ام حفصه
19 Feb 2013, 11:51 AM
http://woman.islammessage.com/Files/largearticle69951014906.jpg
تهاني الشروني
هل من أقدار الله أن يكتب على بعض الناس التضحية من أجل غيرهم دائما، أم أن هؤلاء الذي يقدمون التضحيات هم أنفسهم الذين يقبلون عليها طواعية دون أن يقفوا ولو للحظات للتفكر؟
هل يقبلون على هذا النوع من العطاء بسعادة أم أن هذا الإقدام يقع تحت طائلة تكليف النفس ما لا تطيق؟
قبل أن أمضي في تنفيذ ما استقر عليه رأيي وجدتني أستعرض ما مضى من حياتي.. عُدت بذاكرتي ثلاثين عامًا إلى الوراء، حين تزوجت.. وكان زوجي هو اختياري فلم يجبرني عليه أحد، كان قريبي، وكنت أعرف عنه الكثير قبل أن أرتبط به، وأحببت كثيرًا من صفاته التي اشتهر بها في محيط العائلة،
لذلك كان ارتباطنا قائما على مودة وتقدير وحب وكثير من المعاني الجميلة.
سارت حياتنا على وفاق دائم، ومنذ الأيام الأولى شعرت أن زوجي يملأ علي كل حياتي، حتى أنه بعد مرور أكثر من عامين على زواجنا لم أشعر أنه ينقصني شيء، ولم ألتفت إلى الأسئلة التي وجهت لنا عن أسباب تأخر الإنجاب، فقد كانت السعادة تغمر حياتنا، ولم نكن نشعر أننا بحاجة إلى المزيد!
ولكن مع مرور الوقت، ورغبة كل منا أن يعطي الآخر كل ما يملك، انتبهنا لسؤال الإنجاب، وكانت زيارتنا للأطباء مجرد استفسار عن شيء ثانوي، وجاءت نتيجة الفحوصات والتحليلات التي أجريناها أنه لا سبب عندي يعوق الإنجاب، وأن زوجي الحبيب لديه مشكلة تحتاج إلى علاج.
وأذكر أن ذلك لم يسعدني فقد كنت أتمنى أن يكون المانع خاص بي، لم أرد أبدا أن يواجه هو ذلك.. لذلك قررت أن أعلن للجميع أن المانع من عندي، ورفض هو ذلك لكنى أصررت.. وأكدت أن ذلك يسعدني، ورغم كل الضغوط من أهلي حتى لا أتقاعس عن السير في طريق العلاج والضغوط التي من أهله ومحاولتهم إقناع زوجي بأن عليه ألا يحرم نفسه من نعمة الأطفال بسببي، إلا أننا قررنا أن نحيا بعيدا عن كل ذلك.
كنت أشعر أنه هو طفلي الذي أتمناه، وزوجي وحبيب العمر، وكان هو يقدر موقفي أحسن تقدير، ومضت بنا الأيام والسنوات، وبالطبع حاول كثيرًا في البحث عن أسباب العقم وعلاجها، كان يردد دومًا أنه سيبذل كل ما في وسعه حتى لا يحرمني من الأمومة.
وحاول في بعض الأحيان أن يطرح علي خيار الانفصال حتى لا يكون سببًا في حرماني، ولكنني كنت أرفض بشدة وأؤكد بقوة على أن الله يعلم ما يصلحنا ويصلح لنا، وأنني راضية بقدر الله تعالى وسعيدة به.
ومضت السنوات وحياتنا يملؤها السعادة والاطمئنان، ويتخللها متابعة من زوجي لآخر الأبحاث والجديد في علاج العقم، لكنني لم أكن أبالي كثيرًا بالأمر، فقد وطنت نفسي على الرضا الحقيقي والتعايش وملء كل فراغ في حياتي.
