ابو يزن
20 Feb 2013, 10:55 PM
سموم القلب
اعلم عزيزي القارئ أن المعاصي كلها سموم للقلب وأسباب لمرضه وهلاكه وهي منتة لمرض القلب وإرادته غير إرادة الله عز وجل ، وسبب لزيادة مرضه.
قال ابن المبارك:
رأيت الذنوب تميت القلوبَ *** وقد يورثُ الذلَ إدمانُها
وترك الذنوب حياة القلوب *** وخيرُ لنفسِك عصيانُها
فمن أراد سلامة قلبه وحياته فعليه بتخليص قلبه من آثار تلك السموم ثم بالمحافظة عليه بعدم تعاطي سموم جديدة ، وإذا تناول شيئاً من ذلك خطأ سارع إلى محو أثرها بالتوبة والاستغفار وسموم القلب هي فضول الكلام وفضول النظر وفضول المخالطة وفضول الطعام وسنتحدث اليوم عن فضول الكلام وفضول النظر.
فضول الكلام:
في الترمذي من حديث ابن عمر : لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب ، وإن أبعد الناس عن الله القلب القاسي وعن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ، فَشرُطَ رسول الله صلى الله عليه وسلم استقامة الإيمان باستقامة القلب ثم شرط استقامة القلب باستقامة اللسان.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : مَن كثر كلامه كثر سقطه ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه ومن كثرت ذنوبه كانت النار أولى به.
فاجعل عزيزي القارئ لسانك دوماً رطباً بذكر الله سبحانه وتعالى في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يري بها بأساً يهوي بها سبعين خريفاً في النار.
فالكلام إما أن يكون خيراً فيكون العبد مأموراً به وإما أن يكون غير ذلك فيكون مأموراً بالصمت عنه، وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كل كلام ابن آدم عليه لا إله إلا الله ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وذكر الله عز وجل.
وأقل آفات اللسان ضرراً الكلام فيما لا يعنيه ويكفي في بيان خطر هذه الآفة قوله صلى الله عليه وسلم : من حُسْن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.
وهذه أخف آفات اللسان ضرراً هذا غير عن الغيبة والنميمة والجدال والكذب والسخرية والاستهزاء وغير ذلك من الآفات التي تصيب لسان العبد فتفسد عليه قلبه ، وتضيع عليه سروره ونعيمه في الدنيا وفوزه وفلاحه في الآخرة.
أما عن فضول النظر فهو يدعو إلى الاستحسان ، ووقوع صورة المنظور في قلب الناظر فيُحدث أنواعاً من الفساد في قلب العبد ومنها ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما معناه : والنظرة سهم مسموم من سهام إبليس ، فمن غض بصره لله أورثه حلاوةً يجدها في قلبه إلى يوم يلقاه، ومنها دخول الشيطان مع النظرة ، فإنه ينفذ معها أسرع من نفوذ الهواء في المكان الخالي ، ليُزين صورة المنظور ويجعلها صنماً يعكف عليه القلب وأيضاً أنه يشغل القلب ، وينسيه مصالحه ويحول بينه وبينها فينفرط عليه أمره ويقع في إتباع الهوى والغفلة قال الله تعالى: { وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (28) سورة الكهف.
وقال أطباء القلوب بين العين والقلب منفذ وطريق فإذا خَربت العين وفسدت خَرب القلبُ وصار كالمزبلة التي هي محل النجاسات والقاذورات والأوساخ فلا يصلح لسُكن معرفة الله ومحبته وإطلاق البصر معصية لله عز وجل لقوله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (30) سورة النــور.
إذا استنار القلب ، أقبلت وفود الخيرات إليه من كل ناحية ، وإذا أظلم أقبلت سحائب البلاء والشر عليه من كل مكان، وإطلاق البصر يعمي القلب عن التميز بين الحق والباطل والسنة والبدعة وغضهُ لله عز وجلّ يورثه فِرَاسَة صادقة يميز بها.
فضول الطعام والمخالطة
أولاً فضول الطعام:
قلة الطعام توجب رقة القلب وقوة الفهم وانكسار النفس وضعف الهوى والغضب وكثرة الطعام توجب ضد ذلك.
فضول الطعام داع إلى أنواع كثيرة من الشر، فإنه يحرك الجوارح إلى المعاصي ، ويثقلها عن الطاعات والعبادات، فكم من معصية جلبها الشبعُ وفضولُ الطعام ، وكم من طاعة حال دونها فمن وقي شرّ بطنه فقد وقى شراً عظيماً ، والشيطان أعظم ما يتحكم في الإنسان إذا ملأ بطنه من الطعام ولهذا جاء في بعض الأثر ضيّقوا مجاري الشيطان بالصوم.
