ام حفصه
20 Mar 2013, 11:39 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
بارقة كتب " الكاتبة .. بارقة
فلله .. كم من صالح وصالحة اشتاقت إليهمالجنة كما اشتاقوا هم إليها .. من حسن أعمالهم وطيب أخبارهم ولذة مناجاتهم ..
وكان لكل واحد منهم .. ولكل واحدة منهن مع الله جل جلاله أخبــار وأســرار .. لم يطلع عليها غيره أبداً .. جعلوها بين أيديهم عنده عددا .. لا يطلبون جزاءهم إلامنه .. فطريقهم إليه .. ومعوّلهم عليه .. ومآلهم يكون بين يديه ..
المشتاقونإلى الجنة .. لهم مع ربهم تعالى أخبــار وأســرار
فإليكم شيئا من أخبارهموطرفاً من أسـرارهـم ..
.............................. ....................
كان هناك رجل من الصالحين اسمه .. أبو قدامة الشامي ..
كان رجلاً قد حُببإليه الجهاد والغزو في سبيل الله .. فلا يسمع بجهاد بين المسلمين والكفار ولا بغزوفي سبيل الله لنصرة الإسلام إلا وسارع وجاهد مع المسلمين هناك ..
جلسأبو قدامة يوماً في الحرم المدني .. فسأله سائل فقال :
" يا أبا قدامةحدثنا بأعجب ما رأيته من أمر الجهاد والغزو .. أنت رجل قد أكثرت من الجهاد في سبيلالله .. ومن حضور المعارك التي بين المسلمين والكفار .. فحدثنا بأعجـب مـا رأيته منأمر الجهاد والغزو "
فقال أبو قدامة : إني محدثكم عن ذلك ..
خرجت مرة مع أصحاب لي إلى الرقة لنقاتل بعض المشركين في الثغور .. والثغورهي مراكز عسكرية تُجعل على حدود البلاد الإسلامية لصد الكفار عنها ..
فلمانزلت في الرقة وهي مدينة في العراق على نهر الفرات .. اشتريت منها جملاً أحمل عليهسلاحي ووعظت الناس في مساجدها وحثثتهم على الجهاد في سبيل الله والإنفاق لنصرةالإسلام الذي جعلهم الله قائمين عليه ..
قال أبو قدامة .. فلما تكلمت فيبعض مساجدها .. ودعوت الناس للخروج للقتال في سبيل الله
ثم جنَّ عليّالليل .. اكتريت منزلاً أبيت فيه .. فلما ذهب بعض الليل .. فإذا الباب يُـطــرق علي
فعجبت عجبـاً شديداً .. من هذا الذي يطرق عليّ الباب !! .. فأنا رجل غيرمعروف في هذه البلاد !! .. وليس لي بأحد اتصال ولا معرفة .. فمن هذا الذي سوف يأتيإلي في هذه الظلمة !! قال : فلما فتحت الباب وأنا وجل .. فإذا بامرأةمتحصنة عفيفة .. قد تلفعّت بجلبابها فلا ترى منها شيئا .. قال فلما رأيتهافزعت منها وقلت .. يا أمة الله ما تريدين رحمك الله !! ..
قالت لي .. أنتأبو قدامة ؟
قلت .. نعم
قالت .. أنت الذي جمعت المال اليوم بالثغور ؟
قلت نعم
قال أبو قدامة .. فلما سمعت مني ذلك دفعت إلي رقعة وخرقةمشدودة ثم انصرفت باكية ..
قال فتعجبت والله من شأنها .. والخرقة بين يدي .. فنظرت في هذه الرقعة
فإذا مكتوب فيها :
"يا أبا قدامة .. إتك قد دعوتنااليوم إلى الجهاد .. وأنا امرأة لا أستطيع الجهاد ولا قدرة لي على ذلك .. ولم أجدمالاً أزودك به لتذهب به إلى المجاهدين .. فقطعت أحسن ما فيَّ .. فهما ضفيرتاي ثمصنعت منهما شكالاً " يعني حبلاً ". . يربط بهما الفرس وأنفذتهما إليك لتجعلهما قيدفرسك .. لعل الله تعالى إذا رأى شعري قيد فرسك في سبيله أن يغفر الله تعالى لي وأنيدخلني إلى الجنة "
قال أبو قدامة .. فعجبت والله من حرصها وبذلها لكل ذلكفي سبيل الله .. وشدة شوقها إلى المغفرة والجنة .. مع أنها صنعت أمراً غير مشروع فيالدين .. أن تقص شعرها بهذه الطريقة .. لكن شوقها إلى الجنة غلبها على ذلك ..
