رونق الامل
06 Mar 2013, 03:29 PM
http://up.ala7ebah.com/img/vEI72790.jpg
سحر شعير
دائما يردد الآباء على أسماع الأبناء: احترم نفسك يا ولد!
صيحةٌ يطلقها الآباء والأمهات كثيراً عندما يصدر من الأولاد تصرفاً يشينهم، أو يتعدون فيه حدود الأدب أو اللياقة. فهل تقتصر هذه الصيحة على تلك المعاني فقط؟
عزيزي المربي: هل تعمدت تنشئة أبنائك على المعنى الحقيقي لقيمة احترام النفس وتقدير الذات؟ وهل يدرك المربون والمربيات أهمية هذه القيمة في تربية الأبناء؟
أهلاً بكم أعزائي، ولنبحر معاً مع هذه القيمة الجميلة، والتي تغيب عن أذهان الكثيرين أثناء رحلتهم التربوية مع الأبناء.
أعزائي المربين والمربيات
إنّ تربية الطفل على احترام ذاته يعني: الصورة الذهنية التي يحتفظ بها الطفل في نفسه عن ذاته، وعن مواهبه، وعن قدراته، وعن مدى استقامته، وعن مدى حب أهله له. إن هذه الصورة الذهنية، وهذه الانطباعات، وهذه العقائد الشخصية لدى الطفل هي التي تشكل احترامه لذاته. (د.عبد الكريم بكار،الاحترام معالمه وتربية الناشئة عليه،ص:14)
لماذا يحتاج أبناؤنا إلى احترام الذات؟
إن تنشئة الأبناء على احترام الذات تجعلهم أبعد ما يكونون عن السلوك السيء والتصرفات المعيبة؛ لأنهم – إذ ذاك- معتدون بأنفسهم كثيراً بدرجة كافية لترفعهم عما يشينهم.
ويمكّنهم هذا الخلق من استكشاف قدراتهم الخلاقة، و مواهبهم، ومهاراتهم.
ويعلمهم المثابرة، فيستطيعون استعادة توازنهم مرة أخرى بعد مواقف الإخفاق أو الفشل.
كما يكسبهم القوة التي يواجهون بها مصاعب الحياة، وتحديات المستقبل.
ويكسبهم اتجاهات إيجابية نحو أنفسهم و حياتهم.
(عمرو أبو ليلة-نسيبة أحمد: حتى لا يتحول طفلك من امبراطور إلى ضفدعة،ص:32).
ومن باب قول الشاعر: (وبضدها تتميز الأشياءُ) نحاول أولاً أن نتبين سمات الطفل الذي يفتقر إلى قيمة احترام النفس.
أهم سمات الطفل الذي لا يشعر باحترام الذات:
-الخجل:
الطفل الذي لا يحترم ذاته خجول، يتهيب الدخول أمام الضيوف، ويرفض تقديم التحية لهم ويرفض الدخول على الناس المجتمعين في المناسبات إذا طلب منه أن يسلم عليهم.
-التردد:
يتردد كثيراً حين يطلب منه اتباع أسلوب جديد، أو القيام بعمل لم يألفه من قبل، فأي تغيير يطلب منه يرتبك منه ويتردد ويخاف. والسبب أن الثقة بالنفس هي جزء من احترام الإنسان لنفسه، وهذا الطفل مفتقر لها.
-الاعتماد على الآخرين:
والطفل الاعتمادي يفتقد روح المبادرة، وتراه يعتمد على أبويه في أبسط القرارات، ويسألهما في أمور هي من صميم مسؤولياته: هل أختار لون الدفتر كذا أو كذا؟، هل أذاكر الآن أو أنام؟
إنّ اعتماده في كل شيء على أهله، وكأنه لا رأي له في شيء من الأشياء، دليل على أنه لا يحترم نفسه بالقدر الكافي. و لسنا ضد مشاورة الأبوين، ولكننا ضد انسحاق أو ذوبان الشخصية والاعتماد على الآخرين في كل شيء.
