المنذر
22 Apr 2013, 12:41 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
قال عز وجل : ان الساعة اتية اكاد اخفيها
( سورة طه )
الحمد لله حمداً كثيرا كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد،
قبل كل شيئ أتمنى أن تعطوا الموضوع تلك الدقائق القليلة وتقرأونه للآخر ، ولا تنسوا التعليق وهو ليس إجباري !
ألم تسأل نفسك يوماً كيف ولم وما معنى أن الله الجليل العظيم المتعال المتكبر الجبار خالق كل شيئ ومليكه كيف يبلغ موسى أن الساعة آتية أكاد أخفيها ؟ إنه لسؤال عظيم !
هذه الآية قرأتها فما ذقت نوماً فأرقتني وأصابتني بالرعب الشديد ، كثير من الدعاة والوعاظ يخوفون الناس من عذاب النار ومن الموت
والقبر ويوم القيامة الذي موعده متفق على أنه لا يعلمه إلا الله وهو المعروف (بالساعة).
لم أستطع النوم ، أصبت بالأرق .. لم أستطيع القراءة في الكتب كالمعتاد ! ولا الجلوس على برامج التلفاز ولا الحديث مع الأهل!
فبدأ معناها يتجاذب في خلايا دماغي ، ويحلل يميناً وشمالاً فما وصلت لجواب مقنع وقاطع ومكتمل.
لأن العقل البشري قاصر عن إدراك تاول كتاب الله بالكلية .. لأن هذا الوحي بحاجة لمفسر متأول معلم ، ولذا دعى رسول الله صلى الله عليه
وسلم لإبن عباس " اللهم علمه التأويل". لذا كان توجهي البحث عن قول أكابر المفسيرن مثل ابن عباس وأبي بن كعب ومجاهد وغيرهم.
ما هي الساعة وما هو معنى "أكاد أخفيها" وماذا تقتضيه ؟
أما الساعة فهي اليوم الموعود للحساب للمخلوقات جميعاً عند ربها وهو اليوم المعروف بيوم القيامة.
أما معنى أكاد اخفيها فنورد أهم المعاني وأجلاها.
***
الدر المنثور في التفسير بالمأثور - للسيوطي:
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إِن السَّاعَة آتِيَة أكاد أخفيها} يَقُول: لَا أظهر عَلَيْهَا أحدا غَيْرِي
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إِن السَّاعَة آتِيَة أكاد أخفيها} قَالَ: أكاد أخفيها من نَفسِي
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {أكاد أخفيها} قَالَ: من نَفسِي
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أَنه قَرَأَ أكاد أخفيها من نَفسِي
يَقُول: لِأَنَّهَا لَا تخفى من نفس الله أبدا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَيْسَ من أهل السَّمَوَات وَالْأَرْض أحد إِلَّا وَقد أخْفى الله عَنهُ علم السَّاعَة وَهِي فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود أكاد أخفيها عَن نَفسِي
يَقُول: أكتمها من الْخَلَائق حَتَّى لَو اسْتَطَعْت أَن أكتمها من نَفسِي فعلت
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فِي بعض الْقِرَاءَة أكاد أخفيها عَن نَفسِي
قَالَ: لعمري لقد أخفاها الله من الْمَلَائِكَة المقربين وَمن الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي صَالح فِي قَوْله: {أكاد أخفيها} قَالَ: يخفيها من نَفسه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي عَن وَرْقَاء قَالَ: أَقْرَأَنيهَا سعيد بن جُبَير {أكاد أخفيها} يَعْنِي بِنصب الْألف وخفض الْفَاء
يَقُول: أظهرها
ثمَّ قَالَ أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: دأت شَهْرَيْن ثمَّ شهرا دميكاً مَا دميكين يخفيان عُمَيْرًا
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن الْفراء قَالَ: فِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ أكاد أخفيها من نَفسِي فَكيف أطْلعكُم عَلَيْهَا
***
وجاء في التسهيل لعلوم التنزيل للكلبي :
}أَكَادُ أُخْفِيهَا {اضطرب الناس في معناها ، فقيل: أخفيها بمعنى أظهرها، وأخفيت هذا من الأضداد .
