ام حفصه
11 Dec 2012, 12:25 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله المطلع على الضمائر والأسرار، الغافر لمن شاء من الصغائر والكبار، والصلاة والسلام على النبي المختار، محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه، مصابيح الدجى وقوس الردى في أعين كل حاسد كفار، وبعد :
فقد عُرف العرب قديما بتقاليد وعادات متنوعة كثيرة، شكلت الأثر البالغ في تنظيم حياتهم العامة والفردية، وكانت بمثابة أسس وقواعد تتبع بحزم وشدة، ولها من التعظيم والإجلال الشيء الكثير، ثم جاء ديننا الحنيف وفي العرب الكثير من الصفات والمزايا الحميدة الحسنة، إلا أن جانب
المعتقد كان ذا سمة مظلمة حالكة، تؤثر سلبا وتهدد في تحطيم ما عندهم من أخلاق وشيم سمحة نقية، طار صيتها في الآفاق واشتهرت، وصورها العرب في شعرهم الجاهلي الفريد، وأبرزوا مكانتها في شتى مجلات الحياة عندهم، ومع كل هذا وذاك، فقد وُجدت قلة قليلة مباركة، جمعت بين مكارم
الأخلاق الحميدة، والمعتقد السليم السمح، والمتمثل آنذاك، في الحنيفية السمحة، ملة إبراهيم الخليل، عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، وعلى الرغم من ذلك كله فإن الحاجة كانت داعية وملحة، إلى إعادة تصحيح وإصلاح الأحوال التي كان عليها الناس في الجاهلية آنذاك، إصلاحا شاملا
يطرق جميع أبواب الظلم، والحروب والطغيان، والشر والفساد المتعلق بالعصبية والخرافات والسحر، والمعتقدات الفاسدة التي نفثها الشيطان وأعوانه في العرب أثناء جاهليتهم الجهلاء، وبحلول البشارة الكريمة، بعث الله عز وجل للعالمين، خير البرية أجمعين، محمد بن عبد الله، صلى الله
عليه وآله وسلم، فجعله رسولا خاتما للرسالات والرسل وشاهدا عليهم ومبشرا ونذيرا ومتمما لما عندهم من قيم وخلال وخصال بر حميدة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
( إنما بعثت لأتمم مكارم وفي رواية ( صالح ) الأخلاق ) السلسلة الصحيحة : 45
قال الإمام الشاطبي رحمه الله : ( واعلم أن العرب كان لها اعتناء بعلوم ذكرها الناس وكان لعقلائهم اعتناء بمكارم الأخلاق واتصاف بمحاسن شيم فصححت الشريعة منها ما هو صحيح وزادت عليه وأبطلت ما هو باطل وبينت منافع ما ينفع من ذلك ومضار ما يضر منه )
الموافقات (2/71)
وبتحريم الخمر عند أهل الجاهلية، نعطي المثال الجلي، على صدق الحديث في هذا الشأن، فقد اشتهر على كثير من العرب الأكابر وشعرائهم في الجاهلية، حبهم المفرط للخمر والمفاخرة بتعتيقها، والمغالاة في شراء أصنافها، حتى قال قائلهم :
فكأنها في صفوها خلقي (()) وكأنها في عتقها كرمي
وكان شعرائهم يقبلون على شرب الخمر، كإقبال أكثر الجاهليين على شربها، حتى يتسنى لهم نسيان همومهم والفقر، وما يعانون منه من حرمان مادي ومعنوي، ولربما باع أحدهم كل ما يملك قصد شربة خمر تنشيه، ليستوحي ويلهم أثناء سكره بما تطرب إليه نفسه المحرومة، حتى أن الأعشى
لما قدم عازما ليسلم، لقيه من لقيه في الطريق، فقيل له بأن الإسلام يحرم الخمر، فتوقف ورجع ولم يسلم، إذ شق عليه تحريمها وهو الشغوف بحبها، فكانت سببا في بقائه على الكفر والعياذ بالله .
