شوقي الى الله ابكاني
17 Feb 2013, 11:19 PM
السلآمُ عليكم و رحمة الله و بركآته
ضجَّتْ الأسئلةُ مِن حوله ، وعلا استنكارها !
أتخوض الكلمة حَربًا ؟!
أتبارز الأقلام في المعارك ؟!
أيحوز الحرف الهزيلُ نصرًا ؟!
أغمِدْ قلمك .. لا وقتَ للشِّعرِ ، لا وقتَ للنَّثرِ .. وحدها الدِّماء مَن تتحدَّث اليوم !
بثباتٍ مضَى.. اعتلَى الجَبلَ.. ركبَ الغيمةَ المسافرةَ ، وهناك قربَ الشَّمسِ ، مِن مَعينِ النُّورِ ملأ محبرته !
قلمٌ مؤمنٌ .. لا يسجدُ إلا للهِ ، يؤدي مهمَّتَه بأمانةٍ وحبٍّ ، لا تأخذه في الحقِّ لومَةَ لائِمٍ
يسيل حِبرُهُ حروفًا صادقةً .. كلماتٍ خالصةً .. فيشعُّ النَّـصُّ المجـاهدِ ، ويسري ضوءُه قناديلَ هدايَةٍ ، ومنائرَ فرقانٍ !
قلمٌ حـرٌّ .. يعرفُ قَدْرَ نفسِهِ ، ويُدرك قيمةَ الكلمة !
أليس مفتاح الجـنَّـةِ كلمة ؟
وما أعظمها مِن كلمةٍ : أشهدُ أنْ لا إله إلا الله ، وأشهد أنَّ محمَّدًا رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ]
للكلماتِ أسْـرارٌ ، عصيَّة على الاكتشاف أحيانًا !
فكَمْ مِن كلمةٍ جلَّتْ للأفهامِ السَّليمةِ الحقائق ، وأماطَت عنها لثامَ الزَّيفِ والخديعَةِ
وكَمْ مِن كلمةٍ أثارَتْ مكامِنَ التَّفكيرِ لدينا ، فتركتنا في فضاء التَّأمل نبحثُ وندقِّقُ
وكَمْ مِن كلمةٍ نثرَتْ في قلوبِنا بٍ ذرةَ خـيرٍ ، لم نَعبأ بها لصغرها ، امتدَّتْ جذورها بين حَنايانا
نمَتْ .. أثمرَتْ .. أضحَتْ شجرةً وارفةً ، نلوذُ بظلِّها كلما لَفَحَنَا هجيرُ الشَّـرِّ !
وكَمْ مِن كلمةِ نصحٍ ، هدَتْ قلوبنا ، وثبَّـتتْ أقدامنا ، حينما تهادَتْ إلى مسامِعِنا في رفقٍ ولينٍ !
وكَمْ مِن كلمةِ إيمانٍ صَدَحْنا بها في عِـزَّةٍ ويَقـينٍ ، فجاءَ النَّصرُ والتَّمكينُ مِن ربِّ العالمين
وتاريخنا حافلٌ بالمواقف والعِبَر ..
فً فيّ يوم أحُد ، لما انقضت الحرب، أشرف " أبو سفيان " على الجبل، فنادى: أفيكم محمَّد ؟
فلم يجيبوه.
فقال: أفيكم ابن أبـي قحافة ؟
فلم يجيبوه.
فقال: أفيكم عمر بن الخطاب ؟
فلم يجيبوه.
ولم يسأل إلا عن هؤلاء الثلاثة، لعلمه وعلم قومه أن قوام الإسلام بهمّ ..
فقال: أما هؤلاء ، فقد كفيتموهم، فلم يملك " عمر " نفسه أن قال: يا عدو الله إن الذين ذكرتهم أحياءٌ ، وقد أبقى الله لك ما يسوءُك.
فقال: قد كان في القوم مثلةٌ لم آمر بها ، ولم تَسُؤْني ، ثم قال: اعْلُ هُبَل.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « ألا تجيبونه ! »
فقالوا: ما نقول ؟
قال: « قولوا: الله أعلىٰ وأجلّ »
ثم قال: لنا العُزَّى، ولا عزى لكم.
قال: « ألا تجيبونه ! »
قالوا: ما نقول ؟
قال: « قولوا: الله مولانا، ولا مولىٰ لكم » [1]
هل كانت مجرد كلمات ؛ بلا روح .. بلا مَعنى .. بلا تأثير ؟
أمْ إنها قذائف مُدوية أُلقيَتْ على أهلِ الكُفرِ فدَمَغَتْهُمْ دَمْغًا ، وثبَّـتَتْ قلوبَ قومٍ مؤمنين !
وهناك .. على رمال الصحراء المُلتهبة ، كان " أمية بن خلف " يُخرِج " بلال بن رباح " إذا حميتْ الظَّهيرة
ثم يأمر بالصَّخرةِ العظيمةِ فتوضعَ على صدرِهِ، ثم يقول له: لا والله لا تزال هكذا حتى تموت ، أو تكفر بمحمَّدٍ ، وتعبد اللاّت والعزى!
فيقول وهو فـي ذلك البلاء : أَحَـدٌ .. أحَـدٌ ! [2]
هل كانت ـ هي الأخرى ـ مجرد كلمة ؛ بلا روح .. بلا مَعنى .. بلا تأثير ؟
أم إنها كلمة نَبَعَتْ مِن القلبِ، فسَرَتْ مع الدِّماء غِذاءً و دواءً، فاسْتُعذِبَ الألم برغمِ مَرارتِـهِ!
-
[1] زاد المعاد في هدي خير العباد.
[2] سيرة ابن هشام.
