ام حفصه
07 Jan 2013, 11:33 AM
http://up.ala7ebah.com/img/fcr71367.jpg
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الوقاية من الأمراض في نظر الإسلام
إن عناية الإسلام بالصحة لم تكن أقلَّ من عنايته بالعلم؛ ذلك أن الإسلام كما قلنا مرارًا: يبني أحكامه على الواقع، والواقع أنه لا عِلم إلا بالصحة، ولا مال إلا بالصحة، ولا عمل إلا بالصحة، ولا جهاد إلا بالصحة، والصحة رأس مال الإنسان، وأساس خيره وهناءَته، ومن هنا عرَض القرآن الكريم للمرض، وكان له - في تشريعه الذي يعالج به القلوب - أعظم إيحاءٍ وأوضح إشارة إلى اتخاذ وسائل الصحة البدنيَّة والوقاية الصحية. وإذا كانت أصول الطب التي وصل إليها الإنسان بتجاربه، تدور حول حِفظ القوة وعدم مضاعفة المرض، والحِمْيَة من المُؤذيات، واستفراغ المواد الفاسدة من البدن - فإنا نجد في القرآن وفي إرشادات النبي - صلى الله عليه وسلم - إشارات واضحة إلى كثيرٍ من الجزئيات والأمثلة التي تمثِّل هذه الأصول الطبية. وأول ما نجد من ذلك أن الإسلام يُبيح للمسافر أن يفطر في رمضان؛ حتى لا تجتمع مشقَّة السفر مع مجهود الصوم، فتَضعُف القوة، وتُفقَد المناعة، وكذلك يُبيح للمريض أن يُفطر؛ حتى لا يزداد مرضه بالصوم وعدم الغذاء، ويُبيح لمن خاف المرض، وتأخُّرَ البُرءِ باستعمال الماء في الوضوء أو الغسل - أن يتَيَمَّم، وهذا كله من قَبيل الحِمْيَة عما يُؤذي، ومن هذا القبيل تحريم الخمر والخنزير، والإسراف في الأكل والشرب، وما إلى ذلك من كل ما يَضرُّ ويؤذي. وأباح للمُحرم إذا طرأ عليه مرضٌ، أو وجد برأسه أذًى - أن يَحلق رأسه، ويُزيل شَعثه مع تمام إحرامه، فتَزول الأبخرة المُؤذية، وهذا من قبيل استفراغ المواد الفاسدة، وقد جاءت آية كريمة تشير إلى الحِمْية من الأذى، وهي قوله - تعالى -: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ﴾ [البقرة: 222]. http://up.ala7ebah.com/img/gB135935.jpg
قرَّرت الآية أن دمَ الحيض أذًى ضارٌّ، وهكذا قرَّر الأطباء، قالوا: إن وقت الحيض أنسبُ وقتٍ لانتشار العدوى في الجهاز التناسلي، بسبب ما يُحدثه من الالتهابات التي من طبيعتها تقوية الجراثيم المرضية وإكثارها، وأن دم الحيض يُضعف درجة الحموضة التي تُقاوم الجراثيم، وأن الالتهاب الذي يُحدثه الحيض يقتل الحياة في مادة التناسُل؛ إذ لا تجد وقت الحيض مكانًا صالحًا للاستقرار فيه. هذا، وقد كانت الإرشادات النبوية واضحة جليَّة في العلاج والوقاية؛ جاء فيها الأمر بالتداوي، وجاء فيها التحذير من العدوى، وجاء الأمر بعزْل المرضى عن الأصِحَّاء؛ ((إذا سمِعتم بالطاعون بأرضٍ، فلا تدخلوها، وإذا وقَع بأرضٍ وأنتم فيها، فلا تَخرجوا منها)). ويُشير الحديث إلى وقت حضانة المرض المعروف في لسان الأطباء: "وفِرَّ من المجذوم كما تَفِر من الأسد"، وجاء فيها النهي عن قضاء الحاجة من بولٍ أو براز في الماء الذي يستعمله الناس في وضوئهم واغتسالهم، وسائر شؤونهم، وفي طريقهم الذي فيه يمشون، وفي ظلِّهم الذي به يستظِلون، وموارد مياههم التي عليها يجلسون، ومن ذلك شواطئ الترع والقنوات والأنهار؛ ((اتَّقوا الملاعن الثلاثة: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل)).
