ام حفصه
05 Jan 2013, 11:23 AM
http://up.ala7ebah.com/img/q3I71367.jpg
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
د. وائل الشيمي و د. محمد الديب
http://up.ala7ebah.com/img/vYf36699.jpg
إن الله عز وجل قد أقسم في كتابه الكريم بالعديد من الأشياء العظيمة والأمور الجليلة فقال عز وجل في سورة القيامة( لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ القِيَامَةِ .ولا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ)
(1) وفي سورة الواقعة( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ)
(2) وفي سورة الانشقاق( فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ)
(3) وفي سورة التكاثر( فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ . الجَوَارِ الكُنَّسِ)
(4) وفي سورة الطارق يقول الله عز وجل :(وَالسَّمَاءِ والطَّارِق(ِ
(5).. ويقــول الله عــز وجــل فـي ســورة الشمــس( وَالشَّمْسِ وضُحَاهَا . والْقَمَرِ إذَا تَلاهَا. والنَّهَارِ إذَا جَلاَّهَا)
(6) وفي سورة الضحى يقول الله تعالى( وَالضُّحَى . واللَّيْلِ إذَا سَجَى . مَا ودَّعَكَ رَبُّكَ ومَا قَلَى)
(7) وغير ذلك كثير مما أقسم الله به في كتابة الكريم ولأن الله سبحانه وتعالى عظيم فهو لا يقسم إلا بشئ عظيم مما يدعو المسلم إلى التفكر والتدبر وإمعان النظر فيما أقسم به الله ومحاولة استجلاءه والتعرف على مواطن العظمة فيه والتي جعلته ينال هذا الشرف العظيم وهو قسم الله سبحانه.
http://up.ala7ebah.com/img/vYf36699.jpg
ومن هذا المنطلق نود أن نقف وقفة تدبر وتأمل لقول الله تعالى :( فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ . ومَا لا تُبْصِرُونَ)
(8) وتوسيع مدلول هذه الآية وتعميق معانيها في الوجدان والفكر الإنساني على ضوء الاكتشافات العلمية المعاصرة وإظهار الإعجاز العلمي وثبوت هذه الحقائق العلمية التي تنبأ بها القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرناً من الزمان.
http://up.ala7ebah.com/img/vYf36699.jpg
البصر في اللغة العربية:
ورد في معجم لسان العرب، قال ابن الأَثـير، فـي أَسماء الله تعالـى البَصِير، هو الذي يشاهد الأَشياء كلها ظاهرها وخافـيها بغير جارحة، وقـيل: البَصَر حاسة الرؤْية. وقال ابن سيده: البَصَر حِسُّ العَيّنٌ والـجمع أَبْصار
قال سيبويه: بَصُر صار مُبْصِرا، وأَبصره إِذا أَخبر بالذي وقعت عينه علـيه، وأَبْصَرْت الشيءَ: رأَيته. وباصَرَه : نظر معه إِلـى شيء أَيُهما يُبْصِرُه قبل صاحبه. وباصَرَه أَيضاً: أَبْصَرَه.
http://up.ala7ebah.com/img/vYf36699.jpg
ما جاء في تفسير الآيتين الكريمتين:
القسم في القرآن بـ " لا أقسم":
وفي التفاسير إجمالا أن لا أقسم تعني أقسم و هي قسم مؤكدة بأداة النفي لا.
قال القرطبي في الجامع لإحكام القرآن، المعنى أقسم بالأشياء كلّها ما ترون منها وما لاترون.
وورد في تفسيرا لقرآن العظيم لابن كثير؛ يقول تعالى مقسماً لخلقه بما يشاهدونه من آياته في مخلوقاته الدالة على كماله في أسمائه وصفاته، وما غاب عنهم مما لا يشاهدونه من المغيبات عنهم:
و في تفسير الجلالين؛{لا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ}
من المخلوقات،{ وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ}
منها أي بكل مخلوق.