وقال ابن عطية:هذا قول مختل، وذلك أن المعروف في اللغة أن يقال: أخفى بالألف من الإخفاء، وخفي بغير ألف
بمعنى أظهر، فلو كان بمعنى الظهور لقال: أخفيها بفتح همزة المضارع، وقد قرىء بذلك في الشاذ،
وقال الزمخشري:قد جاء في بعض اللغات أخفى بمعنى خفي: أي أظهر، فلا يكون هذا القول مختلاً على هذه اللغة،
وقيل: أكاد بمعنى أريد، فالمعنى أريد إخفاءها وقيل: إن المعنى إن الساعة آتية أكاد، وتم هنا الكلام بمعنى أكاد أنفذها لقربها،
ثم استأنف الإخبار فقال أخفيها، وقيل: المعنى أكاد أخفيها عن نفسي فكيف عنكم، وهذه الأقوال ضعيفة،
وإنما الصحيح أن المعنى أن الله أَبْهم وقت الساعة فلم يطلع عليه أحداً، حتى أنه كاد أن يخفي وقوعها لإبهام وقتها، ولكنه لم
يخفها إذا أخبر بوقوعها، فالأخفى على معناه المعروف في اللغة، وكاد على معناها من مقاربة الشيء دون وقوعه وهذا
المعنى هو اختيار المحققين }لِتُجْزَىٰ { يتعلق بآتية }بِمَا تَسْعَىٰ{ أي بما تعمل .انتهى كلامه ( رحمه الله) .
***
خلاصة التفسير والراجح من أقوال المفسيرين وأقوال ابن عباس رضي الله عنهما :
فعلى هذا يكون المعنى والله تعالى أعلم بمراده :
إن الساعة واقعة لامحالة ، أكاد أخفي نبأ وقوعها لإبهام وقتها ، ولكني أخبرت بوقوعها وأخفيت وقتها ،
لتجزى حينها كل نفس بما سعت به في الدنيا من خير أو شر .
وتأمل قول الله تعالى :
يدل على أن الإخفاء لقربها ولأنها تأتي بغته وفجأة. فهي معلومة الوقوع لا محالة خفية الأجل والوقت عن كل مخلوق.
وما تأتي الساعة إلا بأمر من الله سبحانه وتعالى وجل علاه بشكل مفاجئ لكل مخلوق حتى الملائكة منهم.
****
فائدة عظيمة:
قال الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي:
إن الله سبحانه وتعالى قال لموسى في نذارته هذا التحذير العظيم البليغ: {إن الساعة آتية} لا بد أن تأتي القيامة،
{أكاد أخفيها} معنى: {أكاد} هنا أنه سبحانه وتعالى يُخفيها، لكن ذلك الإخفاء يظهر فيه بعض العلامات التي يُبرزها أيضاً،
فكل يومٍ يظهر للناس بعض العلامات التي تدل على اقترابها، وذلك من أيام موسى ومما قبله،
فكل يوم تطلع فيه الشمس هو علامة على الاقتراب من الساعة، ومع ذلك قال: {أكاد أخفيها}،
وبيَّن حكمة قيام الساعة فقال : { لتجزى كل نفس بما تسعى} ، فالقيامة إنما جعلها الله: {لتجزى كل نفس بما تسعى} ،
فمن عمل صالحاً فله جزاءه، ومن عمل سيئاً فله جزاءه، وإنما الجزاء مطلقاً في الدار الآخرة لا في الحياة الدنيا.
ولأبين لمن لم يفهم قول الشيخ ، أي أن الله أخفى الساعة ولكنه أظهر علامات اقترابها والتي بدأت من نبوة موسى عليه السلام ..
وكما في حديث جبريل المشهور عندما سأل رسول الله صلى الله عن متى الساعة فأخبره أنه ما المسأول عنها بأعلم من السائل..
