ام حفصه
25 Jan 2013, 11:53 AM
http://www.islamweb.net/PicStore/Random/1357797650_183667.jpg
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لم يكن أبو عبدالله يختلف كثيراً عن بقية أصدقائي.. لكنه – والله يشهد – من أحرصهم على الخير.. له عدة نشاطات دعوية، من أبرزها ما يقوم به أثناء عمله.. فهو يعمل مترجما في معهد الصم البكم..
اتصل بي يوما وقال: ما رأيك أن أحضر إلى مسجدك اثنين من منسوبي معهد الصم لإلقاء كلمة على المصلين؟!
تعجبت!! وقلت: صم يلقون كلمة على ناطقين؟
قال: نعم.. وليكن مجيئنا يوم الأحد.
انتظرت يوم الأحد بفارغ الصبر.. وجاء الموعد..
وقفت عند باب المسجد أنتظر.. فإذا بأبي عبد الله يقبل بسيارته..
وقف قريباً من الباب.. نزل ومعه رجلان.. أحدهما كان يمشي بجانبه.. والثاني قد أمسكه أبو عبد الله يقوده بيده.
نظرت إلى الأول فإذا هو أصم أبكم.. لا يسمع ولا يتكلم.. لكنه يرى.. والثاني أصم.. أبكم.. أعمى.. لا يسمع ولا يتكلم ولا يرى..
مددت يدي وصافحت أبا عبد الله..
كان الذي عن يمينه – وعلمت بعدها أن اسمه أحمد - ينظر إليّ مبتسماً.. فمددت يدي إليه مصافحاً..
فقال لي أبو عبد الله - وأشار إلى الأعمى: سلم أيضاً على فايز..
قلت: السلام عليكم.. فايز..
فقال أبو عبد الله: أمسك يده.. هو لا يسمعك ولا يراك..
جعلت يدي في يده.. فشدني وهز يدي..
دخل الجميع المسجد.. وبعد الصلاة جلس أبو عبد الله على الكرسي وعن يمينه أحمد.. وعن يساره فايز..
كان الناس ينظرون مندهشين.. لم يتعودوا أن يجلس على كرسي المحاضرات أصم..
التفت أبو عبد الله إلى أحمد وأشار إليه.. فبدأ أحمد يشير بيديه.. والناس ينظرون.. لم يفهموا شيئاً..
فأشرت إلى أبي عبد الله.. فاقترب إلى مكبر الصوت وقال: أحمد يحكي لكم قصة هدايته.. ويقول لكم: ولدت أصم، ونشأت في جدة، وكان أهلي يهملونني ولا يلتفتون إليّ.. كنت أرى الناس يذهبون إلى المسجد ولا أدري لماذا! أرى أبي أحياناً يفرش سجادته ويركع ويسجد، ولا أدري ماذا يفعل.. وإذا سألت أهلي عن شيء، احتقروني ولم يجيبوني..
ثم سكت أبو عبد الله والتفت إلى أحمد وأشار له..
فواصل أحمد حديثه.. وأخذ يشير بيديه.. ثم تغير وجهه.. وكأنه تأثر.. خفض أبو عبد الله رأسه.. ثم بكى أحمد.. وأجهش بالبكاء..
تأثر كثير من الناس.. لا يدرون لماذا يبكي.. واصل حديثه وإشاراته بتأثر.. ثم توقف.
فقال أبو عبد الله: أحمد يحكي لكم الآن فترة التحول في حياته، وكيف أنه عرف الله والصلاة بسبب شخص في الشارع عطف عليه وعلمه.. وكيف أنه لما بدأ يصلي شعر بقدر قربه من الله.. وتخيل الأجر العظيم لبلائه.. وكيف أنه ذاق حلاوة الإيمان..
ومضى أبو عبد الله يحكي لنا بقية قصة أحمد..
كان أكثر الناس مشدوداً متأثراً.. لكنني كنت منشغلاً.. أنظر إلى أحمد تارة.. وإلى فايز تارة أخرى.. وأقول في نفسي.. هاهو أحمد يرى ويعرف لغة الإشارة.. وأبو عبد الله يتفاهم معه بالإشارة.. ترى كيف سيتفاهم مع فايز وهو لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم؟!!