و جاء في تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للسعدي؛ أقسم تعالى، بما يبصر الخلق من جميع الأشياء، وما لا يبصرونه. فدخل في ذلك كل الخلق.
http://up.ala7ebah.com/img/vYf36699.jpg
أقوال الكتاب المعاصرين في هذه الآية:
يقول الدكتور عبد الباسط الجمل في كتابه "عالم الحياة بين القرآن و العلم": إذن يوجد في البيئة ما يعيش معنا، ولا نبصره، ولكن قد نبصره مستقبلاً، ولذا كانت دقة لفظ القرآن ( وما لا تبصرون) ولم يكن القول – ولله المثل الأعلى في قوله ( بما لن تبصرون) وذلك يمثل عطاءً من الله للإنسان ممثلاً في تلك القدرات العقلية التي منحه إياها ليستخدمها في كشف اللثام عن هذه الكائنات.
http://up.ala7ebah.com/img/vYf36699.jpg
و يقول عبد الرزاق نوفل في كتابه "القرآن و العلم الحديث": إن التقدم في العلوم قد أثبت أن الوجود ينقسم إلى عالمين: عالم منظور, وآخر غير منظور. . فالأول هو كل ما يراه الإنسان سواء بعينه المجردة أم بالمجاهر والأجهزة المقربة، فكل ما في السماء وما تحت الأرض وما في قاع المحيطات وما في السحب وكل ما يمكن رؤيته بالعين إنما هو من العالم المنظور، والعالم غير المنظور قد أصبح حقيقة لا تقبل الشك والجدل . . ويقول العلماء أن هذا العالم أوسع وأرحب من العـالم المنظور وأكثر ازدحاماً! !..
و يقول د/عدنان الشريف في كتابه "من علم الفلك القرآني": أقسم المولى في الآية الكريمة بجميع مخلوقاته سواء كانت مرئية بالعين المجردة أو بواسطة المجهر والمرصد، أو غير مرئية كالأشعة المجهولة والملائكة والروح والجان والجنة والنار وكل الغيبيات . ربما كان ذلك ، والله أعلم ، لكي يتوقف الإنسان العاقل مطولاً أمام بديع الصنعة والإعجاز الكامن في كل خلق من مخلوقات الله بدءاً من أصغر جسيم في الذرة وهو "الكوارك" (Quark) وانتهاءً بأكبر المجرات وأبعدها.
و يقول الدكتور حامد أحمد حامد في كتابه "رحلة الإيمان في جسم الإنسان" أن العين تستطيع رؤية الموجات بين 400-700 نانومتر بينما لا تستطيع رؤية الموجات الأقصر مثل الأشعة فوق البنفسجية و الموجات الأطول مثل الأشعة تحت الحمراء.
http://up.ala7ebah.com/img/vYf36699.jpg
كيف نبصر بأعيننا؟
إن كرة العين التي لم يتعدى وزنها 8 جرامات معجزة من الله تعالى ففي طبقة واحدة من طبقات شبكية العين يوجد 500 مليون خلية بصرية Rods and Cons Photoreceptors وإنه عندما تسقط أشعة الصورة على الشبكية تلتقطها خلايا ضوئية متخصصة منها 8 مليون خلية (المخاريط) متخصصة في الضوء الساطع و150 مليون خلية على جوانب الشبكية( العصي) متخصصة في الضوء الخافت.
