ام حفصه
20 Mar 2013, 09:15 AM
http://www.almoslim.net/files/images/imagesCANP5TTG.jpg
د. عامر الهوشان
خلق الله تعالى الإنسان في أحسن تقويم , و وهب له العقل الذي يميز به الصحيح من السقيم , وأودع فيه من القدرات الشيء الكثير , ففي الإنسان لمة ملك ولمة شيطان رجيم , فهذا يدعوه إلى الجنة وذاك يدعوه إلى السعير , وجعله في النهاية مسؤولا عن اختياره أمام الله رب العالمين , في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون , إلا من أتى الله بقلب سليم . والإنسان كما وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم خطاء , أي كثير الخطأ , قال صلى الله عليه وسلم : ( كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ) المستدرك على الصحيحين .
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم كما جاء في صحيح مسلم : ( والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم )
فالخطأ والذنب لا ينفك عنه إنسان , ولا يستثنى من الوقوع فيه أحد , إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم , فليست المشكلة في الوقوع بالخطأ , فهذا أمر يشترك فيه الناس جميعا , ولكن المشكلة تكمن في معالجة الخطأ والتوبة منه بعد ذلك , حتى لا يصبح الخطأ ديدنا وعادة يصعب الخلاص منه في المستقبل .
وإذا كانت معالجة الأخطاء للكبار في غاية الأهمية والخطورة , فهي للصغار والغلمان أكثر أهمية و أشد خطرا , لأن الغلام والصغير إن لم تصحح أخطاؤه , وتوجه هفواته وزلاته , فإنه قد يظن أن هذه الأفعال سليمة ما دامت لم تصحح , و عادية لا شيء فيها ما دامت لم توجه , وعند ذلك قد يكررها حتى يصبح الخطأ فيما بعد عادة متأصلة في نفسه وحياته , يصعب علاجه وتوجيهه وتصحيحه .
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصا كل الحرص على تربية أصحابه وتوجيههم , و خاصة الغلمان منهم والصغار , فمع كثرة أعبائه صلى الله عليه وسلم ومشاغله الكثيرة , لم يترك توجيه الغلمان وتصحيح أخطائهم , لعلمه بأهمية هذا الجانب , وخطورة هذا الأمر, في إخراج جيل مؤمن قوي الإيمان , يميز الحلال من الحرام والصحيح من الخطأ , والصالح من الطالح , وبذلك فقط ينمو المجتمع ويتطور , ويصبح أنموذجا يحتذى به , كما قال الله تعالى :
( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ....)
أسباب وقوع الغلمان في الخطأ
وقبل البدء بمنهج النبي صلى الله عليه وسلم بتصحيح أخطاء الغلمان وتقويم هفواتهم و زلاتهم , لا بد أولا من معرفة الأسباب التي تجعل الغلام يقع في الخطأ , فقد ذكر علماء التربية والسلوك عدة أسباب لذلك منها :
1- الجهل بالشيء وعدم العلم به ذهنيا : وهو ما يسمى الخطأ الفكري , فالغلام هنا لا يعرف أن هذا الفعل أو العمل خطأ , ولا يملك فكرة صحيحة عنه , فيتصرف من نفسه , وعند ذلك يقع في الخطأ .
2- عدم الممارسة والتدريب : وهو ما يسمى الخطأ العملي , وهنا لا يستطيع الغلام القيام بالفعل على وجه الصحة , لعدم ممارسته لهذا الفعل من قبل , ولعدم التدرب عليه , وعند ذلك يقع في الخطأ .
3- الخطأ المتعمد : وهذا أمر نادر وقليل جدا عند الغلمان , وهو أن يتعمد الغلام في فعله الخطأ مع علمه بأنه على غير الصواب , ولا بد في هذه الحالة من علاج خاص وسريع لأنها تشكل خطرا على الغلام والمجتمع بآن واحد .
المنهج النبوي في تصحيح أخطاء الغلمان
لقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم منهج فريد وعظيم في تصحيح
الأخطاء
التي يقع فيها أصحابه بشكل عام , يتصف باللين والرفق والرحمة , وكان لهذا المنهج أثر كبير في تقويم سلوك الصحابة الكرام و غيرهم الكثير ممن كان له شرف توجيه الرسول الله صلى الله عليه وسلم و إرشاده , وهذا واحد منهم يروي قصة تعلمه من خطئه .
فقد أخرج مسلم في صحيحه عن معاوية بن الحكم السلمي قال :
( بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ عطس رجل من القوم , فقلت: يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم , فقلت : واثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إلي ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم , فلما رأيتهم يصمتونني سكت , فلما صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه , فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني , قال : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن ) والأمثلة على ذلك كثيرة ليست مجال البحث هنا .