http://up.ala7ebah.com/img/gB135935.jpg
وأطلَق الرسول عليها الملاعن؛ لأنها تُسبب لعْن الناس لمن يَفعلها، وقد ثبَت طبيًّا أن هذا الصنيع مع قذارته وتقزُّز النفوس منه، يولِّد أمراضًا وبائيَّة، كما يولِّد أمراض الإنكلستوما، والدوسنطاريا، وهذا هو السر في كثرة المصابين بهذين المرضين من أبناء الريف الذي لا يتحرَّز أهله عن هذا الصنيع، وإني أعتقد أنهم إذا عرَفوا أنه مما يغضب الله ويُسخطه عليهم، ويستوجب اللعن والطرد من رحمة الله - لَما فعلوه، ولَما سكتوا عمن يَفعله. وجاء أيضًا في الإرشادات النبوية التحذير من ترْك أواني الطعام والشراب مكشوفة؛ ((أطْفِئوا المصابيح بالليل إذا رقَدتم، وأغلِقوا الأبواب، وأوْكِئوا الأَسْقِية، وخمِّروا الطعام والشراب))؛ أي: غطُّوا الطعام واربطوا قِرَب الماء؛ وذلك حفظًا للطعام والشراب من سقوط الحشرات المُؤذية التي تُولِّد جراثيم المرض، وهذا كله من باب الوقاية والتحفُّظ من الأمراض وأسبابها. وإذا كانت الوقاية - كما يقولون - خيرًا من العلاج، فإن الإسلام ضمَّن العبادات التي أمَر بها - تقرُّبًا إلى الله - كثيرًا من أنواع الوقاية التي تَحفظ الإنسان - إذا داوَم عليها وأدَّاها حقَّها - من التعرُّض للإصابات الجوية بسبب الأتربة والحرارة.
http://up.ala7ebah.com/img/gB135935.jpg
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الوقاية من الأمراض في نظر الإسلام
إن عناية الإسلام بالصحة لم تكن أقلَّ من عنايته بالعلم؛ ذلك أن الإسلام كما قلنا مرارًا: يبني أحكامه على الواقع، والواقع أنه لا عِلم إلا بالصحة، ولا مال إلا بالصحة، ولا عمل إلا بالصحة، ولا جهاد إلا بالصحة، والصحة رأس مال الإنسان، وأساس خيره وهناءَته، ومن هنا عرَض القرآن الكريم للمرض، وكان له - في تشريعه الذي يعالج به القلوب - أعظم إيحاءٍ وأوضح إشارة إلى اتخاذ وسائل الصحة البدنيَّة والوقاية الصحية. وإذا كانت أصول الطب التي وصل إليها الإنسان بتجاربه، تدور حول حِفظ القوة وعدم مضاعفة المرض، والحِمْيَة من المُؤذيات، واستفراغ المواد الفاسدة من البدن - فإنا نجد في القرآن وفي إرشادات النبي - صلى الله عليه وسلم - إشارات واضحة إلى كثيرٍ من الجزئيات والأمثلة التي تمثِّل هذه الأصول الطبية. وأول ما نجد من ذلك أن الإسلام يُبيح للمسافر أن يفطر في رمضان؛ حتى لا تجتمع مشقَّة السفر مع مجهود الصوم، فتَضعُف القوة، وتُفقَد المناعة، وكذلك يُبيح للمريض أن يُفطر؛ حتى لا يزداد مرضه بالصوم وعدم الغذاء، ويُبيح لمن خاف المرض، وتأخُّرَ البُرءِ باستعمال الماء في الوضوء أو الغسل - أن يتَيَمَّم، وهذا كله من قَبيل الحِمْيَة عما يُؤذي، ومن هذا القبيل تحريم الخمر والخنزير، والإسراف في الأكل والشرب، وما إلى ذلك من كل ما يَضرُّ ويؤذي. وأباح للمُحرم إذا طرأ عليه مرضٌ، أو وجد برأسه أذًى - أن يَحلق رأسه، ويُزيل شَعثه مع تمام إحرامه، فتَزول الأبخرة المُؤذية، وهذا من قبيل استفراغ المواد الفاسدة، وقد جاءت آية كريمة تشير إلى الحِمْية من الأذى، وهي قوله - تعالى -: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ ﴾ [البقرة: 222]. http://up.ala7ebah.com/img/gB135935.jpg