-كراهية النقد:
من سمات هذا النوع من الأبناء كراهية النقد، فحين يوجه إليه أحد والديه أو أساتذته أو أقربائه يشعر بالخزي والعار، وينتابه شعور بالانهيار، ويتمنى انتهاء الموقف بأقصى سرعة، فهو حساس جداً للنقد. بينما الطفل الذي يثق بنفسه يتقبل النقد وبالاعتراف بالتقصير إذا كان الناقد محقاً أو الدفاع عن النفس وشرح موقفه إن كان الناقد غير محق في انتقاده له.
-الخوف من الإخفاق:
يخاف دائماً من الإخفاق والفشل، وهذا الخوف يدفعه للانطواء، ويدفعه إلى عدم المبادرة، أو المحاولة، فهو يفضل أن يبقى في الظلّ، أي في الصفوف الخلفية!.
ولذلك نجد كثيراً من الأولاد غير المهتمين بدراستهم لا يفضلون أبدأ أن يجلسوا في مواجهة الأساتذة، أو في الصفوف الأمامية، بل يختارون دائماً الزوايا والصفوف الخلفية ولا يحبون أن يوجه إليهم أي سؤال!
وحين يخفق الطفل الذي لا يحترم ذاته فإن هذا الإخفاق يسحقه! وبعضهم قد يترك الدراسة بسبب توبيخ أو تعليق سلبي من بعض أساتذته.. نعم ليس لديهم قدرة على مواجهة الصعاب، أو الأزمات، ويتوجسون من الصعاب بشيء من التهويل. وكأن كل مصيبة هي القاصمة التي ستقصمهم، وتقضي عليهم!
-المبالغة في التفوق على الأقران:
هذا الطفل يكون اهتمامه بأقرانه مبالغ فيه، بحيث يصير أقرانه هم شغله الشاغل، وإذا نقصت درجاته في إحدى المواد درجة أو درجتين بكى وغضب، وشعر بأنه محطم، حتى لو كان ترتيبه الأول أو الثاني على صفه الدراسي!.
وربما كانت معاناته الشديدة تلك بسبب شعوره بالنقص، والذي دفعه لأن يتخذ التفوق الدراسي أداة للتعويض، وليس من أجل مميزات التفوق الدراسي الأخرى.
-الحاجة إلى الدعم:
لأن هذا الطفل ضعيف الثقة بالنفس، فهو يشعر دائماً بالحاجة الماسة إلى الدعم، وإلى المساندة، كما يكره المغامرة، ويطلب المساعدة ممن حوله في كل ما يهمّ للقيام به من شؤونه، وفي أسهل الأمور وأبسطها، خاصةً من والديه أو إخوته الكبار.
-القلق من آراء الآخرين:
هؤلاء الأطفال لديهم قلق دائماً بشأن الصورة الذهنية التي رسمها عنهم الآخرون، وأحدهم قد يسأل نفسه: يا ترى إذا رآني الناس في المكان الفلاني ماذا يظنون بي؟ يا ترى إذا لبست هذا الثوب فماذا سيقولون عني؟
بينما الذي يحترم نفسه ويقدرها، لا يهتم كثيراً بآراء الناس؛ لأن له معاييره الشخصية، وله قيمه، وله رؤيته، فهو يأخذ آراء الناس فيه بعين الاعتبار دون أن تكون هي الموجّه والمحرّك لتصرفاته.
عزيزي المربي:
إنّ الطفل يشعر غريزياً بأن له قيمة وكرامة، وعلى المربي أن يراعي أهمية هذا الشعور الفطري وينمّيه، لأنه ينأى بالطفل عن القبائح، ويحمله على أن ينزّه نفسه عنها، ويجعله يقبل على الفضائل ويرضاها لنفسه، ويعيش حياته متمسكاً بقيمه فخوراً بها، لا يتنازل عنها ولا يزايد عليها.
ومن أهم جوانب تنشئة الأبناء على احترام الذات والتي يوصي بها خبراء التربية:
تنمية ثقة الطفل بنفسه:
الثقة تولد لدى الطفل شعوراً بعزته وافتخاراً بتربيته وقيم أسرته، ومن ثمّ احتراماً لنفسه ولأسرته ولقيمه التي تربى عليها. وتلك المشاعر من شأنها أن تجعل الطفل داعية لمبادئه، مدافعاً عنها بكل قوة وعزة وافتخار؛ مما يقوي ثباته على المباديء، ومناعته ضد الاستسلام لإغراءات الفساد والانحراف والجريمة. (د.مصطفى أبو سعد:التربية الإيجابية للطفل،ص:90).
