ام حفصه
26 Jan 2013, 03:45 PM
http://up.ala7ebah.com/img/9bg71777.jpg
الشيخ محمد حسين يعقوب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله صحبه أجمعين، أما بعد
فكلنا نشأ في بيئة جاهلية.. نعلم هذا ولا يستطيع أحد أن ينكره- خصوصا هذا الجيـل- ووسط أبوين يريان أن الدين خطر، وأن التدين مشكلة، والواجب البعد عن التدين الظاهر قدر الإمكان، على هذا ربي الشباب، من خلال مناهج الدراسة، ومن خلال أفكار المجتمع، وآماله وأحلامه وتصوراته..
إن الرجل منا يخرج ثمرة للمجتمع الذي عاش فيه، فهو مثل الشجرة؛ إن نبتت في تربة سيئة، كانت خاملة ضعيفة معرضة للآفات، وإن نبتت في تربة صالحة، ضربت بجذورها في الأرض وبفروعها في السماء، وآتت أكلها كل حين بإذن ربها.
وليس النبت ينبت في جنان كمثل النبت ينبت في الفلاة
فشأن المربي شأن المزارع الذي يقلع الشوك، ويخرج النباتات الدخيلة من بين الزرع، ليحسن نباته ويكمل ريعه.
فإن تيسر للإنسان مؤدِّب أو مرب حاذق، يتعهده بتطهير آفاته التي تلحق به من بيئته ومجتمعه، واختلاطه بالخلق من حوله، وما سرقته طباعه من آفات المتعاملين معه، وما خبثت به نفسه الأمارة بالسوء مما يوافق هواها، يقوم هذا المربي باقتلاع تلك الآفات أولاً بأول- فإن الآفات السيئة تتفشى وتنتشر وتتكاثر-, ثم يزرع مكانها الصالحات, ويملأ نفسه- التي تميل للذات والشهوات- بالخيرات والمشاغل الأخروية التي تزكي نفسه وتطهرها وتسمو بها..
إن وجد الإنسان هذا المربي الصالح؛ كانت سعادة الدنيا والآخرة.
أما إن فقد ولم يوجد هذا المربي المتابع الناصح الأمين القوي الرشيد.. فإن التخبط يلازم الإنسان ويحيط به، فيخبطه ويضيع هويته, ويصبح نموذجا سيئا للتضارب الأخلاقي في باطنه مع ظاهره.
فأصل فطرته يشده ويدعوه إلى الخير ويحثه عليه, ونفسه الأمارة -يساندها هواه وما اكتسبه من فساد بيئته وتنشئته- تجره للباطل جرا..
ففيه لمسات خير وومضات بر؛ ولكن الغالب من حاله الظاهر باطل يغلب على تصرفاته, وضياع وتيه في هموم وشهوات..
حتى يقيض الله له سبيل هداية؛ فيجد من يأخذ بيده, فيعود الرصيد الفطري للهداية إلى الارتفاع..
ثم إن وجد رجلاً من أهل السنة فقيها بالنفوس, عليماً بالآفات, طبيباً للقلوب؛ كانت نجاته بتخليصه من آفات الجاهلية ورواسبها التي لحقت به؛ فتعود نفسه للطهارة, وقلبه للصفاء, وينطلق في طريق السعادة الحقيقية بانشراح الصدر وطمأنينة القلب0
أما من تربى في طفولته !
أما إن تربى منذ طفولته على الخير ونما عليه, وتشبع منه، فلم يصبه من لوثات الجاهلية شيء؛ كان في غنى عما ذكرنا.
ولذلك توعدنا الله جل وعلا في شأن تربية الأولاد, قال ابن عباس: أي أدبوهم وعلموهم.
وقال مقاتل: أن يؤدب المسلم نفسه وأهله , فيأمرهم بالخير وينهاهم عن الشر.
