ام حفصه
26 Jan 2013, 01:49 PM
http://i1.makcdn.com/images/forums/majdah/uploaded2/18074_1155235331.jpg
بسم الله الرحمن الرحيم
الأدب في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم غير مرتبط بزمان ولا مكان، بل إنه يزداد بمرور الزمان وازدياد الشوق له صلى الله عليه وسلم
- في سورة الحجرات خمس قواعد ذهبية تضمنت الأدب مع الله ورسوله، والأدب مع المؤمنين، وقد فصّلتها السورة، وكمّلها التعليم النبوي
يقول عز وجل: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد:24]، ويقول عز من قائل: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ الله لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافاً كَثِيراً} [النساء:82]. والتدبر هو التفكر في كتاب الله لاستنباط ما ينفعك في دنياك وآخرتك. ولعل أجلّ وأعظم تدبر في آي القرآن هو الذي يدلك على أمر الله تعالى في التأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتأدب مع الخلق أجمعين. ولعلنا من خلال هذا التدبر نلاحظ أن هناك سوراً أكثر قوة وإفصاحاً في تبيان هذا المعنى. من هذه السور سورة الحجرات، ورغم قلة عدد آياتها، إلا أنه يمكن اعتبارها ميثاق شرف للمؤمنين في علاقتهم مع بعضهم بعضاً، وتحوي الكثير من الخيرات؛ فبين يدي السورة الكريمة خطاب عام بدأه الله عز وجل بدعوته للمؤمنين يعلمهم الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في خمس آيات، حَوَتْ خمس قواعد ذهبية، ضمّت بين ثناياها آداب المؤمن مع الله ورسوله، وهي القاعدة والأساس، وعن هذه القاعدة تتفرع الآداب بين المؤمنين وقد فصَّلتها السورة تفصيلاً، وكمّلها التعليم النبوي والتربية النبوية.
أدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتحت به السورة بقول الله عز و جل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا} [الحجرات:1] نداء من الله عز وجل للمؤمنين خاصة، لا للناس ولا لأهل الكتاب ولا لغيرهم، إنما هو نداء لأقرب الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهم صحبه الكرام رضوان الله عليهم نداء بألا يقدموا بين يدي الله ورسوله أمراً قبل أن يحدثه الله أو يظهره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قرن الله عز وجل الأدب معه بالأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الأدب مع جنابه الشريف صلى الله عليه وسلم أدب مع الله عز وجل.
فلا قول لهم ولا فعل ولا حركة في حضرته صلى الله عليه وسلم، فقد كان هذا دأبهم رضوان الله عليهم ، ولكن الله يُذكِّر، ويحث المؤمنين على طلب الكمال في الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد كانوا في مجلسه وكأن على رؤوسهم الطير، وإذا عرضت مسألة لا يسبقونه بالجواب، وإذا حضر الطعام لا يأكلون حتى يبدأ، بل لا يبتدرون الجواب أمامه صلى الله عليه وسلم ولو في الأمور التي تبدو بديهية؛ فكما جاء في حديث أبي بكرة نفيع بن الحارث أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل في حجة الوداع: “أيّ شهر هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسمِّيه بغير اسمه، فقال: أليس ذا الحجة؟ قلنا: بلى، قال: أيّ بلد هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسمِّيه بغير اسمه، فقال: أليس البلدة الحرام؟ قلنا: بلى. قال: فأيّ يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسمِّيه بغير اسمه، فقال: أليس يوم النحر؟ قلنا: بلى…..”. (متفق عليه).
القاعدة الثانية من القواعد النفيسة التي جاءت بها السورة الكريمة في التأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم التأدب في الحديث والخطاب؛ فهنا تنبيه من الله عز وجل للمؤمنين أنهم ليسوا في حضرة رجل كباقي خلق الله عز وجل مهما علا شأنه ومقامه بين قومه، وإنما هم أمام سيد الخلق وسيد ولد آدم كلهم كبيرهم وصغيرهم، ضعيفهم وقويهم، عابدهم وذاكرهم، مؤمنهم ومحسنهم. فهو سيدهم وحامل لوائهم يوم القيامة صلى الله عليه وسلم، وحرمته عند الله لا تقاس ولا تُحدّ ولا يعلمها إلا الله.
وفي فاتحة سورة الحجرات توجيه من الله للمؤمنين بالأدب الجمّ خلال الحديث في حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يرفعوا أصواتهم بالنداء في حضرته، أو يخاطبوه باسمه المجرد دون أحب الأسماء إليه، التي يُنسب فيها إلى ربه؛ كنبي الله، ورسول الله. وقد تحدث المفسرون عن أن هذه الآية نزلت في أقرب الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الخيرين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. لنعلم أن هذا السلوك يمكن أن يقع فيه أكثر الناس ورعاً وتقوى ولكن الله يوجّه ويذكِّر، والمؤمنون يستجيبون. وهذا دأبهم ، حين يسمعون توجيهاً من هذا القبيل، فيقولوا: سمعنا وأطعنا؛ فعن ابن الزبيررضي الله عنه قال: فما كان عمر رضي الله عنه يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية حتى يستفهمه… وروي عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال: لما نزلت هذه الآية قلت: يا رسول الله لا أكلمك إلا كأخي السرار (يعني كالهمس). (مجمع الزوائد للهيثمي، ورجاله رجال الصحيح).