وحين وصلت إلى مرحلة لا أستطيع فيها الإنجاب بعد أن تعديت الخامسة والأربعين من عمري حمدت الله لأنني أحسست بأن زوجي سيكف عن البحث والقلق، ولكنه بعد فترة أخبرني أنه في إحدى سفرياته أجرى عملية جراحية، وأن نتائجها مبشرة، وأنه قد أصبح قادرا على الإنجاب، وأنه كان يتمنى أن يكون لنا طفل، ولكن المشكلة الآن أصبحت عندي أنا.. ورأيت فى نظراته الرغبة الشديدة في ذلك، فوجدت نفسي أعرض عليه أن ننفصل ويتزوج، فألح علي ألا أطلب الانفصال، فكل ما يرجوه أن أقبل بزوجة ثانية، وظلَّ يؤكد على أننا سنسعد جميعا إذا رزق بطفل، وستصبح حياتنا أفضل.
واخترت له الزوجة الثانية ورزق بطفل، وكانت سعادته به بالغة واجتهد كل الجهد أن يجعله متعلقا بى، وفعلا أحببته جدا وكثيرًا ما كان يقضي الوقت معي، ولكن الله شاء أن يختم زوجي حياته ولمّا يبلغ ابنه 6 سنوات.. أوصاني به أن أرعاه وأمنحه حبي وحناني، وسارعت أمه بالزواج فور انتهاء عدتها، وقالت أنها لا تمانع إذا أبقيت الصغير معي.
ولكن للحظات توقفت لأفكر، ألتقط أنفاسي لأقيم الموقف، فبعد أن تزوج زوجي وتغيرت طبيعة حياتي، لطف الله بقلبي وفتح لي أبوابًا واسعة لأتدارك ما فاتني من استعداد للقاء ربي والانشغال بتعلم الكثير عن ديني وقرآني.. وشعرت أنني لا أريد أن أعتني بطفل الآن، لا أريد أن أضحي بوقتي من أجل أحد، واستخرت ربى وأخذت قراري، فالحق أحق أن يتبع، لن أوصد بابي في وجهه، وسأتابع أخباره، ولكن لتراعه أمه وأهله، ولأرعى أنا ما بقي من عمري.. فقدر الله لي ألا يكون لي أطفال، وقد رضيت من البداية بقدر الله فيّ.
منقول ---
تهاني الشروني
هل من أقدار الله أن يكتب على بعض الناس التضحية من أجل غيرهم دائما، أم أن هؤلاء الذي يقدمون التضحيات هم أنفسهم الذين يقبلون عليها طواعية دون أن يقفوا ولو للحظات للتفكر؟
هل يقبلون على هذا النوع من العطاء بسعادة أم أن هذا الإقدام يقع تحت طائلة تكليف النفس ما لا تطيق؟
قبل أن أمضي في تنفيذ ما استقر عليه رأيي وجدتني أستعرض ما مضى من حياتي.. عُدت بذاكرتي ثلاثين عامًا إلى الوراء، حين تزوجت.. وكان زوجي هو اختياري فلم يجبرني عليه أحد، كان قريبي، وكنت أعرف عنه الكثير قبل أن أرتبط به، وأحببت كثيرًا من صفاته التي اشتهر بها في محيط العائلة،
لذلك كان ارتباطنا قائما على مودة وتقدير وحب وكثير من المعاني الجميلة.
سارت حياتنا على وفاق دائم، ومنذ الأيام الأولى شعرت أن زوجي يملأ علي كل حياتي، حتى أنه بعد مرور أكثر من عامين على زواجنا لم أشعر أنه ينقصني شيء، ولم ألتفت إلى الأسئلة التي وجهت لنا عن أسباب تأخر الإنجاب، فقد كانت السعادة تغمر حياتنا، ولم نكن نشعر أننا بحاجة إلى المزيد!
ولكن مع مرور الوقت، ورغبة كل منا أن يعطي الآخر كل ما يملك، انتبهنا لسؤال الإنجاب، وكانت زيارتنا للأطباء مجرد استفسار عن شيء ثانوي، وجاءت نتيجة الفحوصات والتحليلات التي أجريناها أنه لا سبب عندي يعوق الإنجاب، وأن زوجي الحبيب لديه مشكلة تحتاج إلى علاج.
