عبدالله الكعبي
22 Dec 2012, 09:18 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، الحمد لله وبعد
شاعَ خطأ بين الناس في الأزمنة المعاصرة، أن الذي يتولى شأنا ، من شئون المسلمين أو من تسند إليه مسئولية معينة، أو وظيفة ذات منصب رفيع أو مكانة كبيرة بين رعايا الدولة، يصبح فوق هؤلاء الرعايا، وسيدا فوق هؤلاء المواطنين، إن أعطاهم فمن كرمه، وإن يسر أمرا من أمورهم فمن فضله، وإن حفظ لهم حقا فمن عظيم لطفه، وتكون له السيادة المطلقة في مكانه أو وظيفته ومنصبه، ويكون معه المجتمع على هذه الشاكلة حتى يصنع منه طاغية لا يقاوم، ومسئولا لا ترد له كلمة، ولا يتراجع في أمر، ولا يعتذر عن شي، لأن المسئولية التي تولاها، والوظيفة التي يعمل بها أو المنصب الذي يشغله، إنما يعني في نظره فخامة واستعلاء،وعظمة وكبرياء، ولهذا يتنافس فيها من أهل الدنيا المتنافسون،من أجل الحصول عليها يتقاتلون ويتكالبون.
أما المسئولية والقيادة في نظر الصالحين الذين ينتسبون إلى الدين الإسلامى العظيم، فهي خدمة للرعية، وعطاء للمواطنين، وبذل وتضحية للناس أجمعين، المسئولية سهر فى إحقاق الحق، ويقظة فى نشر العدل، تعب ليستريح الناس، وعناء ليسعد الناس، وتحمل للمشاق ليهنأ الناس، المسئولية سعي فى راحة الآخرين، وجهاد فى تأمين معيشتهم، وتلبية مطالبهم، وقضاء حوائجهم، وتذليل الصعاب لهم، وتمهيد الدروب أمامهم، ولهذا كانت المسئولية تكليف ثقيل لا يغري أحدا بالتزاحم عليه، وبالتالي كان الصالحون من هذه الأمة عليه لا يقتتلون، وفي الظفر به لا يتسارعون ولا يتنافسون، ومن جاءته وأوكلت إليه هذه المسئولية كان يعتبرها ابتلاء لا مناص منه، واختبارا لا محيد عنه.
إن المسئولية في الإسلام تعني عند الصالحين أعلى درجات الخدمة للناس وتحقيق النفع لهم، وإدخال السرور عليهم، لأنهم ينظرون إلى ما عند الله عز وجل، ويريدون أن يكونوا كبارا في الآخرة كما كانوا كبارا فى الدنيا، ولن يكون ذلك إلا بخدمة رعيتهم ومواطنيهم ومن هم في نطاق مسئوليتهم ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ يقول: « أَحَبلا النَّاسِ إِلَى اللهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ ، وَأَحَبلا الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً ، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا ، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا ، وَلَئِنْ أَمْشِي مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبلا إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ شَهْرًا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ ، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ ، مَلأَ اللهُ قَلْبَهُ رَجَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يُثَبِّتَهَا لَهُ ثَبَّتَ اللهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الأَقْدَامُ» المعجم الكبير للطبرانى .
ويفطن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المفهوم الصحيح للمسئولية حتى قبل أن يبعث بالرسالة، ويعمل على أنها خدمة للآخرين وعون للمحتاجين، وجهاد وتعب وتضحية للناس أجمعين، وترى زوجه خديجة بنت خويلد أن هذه هي مؤهلات القيادة لديه، إذ لما نزل عليه الوحي بالرسالة فى غار حراء ، ورجع يرجف فؤاده مما حدث له ، ودخل عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قائلا : زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ، ثم قَالَ لِخَدِيجَةَ: لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي، فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: « كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ » . إنه لم يكن يستعلي على الناس، أو يتكبر عن خدمتهم، أو يتململ من حمل العناء عنهم، وتقديم العطاء لهم، وتذليل نوائب الدهر وصروفه لهم حتى قبل بعثته الشريفة وهذه فعلا هي : مؤهلات القيادة أو تحمل المسئولية .
