ام حفصه
16 Apr 2013, 08:55 AM
http://www.alzhour.com/essays/%D8%A7%D9%8A%D8%AF.jpg
بقلم: نور الهدى سعد
كان المستشار علي جريشة، رحمه الله، يلتقي في الحرم المكي أو في بعض الفعاليات والمؤتمرات بأناس لا يعرف ملامحهم ولا يذكرها، ولكنهم كانوا يصافحونه بحرارة ويسلمون عليه بحفاوة ويقبلون يديه بامتنان، فإذا ما سألهم عن أسمائهم قالوا: نحن بعض حسناتك! فهؤلاء لم يكونوا سوى تلاميذ أو مرؤوسين عملوا وتعاملوا مع الرجل في مراحل مختلفة من حياته وتعلموا منه دروس العطاء والتجرد وما زالوا يذكرونه بالخير ويعدون أنفسهم في ميزان حسناته!
هكذا يبقى الصنيع الطيب علامة فارقة في قلب وعقل من يُصنع فيهم المعروف، وتبقى الكلمة أو النصيحة أو الهدية أو حتى مجرد الابتسامة الودود بصمة في الذاكرة لا يمحوها الزمن.
وكلما كان العطاء صادًقًا والمعروف غير مفتعل والخير خالصًا لوجه الله كان الأثر أعمق وكان حفظ الجميل أدوم والامتنان أقوى.
ومن لطف الله الكريم وسعة علمه بقلوب عباده ونواياهم أن تذكر الإحسان يكون غالبًا من نصيب من يفعلونه لوجه الله ولا ينتظرون عليه جزاءً ولا شكورًا فإذا بالشكر والعرفان يعجلان لهم بالبشرى.. بشرى القبول والرضا.
والذكي الفطن هو من يصنع لنفسه الذكر الحسن الذي تستمر به حياته المعنوية بعد الموت، بصنعه لا رياءً أو طلبًا لحظ النفس وإنما تكثيرًا لسواد من يشهدون له بالخير فيقبل الله شهادتهم ولا يردها..
وكم من تصرفات يسيرة تتضافر وتتجاوز لتصنع رصيدًا هائلًا من الحسنات لا يتوقع صاحبه أن الأمر الهين الذي فعله يومًا ما بتلقائية وطواعية يمكن أن يكون تقييمه عند الله بهذه العظمة وذلك السمو.
كم من تصرفات لا تكبد وقتًا ولا جهدًا ولا مالًا ولكنها تجلب لصاحبها فيوضًا من العطاء الرباني ومعها نظرات امتنان صادقة من البشر وكلمات شكر دافئة من قلوبهم.
فلنجرب – ونستمع بمشاعر البذل الذي يرتد إلى النفس عاجلًا أو آجلًا خيرًا وفضلًا..
لنجرب ابتسامة لا تغادر الوجه حتى في أحلك اللحظات وعند لقيا كل الناس، لنجرب نصيحة لينة في الخير، وكلمة طيبة تزرع الأمل، ورتبة على كتف مأزوم، وطرقة هادئة على باب الجيران نتفقد أحوالهم، وعونًا للمحتاجين ولو بدعوة إلى التصبر والرضا، وقطعة حلوى صغيرة تدخل السرور على أطفال الأقارب والجارات، وعبارة تشجيع صادقة للزوج الحبيب، ولقبًا جميلاً ننادى به صغارنا، وعلمًا نافعًا نبذله بحب، ودفاعًا عن مظلوم في وجه ظالمه، وإعذارًا لمقصرٍ في حقنا، وعتابًا رقيقًا لمن نحب لا يجرح المشاعر، وزيارة في الله لغير مصلحة دنيوية، واعتذارًا ودورًا لمن أخطأنا في حقه بغير قصد، واحتفاءً بكل لفتة طيبة من أحبائنا، وحرصًا على إرضاء كل من حولنا في غير معصية، وهدية بسيطة تحمل رسائل الحب الدافئة، وصمتًا جميلًا في مواقف الجدال العقيم ندفع به عن الآخرين الحرج، وإكرامًا ماديًا ومعنويًا للضيف، وتواضعًا للبسطاء، وإنصاتًا في غير تصنع، وبذلًا لكل فضل من غير مَنْ..
.. إن الحياة الدنيا لا تستحق أن نغادرها ووراءنا ذكر غير طيب والآخرة تستحق أن نستعد لها بأحسن الأقوال والأفعال.. تستحق أن نمهد طريقنا إليها بمحاريث الخير، ونزرعه بالبر فما أهون العمر مهما طال إلى جوار لفظة ترحم من قلب صالح يرفع الله بها درجاتنا، وما أقصر الحياة إذا قورنت بطول ذكر حسن، وما أضأل متاعب الدنيا في ميزان حسنات المرء يوم يلقى ربه!
فليكن الآخرون جسورنا إلى الجنة.. الآخرون أتقيأهم وفجارهم، الأتقياء الذين يصونون الود ويحفظون الجميل ويذكرون المعروف، والفجار الذين يجحدون وينكرون ويتقلبون فيكون صبرنا عليهم أرحب الأبواب إلى الأجر والثواب.