قال فجعلت هذه الخرقة في بعض متاعي .. ثم لما أصبحنا وصلينا الفجر .. خرجتأنا وأصحابي من الرقة .. فلما بلغنا حصن مسلمة ابن عبد الملك ..
فإذا بفـارس يصيـحوراءنا وينـادي يقـول :
يا أبـا قدامــة .. يا أبـا قدامــة قـف علييرحمـك الله
فقلت لأصحابي تقدموا أنتم عني وأنا أرجع أنظر في خبر هذاالفارس !!
فلما رجعت إليه بدأني بالكلام وقال .. " الحمد لله الذي لميحرمني صحبتك ولم يردني خائباً إلى أهلي "
فقلت له ما تريد رحمك الله ؟ .. قال أريد الخروج معكم للقتال ..
فقلت له .. أسفر عن وجهك فإذا كنت كبيراًيلزمك القتال قبلتك .. وإن كنت صغيراً لا يلزمك الجهاد رددتك ..
قال فكشفاللثام عن وجهه .. فإذا بوجه كمثل القمر .. وإذا هو شاب غلام عمره 17 سنة .. فقلتله : يا بني عندك والد ؟ .. فقال أبي قد قتله الصليبيون وأنا خارج أقاتل الذينقتلوا أبي .
فقلت له أعندك والـدة ؟ .. قال نعـم
فقلت ارجع إلى أمكفأحسن صحبتها فإنك إذا أحسنت صحبتها فإن الجنة تحت قدميها ..
قال أبو قدامة .. فتعجب مني الغلام وقال : سبحان الله أما تعرف أمي ؟
قلت له لا والله ماأعرف أمك ..
فقال أمي هي صاحبة الوديعة .. قلت وأي وديعة ؟
قال أمي هيصاحبة الشكال .. قلت أي شكال ؟
قال الغلام سبحان الله ما أسرع ما نسيت .. أما تذكر المرأة التي أتت إليك البارحة ثم أعطتك الكيس والشكال " الحبل الذي تربطبه فرسك " .. قال أبو قدامة :
فقلت بلى ما خبرها ؟ ..
قال تلكوالله أمي أمرتني أن أخرج إلى الجهاد وأقسمت علي أن لا أرجع إليها .. وقالت لي " يابني إذا لقيت الكفار فلا تولهم الأدبار واهب نفسك لله واطلب مجاورة الله ومساكنةأبيك واخوانك في الجنة .. فإذا رزقك الله الشهادة فشفع فيَّ " ..
ثم ضمتنيإلى صدرها ورفعت بصرها إلى السماء وقالت " إلهـي وسيدي ومولاي .. هذا ولدي .. وريحانة قلبي .. وثمرة فؤادي .. سلمته إليك فقربه من أبيه وأخواله "
قالأبو قدامة .. فعجبت والله من هذا الغلام .. ثم عاجلني الغلام بقولـه " فسألتك باللهيا عمي يا أبا قدامة أن لا تحرمني الغزو في سبيل الله معك .. أنا انشاء الله الشهيدابن الشهيد .. فإني حافظ لكتاب الله عارفٌ بالفروسية والرمي فلا تحقرني لصغر سني "
قال أبو قدامة .. فلما سمعت ذلك منه لم أستطع والله أن أرده فأخذناه معنا ..
فوالله ما رأينا أنشط منه إن ركبنا فهو أسرعنا .. وإن نزلنا فهو أنشطنا .. وهو في كل أحواله في الطريق وفي النزول لا يفتر لسانه عن ذكر الله جل جلالهأبداً ..
فنزلنا منزلاً لما أقبلنا إلى الثغور مع غروب الشمس وكنا صائمين .. فأردنا أن نطبخ فطورنا وعشاءنا ..
فلما نزلنا أقسم الغلام علينا ألايصنع لنا الفطور إلا هو .. فأردنا أن نمنعه عن ذلك إذ هو لا يزال في تعب شديد منطول الطريق وعسره .. لكنه أبى علينا ذلك ..
فلما نزلنا قلنا له : تنحّى عناقليلا حتى لا يؤذينا دخان الحطب ..