ويلعب فيتامين ( أ ) دوراً رئيسياً في رؤية الأشياء والألوان لأنه المصدر الرئيسي لمادة الرتينال Retinal وتحدث تغيرات كيميائية في أقل من البليون في الثانية. ويخرج من قاع العين العصب البصري Optic Nerve المؤلف من نصف مليون ليف عصبي الذي ينقل طيف الضوء إلى مركز البصر في الدماغ والذي يحولها إلى صورة مرئية، ويبلغ سرعة إرسال الصورة في العصب البصري ألف مرة في الثانية.(9)
قال تعالى:{وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ}
(10)
ومن حكمة الله أنه أثناء الضوء بالنهار والظلام بالليل تتبادل كل من العصي والمخاريط عملها لتمكن الإنسان من الرؤية في الظروف المختلفة. و لو لم يكن الأمر كذلك لهلكت. كما تتأثر بطريقة شديدة لو تعرضت لظلام أو إضاءة لفترة طويلة، فإذا اشتد الظلام وطال أصيبت العين بغشاوة وعميت لتوقف دورة فيتامين (أ) و الريتينول عن تكوين الرودبسين اللازم للرؤية في غياب الضوء. ومثال على ذلك ما حدث لجاجارين ورواد الفضاء الأولين عندما خرجوا من الأرض فلم يروا السماء إلى ظلاماً دامساً، مغطاة بالسديم المعتم ، والنجوم تتلألأ وراءه وصدق الله تعالى إذ يقول في محكم آياته :
( لَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ. لَقَالُوا إنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ)(11)
http://up.ala7ebah.com/img/vYf36699.jpg
الموجات الكهرومغناطيسية و العالمين المرئي و غير المرئي:
عندما قام إسحاق نيوتن (1642/1727) بوضع منشور زجاجي في مسار ضوء الشمس الذي يمر عبر شق طولي في غرفة مظلمة وتم استقبال الأشعة الناتجة على شاشة بيضاء ظهر شريط من الألوان يتراوح من الأزرق الغامق، إلى الأحمر القاتم ولأن ضوء الشمس معروف انه أبيض وزجاج المنشور شفاف لا لون له، فقد استنتج نيوتن أن الألوان كانت عناصر أو أجزاء من الضوء الأبيض وأن المنشور قد قام بتحليل الضوء إلى سبعة ألوان وهي الأحمر، البرتقالي، والأصفر، والأخضر، والأزرق، والنيلي، والبنفسجي.
والضوء هو شكل من أشكال الطاقة وهو جزء من الموجات الكهرومغناطيسية Electromagnetic waves والتي تبدأ من الأشعة الكونية الشديدة القصر ، ويزيد طول موجتها حتى تصل إلى الموجات اللاسلكية الطويلة التي تستخدم في الإذاعة. والعين تستطيع رؤية الموجات التي تتراوح طول موجاتها من حوالي أربعمائة نانومتر( النانومتر يساوي 1/106 مليمتر) للضوء البنفسجي إلى حوالي 700 ناتوميتر للضوء الأحمر spectrum) (Visible ولا تستطيع العين رؤية الموجات الكهرومغناطيسية المتبقية وهي ما فوق أو تحت التردد المذكور و هي الأشعة الكونية ، أشعة جاما، أشعة أكس، الأشعة فوق البنفسجية ، الأشعة تحت الحمراء ، أشعة الرادار ، والموجات الدقيقة الصغرى ، والأشعة الراديوية ، وتطبيقاتها في الحياة كثيرة ، وممكن رؤية تأثيراتها على أفلام حساسة ، مثل الأشعة تحت الحمراء Infrared rays وأشعة جاما Gamma rays وأشعة أكس X-rays .(12) أما عن الاستخدامات النافعة لأشعة اكس و أشعة جاما فحدث و لا حرج. فهما ينتميان للجزء غير المرئي من الموجات الكهرومغناطيسية فنحن لا نراهما بأعيننا و لا توجد وسيلة حتى وقتنا الحالي لرؤيتهما. لكننا قدعلمنا بوجودهما من واقع تأثيراتهما (على أفلام التصوير الحساسة مثلا) و من واقع الحسابات العلمية التي تؤكد ضرورة وجودهما. و من العجيب أن هذه الأشعة غير المرئية التي لا نبصرها تستخدم على نطاق واسع لإعطاء صورة مرئية نبصرها لما بداخل الجسم البشري من أعضاء لا نبصرها فسبحانالقائل:فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ، ومَا لا تُبْصِرُونَ((الحاقة 38 ، 39 ).http://up.ala7ebah.com/img/vYf36699.jpg
و تستخدم أشعة جاما و شعاع الإلكترونات أيضا في تدمير الأورام السرطانية داخل الجسم. كما تستخدم أشعة جاما غير المرئية في تعقيم الأدوات الطبية عن طريق قتل البكتريا و الجرثومات غير المرئية و مثل ذلك حفظ الأغذية عن طريق تعقيمها بأشعة جاما و هي الوسيلة التي تعد الأكثر أمانا في هذا المجال حسبما أثبتت الدراسات العلمية المتخصصة. بل أن البترول الذي يستخرج من أعماق سحيقة لا تبصرها العيون تجلى خصائصه قبل استخراجه باستخدام أشعة جاما. حتى الثقوب الدقيقة في اللحام الصناعي التي لا تراها العيون نتعرف عليها عن طريق التصوير بأشعة جاما أيضا. و في المطارات تستخدم أشعة اكس في الكشف عن ما خفي من المخدرات و الأسلحة و محتويات الحقائب المختلفة.