أما أمارتها وعلاماتها فهي ما تظهر قربها فأخبره بها.
ويدل على هذا المعنى بوضوح قال تعالى: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ
فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }(187) الاعراف
******
علامات الساعة
أما علامات الساعة فتنقسم لقسمين الصغرى و الكبرى .. أما الصغرى فهي المذكورة في حديث جبريل:
أن تلد الأمة ربتها وأن ترى العراة الحفاةرعاء الشاة يتطاولون في البنيان.
وقيل كثرة الزلازل والكوارث.
وانشقاق القمر في عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وكذلك بعثة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم تعد من علامات اقتراب الساعة ..
وكل السابق يعد من العلامات الصغرى.
****
أما علامات الساعة الكبرى وتسمى أشراط الساعة الكبرى فهي في حدود العشرة ونذكر ما اتفق على حصره:
1- مبايعة الناس المهدي (محمد بن عبدالله) وقتال الروم بعد صلح غدروا به المسلمين ثم فتح القسطنطينية للمرة الثانية ثم فتح روما للمرة الأولى طبعاً.
2- يقاتل المسلمون اليهود فيقتلونهم حتى يتكلم الشجر والحجر ويقول يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي ورائي فتعال فاقتله.
(أقترب هذا اليوم إن شاء الله).
3- خروج المسيح الدجال، وعلامته كفر بين عينيه في جبينه لا يراها إلا المؤمن ومن عصمه الله وتعد فتنته أعظم الفتن
على الإطلاق ، فما من نبي إلا وحذر أتباعه من الدجال. ويأتي ومعه نار وجنة ، وقد دأب المصلون على الإستعاذة من فتنة الدجال في كل صلاة بعد التشهد الأخير.
4-ظهور يأجوج ومأجوج وهم قوم يخرجون من السد الذي بناه ذو القرنين ، يقتلون العباد ويدمرون البلاد.
5- نزول المسيح عليه السلام عند سارية المسجد بدمشق واجتماع أهل الشام عليه وفضلاء جند العراق و جند اليمن ومصر وقتله للمسيح الدجال ويأجوج ومأجوج.
6-غزو الروم لدابق بالشام وغالبا هي قبل العلامات السابقة زمنيا والله أعلم.
ويدل على ذلك حديث جميل في صحيح مسلم هذا نصه:
<< لاتقوم الساعة حتى تنزل الروم بالأعماق - أو بدابِقَ - فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل
الأرض يومئذ ، فإذا تصافوا ، قالت الروم : خلوا بينا وبين الذين سُبُوا مِنَّا نقاتلْهم، فيقول المسلمون :
لا والله، كيف نُخَلِّي بينكم وبين إخواننا ، فيقاتلونهم ؟فينهزم ثُلُث ولا يتوب الله عليهم أبدا ، ويُقتَل ثلثُهم
أفضل الشهداء عند الله ، ويفتتح الثلث، لا يُفتَنون أبدا ، فيفتَتحِون قسطنطينية ، فبينما هم يقتسمون الغنائم،
قد عَلَّقوا سُيوفَهُهْم بالزيتون ،إذ صاح فيهم الشيطان : إنَّ المسيحَ الدَّجَّالَ فد خَلَفَكم في أهاليكم، فيخرجون،
وذلك باطل ، فإذا جاؤوا الشام خرج ، فبيناهم يُعِدِّون القتال ، يُسَوُّون صفوفَهم ، إذا أقيمت الصلاة ، فينزل
عيسى بن مريم ، فأمَّهم ، فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب في الماء فلو تركه لا نزاب حتى يهلك ، ولكن
يقتله الله بيده -يعني المسيح- فيريهم دَمه في حربته << . أخرجه مسلم.
7- الخسوف الثلاثة وتعتبر كل واحدة آية منفصلة .. خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب.
8- نار تخرج من قعر عدن تحشر الناس فتبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا، (. (روي في بعض كتب الأثر والتاريخ أن هذه الآية وقعت فعلاً
9- طلوع الشمس من مغربها ، وهو أكثر العلامات تأخراً حيث هي الفرقان الأخير بين المؤمن والكافر..