بارقة كتب " الكاتبة .. بارقة
فلله .. كم من صالح وصالحة اشتاقت إليهمالجنة كما اشتاقوا هم إليها .. من حسن أعمالهم وطيب أخبارهم ولذة مناجاتهم ..
وكان لكل واحد منهم .. ولكل واحدة منهن مع الله جل جلاله أخبــار وأســرار .. لم يطلع عليها غيره أبداً .. جعلوها بين أيديهم عنده عددا .. لا يطلبون جزاءهم إلامنه .. فطريقهم إليه .. ومعوّلهم عليه .. ومآلهم يكون بين يديه ..
المشتاقونإلى الجنة .. لهم مع ربهم تعالى أخبــار وأســرار
فإليكم شيئا من أخبارهموطرفاً من أسـرارهـم ..
.............................. ....................
كان هناك رجل من الصالحين اسمه .. أبو قدامة الشامي ..
كان رجلاً قد حُببإليه الجهاد والغزو في سبيل الله .. فلا يسمع بجهاد بين المسلمين والكفار ولا بغزوفي سبيل الله لنصرة الإسلام إلا وسارع وجاهد مع المسلمين هناك ..
جلسأبو قدامة يوماً في الحرم المدني .. فسأله سائل فقال :
" يا أبا قدامةحدثنا بأعجب ما رأيته من أمر الجهاد والغزو .. أنت رجل قد أكثرت من الجهاد في سبيلالله .. ومن حضور المعارك التي بين المسلمين والكفار .. فحدثنا بأعجـب مـا رأيته منأمر الجهاد والغزو "
فقال أبو قدامة : إني محدثكم عن ذلك ..
خرجت مرة مع أصحاب لي إلى الرقة لنقاتل بعض المشركين في الثغور .. والثغورهي مراكز عسكرية تُجعل على حدود البلاد الإسلامية لصد الكفار عنها ..
فلمانزلت في الرقة وهي مدينة في العراق على نهر الفرات .. اشتريت منها جملاً أحمل عليهسلاحي ووعظت الناس في مساجدها وحثثتهم على الجهاد في سبيل الله والإنفاق لنصرةالإسلام الذي جعلهم الله قائمين عليه ..
قال أبو قدامة .. فلما تكلمت فيبعض مساجدها .. ودعوت الناس للخروج للقتال في سبيل الله
ثم جنَّ عليّالليل .. اكتريت منزلاً أبيت فيه .. فلما ذهب بعض الليل .. فإذا الباب يُـطــرق علي
فعجبت عجبـاً شديداً .. من هذا الذي يطرق عليّ الباب !! .. فأنا رجل غيرمعروف في هذه البلاد !! .. وليس لي بأحد اتصال ولا معرفة .. فمن هذا الذي سوف يأتيإلي في هذه الظلمة !! قال : فلما فتحت الباب وأنا وجل .. فإذا بامرأةمتحصنة عفيفة .. قد تلفعّت بجلبابها فلا ترى منها شيئا .. قال فلما رأيتهافزعت منها وقلت .. يا أمة الله ما تريدين رحمك الله !! ..
قالت لي .. أنتأبو قدامة ؟
قلت .. نعم
قالت .. أنت الذي جمعت المال اليوم بالثغور ؟
قلت نعم
قال أبو قدامة .. فلما سمعت مني ذلك دفعت إلي رقعة وخرقةمشدودة ثم انصرفت باكية ..
قال فتعجبت والله من شأنها .. والخرقة بين يدي .. فنظرت في هذه الرقعة
فإذا مكتوب فيها :
"يا أبا قدامة .. إتك قد دعوتنااليوم إلى الجهاد .. وأنا امرأة لا أستطيع الجهاد ولا قدرة لي على ذلك .. ولم أجدمالاً أزودك به لتذهب به إلى المجاهدين .. فقطعت أحسن ما فيَّ .. فهما ضفيرتاي ثمصنعت منهما شكالاً " يعني حبلاً ". . يربط بهما الفرس وأنفذتهما إليك لتجعلهما قيدفرسك .. لعل الله تعالى إذا رأى شعري قيد فرسك في سبيله أن يغفر الله تعالى لي وأنيدخلني إلى الجنة "
قال أبو قدامة .. فعجبت والله من حرصها وبذلها لكل ذلكفي سبيل الله .. وشدة شوقها إلى المغفرة والجنة .. مع أنها صنعت أمراً غير مشروع فيالدين .. أن تقص شعرها بهذه الطريقة .. لكن شوقها إلى الجنة غلبها على ذلك ..