http://up.ala7ebah.com/img/vYf36699.jpg
التقنيات الحديثة و توسيع دائرة الإبصار:
وقد ساهمت الاكتشافات والتقنيات الحديثة المعتمدة على الموجات الكهرومغناطيسية في توسيع دائرة الإبصار فأبصرنا ما لم نكن نبصره، فكم من الكائنات الدقيقة كانت مغيبة عنا حتى وقت قريب حينما تم اكتشاف المجهر الضوئي في القرن السابع عشر من الميلاد وأبصر الإنسان ما لم يكن يبصره من عجائب خلق الله من خلايا البكتريا والطحالب والفطريات وأصبح يرى كيف تتغذى وتتكاثر وكيف تغزو الميكروبات أجسامنا وكيف تتصدى لها كريات الدم البيضاء والتي تمثل عنصرا رئيسيا في جهاز المناعة وأثبت الإنسان بالميكروسكوب أن النطفة والبويضة ضروريان كلاهما للحمل وهذا بعد قرون عديدة مما ذكر في القرآن الكريم ورأى الإنسان في جسده كيف تتكون الأعضاء من أنسجة وكيف تتكون الأنسجة من خلايا وجاء المجهر الإلكتروني Electronic Microscope فإذا به يأخذ البصر إلى أفاق جديدة تماماً ويرى العلماء مكونات الخلية والحمض النووي DNA والجينات الوراثية والذي أعطى عمقاً في فهم علم الوراثة وتطبيقاته في علم الهندسة الوراثية.
قال تعالى:" وفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ . وفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ"
(13).
http://up.ala7ebah.com/img/vYf36699.jpg
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
د. وائل الشيمي و د. محمد الديب
http://up.ala7ebah.com/img/vYf36699.jpg
إن الله عز وجل قد أقسم في كتابه الكريم بالعديد من الأشياء العظيمة والأمور الجليلة فقال عز وجل في سورة القيامة( لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ القِيَامَةِ .ولا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ)
(1) وفي سورة الواقعة( فَلا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ)
(2) وفي سورة الانشقاق( فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ)
(3) وفي سورة التكاثر( فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ . الجَوَارِ الكُنَّسِ)
(4) وفي سورة الطارق يقول الله عز وجل :(وَالسَّمَاءِ والطَّارِق(ِ
(5).. ويقــول الله عــز وجــل فـي ســورة الشمــس( وَالشَّمْسِ وضُحَاهَا . والْقَمَرِ إذَا تَلاهَا. والنَّهَارِ إذَا جَلاَّهَا)
(6) وفي سورة الضحى يقول الله تعالى( وَالضُّحَى . واللَّيْلِ إذَا سَجَى . مَا ودَّعَكَ رَبُّكَ ومَا قَلَى)
(7) وغير ذلك كثير مما أقسم الله به في كتابة الكريم ولأن الله سبحانه وتعالى عظيم فهو لا يقسم إلا بشئ عظيم مما يدعو المسلم إلى التفكر والتدبر وإمعان النظر فيما أقسم به الله ومحاولة استجلاءه والتعرف على مواطن العظمة فيه والتي جعلته ينال هذا الشرف العظيم وهو قسم الله سبحانه.
http://up.ala7ebah.com/img/vYf36699.jpg
ومن هذا المنطلق نود أن نقف وقفة تدبر وتأمل لقول الله تعالى :( فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ . ومَا لا تُبْصِرُونَ)
(8) وتوسيع مدلول هذه الآية وتعميق معانيها في الوجدان والفكر الإنساني على ضوء الاكتشافات العلمية المعاصرة وإظهار الإعجاز العلمي وثبوت هذه الحقائق العلمية التي تنبأ بها القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرناً من الزمان.
