ام حفصه
19 Feb 2013, 11:39 AM
http://woman.islammessage.com/Files/largearticle7280282970_10200178334679257_188402127 9_n.jpg
رغم مرارة طلاقها المبكر الذي أثمر ولدًا وبنتًا لم يعرفا أباهما بقدر ما ألفا وجه جدتهما التي ترعاهما أغلب الوقت أثناء غياب الأم في العمل.. ورغم ما خلفه الطلاق في نفسها من آلام وصدمة، إلا أنها لم تؤمن بالأمومة، ولم تقبل في نفسها أن يكون لقب "أم" هو وصفها المميز.
وعلى الرغم من أنها حظيت بأم طيبة صبورة إلا أنها كانت دائمًا ما تفر في واقعها من أن تكون صورة لأمها.. فقد كانت تعتبر حياتها قديمة مملة باردة، تقتل الرتابة كل ملمح للبهجة فيها، كان أبشع كوابيسها أن تتحول يومًا إلى أمها، أن يكون شغلها الشاغل هو أولادها، فتعيش فيهم ولهم.
وفي خيالها السعيد، كان حلمها منذ طفولتها.. حب وعشق يشبه الروايات، ونجاح عملي.. شهرة ومال، لم يكن في حلمها أطفال، ولم تكن تسعد كقريناتها باللعب بالدمى ومحاكاة الأمهات.
حاولت أن تنجح في زواجها ولكنها ارتطمت بزوج لا يشبه الأبطال، وإنما يشبه عامة الرجال، لم يتخذ قرار الزواج إلا بعد أن ملّ من الفوضى، وأراد حياة يكسبها الروتين استقرارًا كثيرًا.. وجدت نفسها صورة عصرية من أمها، الفارق الوحيد أنها تعمل، ولكن عملها المكتبي العادي لم يكن فيه من التشويق إلا لحظة الحصول على الراتب الشهري المتوسط.
لم يكن طلاقها بسبب أخلاق زوجها بقدر ما كان فرارًا من القالب الذي طالما كرهته، فقد شعرت أنه من المستحيل أن تعيش الحب الذي تتمناه، وتجسد الزوجة المدللة السعيدة وهي تكدح في تفاصيل صغيرة كثيرة تستهلكها تماما في رعاية الصغيرين.. الصغيران.. إنهما أكبر غلطة في حياتها، وكم ندمت على تعجلها واستجابتها لرغبة طليقها وأهلها في الإنجاب السريع!
وبعد عامين من الطلاق.. كانت رعاية الطفلين مسؤولية أمها أغلب الوقت، وكانت هي تعيد بناء الإحساس بجمالها وشبابها، وتستحضر حالة الفتاة التي تنتظر أن يدق حلمٌ جميل بابها.. ويحملها فارس الأحلام على حصانه الأبيض إلى عالم وردي زاهي.
وعبر برامج الدردشة تواصلت معه.. إنه قريبها ويكبرها ببضع سنين، ولكنه يعيش في بلد عربي آخر، ولكم جمعتهما ملاعب الطفولة في بيت العائلة القديم، بدآ يتبادلان الأخبار، فعرفت أنه تزوج منذ زمن بعيد ولديه ثلاث بنات وولد، وزوجته هي ابنة عمه.. كان يصفها دائمًا بأنها "أم بامتياز" و"ربة بيت رائعة".. إن زوجتك يا عزيزي عكسي تماما".. قالت لنفسها.
ومع تكرار اللقاءات الماسينجرية، وإدمانهما الحديث سويًا كل يوم، أخبرها أنه يشعر بالملل، وأنه يكن لزوجته كل تقدير واحترام وامتنان، ولكنها مثالية جدا.. يجد عندها الصبر والدعم والطعام الشهي والبيت المرتب ورعاية الأبناء.. ولكنه لا يجد فيها أبدًا الفتاة المرحة أو الطفلة الشقية التي يطرب بها قلبه.