ومما يؤكد على أن المسئولية والقيادة في المجتمع المسلم تعني الخدمة للمواطنين، والرعاية بهم والعناية لهم، ما قام به سيدنا يوسف عليه السلام، بعد أن فعل به إخوته ما فعلوا، وبعد أن نكلوا به، وفكروا في قتله، وألقوه فى غيابة الجب، وحدث له ما حدث مما حكاه القرآن الكريم فى سورة يوسف، إذا به بعد أن يتولى المسئولية، وتوضع في عنقه القيادة، ويسند إليه المنصب، لا يتردد في خدمتهم، ويجهزهم بجهازهم، ويحقق لهم رجاءهم، ويجيب لهم مطالبهم، بل يصدر في النهاية العفو عنهم، فلا يرى لنفسه عليهم حقا، وإنما يرى عليه لهم كثيرا من الواجبات وواسعا من الخدمات، وفي ذلك يقول القرآن الكريم وهو يصور خدمته لهم: « وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ » يوسف آية رقم ٦٢، ويقول وهو يصور عفوه عنهم : « قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ » يوسف آية رقم ٩٢ .
وفى تجلية وتوضيح مفهوم المسئولية والقيادة فى الإسلام، يروى ما حدث من أبي مسلم الخولاني مع معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، حيث دخل أبو مسلم على معاوية وهو يومها أمير للمؤمنين، فقال أمام جلسائه: السلام عليك أيها الأجير، فقال جلساؤه : مه، قل السلام عليك أيها الأمير. فأكد قائلا: السلام عليك أيها الأجير. فقالوا: قل السلام عليك أيها الأمير. فقال في الثالثة : السلام عليك أيها الأجير. فقال معاوية: دعوا أبا مسلم فإنه أعلم بما يقول. فقال أبو مسلم: «إنما مثلك مثل رجل استأجر أجيراً فولاه على غنمه او ماشيته وجعل له الأجر على أن يحسن الرعاية، فإن أنت هنأت جرباها أي« عالجتها بالقطران»، وداويت مرضاها، وحبست أولاها على أخراها، وفاك سيدها أجرك، وإن أنت لم تهنأ جرباها، ولم تداو مرضاها، ولم تحبس أولاها على أخراها عاقبك سيدها». وهكذا يحدد أبو مسلم الخولاني رحمه الله المفهوم الحقيقي للمسئولية، والوظيفة الحقيقية لكل مسئول في الدولة الإسلامية، صغيرة كانت هذه المسئولية أو كبيرة، وهي لا تتجاوز الخدمة لقاء أجر معين، ويواجه به الحقيقة المسئول أمام الناس وأمام حاشيته وجلسائه، والعجيب أنه عندما روجع في ذلك لم يرهب الموقف ولم يخش نتيجة كلامه، بل أصر عليه وكرره أكثر من مرة، وقد قبل أمير المؤمنين معاوية من أبي مسلم قولته، ولم ينكر كلامه، أو يعاتبه أنه قال ما قال أمام الناس، بل أنكر على المنكرين على أبي مسلم، وقال لهم :« دعوا أبا مسلم فإنه أعلم بما يقول» وياليت المسئولين في دوائر العمل الحكومي وغير الحكومي يفهمون ذلك اليوم، حتى ينصلح حال البلاد والعباد، ويدركوا أن خدمة الناس، كل له منها نصيب، وصدق من يقول :
الناس للناس من بدو وحاضرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، الحمد لله وبعد
شاعَ خطأ بين الناس في الأزمنة المعاصرة، أن الذي يتولى شأنا ، من شئون المسلمين أو من تسند إليه مسئولية معينة، أو وظيفة ذات منصب رفيع أو مكانة كبيرة بين رعايا الدولة، يصبح فوق هؤلاء الرعايا، وسيدا فوق هؤلاء المواطنين، إن أعطاهم فمن كرمه، وإن يسر أمرا من أمورهم فمن فضله، وإن حفظ لهم حقا فمن عظيم لطفه، وتكون له السيادة المطلقة في مكانه أو وظيفته ومنصبه، ويكون معه المجتمع على هذه الشاكلة حتى يصنع منه طاغية لا يقاوم، ومسئولا لا ترد له كلمة، ولا يتراجع في أمر، ولا يعتذر عن شي، لأن المسئولية التي تولاها، والوظيفة التي يعمل بها أو المنصب الذي يشغله، إنما يعني في نظره فخامة واستعلاء،وعظمة وكبرياء، ولهذا يتنافس فيها من أهل الدنيا المتنافسون،من أجل الحصول عليها يتقاتلون ويتكالبون.