حيث لا ينفع بعدها إيمان نفس لم تكن آمنت من قبل !وقيل أنها تخرج ثلاث أيام من مغربها ثم تعود لأصلها
وهذه الآية تشغل البال والحال حتى ما يضل إنسان إلا وانهارت أركانه بما فرط وكذب وعصى ربه ! وإنها لآية عظيمة مهيبة مخيفة جداً فماذا أعددنا لها ؟
10- خروج الدابة وهي في هول وعظم آية طلوع الشمس من مغربها ، هذه الدابة العجيبة تكلم الناس وتخبرهم أن الناس كانوا بآيات الله لا يوقنون.
تنقط هذه الدابة نقطة بيضاء على المؤمن فيتحول أبيضاً ، وتنقط نقطة سوداء على الكافر فيتحول بشره إلى اللون الأسود ويكون لون البشرة فرقاناً.
وعند هذه الفتنة وطلوع الشمس من مغربها يتم التصنيف بين المؤمنين والكفار ولا تنفع التوبة . بعدها ، ونعود ونقول ماذا أعددت لها ؟
11- آية الدخان في السماء . وهي من الآيات التي وقعت في السابق كما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه
أخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أبي عُبَيْدَة وَأبي الْأَحْوَص عَن عبد الله قَالَ: الدُّخان جوع أصَاب قُريْشًا حَتَّى كَانَ أحدهم لَا يبصر السَّمَاء من الْجُوع
12- ريح طيبة تأخذ أرواح المؤمنين آخر الزمان.
13- رفع القرآن من المصاحف والصدور ، وانتشار الهرج والمرج والفتن والمنكرات والظلم وأكل الأموال والفواحش.
****
فـــائــدة:
وهناك أشراط اخرى للساعة ولكن العبرة ليس بكثرة سردها ولكن العبرة بالخوف من الفتن ومن قرب الساعة نفسها .. أنت أين من ذلك؟
نعود الآية لآية الموضوع إن سياق الآية بهذه الصورة مخيف جداً ، ذلك أن الآيات الأخرى تدل على ذلك ففي نهاية سورة النازعات:
يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (44)
إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (45) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46)
والمعنى علم الساعة لن يعلمه أحد إلا الله .. ولكن ما يجب عليك أن تعلمه أنك يجب أن تخشى هذا اليوم !!
فماذا أعددت لها وكيف تستعد لهذا اليوم ؟
وإذا رحمنا الله ولم تقم علينا الساعة حيث أن الساعة لا تقوم إلا على شرار الخلق ،
فهل تعلم أن لكل شخص منا ساعته الخاصة به وهي قيامتك ألا وهي الموت !
فمن مات قامت قيامته ، وحانت ساعته ، وانقطع عمله وبدأ ابتلاءه وحسابه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله !
****
كيف تستعد للــســاعة وتكون في جانب السلامة والفــوز ؟
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رجل يا رسول الله متى الساعة؟ قال: وما أعددت لها فلم يذكر كبيراً
قال: ولكن أحب الله ورسوله قال: فأنت مع من أحببت. (رواه مسلم)
قال انس رضي الله عنه : فما فرحنا في الإسلام مثل فرحنا بأنت مع من أحببت في إشارة لشدة محبة الصحابة لله ورسوله
ومن يريد أن يستعد للساعة بحب الله ورسوله لا يكون ذلك بالمحبة القلبية فقط ! فهذه واجبة على كل مسلم
أما المطلوب من هذه المحبة هو طاعة الله ورسوله فيما أمر واجتناب ما نهى الله ورسوله.
قال تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [آل عمران: ١٣٢]
فبدون طاعة الله والرسول لا رحمة للعباد.
وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ [محمد: ٣٣].
فمن يعصى الله ورسوله فقد خسر وحبط كل عمله.