بقلم: نور الهدى سعد
كان المستشار علي جريشة، رحمه الله، يلتقي في الحرم المكي أو في بعض الفعاليات والمؤتمرات بأناس لا يعرف ملامحهم ولا يذكرها، ولكنهم كانوا يصافحونه بحرارة ويسلمون عليه بحفاوة ويقبلون يديه بامتنان، فإذا ما سألهم عن أسمائهم قالوا: نحن بعض حسناتك! فهؤلاء لم يكونوا سوى تلاميذ أو مرؤوسين عملوا وتعاملوا مع الرجل في مراحل مختلفة من حياته وتعلموا منه دروس العطاء والتجرد وما زالوا يذكرونه بالخير ويعدون أنفسهم في ميزان حسناته!
هكذا يبقى الصنيع الطيب علامة فارقة في قلب وعقل من يُصنع فيهم المعروف، وتبقى الكلمة أو النصيحة أو الهدية أو حتى مجرد الابتسامة الودود بصمة في الذاكرة لا يمحوها الزمن.
وكلما كان العطاء صادًقًا والمعروف غير مفتعل والخير خالصًا لوجه الله كان الأثر أعمق وكان حفظ الجميل أدوم والامتنان أقوى.
ومن لطف الله الكريم وسعة علمه بقلوب عباده ونواياهم أن تذكر الإحسان يكون غالبًا من نصيب من يفعلونه لوجه الله ولا ينتظرون عليه جزاءً ولا شكورًا فإذا بالشكر والعرفان يعجلان لهم بالبشرى.. بشرى القبول والرضا.
والذكي الفطن هو من يصنع لنفسه الذكر الحسن الذي تستمر به حياته المعنوية بعد الموت، بصنعه لا رياءً أو طلبًا لحظ النفس وإنما تكثيرًا لسواد من يشهدون له بالخير فيقبل الله شهادتهم ولا يردها..
وكم من تصرفات يسيرة تتضافر وتتجاوز لتصنع رصيدًا هائلًا من الحسنات لا يتوقع صاحبه أن الأمر الهين الذي فعله يومًا ما بتلقائية وطواعية يمكن أن يكون تقييمه عند الله بهذه العظمة وذلك السمو.
كم من تصرفات لا تكبد وقتًا ولا جهدًا ولا مالًا ولكنها تجلب لصاحبها فيوضًا من العطاء الرباني ومعها نظرات امتنان صادقة من البشر وكلمات شكر دافئة من قلوبهم.
فلنجرب – ونستمع بمشاعر البذل الذي يرتد إلى النفس عاجلًا أو آجلًا خيرًا وفضلًا..
لنجرب ابتسامة لا تغادر الوجه حتى في أحلك اللحظات وعند لقيا كل الناس، لنجرب نصيحة لينة في الخير، وكلمة طيبة تزرع الأمل، ورتبة على كتف مأزوم، وطرقة هادئة على باب الجيران نتفقد أحوالهم، وعونًا للمحتاجين ولو بدعوة إلى التصبر والرضا، وقطعة حلوى صغيرة تدخل السرور على أطفال الأقارب والجارات، وعبارة تشجيع صادقة للزوج الحبيب، ولقبًا جميلاً ننادى به صغارنا، وعلمًا نافعًا نبذله بحب، ودفاعًا عن مظلوم في وجه ظالمه، وإعذارًا لمقصرٍ في حقنا، وعتابًا رقيقًا لمن نحب لا يجرح المشاعر، وزيارة في الله لغير مصلحة دنيوية، واعتذارًا ودورًا لمن أخطأنا في حقه بغير قصد، واحتفاءً بكل لفتة طيبة من أحبائنا، وحرصًا على إرضاء كل من حولنا في غير معصية، وهدية بسيطة تحمل رسائل الحب الدافئة، وصمتًا جميلًا في مواقف الجدال العقيم ندفع به عن الآخرين الحرج، وإكرامًا ماديًا ومعنويًا للضيف، وتواضعًا للبسطاء، وإنصاتًا في غير تصنع، وبذلًا لكل فضل من غير مَنْ..
.. إن الحياة الدنيا لا تستحق أن نغادرها ووراءنا ذكر غير طيب والآخرة تستحق أن نستعد لها بأحسن الأقوال والأفعال.. تستحق أن نمهد طريقنا إليها بمحاريث الخير، ونزرعه بالبر فما أهون العمر مهما طال إلى جوار لفظة ترحم من قلب صالح يرفع الله بها درجاتنا، وما أقصر الحياة إذا قورنت بطول ذكر حسن، وما أضأل متاعب الدنيا في ميزان حسنات المرء يوم يلقى ربه!
فليكن الآخرون جسورنا إلى الجنة.. الآخرون أتقيأهم وفجارهم، الأتقياء الذين يصونون الود ويحفظون الجميل ويذكرون المعروف، والفجار الذين يجحدون وينكرون ويتقلبون فيكون صبرنا عليهم أرحب الأبواب إلى الأجر والثواب.