- توجيهه لأن يعرف أهدافه ويسعى لتحقيقها:
الطفل الذي يحترم ذاته صاحب هدف وغاية واضحة في ذهنه، فهو يعرف لماذا خلق؟ ولماذا جاء إلى هذه الحياة الدنيا؟ وما هي غايته التي يسعى إليها؟ بدايةً من الهدف الأسمى الكبير وهو عبادة الله تعالى، وانتهاءً بكل ما يعرض له من أعمال مثل: لماذا يذهب إلى المدرسة؟، ولماذا يقوم بدور معيّن في الأسرة؟ لماذا عليه أن يجتهد ويتفوق؟
وتمثل الهدفية نوع من العزم والتصميم وتقييم الجهد المبذول، وبفقدان الطفل لمعرفة الأهداف الطويلة والقصيرة المدى يصاب بالحيرة واللامبالاة ومن ثمّ الشعور بالخوار وتدني احترام الذات.
- توجيهه إلى اكتشاف مواهبه وقدراته:
ويسعى الوالدان لملاحظة واكتشاف تلك المواهب مبكراً وتنميتها، وإشعار الطفل بقيمة تلك المواهب، وأنّ الله تعالى يمنح كل إنسان قسط من المواهب والقدرات التي تميزه عن غيره، وأنه يمتلك بالفعل من المواهب والقدرات ما لا يمتلكها غيره، وأن عليه أن ينميها ويحافظ عليها. (عاطف أبو العيد:كيف تقوي إرادة طفلك؟،ص:35).
- لا تسمح له بتقمص الآخرين:
على المربي ألا يسمح لطفله بالاسترسال في مقارنة نفسه بالآخرين بشكل سلبي، بأن يقول: "فلان أفضل منّي، أو أنا فاشل!، أو أنا غبي لا أفهم هذه المادة".
أو أن يغرق في تقليدهم وتقمص أدوارهم، فضلاً عن أن يقوم المربي نفسه بوضع الطفل في تلك المقارنات السلبية التي تحطم تقديره الشخصي لذاته.
يقول( د.سبوك) في كتابه:(حديث إلى الأمهات): إنّ الطفل يكره أن يوضع على نفس المستوى مع أحد غيره؛ لأن المقارنة تضعه في حالة تنافس مليئة بالقلق، وتجعله حساساً للغاية.
أعزائي المربين والمربيات:
إنّ إخفاقنا في جعل أبنائنا يحترمون أنفسهم، ويقدرون ذواتهم هو أمر سيء جداً، لكن الأسوأ منه هو أن نُسْهِم نحن وبغير قصد في تدمير احترام الطفل لذاته وفي تقديره لها. فالطفل الذي يرى لنفسه قيمة وأهمية وشرفاً لا تتحطم شخصيته، ولا يندفع للانحراف الذي يريق ماء وجهه، ويحطّ من قدره أمام نفسه وأمام المحيطين به. وهذا الاحترام لذاته يعتبر الطاقة التي تدفعه للإنجاز والاستغناء عن الغير بالاستقلال والاعتماد على النفس، والقدرة على اتخاذ القرار والإقدام والشجاعة. (هداية الله أحمد شاش:موسوعة التربية العملية للطفل،ص:237)
وأخيراً:
إنّ أمتنا، أمة الإسلام في أمسّ الحاجة إلى أن يكون لدى صغارها الطموح والمبادرة والاستقلال والاعتماد على النفس. فنحن لن نستطيع أن نبني أمة قوية إلا من خلال أفراد أقوياء.
وإن احترام النفس، وتقدير الذات من أهم مقومات القوة لدى أحبابنا الصغار.
ـــــــــــــــــ
المراجع:
-الاحترام..معالمه وتربية الناشئة عليه:د.عبد الكريم بكّار.
-حتى لا يتحول طفلك من امبراطور إلى ضفدعة:عمرو أبو ليلة-نسيبة أحمد.
-الحاجات النفسية للطفل:د.مصطفى أبو سعد.
-كيف تقوي إرادة طفلك؟:عاطف أبو العيد.