قرَّرت الآية أن دمَ الحيض أذًى ضارٌّ، وهكذا قرَّر الأطباء، قالوا: إن وقت الحيض أنسبُ وقتٍ لانتشار العدوى في الجهاز التناسلي، بسبب ما يُحدثه من الالتهابات التي من طبيعتها تقوية الجراثيم المرضية وإكثارها، وأن دم الحيض يُضعف درجة الحموضة التي تُقاوم الجراثيم، وأن الالتهاب الذي يُحدثه الحيض يقتل الحياة في مادة التناسُل؛ إذ لا تجد وقت الحيض مكانًا صالحًا للاستقرار فيه. هذا، وقد كانت الإرشادات النبوية واضحة جليَّة في العلاج والوقاية؛ جاء فيها الأمر بالتداوي، وجاء فيها التحذير من العدوى، وجاء الأمر بعزْل المرضى عن الأصِحَّاء؛ ((إذا سمِعتم بالطاعون بأرضٍ، فلا تدخلوها، وإذا وقَع بأرضٍ وأنتم فيها، فلا تَخرجوا منها)). ويُشير الحديث إلى وقت حضانة المرض المعروف في لسان الأطباء: "وفِرَّ من المجذوم كما تَفِر من الأسد"، وجاء فيها النهي عن قضاء الحاجة من بولٍ أو براز في الماء الذي يستعمله الناس في وضوئهم واغتسالهم، وسائر شؤونهم، وفي طريقهم الذي فيه يمشون، وفي ظلِّهم الذي به يستظِلون، وموارد مياههم التي عليها يجلسون، ومن ذلك شواطئ الترع والقنوات والأنهار؛ ((اتَّقوا الملاعن الثلاثة: البراز في الموارد، وقارعة الطريق، والظل)).
http://up.ala7ebah.com/img/gB135935.jpg
وأطلَق الرسول عليها الملاعن؛ لأنها تُسبب لعْن الناس لمن يَفعلها، وقد ثبَت طبيًّا أن هذا الصنيع مع قذارته وتقزُّز النفوس منه، يولِّد أمراضًا وبائيَّة، كما يولِّد أمراض الإنكلستوما، والدوسنطاريا، وهذا هو السر في كثرة المصابين بهذين المرضين من أبناء الريف الذي لا يتحرَّز أهله عن هذا الصنيع، وإني أعتقد أنهم إذا عرَفوا أنه مما يغضب الله ويُسخطه عليهم، ويستوجب اللعن والطرد من رحمة الله - لَما فعلوه، ولَما سكتوا عمن يَفعله. وجاء أيضًا في الإرشادات النبوية التحذير من ترْك أواني الطعام والشراب مكشوفة؛ ((أطْفِئوا المصابيح بالليل إذا رقَدتم، وأغلِقوا الأبواب، وأوْكِئوا الأَسْقِية، وخمِّروا الطعام والشراب))؛ أي: غطُّوا الطعام واربطوا قِرَب الماء؛ وذلك حفظًا للطعام والشراب من سقوط الحشرات المُؤذية التي تُولِّد جراثيم المرض، وهذا كله من باب الوقاية والتحفُّظ من الأمراض وأسبابها. وإذا كانت الوقاية - كما يقولون - خيرًا من العلاج، فإن الإسلام ضمَّن العبادات التي أمَر بها - تقرُّبًا إلى الله - كثيرًا من أنواع الوقاية التي تَحفظ الإنسان - إذا داوَم عليها وأدَّاها حقَّها - من التعرُّض للإصابات الجوية بسبب الأتربة والحرارة.
http://up.ala7ebah.com/img/gB135935.jpg