على أن قصّ الشارب وإعفاء اللحية فرض .
قال الغزالي في "إحياء علوم الدين" الجزء الثاني: ونتف الفنكين بدعة، وهما جانبا العنفقه، وشهد عند عمر بن عبد العزيز رجل كان ينتف فنكيه فرد شهادته، ونقل أيضاً عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وابن أبي يعلى قاضي المدينة انه رد شهادة من كان ينتف لحيته .
ونقل العدوي عن الإمام مالك، كما في "حاشية العدوي على الرسالة" أنه قال: حلق ما تحت الحنك فعل المجوس .
وقال المباركفوري في "تحفة الاحوذي شرح سنن الترمذي": يحرم حلقها أو تقصيرها.
قال الإمام النووي في شرح مسلم: والرأي المعتمد والذي عليه الأدلة عدم التعرض للحية لا من طولها ولا من عرضها وتركها على حالها، وقال في موضع آخر، واللحية زينة الرجال ومن تمام الخلق وبها ميز الله الرجال والنساء ومن علامات الكمال، ونتفها أول نباتها تشبه بالمرد وكذلك قصها أو حلقها من المنكرات الكبار. انتهى .
ومن أقوال العلامة الشنقيطي: إن إطلاق و إرخاء اللحى سنة من سنن الأنبياء عليهم السلام وسمة من سمات العرب وهي من اعظم الفوارق الحسية بين الرجل والمرأة وكان الرسول صلى الله عليه وسلم كث اللحية، عظيم اللحية، وهو من أجمل الخلق وأحسنهم صورة، والجدير بالذكر أن الرجال الذين فتحوا السند والهند وفارس والأندلس وبيزنطا، و ... لم يكن فيهم حليق، وكانوا أشد الناس تشبهاً واقتداءً بالرسول صلى الله عليه وسلم .
وقال القرطبي في الأحكام: لا يجوز، أي اللحية حلقها ولا نتفها ولا قصها
وقال المحدث الإمام أبو شامة، نقلاً عن كتاب "أدلة تحريم حلق اللحية": أمرهم الله بالتأسي بالرسول صلى الله عليه وسلم فخالفوه وعصوه وتأسو بالمجوس والكفرة، فقد قال لهم أعفوا اللحى، وأرجو اللحى فعصوه وعمدوا إلى لحاهم فحلقوها وأمرهم بجز الشوارب فأطالوها وعظموها، فعكسوا القضية وعصوا الله ورسوله بإقرارهم للقوانين الوضعية وعملهم على إلغاء وإيقاف ما شرع الله ورسوله. اللهم إنّا نعوذ بك من عمى القلوب ورين الذنوب وخزي الدنيا وعذاب الآخرة .
والسلام عليكم ورحمة الله بركاته