وكانت للعرب مواسم يجتمعون لها كل عام، فيقيمون عليها ثلاثا، ينحرون الجزور ويطعمون ويسقون الخمر، وبلغ بهم الأمر من تقديسهم لها وتعظيمها، أن تحرم على النفوس حتى يدركوا ثأرهم المنشود، ومن ثَم يستحلونها ثانية، وفي ذلك يقول امرؤ القيس :
حلت لي الخمر وكنت امرأً (()) عن شربها في شغل شاغل
فاليوم أسقى غير مستحقبٍ (()) إثماً من الله ولا واغل
فكان الأمر كالنذر عندهم، لا تُشرب إلا عند الظفر بما يريدون من ثأر أو نحوه، مما يجري مجراها في ولوع النفس به والميل إليه، فإذا قتل لهم قتيلٌ، امتنعوا حتى يدركوا ثأره، أو حزبهم أمرٌ عظيم يحتاجون فيه إلى مناهضةٍ ومزاولة، قال الشنفرى يرثي خاله تأبط شراً، ويذكر إدراكه ثأره، من قصيدةٍ له :
فادركنا الثأر فيهم ولما (()) ينج من لحيان إلا الأقل
حلت الخمر وكانت حراماً (()) وبلأيٍ ما ألمت تحل
قال العلامة الأديب عبد القادر البغدادي رحمه الله :
( وافهم أنهم إنما حرموا الخمر على أنفسهم في مدة طلبهم، لأنها مشغلة لهم عن كريم الأخلاق، والإقبال على الشهرة )
خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب 6980
قلت : وكأنهم كانوا يدركون في قرارة أنفسهم، أن الخمر شاغلة لهم عن كل ما هو كريمٌ أو جديرٌ بالتعقل والحزم في طلبه، إلا أن الزمان لا يخلوا من ذوي النفوس الشريفة، تأبى الرذيلة والانحطاط الخلقي، فالخمر مذهبة للعقول، محسنة لارتكاب الفواحش واستحلال المآثم، ومن ثم حرَّم الخمر
في الجاهلية جماعة من كبراء العرب وأفاضلهم، لما نالهم من معرَّة السُّكر ودناوة وقبح مسلكه، فالخمر كانت تؤثر فيهم، وتستولي على عقولهم، فتدفعهم إلى السكر والعربدة والتطاول على بعضهم، حتى بلغت جناية كأسه أن كان سببا في زوال نعمة أو حصول نقمة، وسقوط مروءة وهلاك
نفس- حتى أن أحدهم سقى عدوه خمرا حتى أثمله فقتله- وهناك من بلغ به السكر مبلغه حتى تحرش بمحارمه تحرشاً لا يفعله إنسان سوي عاقل، وكذا تخليطهم أثناء السكر، وقيامهم بأفعال مخجلة مضحكة، جعلت منهم محط سخرية للناظرين، فلما استفاقوا من نشوتهم الزائفة وسمعوا بما
كان من فعلهم، ندموا على ما كان منهم أشد الندم ، وقرروا بعد ذلك اجتنابها وتحريمها على أنفسهم منذ ذاك اليوم، وكان أكثر من حرمها على أنفسهم الأحناف، وكان بعضهم يمدحون من يُمسك نفسه عن اللغو والمبالغة في شربها، و يحكى أن عمارة بن الوليد عاهد امرأته على ترك شرب
الخمر في الجاهلية، ولما ظنت به يوما أنه عاود شربها، قالت له : ألم تحلف ألا تشرب ؟ ولامته، فقال :
ولَسْنَا بشرْب أم عَّمرو إذا انتشوا (()) ثيابُ الندامَى بينهم كالغنائم
ولكننا يا أم عمرو نديمُنا (()) بمنزلة الرَيَّان ليس بِعَائم
وسماها بعض العرب بالشر في قولهم : لست من هذا الأمر في خل ولا خمر، أي لست منه في خير ولا في شر، وكان من عادتهم إذا كبروا ولعب بهم العمر وقلب عليهم الدهر، حرموا شرب الخمر، ونزهوا أنفسهم عن النقائص والرذائل، فهي كالعروس ومهرها عقلك، وسقى قوم في أعرابية مسكراً،
فقالت : أيشرب نساؤكم هذا الشراب ؟ قالوا : نعم، قالت : لئن كنتم صدقتم لا يدري أحدكم من أبوه، وكانت العرب في الجاهلية وصدر الإسلام يشتدون على النساء في شربها حتى ما يحفظ أنَّ امرأة شربت ولا أنَّ امرأة سكرت .