http://up.ala7ebah.com/img/vYf36699.jpg
البصر في اللغة العربية:
ورد في معجم لسان العرب، قال ابن الأَثـير، فـي أَسماء الله تعالـى البَصِير، هو الذي يشاهد الأَشياء كلها ظاهرها وخافـيها بغير جارحة، وقـيل: البَصَر حاسة الرؤْية. وقال ابن سيده: البَصَر حِسُّ العَيّنٌ والـجمع أَبْصار
قال سيبويه: بَصُر صار مُبْصِرا، وأَبصره إِذا أَخبر بالذي وقعت عينه علـيه، وأَبْصَرْت الشيءَ: رأَيته. وباصَرَه : نظر معه إِلـى شيء أَيُهما يُبْصِرُه قبل صاحبه. وباصَرَه أَيضاً: أَبْصَرَه.
http://up.ala7ebah.com/img/vYf36699.jpg
ما جاء في تفسير الآيتين الكريمتين:
القسم في القرآن بـ " لا أقسم":
وفي التفاسير إجمالا أن لا أقسم تعني أقسم و هي قسم مؤكدة بأداة النفي لا.
قال القرطبي في الجامع لإحكام القرآن، المعنى أقسم بالأشياء كلّها ما ترون منها وما لاترون.
وورد في تفسيرا لقرآن العظيم لابن كثير؛ يقول تعالى مقسماً لخلقه بما يشاهدونه من آياته في مخلوقاته الدالة على كماله في أسمائه وصفاته، وما غاب عنهم مما لا يشاهدونه من المغيبات عنهم:
و في تفسير الجلالين؛{لا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ}
من المخلوقات،{ وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ}
منها أي بكل مخلوق.
و جاء في تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان للسعدي؛ أقسم تعالى، بما يبصر الخلق من جميع الأشياء، وما لا يبصرونه. فدخل في ذلك كل الخلق.
http://up.ala7ebah.com/img/vYf36699.jpg
أقوال الكتاب المعاصرين في هذه الآية:
يقول الدكتور عبد الباسط الجمل في كتابه "عالم الحياة بين القرآن و العلم": إذن يوجد في البيئة ما يعيش معنا، ولا نبصره، ولكن قد نبصره مستقبلاً، ولذا كانت دقة لفظ القرآن ( وما لا تبصرون) ولم يكن القول – ولله المثل الأعلى في قوله ( بما لن تبصرون) وذلك يمثل عطاءً من الله للإنسان ممثلاً في تلك القدرات العقلية التي منحه إياها ليستخدمها في كشف اللثام عن هذه الكائنات.
http://up.ala7ebah.com/img/vYf36699.jpg
و يقول عبد الرزاق نوفل في كتابه "القرآن و العلم الحديث": إن التقدم في العلوم قد أثبت أن الوجود ينقسم إلى عالمين: عالم منظور, وآخر غير منظور. . فالأول هو كل ما يراه الإنسان سواء بعينه المجردة أم بالمجاهر والأجهزة المقربة، فكل ما في السماء وما تحت الأرض وما في قاع المحيطات وما في السحب وكل ما يمكن رؤيته بالعين إنما هو من العالم المنظور، والعالم غير المنظور قد أصبح حقيقة لا تقبل الشك والجدل . . ويقول العلماء أن هذا العالم أوسع وأرحب من العـالم المنظور وأكثر ازدحاماً! !..
و يقول د/عدنان الشريف في كتابه "من علم الفلك القرآني": أقسم المولى في الآية الكريمة بجميع مخلوقاته سواء كانت مرئية بالعين المجردة أو بواسطة المجهر والمرصد، أو غير مرئية كالأشعة المجهولة والملائكة والروح والجان والجنة والنار وكل الغيبيات . ربما كان ذلك ، والله أعلم ، لكي يتوقف الإنسان العاقل مطولاً أمام بديع الصنعة والإعجاز الكامن في كل خلق من مخلوقات الله بدءاً من أصغر جسيم في الذرة وهو "الكوارك" (Quark) وانتهاءً بأكبر المجرات وأبعدها.