قال فجعلت هذه الخرقة في بعض متاعي .. ثم لما أصبحنا وصلينا الفجر .. خرجتأنا وأصحابي من الرقة .. فلما بلغنا حصن مسلمة ابن عبد الملك ..
فإذا بفـارس يصيـحوراءنا وينـادي يقـول :
يا أبـا قدامــة .. يا أبـا قدامــة قـف علييرحمـك الله
فقلت لأصحابي تقدموا أنتم عني وأنا أرجع أنظر في خبر هذاالفارس !!
فلما رجعت إليه بدأني بالكلام وقال .. " الحمد لله الذي لميحرمني صحبتك ولم يردني خائباً إلى أهلي "
فقلت له ما تريد رحمك الله ؟ .. قال أريد الخروج معكم للقتال ..
فقلت له .. أسفر عن وجهك فإذا كنت كبيراًيلزمك القتال قبلتك .. وإن كنت صغيراً لا يلزمك الجهاد رددتك ..
قال فكشفاللثام عن وجهه .. فإذا بوجه كمثل القمر .. وإذا هو شاب غلام عمره 17 سنة .. فقلتله : يا بني عندك والد ؟ .. فقال أبي قد قتله الصليبيون وأنا خارج أقاتل الذينقتلوا أبي .
فقلت له أعندك والـدة ؟ .. قال نعـم
فقلت ارجع إلى أمكفأحسن صحبتها فإنك إذا أحسنت صحبتها فإن الجنة تحت قدميها ..
قال أبو قدامة .. فتعجب مني الغلام وقال : سبحان الله أما تعرف أمي ؟
قلت له لا والله ماأعرف أمك ..
فقال أمي هي صاحبة الوديعة .. قلت وأي وديعة ؟
قال أمي هيصاحبة الشكال .. قلت أي شكال ؟
قال الغلام سبحان الله ما أسرع ما نسيت .. أما تذكر المرأة التي أتت إليك البارحة ثم أعطتك الكيس والشكال " الحبل الذي تربطبه فرسك " .. قال أبو قدامة :
فقلت بلى ما خبرها ؟ ..
قال تلكوالله أمي أمرتني أن أخرج إلى الجهاد وأقسمت علي أن لا أرجع إليها .. وقالت لي " يابني إذا لقيت الكفار فلا تولهم الأدبار واهب نفسك لله واطلب مجاورة الله ومساكنةأبيك واخوانك في الجنة .. فإذا رزقك الله الشهادة فشفع فيَّ " ..
ثم ضمتنيإلى صدرها ورفعت بصرها إلى السماء وقالت " إلهـي وسيدي ومولاي .. هذا ولدي .. وريحانة قلبي .. وثمرة فؤادي .. سلمته إليك فقربه من أبيه وأخواله "
قالأبو قدامة .. فعجبت والله من هذا الغلام .. ثم عاجلني الغلام بقولـه " فسألتك باللهيا عمي يا أبا قدامة أن لا تحرمني الغزو في سبيل الله معك .. أنا انشاء الله الشهيدابن الشهيد .. فإني حافظ لكتاب الله عارفٌ بالفروسية والرمي فلا تحقرني لصغر سني "
قال أبو قدامة .. فلما سمعت ذلك منه لم أستطع والله أن أرده فأخذناه معنا ..
فوالله ما رأينا أنشط منه إن ركبنا فهو أسرعنا .. وإن نزلنا فهو أنشطنا .. وهو في كل أحواله في الطريق وفي النزول لا يفتر لسانه عن ذكر الله جل جلالهأبداً ..
فنزلنا منزلاً لما أقبلنا إلى الثغور مع غروب الشمس وكنا صائمين .. فأردنا أن نطبخ فطورنا وعشاءنا ..
فلما نزلنا أقسم الغلام علينا ألايصنع لنا الفطور إلا هو .. فأردنا أن نمنعه عن ذلك إذ هو لا يزال في تعب شديد منطول الطريق وعسره .. لكنه أبى علينا ذلك ..
فلما نزلنا قلنا له : تنحّى عناقليلا حتى لا يؤذينا دخان الحطب ..