قال الإمام ابن قتيبة الدينوري رحمه الله, في كتابه الماتع، الأشربة و ذكر اختلاف الناس فيها (1/3) ما يلي : ( كان كثير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حرموا الخمر على أنفسهم في الجاهلية لعلمهم بسوء مصرعها وكثرة جناياتها، قالت عائشة رحمة الله عليها ما شرب أبو بكر رحمة
الله عليه خمرا في جاهلية ولا إسلام، وقال عثمان - بن عفان-رحمة الله عليه -قال- ما تغنيت ولا تفتيت ولا شربت خمرا في جاهلية ولا إسلام، ولا مسست فرجي بيميني منذ بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان عبد الرحمن بن عوف ترك شربها وقال فيها بيتا :
رأيت الخمر شاربها معنى (()) برجع القول أو فصل الخطاب
قال عز وجل : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ )
قال الإمام السمرقندي رحمه الله : ( وقال بعضهم أراد بالإثم الخمر بدليل قول الشاعر: شربت الإثم حتى ضل عقلي كذاك الإثم يذهب بالعقول، وروي عن جعفر الطيار أنه كان لا يشرب الخمر في الجاهلية وكان يقول : الناس يطلبون زيادة العقل فأنا لا أنقص عقلي )
بحر العلوم (1/183)
الحمد لله المطلع على الضمائر والأسرار، الغافر لمن شاء من الصغائر والكبار، والصلاة والسلام على النبي المختار، محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه، مصابيح الدجى وقوس الردى في أعين كل حاسد كفار، وبعد :
فقد عُرف العرب قديما بتقاليد وعادات متنوعة كثيرة، شكلت الأثر البالغ في تنظيم حياتهم العامة والفردية، وكانت بمثابة أسس وقواعد تتبع بحزم وشدة، ولها من التعظيم والإجلال الشيء الكثير، ثم جاء ديننا الحنيف وفي العرب الكثير من الصفات والمزايا الحميدة الحسنة، إلا أن جانب
المعتقد كان ذا سمة مظلمة حالكة، تؤثر سلبا وتهدد في تحطيم ما عندهم من أخلاق وشيم سمحة نقية، طار صيتها في الآفاق واشتهرت، وصورها العرب في شعرهم الجاهلي الفريد، وأبرزوا مكانتها في شتى مجلات الحياة عندهم، ومع كل هذا وذاك، فقد وُجدت قلة قليلة مباركة، جمعت بين مكارم
الأخلاق الحميدة، والمعتقد السليم السمح، والمتمثل آنذاك، في الحنيفية السمحة، ملة إبراهيم الخليل، عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، وعلى الرغم من ذلك كله فإن الحاجة كانت داعية وملحة، إلى إعادة تصحيح وإصلاح الأحوال التي كان عليها الناس في الجاهلية آنذاك، إصلاحا شاملا
يطرق جميع أبواب الظلم، والحروب والطغيان، والشر والفساد المتعلق بالعصبية والخرافات والسحر، والمعتقدات الفاسدة التي نفثها الشيطان وأعوانه في العرب أثناء جاهليتهم الجهلاء، وبحلول البشارة الكريمة، بعث الله عز وجل للعالمين، خير البرية أجمعين، محمد بن عبد الله، صلى الله
عليه وآله وسلم، فجعله رسولا خاتما للرسالات والرسل وشاهدا عليهم ومبشرا ونذيرا ومتمما لما عندهم من قيم وخلال وخصال بر حميدة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