عن أبي هُريرةَ رضِي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((ما نَهَيتُكم عنه فاجْتَنِبُوه، وما أَمَرْتُكم به فَأْتُوا منه ما اسْتَطَعْتُم))متفق عليه.
وقال اللهُ تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: ٣٦].
وهذه الآية الآخيرة تدل على أن المسلم غير مخير في أوامر الله ورسوله بل هو ملزم بالإنقياد والطاعة..
وهي طاعة مطلقة غير مقيدة يلزم منها فعل الشيئ المأمور به بمعرفة الحكمة منه أو بدون معرفة الحكمة.
ومن يتبع غير سبيل الله وسنة رسوله فهو ضال ولن يفلح أبداً كما في الآية السابقة فهو ضال ضلالا بينا واضحا وتؤيدها الآية التالية:
قال اللهُ تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ١١٥].
فإن كنت مستعدا للساعة فأعد لها كل ما يرضى الله ورسوله ، وأترك عنك كل ما لا ينفع ! أمر الله ورسوله بفعل كذا فافعل ! نهى الله ورسوله عن كذا فلا تفعل وانتهي !
يا إخواني إقتربت الساعة فلا تكونوا من الغافلين عن ذكرها ، لا تلهوا بالحياة الدنيا وتنسونها ، خذوا نصيبكم من الحلال في الدنيا ..
وليس نصيبكم من الحرام ! وليس يكون نصيبكم من الدنيا بترك طاعة الله والصلاة والصيام وذكر الله وقراءة القرآن والصدقة وبر الوالدين !
لا تضيعوا آخرتكم بالسعي وراء ملذات الدنيا !! .. ألغو القنوات الفضائية الفاسدة ..
وتحولوا إلى طلب العلم النافع والعمل المجد الكافي ولا تنشغلوا عن الله ورسوله !
ولا تغفلوا عنها فتكونوا ممن وقع في معية المعرضين عنها !! قال تعالى : ( إقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون(
******
خـــاتــمــة:
الساعة آتية قريباً ، تزودوا لها واستعدوا وخير الزاد التقوى ! وكتاب الله ! وسنة نبيه !
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
قال عز وجل : ان الساعة اتية اكاد اخفيها
( سورة طه )
الحمد لله حمداً كثيرا كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم وبعد،
قبل كل شيئ أتمنى أن تعطوا الموضوع تلك الدقائق القليلة وتقرأونه للآخر ، ولا تنسوا التعليق وهو ليس إجباري !
ألم تسأل نفسك يوماً كيف ولم وما معنى أن الله الجليل العظيم المتعال المتكبر الجبار خالق كل شيئ ومليكه كيف يبلغ موسى أن الساعة آتية أكاد أخفيها ؟ إنه لسؤال عظيم !
هذه الآية قرأتها فما ذقت نوماً فأرقتني وأصابتني بالرعب الشديد ، كثير من الدعاة والوعاظ يخوفون الناس من عذاب النار ومن الموت
والقبر ويوم القيامة الذي موعده متفق على أنه لا يعلمه إلا الله وهو المعروف (بالساعة).
لم أستطع النوم ، أصبت بالأرق .. لم أستطيع القراءة في الكتب كالمعتاد ! ولا الجلوس على برامج التلفاز ولا الحديث مع الأهل!
فبدأ معناها يتجاذب في خلايا دماغي ، ويحلل يميناً وشمالاً فما وصلت لجواب مقنع وقاطع ومكتمل.
لأن العقل البشري قاصر عن إدراك تاول كتاب الله بالكلية .. لأن هذا الوحي بحاجة لمفسر متأول معلم ، ولذا دعى رسول الله صلى الله عليه
وسلم لإبن عباس " اللهم علمه التأويل". لذا كان توجهي البحث عن قول أكابر المفسيرن مثل ابن عباس وأبي بن كعب ومجاهد وغيرهم.
ما هي الساعة وما هو معنى "أكاد أخفيها" وماذا تقتضيه ؟
أما الساعة فهي اليوم الموعود للحساب للمخلوقات جميعاً عند ربها وهو اليوم المعروف بيوم القيامة.
