رونق الامل
12 Dec 2012, 03:46 PM
(( قُلْ إِصْلاَحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ ))
صالح بن عواد المغامسي
قال تعالى : ((وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى))ندخل الآن تاريخياً في عالم اليتامى إن صح التعبير :
أشهر اليتامى هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وكانت قريشٌ تعرفهُ بأنهُ يتيمُ أبي طالب لأنهُ نشأ في بيت أبي طالب فأبو طالب كفل النبي صلى الله عليه وسلم بعدوفاة جده عبد المطلب .
قال شوقي :ذُكرت باليُتم في القرآنتكرمهً *** وقيمة اللؤلؤ المكنونِ في اليُتمِ
فاللؤلؤ إذا لهُ نظائر لايُصبح لهُ مزية لكن إنفرادهُ يجعل لهُ مزية فأنت أيها النبي الكريم إنما كان تفرُدك بأن الله جل وعلا هو الذي آواك قال الله تبارك وتعالى(أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى )) . فأشهر يتيم نبينا صلى الله عليه وسلم .
ثم وجد في العلماء والمشاهير عبر التاريخ يتامى كان لهم حظٌ أكبر من أشهرهم :
الإمام أحمد رحمة الله تعالى عليه ، فالإمام أحمد رحمه الله تعالى نشأ يتيماً .
الذي يعنينا هنا:أن عصور التربية الحديثة تقول في اصطلاح التربويين وهذا كذلك لشوقي فيه باع إن اليتيم ليس الذي فقد أباه ـ هذا في الاصطلاح الشرعي ـلكن في الاصطلاح الحقيقي هو الذي لا يرعاه أبوه وإن كان موجوداً حياً.
قال شوقي :ليس اليتيم من انتهىأبواه من *** هم الحياةٍ وخلفاهُ ذليلا
فأصاب في الدنيا الحكيمة منهما *** وبحُسن تربية الزمان بديلا
إن اليتيم هو الذي تلقى له *** أُماً تخلت أو أباًمشغولا
وهذا لا أُريد أن أخرج عن عظمة كلام الله لكنني أزدل فتربوياً ـحتى وأنت تُربي لا تعلق من تربيه بك .
فإن الإنسان لا يتعلم من شيء أكثر من شيء يكتشفهُ بنفسهِ
وإنما الصواب عندنا في التربية أن يكون المربي والراعي والقائم على الأمرموجهٌ من علو من بعد و لا يحاول أن يجعل ممن يُربيهِ صورةً منه .
ثم إن العاقل في تربيتهِ يتغافل عن أمور ولا يحسُن التعقيب عن كل شيء ,فدع من دونك أو من تحت يدك بل دع صديقك بل دع زوجتك يُخطئ أو تُخطئ وتعود لوحدها أو يعود لوحدهِ إلى صوابه فذلك أبقى لماء وجههِ عندك .
أما إن اكتشفت أنت خطؤه وثربت عليه ولمتهُ لو عاد فإن ماء وجهه قد أُريق من قبل , يوم أن أخطأ وعلم أنك اطلعت على خطئه فإنهُ يخشى أن تُعيرهُ يوماً به .
ليس من الصواب في ظنيـ وهذا مسألة من باب الاجتهاد ـ أن يتفقد الإنسان أو الوالد أوالوالدة في كل وقتٍ وحين جوال ابنهِ بحُجة أنه يخشى عليهِ من المهالك فإنهُ لا بُد أن نُبقي من دوننا أو تحتنا في عالم خصوصيةٍ لهم .
أما كون المرء يطلع على خصوصية كلأحد فهذا يتنافى مع ما دل الشرع عليهِ ولقد شُرع الاستئذان في الدخول على أطهر بيت بيـت رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس في بيت النبوة ما يُخفى ولا يُستحيى منه فالنبي صلى الله عليه وسلم قدوة في كل أمر لكن من باب أن الإنسان أحياناً لا يُحب أن يطلع أحدٌ على بعض شأنهِ .