بقلم الأستاذ :
رجاء محمد الجاهوش
ضجَّتْ الأسئلةُ مِن حوله ، وعلا استنكارها !
أتخوض الكلمة حَربًا ؟!
أتبارز الأقلام في المعارك ؟!
أيحوز الحرف الهزيلُ نصرًا ؟!
أغمِدْ قلمك .. لا وقتَ للشِّعرِ ، لا وقتَ للنَّثرِ .. وحدها الدِّماء مَن تتحدَّث اليوم !
بثباتٍ مضَى.. اعتلَى الجَبلَ.. ركبَ الغيمةَ المسافرةَ ، وهناك قربَ الشَّمسِ ، مِن مَعينِ النُّورِ ملأ محبرته !
قلمٌ مؤمنٌ .. لا يسجدُ إلا للهِ ، يؤدي مهمَّتَه بأمانةٍ وحبٍّ ، لا تأخذه في الحقِّ لومَةَ لائِمٍ
يسيل حِبرُهُ حروفًا صادقةً .. كلماتٍ خالصةً .. فيشعُّ النَّـصُّ المجـاهدِ ، ويسري ضوءُه قناديلَ هدايَةٍ ، ومنائرَ فرقانٍ !
قلمٌ حـرٌّ .. يعرفُ قَدْرَ نفسِهِ ، ويُدرك قيمةَ الكلمة !
أليس مفتاح الجـنَّـةِ كلمة ؟
وما أعظمها مِن كلمةٍ : أشهدُ أنْ لا إله إلا الله ، وأشهد أنَّ محمَّدًا رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ]
للكلماتِ أسْـرارٌ ، عصيَّة على الاكتشاف أحيانًا !
فكَمْ مِن كلمةٍ جلَّتْ للأفهامِ السَّليمةِ الحقائق ، وأماطَت عنها لثامَ الزَّيفِ والخديعَةِ
وكَمْ مِن كلمةٍ أثارَتْ مكامِنَ التَّفكيرِ لدينا ، فتركتنا في فضاء التَّأمل نبحثُ وندقِّقُ
وكَمْ مِن كلمةٍ نثرَتْ في قلوبِنا بٍ ذرةَ خـيرٍ ، لم نَعبأ بها لصغرها ، امتدَّتْ جذورها بين حَنايانا
نمَتْ .. أثمرَتْ .. أضحَتْ شجرةً وارفةً ، نلوذُ بظلِّها كلما لَفَحَنَا هجيرُ الشَّـرِّ !
وكَمْ مِن كلمةِ نصحٍ ، هدَتْ قلوبنا ، وثبَّـتتْ أقدامنا ، حينما تهادَتْ إلى مسامِعِنا في رفقٍ ولينٍ !
وكَمْ مِن كلمةِ إيمانٍ صَدَحْنا بها في عِـزَّةٍ ويَقـينٍ ، فجاءَ النَّصرُ والتَّمكينُ مِن ربِّ العالمين
وتاريخنا حافلٌ بالمواقف والعِبَر ..
فً فيّ يوم أحُد ، لما انقضت الحرب، أشرف " أبو سفيان " على الجبل، فنادى: أفيكم محمَّد ؟
فلم يجيبوه.
فقال: أفيكم ابن أبـي قحافة ؟
فلم يجيبوه.
فقال: أفيكم عمر بن الخطاب ؟
فلم يجيبوه.
ولم يسأل إلا عن هؤلاء الثلاثة، لعلمه وعلم قومه أن قوام الإسلام بهمّ ..
فقال: أما هؤلاء ، فقد كفيتموهم، فلم يملك " عمر " نفسه أن قال: يا عدو الله إن الذين ذكرتهم أحياءٌ ، وقد أبقى الله لك ما يسوءُك.
فقال: قد كان في القوم مثلةٌ لم آمر بها ، ولم تَسُؤْني ، ثم قال: اعْلُ هُبَل.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: « ألا تجيبونه ! »
فقالوا: ما نقول ؟
قال: « قولوا: الله أعلىٰ وأجلّ »
ثم قال: لنا العُزَّى، ولا عزى لكم.
قال: « ألا تجيبونه ! »
قالوا: ما نقول ؟
قال: « قولوا: الله مولانا، ولا مولىٰ لكم » [1]
هل كانت مجرد كلمات ؛ بلا روح .. بلا مَعنى .. بلا تأثير ؟
أمْ إنها قذائف مُدوية أُلقيَتْ على أهلِ الكُفرِ فدَمَغَتْهُمْ دَمْغًا ، وثبَّـتَتْ قلوبَ قومٍ مؤمنين !
وهناك .. على رمال الصحراء المُلتهبة ، كان " أمية بن خلف " يُخرِج " بلال بن رباح " إذا حميتْ الظَّهيرة
ثم يأمر بالصَّخرةِ العظيمةِ فتوضعَ على صدرِهِ، ثم يقول له: لا والله لا تزال هكذا حتى تموت ، أو تكفر بمحمَّدٍ ، وتعبد اللاّت والعزى!
فيقول وهو فـي ذلك البلاء : أَحَـدٌ .. أحَـدٌ ! [2]
هل كانت ـ هي الأخرى ـ مجرد كلمة ؛ بلا روح .. بلا مَعنى .. بلا تأثير ؟
أم إنها كلمة نَبَعَتْ مِن القلبِ، فسَرَتْ مع الدِّماء غِذاءً و دواءً، فاسْتُعذِبَ الألم برغمِ مَرارتِـهِ!
-
[1] زاد المعاد في هدي خير العباد.
[2] سيرة ابن هشام.
بقلم الأستاذ :
رجاء محمد الجاهوش