بسم الله الرحمن الرحيم
الأدب في حضرة النبي صلى الله عليه وسلم غير مرتبط بزمان ولا مكان، بل إنه يزداد بمرور الزمان وازدياد الشوق له صلى الله عليه وسلم
- في سورة الحجرات خمس قواعد ذهبية تضمنت الأدب مع الله ورسوله، والأدب مع المؤمنين، وقد فصّلتها السورة، وكمّلها التعليم النبوي
يقول عز وجل: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد:24]، ويقول عز من قائل: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ الله لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافاً كَثِيراً} [النساء:82]. والتدبر هو التفكر في كتاب الله لاستنباط ما ينفعك في دنياك وآخرتك. ولعل أجلّ وأعظم تدبر في آي القرآن هو الذي يدلك على أمر الله تعالى في التأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتأدب مع الخلق أجمعين. ولعلنا من خلال هذا التدبر نلاحظ أن هناك سوراً أكثر قوة وإفصاحاً في تبيان هذا المعنى. من هذه السور سورة الحجرات، ورغم قلة عدد آياتها، إلا أنه يمكن اعتبارها ميثاق شرف للمؤمنين في علاقتهم مع بعضهم بعضاً، وتحوي الكثير من الخيرات؛ فبين يدي السورة الكريمة خطاب عام بدأه الله عز وجل بدعوته للمؤمنين يعلمهم الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في خمس آيات، حَوَتْ خمس قواعد ذهبية، ضمّت بين ثناياها آداب المؤمن مع الله ورسوله، وهي القاعدة والأساس، وعن هذه القاعدة تتفرع الآداب بين المؤمنين وقد فصَّلتها السورة تفصيلاً، وكمّلها التعليم النبوي والتربية النبوية.
أدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم افتتحت به السورة بقول الله عز و جل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا} [الحجرات:1] نداء من الله عز وجل للمؤمنين خاصة، لا للناس ولا لأهل الكتاب ولا لغيرهم، إنما هو نداء لأقرب الناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهم صحبه الكرام رضوان الله عليهم نداء بألا يقدموا بين يدي الله ورسوله أمراً قبل أن يحدثه الله أو يظهره رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد قرن الله عز وجل الأدب معه بالأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأن الأدب مع جنابه الشريف صلى الله عليه وسلم أدب مع الله عز وجل.
فلا قول لهم ولا فعل ولا حركة في حضرته صلى الله عليه وسلم، فقد كان هذا دأبهم رضوان الله عليهم ، ولكن الله يُذكِّر، ويحث المؤمنين على طلب الكمال في الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد كانوا في مجلسه وكأن على رؤوسهم الطير، وإذا عرضت مسألة لا يسبقونه بالجواب، وإذا حضر الطعام لا يأكلون حتى يبدأ، بل لا يبتدرون الجواب أمامه صلى الله عليه وسلم ولو في الأمور التي تبدو بديهية؛ فكما جاء في حديث أبي بكرة نفيع بن الحارث أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل في حجة الوداع: “أيّ شهر هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسمِّيه بغير اسمه، فقال: أليس ذا الحجة؟ قلنا: بلى، قال: أيّ بلد هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسمِّيه بغير اسمه، فقال: أليس البلدة الحرام؟ قلنا: بلى. قال: فأيّ يوم هذا؟ قلنا: الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسمِّيه بغير اسمه، فقال: أليس يوم النحر؟ قلنا: بلى…..”. (متفق عليه).
القاعدة الثانية من القواعد النفيسة التي جاءت بها السورة الكريمة في التأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم التأدب في الحديث والخطاب؛ فهنا تنبيه من الله عز وجل للمؤمنين أنهم ليسوا في حضرة رجل كباقي خلق الله عز وجل مهما علا شأنه ومقامه بين قومه، وإنما هم أمام سيد الخلق وسيد ولد آدم كلهم كبيرهم وصغيرهم، ضعيفهم وقويهم، عابدهم وذاكرهم، مؤمنهم ومحسنهم. فهو سيدهم وحامل لوائهم يوم القيامة صلى الله عليه وسلم، وحرمته عند الله لا تقاس ولا تُحدّ ولا يعلمها إلا الله.
وفي فاتحة سورة الحجرات توجيه من الله للمؤمنين بالأدب الجمّ خلال الحديث في حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يرفعوا أصواتهم بالنداء في حضرته، أو يخاطبوه باسمه المجرد دون أحب الأسماء إليه، التي يُنسب فيها إلى ربه؛ كنبي الله، ورسول الله. وقد تحدث المفسرون عن أن هذه الآية نزلت في أقرب الصحابة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الخيرين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما. لنعلم أن هذا السلوك يمكن أن يقع فيه أكثر الناس ورعاً وتقوى ولكن الله يوجّه ويذكِّر، والمؤمنون يستجيبون. وهذا دأبهم ، حين يسمعون توجيهاً من هذا القبيل، فيقولوا: سمعنا وأطعنا؛ فعن ابن الزبيررضي الله عنه قال: فما كان عمر رضي الله عنه يسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية حتى يستفهمه… وروي عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال: لما نزلت هذه الآية قلت: يا رسول الله لا أكلمك إلا كأخي السرار (يعني كالهمس). (مجمع الزوائد للهيثمي، ورجاله رجال الصحيح).