-موسوعة التربية العملية للأولاد:هداية الله أحمد شاش.
سحر شعير
دائما يردد الآباء على أسماع الأبناء: احترم نفسك يا ولد!
صيحةٌ يطلقها الآباء والأمهات كثيراً عندما يصدر من الأولاد تصرفاً يشينهم، أو يتعدون فيه حدود الأدب أو اللياقة. فهل تقتصر هذه الصيحة على تلك المعاني فقط؟
عزيزي المربي: هل تعمدت تنشئة أبنائك على المعنى الحقيقي لقيمة احترام النفس وتقدير الذات؟ وهل يدرك المربون والمربيات أهمية هذه القيمة في تربية الأبناء؟
أهلاً بكم أعزائي، ولنبحر معاً مع هذه القيمة الجميلة، والتي تغيب عن أذهان الكثيرين أثناء رحلتهم التربوية مع الأبناء.
أعزائي المربين والمربيات
إنّ تربية الطفل على احترام ذاته يعني: الصورة الذهنية التي يحتفظ بها الطفل في نفسه عن ذاته، وعن مواهبه، وعن قدراته، وعن مدى استقامته، وعن مدى حب أهله له. إن هذه الصورة الذهنية، وهذه الانطباعات، وهذه العقائد الشخصية لدى الطفل هي التي تشكل احترامه لذاته. (د.عبد الكريم بكار،الاحترام معالمه وتربية الناشئة عليه،ص:14)
لماذا يحتاج أبناؤنا إلى احترام الذات؟
إن تنشئة الأبناء على احترام الذات تجعلهم أبعد ما يكونون عن السلوك السيء والتصرفات المعيبة؛ لأنهم – إذ ذاك- معتدون بأنفسهم كثيراً بدرجة كافية لترفعهم عما يشينهم.
ويمكّنهم هذا الخلق من استكشاف قدراتهم الخلاقة، و مواهبهم، ومهاراتهم.
ويعلمهم المثابرة، فيستطيعون استعادة توازنهم مرة أخرى بعد مواقف الإخفاق أو الفشل.
كما يكسبهم القوة التي يواجهون بها مصاعب الحياة، وتحديات المستقبل.
ويكسبهم اتجاهات إيجابية نحو أنفسهم و حياتهم.
(عمرو أبو ليلة-نسيبة أحمد: حتى لا يتحول طفلك من امبراطور إلى ضفدعة،ص:32).
ومن باب قول الشاعر: (وبضدها تتميز الأشياءُ) نحاول أولاً أن نتبين سمات الطفل الذي يفتقر إلى قيمة احترام النفس.
أهم سمات الطفل الذي لا يشعر باحترام الذات:
-الخجل:
الطفل الذي لا يحترم ذاته خجول، يتهيب الدخول أمام الضيوف، ويرفض تقديم التحية لهم ويرفض الدخول على الناس المجتمعين في المناسبات إذا طلب منه أن يسلم عليهم.
-التردد:
يتردد كثيراً حين يطلب منه اتباع أسلوب جديد، أو القيام بعمل لم يألفه من قبل، فأي تغيير يطلب منه يرتبك منه ويتردد ويخاف. والسبب أن الثقة بالنفس هي جزء من احترام الإنسان لنفسه، وهذا الطفل مفتقر لها.
-الاعتماد على الآخرين:
والطفل الاعتمادي يفتقد روح المبادرة، وتراه يعتمد على أبويه في أبسط القرارات، ويسألهما في أمور هي من صميم مسؤولياته: هل أختار لون الدفتر كذا أو كذا؟، هل أذاكر الآن أو أنام؟
إنّ اعتماده في كل شيء على أهله، وكأنه لا رأي له في شيء من الأشياء، دليل على أنه لا يحترم نفسه بالقدر الكافي. و لسنا ضد مشاورة الأبوين، ولكننا ضد انسحاق أو ذوبان الشخصية والاعتماد على الآخرين في كل شيء.
-كراهية النقد:
من سمات هذا النوع من الأبناء كراهية النقد، فحين يوجه إليه أحد والديه أو أساتذته أو أقربائه يشعر بالخزي والعار، وينتابه شعور بالانهيار، ويتمنى انتهاء الموقف بأقصى سرعة، فهو حساس جداً للنقد. بينما الطفل الذي يثق بنفسه يتقبل النقد وبالاعتراف بالتقصير إذا كان الناقد محقاً أو الدفاع عن النفس وشرح موقفه إن كان الناقد غير محق في انتقاده له.