ووقاية العبد نفسه وأهله النار لا تتحصل إلا بترك المعاصي وفعل الطاعات, وأن يحفظ الله في أهله، فيؤاخذهم بما يؤاخذ به نفسه.
وقد بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطورة شأن التربية, وأنها المؤثر الأقوى في تكوين شخصية الأبناء، فقال في الحديث الذي رواه عنه أبو هريرة رضي الله عنه: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة, فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه, كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء, هل تحسون فيها من جدعاء"
نعم إخوتاه..
وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه
وما دان الفتى بحجى ولكن يعوده التدين أقربوه
إن تربية الأبناء- أيها الإخوة -من أجل وأعظم الواجبات.
وللأسف ! قَلَّ اليوم اهتمام المسلمين بها؛ فصار الأب يفهم أن دوره ومسؤوليته ينحصران في الإنفاق, والسعي على الرزق, فمن ذا الذي يهتم اليوم - إلا من رحم ربك- بتربية ابنه تربية دينية صحيحة، ويصبر على ذلك؟!
هذه واجبات وحقوق تُسأل عنها أيها الوالد يوم القيامة؛ أنك تركت ولدك في التيه يضله المضلون, ثم تسألون لماذا ينحرفون؟
قال صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته, الإمام راع ومسؤول عن رعيته, والرجل راع في أهله , ومسؤول عن رعيته , والمرأة راعية في بيت زوجها, ومسؤولة عن رعيتها , والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته, ويؤكد ابن القيم رضي الله عنه على هذه المسؤولية، فيقول:
"فمَن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى؛ فقد أساء غاية الإساءة, وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم, وترك تعليمهم فرائض الدين وسنته, فأضاعوهم صغاراً, فلم ينتفعوا بأنفسهم, ولم ينفعوا آباءهم كباراً، كما عاتب بعضهم ولده على العقوق, فأجابه:
(يا أبت إنك عققتني صغيراً، فعققتك كبيراً.. وأضعتني وليداً, فأضعتك شيخاً)
الشيخ محمد حسين يعقوب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله صحبه أجمعين، أما بعد
فكلنا نشأ في بيئة جاهلية.. نعلم هذا ولا يستطيع أحد أن ينكره- خصوصا هذا الجيـل- ووسط أبوين يريان أن الدين خطر، وأن التدين مشكلة، والواجب البعد عن التدين الظاهر قدر الإمكان، على هذا ربي الشباب، من خلال مناهج الدراسة، ومن خلال أفكار المجتمع، وآماله وأحلامه وتصوراته..
إن الرجل منا يخرج ثمرة للمجتمع الذي عاش فيه، فهو مثل الشجرة؛ إن نبتت في تربة سيئة، كانت خاملة ضعيفة معرضة للآفات، وإن نبتت في تربة صالحة، ضربت بجذورها في الأرض وبفروعها في السماء، وآتت أكلها كل حين بإذن ربها.
وليس النبت ينبت في جنان كمثل النبت ينبت في الفلاة
فشأن المربي شأن المزارع الذي يقلع الشوك، ويخرج النباتات الدخيلة من بين الزرع، ليحسن نباته ويكمل ريعه.
فإن تيسر للإنسان مؤدِّب أو مرب حاذق، يتعهده بتطهير آفاته التي تلحق به من بيئته ومجتمعه، واختلاطه بالخلق من حوله، وما سرقته طباعه من آفات المتعاملين معه، وما خبثت به نفسه الأمارة بالسوء مما يوافق هواها، يقوم هذا المربي باقتلاع تلك الآفات أولاً بأول- فإن الآفات السيئة تتفشى وتنتشر وتتكاثر-, ثم يزرع مكانها الصالحات, ويملأ نفسه- التي تميل للذات والشهوات- بالخيرات والمشاغل الأخروية التي تزكي نفسه وتطهرها وتسمو بها..
إن وجد الإنسان هذا المربي الصالح؛ كانت سعادة الدنيا والآخرة.