وبدأ يشعر كل منهما أن سعادته الغائبة، وحلم مراهقته المكبوت لدى الآخر، وتضخمت فكرة زواجهما، وبدآ الدردشة المرئية، حتى يتذكر كل منهما الآخر.. وفاتحها في رغبته بالزواج منها.. فغمرها الفرح ولكنها اصطنعت قلقها بخصوص زوجته، فأكد لها على أنه واثق من حكمة زوجته وتفهمها، وأنه سيمهد لها الأمر.
بدأت تتجهز للزواج، لم يشغلها طويلا ترك الطفلين، فهما بالأساس متعلقان بأمها، ولم يشغلها أيضًا وضع أمها وقد كبرت في السن معهما، وبررت لنفها الأمر بأن أخواتها سيشاركن في الاهتمام بالصغيرين.. ولم تجد الأم بدًا أمام رغبة ابنتها من أن تتمنى لها السعادة والتوفيق هذه المرة.
أما هو فكان مدخله إلى زوجته الشفقة والإحسان.. وأن هذه قريبته طلقت ولا تزال شابة، وظروفها صعبة، وأنه لا يريد الزواج بغيرها ولا يحتاج إلى سواها، ولكنه ينوي عمل الخير مع قريبته.. فتحملت الزوجة وهدأت بتربيتات أمها وأهلها بأن هذه نزوة عابرة، وأن هذا هو حال الرجال في هذه السن، وأنه سرعان ما سيعود لبيته وأولاده فهو في النهاية أب حنون ومحب لأسرته.
جهز لها بيتًا رائعًا، وأغرقها في الدلال، لا حدود للنفقة، ولا حدود للأحلام.. سفر ونزهات، تسوق طول الوقت، يذهب لبيته الأول على عجالة ثم يعود إليها سريعًا.. رأت فيه رجل أحلامها.. كرم وشهامة ورومانسية.
كانت تعلم أنه يتمنى الولد، فليس لديه سوى صبي واحد جاء بعد 3 ثلاث بنات، كان الإنجاب منه خيارًا استراتيجيًا في كل الأحوال، حتى وإن رزقت ببنت فسيقوي هذا وضعها ويديم عشرتها معه.
مرت الأيام.. وتوالت الشهور، خفتت حدة العشق، وهدأت الفرحة، وسكنت رغبته في الفتاة المدللة والطفلة المرحة، فبدأ يقارن رغمًا عنه بين مواهب زوجتيه، فوجد حنينًا جارفًا لزوجته الأولى، وأدرك أن نظرتها للحياة، واهتمامها به وبالأولاد، وقيامها على شؤون بيتها ليست أوصافًا ملازمة للأنوثة، فقد تكون أنثى ولكنها لا تهتم لسماع صوت أبنائها لأسابيع متطاولة، وقد تكون أنثى تحب الشارع أكثر من البيت، لا تمنح سكنًا أو تبث أمانًا.
ومع برود مشاعره تجاهها، وتحول الجديد إلى قديم ممل، كان أول ما سلبها إياه السكن المستقل، فأجبرها على العيش مع زوجته الأولى بحجة أن البيت واسع، وأنها تحتاج إلى الرعاية لاقتراب ولادتها، وهناك بدأت قصة جديدة من كيد بناته لها، وكرههن الزائد لوجودها، ورغبتهن في إذلالها.
ما أن وضعت مولودتها حتى صارحها بأن العشرة بينهما مستحيلة، وأن سيطلقها.. وبدأ يجهز إجراءات عودتها لبلدها، فتمسكت بالبنت ليس حرصًا عليها، بقدر ما هي القشة الأخيرة التي تربطهما، ففاجأها بأنه سجل البنت باسم زوجته الأولى، فهي أمها في شهادة الميلاد.. جن جنونها.. صرخت وكسرت وهددت.. استغاثت بالقاصي والداني، فأكد لها وللجميع أنهم لن يخبروا البنت إلا بالحقيقة، ولكنه مجرد إجراء صوري، لأن زوجته الأولى هي من ستربيها.
قالت له: أتستغل ضعفي ووحدتي لتحرمني من ابنتي؟
أجابها ببرود: وهل ظننتِ أن أضم ابنتي إلى طفليك لتربيهم أمك العجوز بينما تبحثين عن مغامرة جديدة؟.