و يقول الدكتور حامد أحمد حامد في كتابه "رحلة الإيمان في جسم الإنسان" أن العين تستطيع رؤية الموجات بين 400-700 نانومتر بينما لا تستطيع رؤية الموجات الأقصر مثل الأشعة فوق البنفسجية و الموجات الأطول مثل الأشعة تحت الحمراء.
http://up.ala7ebah.com/img/vYf36699.jpg
كيف نبصر بأعيننا؟
إن كرة العين التي لم يتعدى وزنها 8 جرامات معجزة من الله تعالى ففي طبقة واحدة من طبقات شبكية العين يوجد 500 مليون خلية بصرية Rods and Cons Photoreceptors وإنه عندما تسقط أشعة الصورة على الشبكية تلتقطها خلايا ضوئية متخصصة منها 8 مليون خلية (المخاريط) متخصصة في الضوء الساطع و150 مليون خلية على جوانب الشبكية( العصي) متخصصة في الضوء الخافت.
ويلعب فيتامين ( أ ) دوراً رئيسياً في رؤية الأشياء والألوان لأنه المصدر الرئيسي لمادة الرتينال Retinal وتحدث تغيرات كيميائية في أقل من البليون في الثانية. ويخرج من قاع العين العصب البصري Optic Nerve المؤلف من نصف مليون ليف عصبي الذي ينقل طيف الضوء إلى مركز البصر في الدماغ والذي يحولها إلى صورة مرئية، ويبلغ سرعة إرسال الصورة في العصب البصري ألف مرة في الثانية.(9)
قال تعالى:{وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ}
(10)
ومن حكمة الله أنه أثناء الضوء بالنهار والظلام بالليل تتبادل كل من العصي والمخاريط عملها لتمكن الإنسان من الرؤية في الظروف المختلفة. و لو لم يكن الأمر كذلك لهلكت. كما تتأثر بطريقة شديدة لو تعرضت لظلام أو إضاءة لفترة طويلة، فإذا اشتد الظلام وطال أصيبت العين بغشاوة وعميت لتوقف دورة فيتامين (أ) و الريتينول عن تكوين الرودبسين اللازم للرؤية في غياب الضوء. ومثال على ذلك ما حدث لجاجارين ورواد الفضاء الأولين عندما خرجوا من الأرض فلم يروا السماء إلى ظلاماً دامساً، مغطاة بالسديم المعتم ، والنجوم تتلألأ وراءه وصدق الله تعالى إذ يقول في محكم آياته :
( لَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ. لَقَالُوا إنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ)(11)
http://up.ala7ebah.com/img/vYf36699.jpg
الموجات الكهرومغناطيسية و العالمين المرئي و غير المرئي:
عندما قام إسحاق نيوتن (1642/1727) بوضع منشور زجاجي في مسار ضوء الشمس الذي يمر عبر شق طولي في غرفة مظلمة وتم استقبال الأشعة الناتجة على شاشة بيضاء ظهر شريط من الألوان يتراوح من الأزرق الغامق، إلى الأحمر القاتم ولأن ضوء الشمس معروف انه أبيض وزجاج المنشور شفاف لا لون له، فقد استنتج نيوتن أن الألوان كانت عناصر أو أجزاء من الضوء الأبيض وأن المنشور قد قام بتحليل الضوء إلى سبعة ألوان وهي الأحمر، البرتقالي، والأصفر، والأخضر، والأزرق، والنيلي، والبنفسجي.