أما معنى أكاد اخفيها فنورد أهم المعاني وأجلاها.
***
الدر المنثور في التفسير بالمأثور - للسيوطي:
أخرج ابْن أبي حَاتِم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إِن السَّاعَة آتِيَة أكاد أخفيها} يَقُول: لَا أظهر عَلَيْهَا أحدا غَيْرِي
وَأخرج سعيد بن مَنْصُور وَعبد بن حميد وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن ابْن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فِي قَوْله: {إِن السَّاعَة آتِيَة أكاد أخفيها} قَالَ: أكاد أخفيها من نَفسِي
وَأخرج عبد بن حميد وَابْن الْأَنْبَارِي فِي الْمَصَاحِف عَن مُجَاهِد رَضِي الله عَنهُ فِي قَوْله: {أكاد أخفيها} قَالَ: من نَفسِي
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: أَنه قَرَأَ أكاد أخفيها من نَفسِي
يَقُول: لِأَنَّهَا لَا تخفى من نفس الله أبدا
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم عَن السّديّ رَضِي الله عَنهُ قَالَ: لَيْسَ من أهل السَّمَوَات وَالْأَرْض أحد إِلَّا وَقد أخْفى الله عَنهُ علم السَّاعَة وَهِي فِي قِرَاءَة ابْن مَسْعُود أكاد أخفيها عَن نَفسِي
يَقُول: أكتمها من الْخَلَائق حَتَّى لَو اسْتَطَعْت أَن أكتمها من نَفسِي فعلت
وَأخرج عبد الرَّزَّاق وَابْن الْمُنْذر وَابْن أبي حَاتِم عَن قَتَادَة رَضِي الله عَنهُ قَالَ: فِي بعض الْقِرَاءَة أكاد أخفيها عَن نَفسِي
قَالَ: لعمري لقد أخفاها الله من الْمَلَائِكَة المقربين وَمن الْأَنْبِيَاء وَالْمُرْسلِينَ
وَأخرج عبد بن حميد عَن أبي صَالح فِي قَوْله: {أكاد أخفيها} قَالَ: يخفيها من نَفسه
وَأخرج ابْن أبي حَاتِم وَابْن الْأَنْبَارِي عَن وَرْقَاء قَالَ: أَقْرَأَنيهَا سعيد بن جُبَير {أكاد أخفيها} يَعْنِي بِنصب الْألف وخفض الْفَاء
يَقُول: أظهرها
ثمَّ قَالَ أما سَمِعت قَول الشَّاعِر: دأت شَهْرَيْن ثمَّ شهرا دميكاً مَا دميكين يخفيان عُمَيْرًا
وَأخرج ابْن الْأَنْبَارِي عَن الْفراء قَالَ: فِي قِرَاءَة أبيّ بن كَعْب رَضِي الله عَنهُ أكاد أخفيها من نَفسِي فَكيف أطْلعكُم عَلَيْهَا
***
وجاء في التسهيل لعلوم التنزيل للكلبي :
}أَكَادُ أُخْفِيهَا {اضطرب الناس في معناها ، فقيل: أخفيها بمعنى أظهرها، وأخفيت هذا من الأضداد .
وقال ابن عطية:هذا قول مختل، وذلك أن المعروف في اللغة أن يقال: أخفى بالألف من الإخفاء، وخفي بغير ألف
بمعنى أظهر، فلو كان بمعنى الظهور لقال: أخفيها بفتح همزة المضارع، وقد قرىء بذلك في الشاذ،
وقال الزمخشري:قد جاء في بعض اللغات أخفى بمعنى خفي: أي أظهر، فلا يكون هذا القول مختلاً على هذه اللغة،
وقيل: أكاد بمعنى أريد، فالمعنى أريد إخفاءها وقيل: إن المعنى إن الساعة آتية أكاد، وتم هنا الكلام بمعنى أكاد أنفذها لقربها،
ثم استأنف الإخبار فقال أخفيها، وقيل: المعنى أكاد أخفيها عن نفسي فكيف عنكم، وهذه الأقوال ضعيفة،
وإنما الصحيح أن المعنى أن الله أَبْهم وقت الساعة فلم يطلع عليه أحداً، حتى أنه كاد أن يخفي وقوعها لإبهام وقتها، ولكنه لم
يخفها إذا أخبر بوقوعها، فالأخفى على معناه المعروف في اللغة، وكاد على معناها من مقاربة الشيء دون وقوعه وهذا
المعنى هو اختيار المحققين }لِتُجْزَىٰ { يتعلق بآتية }بِمَا تَسْعَىٰ{ أي بما تعمل .انتهى كلامه ( رحمه الله) .