منقول
رغم مرارة طلاقها المبكر الذي أثمر ولدًا وبنتًا لم يعرفا أباهما بقدر ما ألفا وجه جدتهما التي ترعاهما أغلب الوقت أثناء غياب الأم في العمل.. ورغم ما خلفه الطلاق في نفسها من آلام وصدمة، إلا أنها لم تؤمن بالأمومة، ولم تقبل في نفسها أن يكون لقب "أم" هو وصفها المميز.
وعلى الرغم من أنها حظيت بأم طيبة صبورة إلا أنها كانت دائمًا ما تفر في واقعها من أن تكون صورة لأمها.. فقد كانت تعتبر حياتها قديمة مملة باردة، تقتل الرتابة كل ملمح للبهجة فيها، كان أبشع كوابيسها أن تتحول يومًا إلى أمها، أن يكون شغلها الشاغل هو أولادها، فتعيش فيهم ولهم.
وفي خيالها السعيد، كان حلمها منذ طفولتها.. حب وعشق يشبه الروايات، ونجاح عملي.. شهرة ومال، لم يكن في حلمها أطفال، ولم تكن تسعد كقريناتها باللعب بالدمى ومحاكاة الأمهات.
حاولت أن تنجح في زواجها ولكنها ارتطمت بزوج لا يشبه الأبطال، وإنما يشبه عامة الرجال، لم يتخذ قرار الزواج إلا بعد أن ملّ من الفوضى، وأراد حياة يكسبها الروتين استقرارًا كثيرًا.. وجدت نفسها صورة عصرية من أمها، الفارق الوحيد أنها تعمل، ولكن عملها المكتبي العادي لم يكن فيه من التشويق إلا لحظة الحصول على الراتب الشهري المتوسط.
لم يكن طلاقها بسبب أخلاق زوجها بقدر ما كان فرارًا من القالب الذي طالما كرهته، فقد شعرت أنه من المستحيل أن تعيش الحب الذي تتمناه، وتجسد الزوجة المدللة السعيدة وهي تكدح في تفاصيل صغيرة كثيرة تستهلكها تماما في رعاية الصغيرين.. الصغيران.. إنهما أكبر غلطة في حياتها، وكم ندمت على تعجلها واستجابتها لرغبة طليقها وأهلها في الإنجاب السريع!
وبعد عامين من الطلاق.. كانت رعاية الطفلين مسؤولية أمها أغلب الوقت، وكانت هي تعيد بناء الإحساس بجمالها وشبابها، وتستحضر حالة الفتاة التي تنتظر أن يدق حلمٌ جميل بابها.. ويحملها فارس الأحلام على حصانه الأبيض إلى عالم وردي زاهي.
وعبر برامج الدردشة تواصلت معه.. إنه قريبها ويكبرها ببضع سنين، ولكنه يعيش في بلد عربي آخر، ولكم جمعتهما ملاعب الطفولة في بيت العائلة القديم، بدآ يتبادلان الأخبار، فعرفت أنه تزوج منذ زمن بعيد ولديه ثلاث بنات وولد، وزوجته هي ابنة عمه.. كان يصفها دائمًا بأنها "أم بامتياز" و"ربة بيت رائعة".. إن زوجتك يا عزيزي عكسي تماما".. قالت لنفسها.
ومع تكرار اللقاءات الماسينجرية، وإدمانهما الحديث سويًا كل يوم، أخبرها أنه يشعر بالملل، وأنه يكن لزوجته كل تقدير واحترام وامتنان، ولكنها مثالية جدا.. يجد عندها الصبر والدعم والطعام الشهي والبيت المرتب ورعاية الأبناء.. ولكنه لا يجد فيها أبدًا الفتاة المرحة أو الطفلة الشقية التي يطرب بها قلبه.