وقيل من ضبط بطنه ضبط دينَه ومن ملك جوعَه ملك الأخلاق الصالحة ، وإن معصية الله بعيدة من الجائع قريبة من الشبعان.
أما فضول المخالطة وهي دال العضال الجالب لكل شر ، وكم سَلبت المخالطةُ والمعاشرةُ من نعمةٍ وكم زرعت من عداوة ، وكم غرست في القلب من حزازات تزول الجبال الراسيات وهي في القلوب لا تزول ففي فضول المخالطة خسارة الدنيا والآخرة وإنما ينبغي للعبد أن يأخذ من المخالطة ويجعل الناس فيها أربعة أقسام متي خلط أحد الأقسام بالآخر ولم يميز بينهما دخل الشر:
أحدهما مَنْ مخالطته كالغذاء لا يستغني عنه في اليوم والليلة فإذا أخذ حاجته منه ترك المخالطة ثم إذا احتاج إليه خالطه هكذا على الدوام.
القسم الثاني من مخالطته كالدواء يحتاج إليه عند المرض فما دُمْتَ صحيحاً فلا حاجة لك في خلطته وهم من لا يستغني عنه مخالطتهم في مصلحة المعاش وما أنت تحتاج إليه من أنواع المعاملات والاستشارة ونحوها.
القسم الثالث وهم من مخالطته كالداء على اختلاف مراتبه وأنواعه وقوته وضعفه فمنهم كالداء العضال والمرض المزمن وهو من لا تربح على دين ولا دنيا وبالجملة فمخالطة كل مخالف للروح فعرضية ولازمة ومن نكد الدنيا على العبد أن يبتلى بواحد من هذا الضرب وليس له بد من معاشرته فليعاشره بالمعروف حتى يجعل الله له من أمره فَرَجاً ومخرجاً.
القسم الرابع والأخير وهو من مخالطته الهلك كله ، فهي بمنزلة أكل السّم فإذا اتفق لآكله ترياق وإلا فأحسن الله العزاء وما أكثر هذا الضرب من الناس وهم أهل البدع والضلالة الصادفون( أي العارضون) عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيجعلون السنة بدعة والبدعة سنة وهذا الضرب لا ينبغي للعاقل أن يجالسهم أو يخالطهم ،، نسال الله لنا ولكم العفو والعافية.
اعلم عزيزي القارئ أن المعاصي كلها سموم للقلب وأسباب لمرضه وهلاكه وهي منتة لمرض القلب وإرادته غير إرادة الله عز وجل ، وسبب لزيادة مرضه.
قال ابن المبارك:
رأيت الذنوب تميت القلوبَ *** وقد يورثُ الذلَ إدمانُها
وترك الذنوب حياة القلوب *** وخيرُ لنفسِك عصيانُها
فمن أراد سلامة قلبه وحياته فعليه بتخليص قلبه من آثار تلك السموم ثم بالمحافظة عليه بعدم تعاطي سموم جديدة ، وإذا تناول شيئاً من ذلك خطأ سارع إلى محو أثرها بالتوبة والاستغفار وسموم القلب هي فضول الكلام وفضول النظر وفضول المخالطة وفضول الطعام وسنتحدث اليوم عن فضول الكلام وفضول النظر.
فضول الكلام:
في الترمذي من حديث ابن عمر : لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة للقلب ، وإن أبعد الناس عن الله القلب القاسي وعن أنس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ، فَشرُطَ رسول الله صلى الله عليه وسلم استقامة الإيمان باستقامة القلب ثم شرط استقامة القلب باستقامة اللسان.
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : مَن كثر كلامه كثر سقطه ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه ومن كثرت ذنوبه كانت النار أولى به.
فاجعل عزيزي القارئ لسانك دوماً رطباً بذكر الله سبحانه وتعالى في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يري بها بأساً يهوي بها سبعين خريفاً في النار.
فالكلام إما أن يكون خيراً فيكون العبد مأموراً به وإما أن يكون غير ذلك فيكون مأموراً بالصمت عنه، وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال : كل كلام ابن آدم عليه لا إله إلا الله ، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وذكر الله عز وجل.
وأقل آفات اللسان ضرراً الكلام فيما لا يعنيه ويكفي في بيان خطر هذه الآفة قوله صلى الله عليه وسلم : من حُسْن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.
وهذه أخف آفات اللسان ضرراً هذا غير عن الغيبة والنميمة والجدال والكذب والسخرية والاستهزاء وغير ذلك من الآفات التي تصيب لسان العبد فتفسد عليه قلبه ، وتضيع عليه سروره ونعيمه في الدنيا وفوزه وفلاحه في الآخرة.