حتى أنت أيُها المُبارك في إقامة العلاقات مع غيرك فثمة أمور لا تحاول أن تصل إليها بالسؤال فإن من معك أستاذك أو شيخك أو قرينك أو من دونك إذا كان ذا عقل فإنهُ إذا يُريد أن يُطلعك سيُطلعك من غير أن تسأله ، وما كتم الأمر عنك إلا لأنه يرغب أن لا تطلع أنت عليهِ فلو قُدر أنك اطلعت عليهِ فلا تُظهر لهُ أنك اطلعت عليهِ.
قالوا ـ وهذا قلته لكم من قبلـ إن أمير المؤمنين عمر ابن عبد العزيز بعث أحد رسله يعني أحد حشمه وخدمه إلى ابنه عبد الملك , وكان عبد الملك ابن عمر ابن عبد العزيز شامة في جبين الدهر لكنه مات قبل أبيهِ ولهذا قال عمر لما مات ابنه عبد الملك قال : " الحمد لله الذي جعلك في ميزاني ولم يجعلني في ميزانك"
موضع الشاهد : حصل بينه وبين من بعثهُ أبوه نوعٌ من الكلام وأراد الرجل أن يُخفي هذا عن عمر فقال له عبد الملك : " ولا تُخبر أمير المؤمنين بهذا " فقال الرسول المبعوث قال " وإن سألني أمير المؤمنين " ، ماذا أجاب عبد الملك قال :" لا تُخبره فإن أبي لن يسألك عن شيءٍ لم تُخبرهُ به ـ أعرف الناس بأبيهِ ـ إن أبي لن يسألك عن شيءٍ لم تُخبرهُ به " ، أبي يعلم مني أن الذي أُريد أن أُطلعهُ أُطلعه وهولن يتفقد بالطريق التي يصل بها إلى الحد الذي يُخرجك عن مكنون التربية الحقةاعتمادهِ على نفسهِ .
صالح بن عواد المغامسي
قال تعالى : ((وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى))ندخل الآن تاريخياً في عالم اليتامى إن صح التعبير :
أشهر اليتامى هو نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وكانت قريشٌ تعرفهُ بأنهُ يتيمُ أبي طالب لأنهُ نشأ في بيت أبي طالب فأبو طالب كفل النبي صلى الله عليه وسلم بعدوفاة جده عبد المطلب .
قال شوقي :ذُكرت باليُتم في القرآنتكرمهً *** وقيمة اللؤلؤ المكنونِ في اليُتمِ
فاللؤلؤ إذا لهُ نظائر لايُصبح لهُ مزية لكن إنفرادهُ يجعل لهُ مزية فأنت أيها النبي الكريم إنما كان تفرُدك بأن الله جل وعلا هو الذي آواك قال الله تبارك وتعالى(أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوَى )) . فأشهر يتيم نبينا صلى الله عليه وسلم .
ثم وجد في العلماء والمشاهير عبر التاريخ يتامى كان لهم حظٌ أكبر من أشهرهم :
الإمام أحمد رحمة الله تعالى عليه ، فالإمام أحمد رحمه الله تعالى نشأ يتيماً .
الذي يعنينا هنا:أن عصور التربية الحديثة تقول في اصطلاح التربويين وهذا كذلك لشوقي فيه باع إن اليتيم ليس الذي فقد أباه ـ هذا في الاصطلاح الشرعي ـلكن في الاصطلاح الحقيقي هو الذي لا يرعاه أبوه وإن كان موجوداً حياً.
قال شوقي :ليس اليتيم من انتهىأبواه من *** هم الحياةٍ وخلفاهُ ذليلا
فأصاب في الدنيا الحكيمة منهما *** وبحُسن تربية الزمان بديلا
إن اليتيم هو الذي تلقى له *** أُماً تخلت أو أباًمشغولا
وهذا لا أُريد أن أخرج عن عظمة كلام الله لكنني أزدل فتربوياً ـحتى وأنت تُربي لا تعلق من تربيه بك .