( إنما بعثت لأتمم مكارم وفي رواية ( صالح ) الأخلاق ) السلسلة الصحيحة : 45
قال الإمام الشاطبي رحمه الله : ( واعلم أن العرب كان لها اعتناء بعلوم ذكرها الناس وكان لعقلائهم اعتناء بمكارم الأخلاق واتصاف بمحاسن شيم فصححت الشريعة منها ما هو صحيح وزادت عليه وأبطلت ما هو باطل وبينت منافع ما ينفع من ذلك ومضار ما يضر منه )
الموافقات (2/71)
وبتحريم الخمر عند أهل الجاهلية، نعطي المثال الجلي، على صدق الحديث في هذا الشأن، فقد اشتهر على كثير من العرب الأكابر وشعرائهم في الجاهلية، حبهم المفرط للخمر والمفاخرة بتعتيقها، والمغالاة في شراء أصنافها، حتى قال قائلهم :
فكأنها في صفوها خلقي (()) وكأنها في عتقها كرمي
وكان شعرائهم يقبلون على شرب الخمر، كإقبال أكثر الجاهليين على شربها، حتى يتسنى لهم نسيان همومهم والفقر، وما يعانون منه من حرمان مادي ومعنوي، ولربما باع أحدهم كل ما يملك قصد شربة خمر تنشيه، ليستوحي ويلهم أثناء سكره بما تطرب إليه نفسه المحرومة، حتى أن الأعشى
لما قدم عازما ليسلم، لقيه من لقيه في الطريق، فقيل له بأن الإسلام يحرم الخمر، فتوقف ورجع ولم يسلم، إذ شق عليه تحريمها وهو الشغوف بحبها، فكانت سببا في بقائه على الكفر والعياذ بالله .
وكانت للعرب مواسم يجتمعون لها كل عام، فيقيمون عليها ثلاثا، ينحرون الجزور ويطعمون ويسقون الخمر، وبلغ بهم الأمر من تقديسهم لها وتعظيمها، أن تحرم على النفوس حتى يدركوا ثأرهم المنشود، ومن ثَم يستحلونها ثانية، وفي ذلك يقول امرؤ القيس :
حلت لي الخمر وكنت امرأً (()) عن شربها في شغل شاغل
فاليوم أسقى غير مستحقبٍ (()) إثماً من الله ولا واغل
فكان الأمر كالنذر عندهم، لا تُشرب إلا عند الظفر بما يريدون من ثأر أو نحوه، مما يجري مجراها في ولوع النفس به والميل إليه، فإذا قتل لهم قتيلٌ، امتنعوا حتى يدركوا ثأره، أو حزبهم أمرٌ عظيم يحتاجون فيه إلى مناهضةٍ ومزاولة، قال الشنفرى يرثي خاله تأبط شراً، ويذكر إدراكه ثأره، من قصيدةٍ له :
فادركنا الثأر فيهم ولما (()) ينج من لحيان إلا الأقل
حلت الخمر وكانت حراماً (()) وبلأيٍ ما ألمت تحل
قال العلامة الأديب عبد القادر البغدادي رحمه الله :
( وافهم أنهم إنما حرموا الخمر على أنفسهم في مدة طلبهم، لأنها مشغلة لهم عن كريم الأخلاق، والإقبال على الشهرة )
خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب 6980
قلت : وكأنهم كانوا يدركون في قرارة أنفسهم، أن الخمر شاغلة لهم عن كل ما هو كريمٌ أو جديرٌ بالتعقل والحزم في طلبه، إلا أن الزمان لا يخلوا من ذوي النفوس الشريفة، تأبى الرذيلة والانحطاط الخلقي، فالخمر مذهبة للعقول، محسنة لارتكاب الفواحش واستحلال المآثم، ومن ثم حرَّم الخمر