وأذكر أن ذلك لم يسعدني فقد كنت أتمنى أن يكون المانع خاص بي، لم أرد أبدا أن يواجه هو ذلك.. لذلك قررت أن أعلن للجميع أن المانع من عندي، ورفض هو ذلك لكنى أصررت.. وأكدت أن ذلك يسعدني، ورغم كل الضغوط من أهلي حتى لا أتقاعس عن السير في طريق العلاج والضغوط التي من أهله ومحاولتهم إقناع زوجي بأن عليه ألا يحرم نفسه من نعمة الأطفال بسببي، إلا أننا قررنا أن نحيا بعيدا عن كل ذلك.
كنت أشعر أنه هو طفلي الذي أتمناه، وزوجي وحبيب العمر، وكان هو يقدر موقفي أحسن تقدير، ومضت بنا الأيام والسنوات، وبالطبع حاول كثيرًا في البحث عن أسباب العقم وعلاجها، كان يردد دومًا أنه سيبذل كل ما في وسعه حتى لا يحرمني من الأمومة.
وحاول في بعض الأحيان أن يطرح علي خيار الانفصال حتى لا يكون سببًا في حرماني، ولكنني كنت أرفض بشدة وأؤكد بقوة على أن الله يعلم ما يصلحنا ويصلح لنا، وأنني راضية بقدر الله تعالى وسعيدة به.
ومضت السنوات وحياتنا يملؤها السعادة والاطمئنان، ويتخللها متابعة من زوجي لآخر الأبحاث والجديد في علاج العقم، لكنني لم أكن أبالي كثيرًا بالأمر، فقد وطنت نفسي على الرضا الحقيقي والتعايش وملء كل فراغ في حياتي.
وحين وصلت إلى مرحلة لا أستطيع فيها الإنجاب بعد أن تعديت الخامسة والأربعين من عمري حمدت الله لأنني أحسست بأن زوجي سيكف عن البحث والقلق، ولكنه بعد فترة أخبرني أنه في إحدى سفرياته أجرى عملية جراحية، وأن نتائجها مبشرة، وأنه قد أصبح قادرا على الإنجاب، وأنه كان يتمنى أن يكون لنا طفل، ولكن المشكلة الآن أصبحت عندي أنا.. ورأيت فى نظراته الرغبة الشديدة في ذلك، فوجدت نفسي أعرض عليه أن ننفصل ويتزوج، فألح علي ألا أطلب الانفصال، فكل ما يرجوه أن أقبل بزوجة ثانية، وظلَّ يؤكد على أننا سنسعد جميعا إذا رزق بطفل، وستصبح حياتنا أفضل.
واخترت له الزوجة الثانية ورزق بطفل، وكانت سعادته به بالغة واجتهد كل الجهد أن يجعله متعلقا بى، وفعلا أحببته جدا وكثيرًا ما كان يقضي الوقت معي، ولكن الله شاء أن يختم زوجي حياته ولمّا يبلغ ابنه 6 سنوات.. أوصاني به أن أرعاه وأمنحه حبي وحناني، وسارعت أمه بالزواج فور انتهاء عدتها، وقالت أنها لا تمانع إذا أبقيت الصغير معي.
ولكن للحظات توقفت لأفكر، ألتقط أنفاسي لأقيم الموقف، فبعد أن تزوج زوجي وتغيرت طبيعة حياتي، لطف الله بقلبي وفتح لي أبوابًا واسعة لأتدارك ما فاتني من استعداد للقاء ربي والانشغال بتعلم الكثير عن ديني وقرآني.. وشعرت أنني لا أريد أن أعتني بطفل الآن، لا أريد أن أضحي بوقتي من أجل أحد، واستخرت ربى وأخذت قراري، فالحق أحق أن يتبع، لن أوصد بابي في وجهه، وسأتابع أخباره، ولكن لتراعه أمه وأهله، ولأرعى أنا ما بقي من عمري.. فقدر الله لي ألا يكون لي أطفال، وقد رضيت من البداية بقدر الله فيّ.
منقول ---