أما المسئولية والقيادة في نظر الصالحين الذين ينتسبون إلى الدين الإسلامى العظيم، فهي خدمة للرعية، وعطاء للمواطنين، وبذل وتضحية للناس أجمعين، المسئولية سهر فى إحقاق الحق، ويقظة فى نشر العدل، تعب ليستريح الناس، وعناء ليسعد الناس، وتحمل للمشاق ليهنأ الناس، المسئولية سعي فى راحة الآخرين، وجهاد فى تأمين معيشتهم، وتلبية مطالبهم، وقضاء حوائجهم، وتذليل الصعاب لهم، وتمهيد الدروب أمامهم، ولهذا كانت المسئولية تكليف ثقيل لا يغري أحدا بالتزاحم عليه، وبالتالي كان الصالحون من هذه الأمة عليه لا يقتتلون، وفي الظفر به لا يتسارعون ولا يتنافسون، ومن جاءته وأوكلت إليه هذه المسئولية كان يعتبرها ابتلاء لا مناص منه، واختبارا لا محيد عنه.
إن المسئولية في الإسلام تعني عند الصالحين أعلى درجات الخدمة للناس وتحقيق النفع لهم، وإدخال السرور عليهم، لأنهم ينظرون إلى ما عند الله عز وجل، ويريدون أن يكونوا كبارا في الآخرة كما كانوا كبارا فى الدنيا، ولن يكون ذلك إلا بخدمة رعيتهم ومواطنيهم ومن هم في نطاق مسئوليتهم ، وصدق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ يقول: « أَحَبلا النَّاسِ إِلَى اللهِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ ، وَأَحَبلا الأَعْمَالِ إِلَى اللهِ سُرُورٌ تُدْخِلُهُ عَلَى مُسْلِمٍ ، أَوْ تَكْشِفُ عَنْهُ كُرْبَةً ، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا ، أَوْ تَطْرُدُ عَنْهُ جُوعًا ، وَلَئِنْ أَمْشِي مَعَ أَخٍ لِي فِي حَاجَةٍ أَحَبلا إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَعْتَكِفَ فِي هَذَا الْمَسْجِدِ شَهْرًا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ ، وَمَنْ كَفَّ غَضَبَهُ سَتَرَ اللهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ كَظَمَ غَيْظَهُ وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَهُ أَمْضَاهُ ، مَلأَ اللهُ قَلْبَهُ رَجَاءً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَمَنْ مَشَى مَعَ أَخِيهِ فِي حَاجَةٍ حَتَّى يُثَبِّتَهَا لَهُ ثَبَّتَ اللهُ قَدَمَهُ يَوْمَ تَزُولُ الأَقْدَامُ» المعجم الكبير للطبرانى .
ويفطن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المفهوم الصحيح للمسئولية حتى قبل أن يبعث بالرسالة، ويعمل على أنها خدمة للآخرين وعون للمحتاجين، وجهاد وتعب وتضحية للناس أجمعين، وترى زوجه خديجة بنت خويلد أن هذه هي مؤهلات القيادة لديه، إذ لما نزل عليه الوحي بالرسالة فى غار حراء ، ورجع يرجف فؤاده مما حدث له ، ودخل عَلَى خَدِيجَةَ بِنْتِ خُوَيْلِدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قائلا : زَمِّلُونِي زَمِّلُونِي، فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ، وَأَخْبَرَهَا الْخَبَرَ، ثم قَالَ لِخَدِيجَةَ: لَقَدْ خَشِيتُ عَلَى نَفْسِي، فَقَالَتْ خَدِيجَةُ: « كَلَّا وَاللَّهِ مَا يُخْزِيكَ اللَّهُ أَبَدًا إِنَّكَ لَتَصِلُ الرَّحِمَ وَتَحْمِلُ الْكَلَّ وَتَكْسِبُ الْمَعْدُومَ وَتَقْرِي الضَّيْفَ وَتُعِينُ عَلَى نَوَائِبِ الْحَقِّ » . إنه لم يكن يستعلي على الناس، أو يتكبر عن خدمتهم، أو يتململ من حمل العناء عنهم، وتقديم العطاء لهم، وتذليل نوائب الدهر وصروفه لهم حتى قبل بعثته الشريفة وهذه فعلا هي : مؤهلات القيادة أو تحمل المسئولية .