في الجاهلية جماعة من كبراء العرب وأفاضلهم، لما نالهم من معرَّة السُّكر ودناوة وقبح مسلكه، فالخمر كانت تؤثر فيهم، وتستولي على عقولهم، فتدفعهم إلى السكر والعربدة والتطاول على بعضهم، حتى بلغت جناية كأسه أن كان سببا في زوال نعمة أو حصول نقمة، وسقوط مروءة وهلاك
نفس- حتى أن أحدهم سقى عدوه خمرا حتى أثمله فقتله- وهناك من بلغ به السكر مبلغه حتى تحرش بمحارمه تحرشاً لا يفعله إنسان سوي عاقل، وكذا تخليطهم أثناء السكر، وقيامهم بأفعال مخجلة مضحكة، جعلت منهم محط سخرية للناظرين، فلما استفاقوا من نشوتهم الزائفة وسمعوا بما
كان من فعلهم، ندموا على ما كان منهم أشد الندم ، وقرروا بعد ذلك اجتنابها وتحريمها على أنفسهم منذ ذاك اليوم، وكان أكثر من حرمها على أنفسهم الأحناف، وكان بعضهم يمدحون من يُمسك نفسه عن اللغو والمبالغة في شربها، و يحكى أن عمارة بن الوليد عاهد امرأته على ترك شرب
الخمر في الجاهلية، ولما ظنت به يوما أنه عاود شربها، قالت له : ألم تحلف ألا تشرب ؟ ولامته، فقال :
ولَسْنَا بشرْب أم عَّمرو إذا انتشوا (()) ثيابُ الندامَى بينهم كالغنائم
ولكننا يا أم عمرو نديمُنا (()) بمنزلة الرَيَّان ليس بِعَائم
وسماها بعض العرب بالشر في قولهم : لست من هذا الأمر في خل ولا خمر، أي لست منه في خير ولا في شر، وكان من عادتهم إذا كبروا ولعب بهم العمر وقلب عليهم الدهر، حرموا شرب الخمر، ونزهوا أنفسهم عن النقائص والرذائل، فهي كالعروس ومهرها عقلك، وسقى قوم في أعرابية مسكراً،
فقالت : أيشرب نساؤكم هذا الشراب ؟ قالوا : نعم، قالت : لئن كنتم صدقتم لا يدري أحدكم من أبوه، وكانت العرب في الجاهلية وصدر الإسلام يشتدون على النساء في شربها حتى ما يحفظ أنَّ امرأة شربت ولا أنَّ امرأة سكرت .
قال الإمام ابن قتيبة الدينوري رحمه الله, في كتابه الماتع، الأشربة و ذكر اختلاف الناس فيها (1/3) ما يلي : ( كان كثير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حرموا الخمر على أنفسهم في الجاهلية لعلمهم بسوء مصرعها وكثرة جناياتها، قالت عائشة رحمة الله عليها ما شرب أبو بكر رحمة
الله عليه خمرا في جاهلية ولا إسلام، وقال عثمان - بن عفان-رحمة الله عليه -قال- ما تغنيت ولا تفتيت ولا شربت خمرا في جاهلية ولا إسلام، ولا مسست فرجي بيميني منذ بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان عبد الرحمن بن عوف ترك شربها وقال فيها بيتا :
رأيت الخمر شاربها معنى (()) برجع القول أو فصل الخطاب
قال عز وجل : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ )
قال الإمام السمرقندي رحمه الله : ( وقال بعضهم أراد بالإثم الخمر بدليل قول الشاعر: شربت الإثم حتى ضل عقلي كذاك الإثم يذهب بالعقول، وروي عن جعفر الطيار أنه كان لا يشرب الخمر في الجاهلية وكان يقول : الناس يطلبون زيادة العقل فأنا لا أنقص عقلي )
بحر العلوم (1/183)