***
خلاصة التفسير والراجح من أقوال المفسيرين وأقوال ابن عباس رضي الله عنهما :
فعلى هذا يكون المعنى والله تعالى أعلم بمراده :
إن الساعة واقعة لامحالة ، أكاد أخفي نبأ وقوعها لإبهام وقتها ، ولكني أخبرت بوقوعها وأخفيت وقتها ،
لتجزى حينها كل نفس بما سعت به في الدنيا من خير أو شر .
وتأمل قول الله تعالى :
يدل على أن الإخفاء لقربها ولأنها تأتي بغته وفجأة. فهي معلومة الوقوع لا محالة خفية الأجل والوقت عن كل مخلوق.
وما تأتي الساعة إلا بأمر من الله سبحانه وتعالى وجل علاه بشكل مفاجئ لكل مخلوق حتى الملائكة منهم.
****
فائدة عظيمة:
قال الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي:
إن الله سبحانه وتعالى قال لموسى في نذارته هذا التحذير العظيم البليغ: {إن الساعة آتية} لا بد أن تأتي القيامة،
{أكاد أخفيها} معنى: {أكاد} هنا أنه سبحانه وتعالى يُخفيها، لكن ذلك الإخفاء يظهر فيه بعض العلامات التي يُبرزها أيضاً،
فكل يومٍ يظهر للناس بعض العلامات التي تدل على اقترابها، وذلك من أيام موسى ومما قبله،
فكل يوم تطلع فيه الشمس هو علامة على الاقتراب من الساعة، ومع ذلك قال: {أكاد أخفيها}،
وبيَّن حكمة قيام الساعة فقال : { لتجزى كل نفس بما تسعى} ، فالقيامة إنما جعلها الله: {لتجزى كل نفس بما تسعى} ،
فمن عمل صالحاً فله جزاءه، ومن عمل سيئاً فله جزاءه، وإنما الجزاء مطلقاً في الدار الآخرة لا في الحياة الدنيا.
ولأبين لمن لم يفهم قول الشيخ ، أي أن الله أخفى الساعة ولكنه أظهر علامات اقترابها والتي بدأت من نبوة موسى عليه السلام ..
وكما في حديث جبريل المشهور عندما سأل رسول الله صلى الله عن متى الساعة فأخبره أنه ما المسأول عنها بأعلم من السائل..
أما أمارتها وعلاماتها فهي ما تظهر قربها فأخبره بها.
ويدل على هذا المعنى بوضوح قال تعالى: { يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي لَا يُجَلِّيهَا لِوَقْتِهَا إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ
فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً يَسْأَلُونَكَ كَأَنَّكَ حَفِيٌّ عَنْهَا قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ }(187) الاعراف
******
علامات الساعة
أما علامات الساعة فتنقسم لقسمين الصغرى و الكبرى .. أما الصغرى فهي المذكورة في حديث جبريل:
أن تلد الأمة ربتها وأن ترى العراة الحفاةرعاء الشاة يتطاولون في البنيان.
وقيل كثرة الزلازل والكوارث.
وانشقاق القمر في عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
وكذلك بعثة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم تعد من علامات اقتراب الساعة ..
وكل السابق يعد من العلامات الصغرى.