والضوء هو شكل من أشكال الطاقة وهو جزء من الموجات الكهرومغناطيسية Electromagnetic waves والتي تبدأ من الأشعة الكونية الشديدة القصر ، ويزيد طول موجتها حتى تصل إلى الموجات اللاسلكية الطويلة التي تستخدم في الإذاعة. والعين تستطيع رؤية الموجات التي تتراوح طول موجاتها من حوالي أربعمائة نانومتر( النانومتر يساوي 1/106 مليمتر) للضوء البنفسجي إلى حوالي 700 ناتوميتر للضوء الأحمر spectrum) (Visible ولا تستطيع العين رؤية الموجات الكهرومغناطيسية المتبقية وهي ما فوق أو تحت التردد المذكور و هي الأشعة الكونية ، أشعة جاما، أشعة أكس، الأشعة فوق البنفسجية ، الأشعة تحت الحمراء ، أشعة الرادار ، والموجات الدقيقة الصغرى ، والأشعة الراديوية ، وتطبيقاتها في الحياة كثيرة ، وممكن رؤية تأثيراتها على أفلام حساسة ، مثل الأشعة تحت الحمراء Infrared rays وأشعة جاما Gamma rays وأشعة أكس X-rays .(12) أما عن الاستخدامات النافعة لأشعة اكس و أشعة جاما فحدث و لا حرج. فهما ينتميان للجزء غير المرئي من الموجات الكهرومغناطيسية فنحن لا نراهما بأعيننا و لا توجد وسيلة حتى وقتنا الحالي لرؤيتهما. لكننا قدعلمنا بوجودهما من واقع تأثيراتهما (على أفلام التصوير الحساسة مثلا) و من واقع الحسابات العلمية التي تؤكد ضرورة وجودهما. و من العجيب أن هذه الأشعة غير المرئية التي لا نبصرها تستخدم على نطاق واسع لإعطاء صورة مرئية نبصرها لما بداخل الجسم البشري من أعضاء لا نبصرها فسبحانالقائل:فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ، ومَا لا تُبْصِرُونَ((الحاقة 38 ، 39 ).http://up.ala7ebah.com/img/vYf36699.jpg
و تستخدم أشعة جاما و شعاع الإلكترونات أيضا في تدمير الأورام السرطانية داخل الجسم. كما تستخدم أشعة جاما غير المرئية في تعقيم الأدوات الطبية عن طريق قتل البكتريا و الجرثومات غير المرئية و مثل ذلك حفظ الأغذية عن طريق تعقيمها بأشعة جاما و هي الوسيلة التي تعد الأكثر أمانا في هذا المجال حسبما أثبتت الدراسات العلمية المتخصصة. بل أن البترول الذي يستخرج من أعماق سحيقة لا تبصرها العيون تجلى خصائصه قبل استخراجه باستخدام أشعة جاما. حتى الثقوب الدقيقة في اللحام الصناعي التي لا تراها العيون نتعرف عليها عن طريق التصوير بأشعة جاما أيضا. و في المطارات تستخدم أشعة اكس في الكشف عن ما خفي من المخدرات و الأسلحة و محتويات الحقائب المختلفة.
http://up.ala7ebah.com/img/vYf36699.jpg
التقنيات الحديثة و توسيع دائرة الإبصار:
وقد ساهمت الاكتشافات والتقنيات الحديثة المعتمدة على الموجات الكهرومغناطيسية في توسيع دائرة الإبصار فأبصرنا ما لم نكن نبصره، فكم من الكائنات الدقيقة كانت مغيبة عنا حتى وقت قريب حينما تم اكتشاف المجهر الضوئي في القرن السابع عشر من الميلاد وأبصر الإنسان ما لم يكن يبصره من عجائب خلق الله من خلايا البكتريا والطحالب والفطريات وأصبح يرى كيف تتغذى وتتكاثر وكيف تغزو الميكروبات أجسامنا وكيف تتصدى لها كريات الدم البيضاء والتي تمثل عنصرا رئيسيا في جهاز المناعة وأثبت الإنسان بالميكروسكوب أن النطفة والبويضة ضروريان كلاهما للحمل وهذا بعد قرون عديدة مما ذكر في القرآن الكريم ورأى الإنسان في جسده كيف تتكون الأعضاء من أنسجة وكيف تتكون الأنسجة من خلايا وجاء المجهر الإلكتروني Electronic Microscope فإذا به يأخذ البصر إلى أفاق جديدة تماماً ويرى العلماء مكونات الخلية والحمض النووي DNA والجينات الوراثية والذي أعطى عمقاً في فهم علم الوراثة وتطبيقاته في علم الهندسة الوراثية.
قال تعالى:" وفِي الأَرْضِ آيَاتٌ لِّلْمُوقِنِينَ . وفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ"
(13).
http://up.ala7ebah.com/img/vYf36699.jpg