انتهى أحمد من كلمته.. ومضى يمسح بقايا دموعه..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لم يكن أبو عبدالله يختلف كثيراً عن بقية أصدقائي.. لكنه – والله يشهد – من أحرصهم على الخير.. له عدة نشاطات دعوية، من أبرزها ما يقوم به أثناء عمله.. فهو يعمل مترجما في معهد الصم البكم..
اتصل بي يوما وقال: ما رأيك أن أحضر إلى مسجدك اثنين من منسوبي معهد الصم لإلقاء كلمة على المصلين؟!
تعجبت!! وقلت: صم يلقون كلمة على ناطقين؟
قال: نعم.. وليكن مجيئنا يوم الأحد.
انتظرت يوم الأحد بفارغ الصبر.. وجاء الموعد..
وقفت عند باب المسجد أنتظر.. فإذا بأبي عبد الله يقبل بسيارته..
وقف قريباً من الباب.. نزل ومعه رجلان.. أحدهما كان يمشي بجانبه.. والثاني قد أمسكه أبو عبد الله يقوده بيده.
نظرت إلى الأول فإذا هو أصم أبكم.. لا يسمع ولا يتكلم.. لكنه يرى.. والثاني أصم.. أبكم.. أعمى.. لا يسمع ولا يتكلم ولا يرى..
مددت يدي وصافحت أبا عبد الله..
كان الذي عن يمينه – وعلمت بعدها أن اسمه أحمد - ينظر إليّ مبتسماً.. فمددت يدي إليه مصافحاً..
فقال لي أبو عبد الله - وأشار إلى الأعمى: سلم أيضاً على فايز..
قلت: السلام عليكم.. فايز..
فقال أبو عبد الله: أمسك يده.. هو لا يسمعك ولا يراك..
جعلت يدي في يده.. فشدني وهز يدي..
دخل الجميع المسجد.. وبعد الصلاة جلس أبو عبد الله على الكرسي وعن يمينه أحمد.. وعن يساره فايز..
كان الناس ينظرون مندهشين.. لم يتعودوا أن يجلس على كرسي المحاضرات أصم..
التفت أبو عبد الله إلى أحمد وأشار إليه.. فبدأ أحمد يشير بيديه.. والناس ينظرون.. لم يفهموا شيئاً..
فأشرت إلى أبي عبد الله.. فاقترب إلى مكبر الصوت وقال: أحمد يحكي لكم قصة هدايته.. ويقول لكم: ولدت أصم، ونشأت في جدة، وكان أهلي يهملونني ولا يلتفتون إليّ.. كنت أرى الناس يذهبون إلى المسجد ولا أدري لماذا! أرى أبي أحياناً يفرش سجادته ويركع ويسجد، ولا أدري ماذا يفعل.. وإذا سألت أهلي عن شيء، احتقروني ولم يجيبوني..
ثم سكت أبو عبد الله والتفت إلى أحمد وأشار له..
فواصل أحمد حديثه.. وأخذ يشير بيديه.. ثم تغير وجهه.. وكأنه تأثر.. خفض أبو عبد الله رأسه.. ثم بكى أحمد.. وأجهش بالبكاء..
تأثر كثير من الناس.. لا يدرون لماذا يبكي.. واصل حديثه وإشاراته بتأثر.. ثم توقف.
فقال أبو عبد الله: أحمد يحكي لكم الآن فترة التحول في حياته، وكيف أنه عرف الله والصلاة بسبب شخص في الشارع عطف عليه وعلمه.. وكيف أنه لما بدأ يصلي شعر بقدر قربه من الله.. وتخيل الأجر العظيم لبلائه.. وكيف أنه ذاق حلاوة الإيمان..
ومضى أبو عبد الله يحكي لنا بقية قصة أحمد..
كان أكثر الناس مشدوداً متأثراً.. لكنني كنت منشغلاً.. أنظر إلى أحمد تارة.. وإلى فايز تارة أخرى.. وأقول في نفسي.. هاهو أحمد يرى ويعرف لغة الإشارة.. وأبو عبد الله يتفاهم معه بالإشارة.. ترى كيف سيتفاهم مع فايز وهو لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم؟!!
انتهى أحمد من كلمته.. ومضى يمسح بقايا دموعه..