ومما يؤكد على أن المسئولية والقيادة في المجتمع المسلم تعني الخدمة للمواطنين، والرعاية بهم والعناية لهم، ما قام به سيدنا يوسف عليه السلام، بعد أن فعل به إخوته ما فعلوا، وبعد أن نكلوا به، وفكروا في قتله، وألقوه فى غيابة الجب، وحدث له ما حدث مما حكاه القرآن الكريم فى سورة يوسف، إذا به بعد أن يتولى المسئولية، وتوضع في عنقه القيادة، ويسند إليه المنصب، لا يتردد في خدمتهم، ويجهزهم بجهازهم، ويحقق لهم رجاءهم، ويجيب لهم مطالبهم، بل يصدر في النهاية العفو عنهم، فلا يرى لنفسه عليهم حقا، وإنما يرى عليه لهم كثيرا من الواجبات وواسعا من الخدمات، وفي ذلك يقول القرآن الكريم وهو يصور خدمته لهم: « وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَعْرِفُونَهَا إِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمْ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ » يوسف آية رقم ٦٢، ويقول وهو يصور عفوه عنهم : « قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ » يوسف آية رقم ٩٢ .
وفى تجلية وتوضيح مفهوم المسئولية والقيادة فى الإسلام، يروى ما حدث من أبي مسلم الخولاني مع معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما، حيث دخل أبو مسلم على معاوية وهو يومها أمير للمؤمنين، فقال أمام جلسائه: السلام عليك أيها الأجير، فقال جلساؤه : مه، قل السلام عليك أيها الأمير. فأكد قائلا: السلام عليك أيها الأجير. فقالوا: قل السلام عليك أيها الأمير. فقال في الثالثة : السلام عليك أيها الأجير. فقال معاوية: دعوا أبا مسلم فإنه أعلم بما يقول. فقال أبو مسلم: «إنما مثلك مثل رجل استأجر أجيراً فولاه على غنمه او ماشيته وجعل له الأجر على أن يحسن الرعاية، فإن أنت هنأت جرباها أي« عالجتها بالقطران»، وداويت مرضاها، وحبست أولاها على أخراها، وفاك سيدها أجرك، وإن أنت لم تهنأ جرباها، ولم تداو مرضاها، ولم تحبس أولاها على أخراها عاقبك سيدها». وهكذا يحدد أبو مسلم الخولاني رحمه الله المفهوم الحقيقي للمسئولية، والوظيفة الحقيقية لكل مسئول في الدولة الإسلامية، صغيرة كانت هذه المسئولية أو كبيرة، وهي لا تتجاوز الخدمة لقاء أجر معين، ويواجه به الحقيقة المسئول أمام الناس وأمام حاشيته وجلسائه، والعجيب أنه عندما روجع في ذلك لم يرهب الموقف ولم يخش نتيجة كلامه، بل أصر عليه وكرره أكثر من مرة، وقد قبل أمير المؤمنين معاوية من أبي مسلم قولته، ولم ينكر كلامه، أو يعاتبه أنه قال ما قال أمام الناس، بل أنكر على المنكرين على أبي مسلم، وقال لهم :« دعوا أبا مسلم فإنه أعلم بما يقول» وياليت المسئولين في دوائر العمل الحكومي وغير الحكومي يفهمون ذلك اليوم، حتى ينصلح حال البلاد والعباد، ويدركوا أن خدمة الناس، كل له منها نصيب، وصدق من يقول :
الناس للناس من بدو وحاضرة