وبدأ يشعر كل منهما أن سعادته الغائبة، وحلم مراهقته المكبوت لدى الآخر، وتضخمت فكرة زواجهما، وبدآ الدردشة المرئية، حتى يتذكر كل منهما الآخر.. وفاتحها في رغبته بالزواج منها.. فغمرها الفرح ولكنها اصطنعت قلقها بخصوص زوجته، فأكد لها على أنه واثق من حكمة زوجته وتفهمها، وأنه سيمهد لها الأمر.
بدأت تتجهز للزواج، لم يشغلها طويلا ترك الطفلين، فهما بالأساس متعلقان بأمها، ولم يشغلها أيضًا وضع أمها وقد كبرت في السن معهما، وبررت لنفها الأمر بأن أخواتها سيشاركن في الاهتمام بالصغيرين.. ولم تجد الأم بدًا أمام رغبة ابنتها من أن تتمنى لها السعادة والتوفيق هذه المرة.
أما هو فكان مدخله إلى زوجته الشفقة والإحسان.. وأن هذه قريبته طلقت ولا تزال شابة، وظروفها صعبة، وأنه لا يريد الزواج بغيرها ولا يحتاج إلى سواها، ولكنه ينوي عمل الخير مع قريبته.. فتحملت الزوجة وهدأت بتربيتات أمها وأهلها بأن هذه نزوة عابرة، وأن هذا هو حال الرجال في هذه السن، وأنه سرعان ما سيعود لبيته وأولاده فهو في النهاية أب حنون ومحب لأسرته.
جهز لها بيتًا رائعًا، وأغرقها في الدلال، لا حدود للنفقة، ولا حدود للأحلام.. سفر ونزهات، تسوق طول الوقت، يذهب لبيته الأول على عجالة ثم يعود إليها سريعًا.. رأت فيه رجل أحلامها.. كرم وشهامة ورومانسية.
كانت تعلم أنه يتمنى الولد، فليس لديه سوى صبي واحد جاء بعد 3 ثلاث بنات، كان الإنجاب منه خيارًا استراتيجيًا في كل الأحوال، حتى وإن رزقت ببنت فسيقوي هذا وضعها ويديم عشرتها معه.
مرت الأيام.. وتوالت الشهور، خفتت حدة العشق، وهدأت الفرحة، وسكنت رغبته في الفتاة المدللة والطفلة المرحة، فبدأ يقارن رغمًا عنه بين مواهب زوجتيه، فوجد حنينًا جارفًا لزوجته الأولى، وأدرك أن نظرتها للحياة، واهتمامها به وبالأولاد، وقيامها على شؤون بيتها ليست أوصافًا ملازمة للأنوثة، فقد تكون أنثى ولكنها لا تهتم لسماع صوت أبنائها لأسابيع متطاولة، وقد تكون أنثى تحب الشارع أكثر من البيت، لا تمنح سكنًا أو تبث أمانًا.
ومع برود مشاعره تجاهها، وتحول الجديد إلى قديم ممل، كان أول ما سلبها إياه السكن المستقل، فأجبرها على العيش مع زوجته الأولى بحجة أن البيت واسع، وأنها تحتاج إلى الرعاية لاقتراب ولادتها، وهناك بدأت قصة جديدة من كيد بناته لها، وكرههن الزائد لوجودها، ورغبتهن في إذلالها.
ما أن وضعت مولودتها حتى صارحها بأن العشرة بينهما مستحيلة، وأن سيطلقها.. وبدأ يجهز إجراءات عودتها لبلدها، فتمسكت بالبنت ليس حرصًا عليها، بقدر ما هي القشة الأخيرة التي تربطهما، ففاجأها بأنه سجل البنت باسم زوجته الأولى، فهي أمها في شهادة الميلاد.. جن جنونها.. صرخت وكسرت وهددت.. استغاثت بالقاصي والداني، فأكد لها وللجميع أنهم لن يخبروا البنت إلا بالحقيقة، ولكنه مجرد إجراء صوري، لأن زوجته الأولى هي من ستربيها.
قالت له: أتستغل ضعفي ووحدتي لتحرمني من ابنتي؟
أجابها ببرود: وهل ظننتِ أن أضم ابنتي إلى طفليك لتربيهم أمك العجوز بينما تبحثين عن مغامرة جديدة؟.
منقول