-الخوف من الإخفاق:
يخاف دائماً من الإخفاق والفشل، وهذا الخوف يدفعه للانطواء، ويدفعه إلى عدم المبادرة، أو المحاولة، فهو يفضل أن يبقى في الظلّ، أي في الصفوف الخلفية!.
ولذلك نجد كثيراً من الأولاد غير المهتمين بدراستهم لا يفضلون أبدأ أن يجلسوا في مواجهة الأساتذة، أو في الصفوف الأمامية، بل يختارون دائماً الزوايا والصفوف الخلفية ولا يحبون أن يوجه إليهم أي سؤال!
وحين يخفق الطفل الذي لا يحترم ذاته فإن هذا الإخفاق يسحقه! وبعضهم قد يترك الدراسة بسبب توبيخ أو تعليق سلبي من بعض أساتذته.. نعم ليس لديهم قدرة على مواجهة الصعاب، أو الأزمات، ويتوجسون من الصعاب بشيء من التهويل. وكأن كل مصيبة هي القاصمة التي ستقصمهم، وتقضي عليهم!
-المبالغة في التفوق على الأقران:
هذا الطفل يكون اهتمامه بأقرانه مبالغ فيه، بحيث يصير أقرانه هم شغله الشاغل، وإذا نقصت درجاته في إحدى المواد درجة أو درجتين بكى وغضب، وشعر بأنه محطم، حتى لو كان ترتيبه الأول أو الثاني على صفه الدراسي!.
وربما كانت معاناته الشديدة تلك بسبب شعوره بالنقص، والذي دفعه لأن يتخذ التفوق الدراسي أداة للتعويض، وليس من أجل مميزات التفوق الدراسي الأخرى.
-الحاجة إلى الدعم:
لأن هذا الطفل ضعيف الثقة بالنفس، فهو يشعر دائماً بالحاجة الماسة إلى الدعم، وإلى المساندة، كما يكره المغامرة، ويطلب المساعدة ممن حوله في كل ما يهمّ للقيام به من شؤونه، وفي أسهل الأمور وأبسطها، خاصةً من والديه أو إخوته الكبار.
-القلق من آراء الآخرين:
هؤلاء الأطفال لديهم قلق دائماً بشأن الصورة الذهنية التي رسمها عنهم الآخرون، وأحدهم قد يسأل نفسه: يا ترى إذا رآني الناس في المكان الفلاني ماذا يظنون بي؟ يا ترى إذا لبست هذا الثوب فماذا سيقولون عني؟
بينما الذي يحترم نفسه ويقدرها، لا يهتم كثيراً بآراء الناس؛ لأن له معاييره الشخصية، وله قيمه، وله رؤيته، فهو يأخذ آراء الناس فيه بعين الاعتبار دون أن تكون هي الموجّه والمحرّك لتصرفاته.
عزيزي المربي:
إنّ الطفل يشعر غريزياً بأن له قيمة وكرامة، وعلى المربي أن يراعي أهمية هذا الشعور الفطري وينمّيه، لأنه ينأى بالطفل عن القبائح، ويحمله على أن ينزّه نفسه عنها، ويجعله يقبل على الفضائل ويرضاها لنفسه، ويعيش حياته متمسكاً بقيمه فخوراً بها، لا يتنازل عنها ولا يزايد عليها.
ومن أهم جوانب تنشئة الأبناء على احترام الذات والتي يوصي بها خبراء التربية:
تنمية ثقة الطفل بنفسه:
الثقة تولد لدى الطفل شعوراً بعزته وافتخاراً بتربيته وقيم أسرته، ومن ثمّ احتراماً لنفسه ولأسرته ولقيمه التي تربى عليها. وتلك المشاعر من شأنها أن تجعل الطفل داعية لمبادئه، مدافعاً عنها بكل قوة وعزة وافتخار؛ مما يقوي ثباته على المباديء، ومناعته ضد الاستسلام لإغراءات الفساد والانحراف والجريمة. (د.مصطفى أبو سعد:التربية الإيجابية للطفل،ص:90).