وإذا كان توجيه الكبار وتقويم سلوكهم ليس بالأمر اليسير , فإن تقويم سلوك الغلمان وتصحيح أخطائهم أخطر وأصعب , لأن الغلام يحتاج في التوجيه والتقويم إلى طريقة خاصة , وأسلوب تربوي يتناسب مع مداركه العقلية والنفسية , وهذا ما انفرد به رسول الله صلى الله عليه وسلم , الذي ورث العالم أعظم الوسائل التربوية و السلوكية , التي تصلح لكل زمان ومكان . لقد اتبع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عدة وسائل في تقويم وتصحيح أخطاء الغلمان , وأهمها :
د. عامر الهوشان
خلق الله تعالى الإنسان في أحسن تقويم , و وهب له العقل الذي يميز به الصحيح من السقيم , وأودع فيه من القدرات الشيء الكثير , ففي الإنسان لمة ملك ولمة شيطان رجيم , فهذا يدعوه إلى الجنة وذاك يدعوه إلى السعير , وجعله في النهاية مسؤولا عن اختياره أمام الله رب العالمين , في يوم لا ينفع فيه مال ولا بنون , إلا من أتى الله بقلب سليم . والإنسان كما وصفه الرسول صلى الله عليه وسلم خطاء , أي كثير الخطأ , قال صلى الله عليه وسلم : ( كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ) المستدرك على الصحيحين .
وقال أيضا صلى الله عليه وسلم كما جاء في صحيح مسلم : ( والذي نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم )
فالخطأ والذنب لا ينفك عنه إنسان , ولا يستثنى من الوقوع فيه أحد , إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم , فليست المشكلة في الوقوع بالخطأ , فهذا أمر يشترك فيه الناس جميعا , ولكن المشكلة تكمن في معالجة الخطأ والتوبة منه بعد ذلك , حتى لا يصبح الخطأ ديدنا وعادة يصعب الخلاص منه في المستقبل .
وإذا كانت معالجة الأخطاء للكبار في غاية الأهمية والخطورة , فهي للصغار والغلمان أكثر أهمية و أشد خطرا , لأن الغلام والصغير إن لم تصحح أخطاؤه , وتوجه هفواته وزلاته , فإنه قد يظن أن هذه الأفعال سليمة ما دامت لم تصحح , و عادية لا شيء فيها ما دامت لم توجه , وعند ذلك قد يكررها حتى يصبح الخطأ فيما بعد عادة متأصلة في نفسه وحياته , يصعب علاجه وتوجيهه وتصحيحه .
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم حريصا كل الحرص على تربية أصحابه وتوجيههم , و خاصة الغلمان منهم والصغار , فمع كثرة أعبائه صلى الله عليه وسلم ومشاغله الكثيرة , لم يترك توجيه الغلمان وتصحيح أخطائهم , لعلمه بأهمية هذا الجانب , وخطورة هذا الأمر, في إخراج جيل مؤمن قوي الإيمان , يميز الحلال من الحرام والصحيح من الخطأ , والصالح من الطالح , وبذلك فقط ينمو المجتمع ويتطور , ويصبح أنموذجا يحتذى به , كما قال الله تعالى :
( كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ....)
أسباب وقوع الغلمان في الخطأ
وقبل البدء بمنهج النبي صلى الله عليه وسلم بتصحيح أخطاء الغلمان وتقويم هفواتهم و زلاتهم , لا بد أولا من معرفة الأسباب التي تجعل الغلام يقع في الخطأ , فقد ذكر علماء التربية والسلوك عدة أسباب لذلك منها :
1- الجهل بالشيء وعدم العلم به ذهنيا : وهو ما يسمى الخطأ الفكري , فالغلام هنا لا يعرف أن هذا الفعل أو العمل خطأ , ولا يملك فكرة صحيحة عنه , فيتصرف من نفسه , وعند ذلك يقع في الخطأ .
2- عدم الممارسة والتدريب : وهو ما يسمى الخطأ العملي , وهنا لا يستطيع الغلام القيام بالفعل على وجه الصحة , لعدم ممارسته لهذا الفعل من قبل , ولعدم التدرب عليه , وعند ذلك يقع في الخطأ .
3- الخطأ المتعمد : وهذا أمر نادر وقليل جدا عند الغلمان , وهو أن يتعمد الغلام في فعله الخطأ مع علمه بأنه على غير الصواب , ولا بد في هذه الحالة من علاج خاص وسريع لأنها تشكل خطرا على الغلام والمجتمع بآن واحد .
المنهج النبوي في تصحيح أخطاء الغلمان
لقد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم منهج فريد وعظيم في تصحيح
الأخطاء
التي يقع فيها أصحابه بشكل عام , يتصف باللين والرفق والرحمة , وكان لهذا المنهج أثر كبير في تقويم سلوك الصحابة الكرام و غيرهم الكثير ممن كان له شرف توجيه الرسول الله صلى الله عليه وسلم و إرشاده , وهذا واحد منهم يروي قصة تعلمه من خطئه .
فقد أخرج مسلم في صحيحه عن معاوية بن الحكم السلمي قال :
( بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ عطس رجل من القوم , فقلت: يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم , فقلت : واثكل أمياه ما شأنكم تنظرون إلي ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم , فلما رأيتهم يصمتونني سكت , فلما صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه , فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني , قال : إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن ) والأمثلة على ذلك كثيرة ليست مجال البحث هنا .
وإذا كان توجيه الكبار وتقويم سلوكهم ليس بالأمر اليسير , فإن تقويم سلوك الغلمان وتصحيح أخطائهم أخطر وأصعب , لأن الغلام يحتاج في التوجيه والتقويم إلى طريقة خاصة , وأسلوب تربوي يتناسب مع مداركه العقلية والنفسية , وهذا ما انفرد به رسول الله صلى الله عليه وسلم , الذي ورث العالم أعظم الوسائل التربوية و السلوكية , التي تصلح لكل زمان ومكان . لقد اتبع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عدة وسائل في تقويم وتصحيح أخطاء الغلمان , وأهمها :