أما إن فقد ولم يوجد هذا المربي المتابع الناصح الأمين القوي الرشيد.. فإن التخبط يلازم الإنسان ويحيط به، فيخبطه ويضيع هويته, ويصبح نموذجا سيئا للتضارب الأخلاقي في باطنه مع ظاهره.
فأصل فطرته يشده ويدعوه إلى الخير ويحثه عليه, ونفسه الأمارة -يساندها هواه وما اكتسبه من فساد بيئته وتنشئته- تجره للباطل جرا..
ففيه لمسات خير وومضات بر؛ ولكن الغالب من حاله الظاهر باطل يغلب على تصرفاته, وضياع وتيه في هموم وشهوات..
حتى يقيض الله له سبيل هداية؛ فيجد من يأخذ بيده, فيعود الرصيد الفطري للهداية إلى الارتفاع..
ثم إن وجد رجلاً من أهل السنة فقيها بالنفوس, عليماً بالآفات, طبيباً للقلوب؛ كانت نجاته بتخليصه من آفات الجاهلية ورواسبها التي لحقت به؛ فتعود نفسه للطهارة, وقلبه للصفاء, وينطلق في طريق السعادة الحقيقية بانشراح الصدر وطمأنينة القلب0
أما من تربى في طفولته !
أما إن تربى منذ طفولته على الخير ونما عليه, وتشبع منه، فلم يصبه من لوثات الجاهلية شيء؛ كان في غنى عما ذكرنا.
ولذلك توعدنا الله جل وعلا في شأن تربية الأولاد, قال ابن عباس: أي أدبوهم وعلموهم.
وقال مقاتل: أن يؤدب المسلم نفسه وأهله , فيأمرهم بالخير وينهاهم عن الشر.
ووقاية العبد نفسه وأهله النار لا تتحصل إلا بترك المعاصي وفعل الطاعات, وأن يحفظ الله في أهله، فيؤاخذهم بما يؤاخذ به نفسه.
وقد بين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطورة شأن التربية, وأنها المؤثر الأقوى في تكوين شخصية الأبناء، فقال في الحديث الذي رواه عنه أبو هريرة رضي الله عنه: "ما من مولود إلا يولد على الفطرة, فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه, كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء, هل تحسون فيها من جدعاء"
نعم إخوتاه..
وينشأ ناشئ الفتيان منا على ما كان عوده أبوه
وما دان الفتى بحجى ولكن يعوده التدين أقربوه
إن تربية الأبناء- أيها الإخوة -من أجل وأعظم الواجبات.
وللأسف ! قَلَّ اليوم اهتمام المسلمين بها؛ فصار الأب يفهم أن دوره ومسؤوليته ينحصران في الإنفاق, والسعي على الرزق, فمن ذا الذي يهتم اليوم - إلا من رحم ربك- بتربية ابنه تربية دينية صحيحة، ويصبر على ذلك؟!
هذه واجبات وحقوق تُسأل عنها أيها الوالد يوم القيامة؛ أنك تركت ولدك في التيه يضله المضلون, ثم تسألون لماذا ينحرفون؟
قال صلى الله عليه وسلم: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته, الإمام راع ومسؤول عن رعيته, والرجل راع في أهله , ومسؤول عن رعيته , والمرأة راعية في بيت زوجها, ومسؤولة عن رعيتها , والخادم راع في مال سيده ومسؤول عن رعيته, ويؤكد ابن القيم رضي الله عنه على هذه المسؤولية، فيقول:
"فمَن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى؛ فقد أساء غاية الإساءة, وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم, وترك تعليمهم فرائض الدين وسنته, فأضاعوهم صغاراً, فلم ينتفعوا بأنفسهم, ولم ينفعوا آباءهم كباراً، كما عاتب بعضهم ولده على العقوق, فأجابه:
(يا أبت إنك عققتني صغيراً، فعققتك كبيراً.. وأضعتني وليداً, فأضعتك شيخاً)