- توجيهه لأن يعرف أهدافه ويسعى لتحقيقها:
الطفل الذي يحترم ذاته صاحب هدف وغاية واضحة في ذهنه، فهو يعرف لماذا خلق؟ ولماذا جاء إلى هذه الحياة الدنيا؟ وما هي غايته التي يسعى إليها؟ بدايةً من الهدف الأسمى الكبير وهو عبادة الله تعالى، وانتهاءً بكل ما يعرض له من أعمال مثل: لماذا يذهب إلى المدرسة؟، ولماذا يقوم بدور معيّن في الأسرة؟ لماذا عليه أن يجتهد ويتفوق؟
وتمثل الهدفية نوع من العزم والتصميم وتقييم الجهد المبذول، وبفقدان الطفل لمعرفة الأهداف الطويلة والقصيرة المدى يصاب بالحيرة واللامبالاة ومن ثمّ الشعور بالخوار وتدني احترام الذات.
- توجيهه إلى اكتشاف مواهبه وقدراته:
ويسعى الوالدان لملاحظة واكتشاف تلك المواهب مبكراً وتنميتها، وإشعار الطفل بقيمة تلك المواهب، وأنّ الله تعالى يمنح كل إنسان قسط من المواهب والقدرات التي تميزه عن غيره، وأنه يمتلك بالفعل من المواهب والقدرات ما لا يمتلكها غيره، وأن عليه أن ينميها ويحافظ عليها. (عاطف أبو العيد:كيف تقوي إرادة طفلك؟،ص:35).
- لا تسمح له بتقمص الآخرين:
على المربي ألا يسمح لطفله بالاسترسال في مقارنة نفسه بالآخرين بشكل سلبي، بأن يقول: "فلان أفضل منّي، أو أنا فاشل!، أو أنا غبي لا أفهم هذه المادة".
أو أن يغرق في تقليدهم وتقمص أدوارهم، فضلاً عن أن يقوم المربي نفسه بوضع الطفل في تلك المقارنات السلبية التي تحطم تقديره الشخصي لذاته.
يقول( د.سبوك) في كتابه:(حديث إلى الأمهات): إنّ الطفل يكره أن يوضع على نفس المستوى مع أحد غيره؛ لأن المقارنة تضعه في حالة تنافس مليئة بالقلق، وتجعله حساساً للغاية.
أعزائي المربين والمربيات:
إنّ إخفاقنا في جعل أبنائنا يحترمون أنفسهم، ويقدرون ذواتهم هو أمر سيء جداً، لكن الأسوأ منه هو أن نُسْهِم نحن وبغير قصد في تدمير احترام الطفل لذاته وفي تقديره لها. فالطفل الذي يرى لنفسه قيمة وأهمية وشرفاً لا تتحطم شخصيته، ولا يندفع للانحراف الذي يريق ماء وجهه، ويحطّ من قدره أمام نفسه وأمام المحيطين به. وهذا الاحترام لذاته يعتبر الطاقة التي تدفعه للإنجاز والاستغناء عن الغير بالاستقلال والاعتماد على النفس، والقدرة على اتخاذ القرار والإقدام والشجاعة. (هداية الله أحمد شاش:موسوعة التربية العملية للطفل،ص:237)
وأخيراً:
إنّ أمتنا، أمة الإسلام في أمسّ الحاجة إلى أن يكون لدى صغارها الطموح والمبادرة والاستقلال والاعتماد على النفس. فنحن لن نستطيع أن نبني أمة قوية إلا من خلال أفراد أقوياء.
وإن احترام النفس، وتقدير الذات من أهم مقومات القوة لدى أحبابنا الصغار.
ـــــــــــــــــ
المراجع:
-الاحترام..معالمه وتربية الناشئة عليه:د.عبد الكريم بكّار.
-حتى لا يتحول طفلك من امبراطور إلى ضفدعة:عمرو أبو ليلة-نسيبة أحمد.
-الحاجات النفسية للطفل:د.مصطفى أبو سعد.
-كيف تقوي إرادة طفلك؟:عاطف أبو العيد.
-موسوعة التربية العملية للأولاد:هداية الله أحمد شاش.