أما عن فضول النظر فهو يدعو إلى الاستحسان ، ووقوع صورة المنظور في قلب الناظر فيُحدث أنواعاً من الفساد في قلب العبد ومنها ما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما معناه : والنظرة سهم مسموم من سهام إبليس ، فمن غض بصره لله أورثه حلاوةً يجدها في قلبه إلى يوم يلقاه، ومنها دخول الشيطان مع النظرة ، فإنه ينفذ معها أسرع من نفوذ الهواء في المكان الخالي ، ليُزين صورة المنظور ويجعلها صنماً يعكف عليه القلب وأيضاً أنه يشغل القلب ، وينسيه مصالحه ويحول بينه وبينها فينفرط عليه أمره ويقع في إتباع الهوى والغفلة قال الله تعالى: { وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (28) سورة الكهف.
وقال أطباء القلوب بين العين والقلب منفذ وطريق فإذا خَربت العين وفسدت خَرب القلبُ وصار كالمزبلة التي هي محل النجاسات والقاذورات والأوساخ فلا يصلح لسُكن معرفة الله ومحبته وإطلاق البصر معصية لله عز وجل لقوله تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} (30) سورة النــور.
إذا استنار القلب ، أقبلت وفود الخيرات إليه من كل ناحية ، وإذا أظلم أقبلت سحائب البلاء والشر عليه من كل مكان، وإطلاق البصر يعمي القلب عن التميز بين الحق والباطل والسنة والبدعة وغضهُ لله عز وجلّ يورثه فِرَاسَة صادقة يميز بها.
فضول الطعام والمخالطة
أولاً فضول الطعام:
قلة الطعام توجب رقة القلب وقوة الفهم وانكسار النفس وضعف الهوى والغضب وكثرة الطعام توجب ضد ذلك.
فضول الطعام داع إلى أنواع كثيرة من الشر، فإنه يحرك الجوارح إلى المعاصي ، ويثقلها عن الطاعات والعبادات، فكم من معصية جلبها الشبعُ وفضولُ الطعام ، وكم من طاعة حال دونها فمن وقي شرّ بطنه فقد وقى شراً عظيماً ، والشيطان أعظم ما يتحكم في الإنسان إذا ملأ بطنه من الطعام ولهذا جاء في بعض الأثر ضيّقوا مجاري الشيطان بالصوم.
وقيل من ضبط بطنه ضبط دينَه ومن ملك جوعَه ملك الأخلاق الصالحة ، وإن معصية الله بعيدة من الجائع قريبة من الشبعان.
أما فضول المخالطة وهي دال العضال الجالب لكل شر ، وكم سَلبت المخالطةُ والمعاشرةُ من نعمةٍ وكم زرعت من عداوة ، وكم غرست في القلب من حزازات تزول الجبال الراسيات وهي في القلوب لا تزول ففي فضول المخالطة خسارة الدنيا والآخرة وإنما ينبغي للعبد أن يأخذ من المخالطة ويجعل الناس فيها أربعة أقسام متي خلط أحد الأقسام بالآخر ولم يميز بينهما دخل الشر:
أحدهما مَنْ مخالطته كالغذاء لا يستغني عنه في اليوم والليلة فإذا أخذ حاجته منه ترك المخالطة ثم إذا احتاج إليه خالطه هكذا على الدوام.
القسم الثاني من مخالطته كالدواء يحتاج إليه عند المرض فما دُمْتَ صحيحاً فلا حاجة لك في خلطته وهم من لا يستغني عنه مخالطتهم في مصلحة المعاش وما أنت تحتاج إليه من أنواع المعاملات والاستشارة ونحوها.
القسم الثالث وهم من مخالطته كالداء على اختلاف مراتبه وأنواعه وقوته وضعفه فمنهم كالداء العضال والمرض المزمن وهو من لا تربح على دين ولا دنيا وبالجملة فمخالطة كل مخالف للروح فعرضية ولازمة ومن نكد الدنيا على العبد أن يبتلى بواحد من هذا الضرب وليس له بد من معاشرته فليعاشره بالمعروف حتى يجعل الله له من أمره فَرَجاً ومخرجاً.
القسم الرابع والأخير وهو من مخالطته الهلك كله ، فهي بمنزلة أكل السّم فإذا اتفق لآكله ترياق وإلا فأحسن الله العزاء وما أكثر هذا الضرب من الناس وهم أهل البدع والضلالة الصادفون( أي العارضون) عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيجعلون السنة بدعة والبدعة سنة وهذا الضرب لا ينبغي للعاقل أن يجالسهم أو يخالطهم ،، نسال الله لنا ولكم العفو والعافية.