فإن الإنسان لا يتعلم من شيء أكثر من شيء يكتشفهُ بنفسهِ
وإنما الصواب عندنا في التربية أن يكون المربي والراعي والقائم على الأمرموجهٌ من علو من بعد و لا يحاول أن يجعل ممن يُربيهِ صورةً منه .
ثم إن العاقل في تربيتهِ يتغافل عن أمور ولا يحسُن التعقيب عن كل شيء ,فدع من دونك أو من تحت يدك بل دع صديقك بل دع زوجتك يُخطئ أو تُخطئ وتعود لوحدها أو يعود لوحدهِ إلى صوابه فذلك أبقى لماء وجههِ عندك .
أما إن اكتشفت أنت خطؤه وثربت عليه ولمتهُ لو عاد فإن ماء وجهه قد أُريق من قبل , يوم أن أخطأ وعلم أنك اطلعت على خطئه فإنهُ يخشى أن تُعيرهُ يوماً به .
ليس من الصواب في ظنيـ وهذا مسألة من باب الاجتهاد ـ أن يتفقد الإنسان أو الوالد أوالوالدة في كل وقتٍ وحين جوال ابنهِ بحُجة أنه يخشى عليهِ من المهالك فإنهُ لا بُد أن نُبقي من دوننا أو تحتنا في عالم خصوصيةٍ لهم .
أما كون المرء يطلع على خصوصية كلأحد فهذا يتنافى مع ما دل الشرع عليهِ ولقد شُرع الاستئذان في الدخول على أطهر بيت بيـت رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس في بيت النبوة ما يُخفى ولا يُستحيى منه فالنبي صلى الله عليه وسلم قدوة في كل أمر لكن من باب أن الإنسان أحياناً لا يُحب أن يطلع أحدٌ على بعض شأنهِ .
حتى أنت أيُها المُبارك في إقامة العلاقات مع غيرك فثمة أمور لا تحاول أن تصل إليها بالسؤال فإن من معك أستاذك أو شيخك أو قرينك أو من دونك إذا كان ذا عقل فإنهُ إذا يُريد أن يُطلعك سيُطلعك من غير أن تسأله ، وما كتم الأمر عنك إلا لأنه يرغب أن لا تطلع أنت عليهِ فلو قُدر أنك اطلعت عليهِ فلا تُظهر لهُ أنك اطلعت عليهِ.
قالوا ـ وهذا قلته لكم من قبلـ إن أمير المؤمنين عمر ابن عبد العزيز بعث أحد رسله يعني أحد حشمه وخدمه إلى ابنه عبد الملك , وكان عبد الملك ابن عمر ابن عبد العزيز شامة في جبين الدهر لكنه مات قبل أبيهِ ولهذا قال عمر لما مات ابنه عبد الملك قال : " الحمد لله الذي جعلك في ميزاني ولم يجعلني في ميزانك"
موضع الشاهد : حصل بينه وبين من بعثهُ أبوه نوعٌ من الكلام وأراد الرجل أن يُخفي هذا عن عمر فقال له عبد الملك : " ولا تُخبر أمير المؤمنين بهذا " فقال الرسول المبعوث قال " وإن سألني أمير المؤمنين " ، ماذا أجاب عبد الملك قال :" لا تُخبره فإن أبي لن يسألك عن شيءٍ لم تُخبرهُ به ـ أعرف الناس بأبيهِ ـ إن أبي لن يسألك عن شيءٍ لم تُخبرهُ به " ، أبي يعلم مني أن الذي أُريد أن أُطلعهُ أُطلعه وهولن يتفقد بالطريق التي يصل بها إلى الحد الذي يُخرجك عن مكنون التربية الحقةاعتمادهِ على نفسهِ .