****
أما علامات الساعة الكبرى وتسمى أشراط الساعة الكبرى فهي في حدود العشرة ونذكر ما اتفق على حصره:
1- مبايعة الناس المهدي (محمد بن عبدالله) وقتال الروم بعد صلح غدروا به المسلمين ثم فتح القسطنطينية للمرة الثانية ثم فتح روما للمرة الأولى طبعاً.
2- يقاتل المسلمون اليهود فيقتلونهم حتى يتكلم الشجر والحجر ويقول يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي ورائي فتعال فاقتله.
(أقترب هذا اليوم إن شاء الله).
3- خروج المسيح الدجال، وعلامته كفر بين عينيه في جبينه لا يراها إلا المؤمن ومن عصمه الله وتعد فتنته أعظم الفتن
على الإطلاق ، فما من نبي إلا وحذر أتباعه من الدجال. ويأتي ومعه نار وجنة ، وقد دأب المصلون على الإستعاذة من فتنة الدجال في كل صلاة بعد التشهد الأخير.
4-ظهور يأجوج ومأجوج وهم قوم يخرجون من السد الذي بناه ذو القرنين ، يقتلون العباد ويدمرون البلاد.
5- نزول المسيح عليه السلام عند سارية المسجد بدمشق واجتماع أهل الشام عليه وفضلاء جند العراق و جند اليمن ومصر وقتله للمسيح الدجال ويأجوج ومأجوج.
6-غزو الروم لدابق بالشام وغالبا هي قبل العلامات السابقة زمنيا والله أعلم.
ويدل على ذلك حديث جميل في صحيح مسلم هذا نصه:
<< لاتقوم الساعة حتى تنزل الروم بالأعماق - أو بدابِقَ - فيخرج إليهم جيش من المدينة من خيار أهل
الأرض يومئذ ، فإذا تصافوا ، قالت الروم : خلوا بينا وبين الذين سُبُوا مِنَّا نقاتلْهم، فيقول المسلمون :
لا والله، كيف نُخَلِّي بينكم وبين إخواننا ، فيقاتلونهم ؟فينهزم ثُلُث ولا يتوب الله عليهم أبدا ، ويُقتَل ثلثُهم
أفضل الشهداء عند الله ، ويفتتح الثلث، لا يُفتَنون أبدا ، فيفتَتحِون قسطنطينية ، فبينما هم يقتسمون الغنائم،
قد عَلَّقوا سُيوفَهُهْم بالزيتون ،إذ صاح فيهم الشيطان : إنَّ المسيحَ الدَّجَّالَ فد خَلَفَكم في أهاليكم، فيخرجون،
وذلك باطل ، فإذا جاؤوا الشام خرج ، فبيناهم يُعِدِّون القتال ، يُسَوُّون صفوفَهم ، إذا أقيمت الصلاة ، فينزل
عيسى بن مريم ، فأمَّهم ، فإذا رآه عدو الله ذاب كما يذوب في الماء فلو تركه لا نزاب حتى يهلك ، ولكن
يقتله الله بيده -يعني المسيح- فيريهم دَمه في حربته << . أخرجه مسلم.
7- الخسوف الثلاثة وتعتبر كل واحدة آية منفصلة .. خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب.
8- نار تخرج من قعر عدن تحشر الناس فتبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا، (. (روي في بعض كتب الأثر والتاريخ أن هذه الآية وقعت فعلاً
9- طلوع الشمس من مغربها ، وهو أكثر العلامات تأخراً حيث هي الفرقان الأخير بين المؤمن والكافر..
حيث لا ينفع بعدها إيمان نفس لم تكن آمنت من قبل !وقيل أنها تخرج ثلاث أيام من مغربها ثم تعود لأصلها
وهذه الآية تشغل البال والحال حتى ما يضل إنسان إلا وانهارت أركانه بما فرط وكذب وعصى ربه ! وإنها لآية عظيمة مهيبة مخيفة جداً فماذا أعددنا لها ؟
10- خروج الدابة وهي في هول وعظم آية طلوع الشمس من مغربها ، هذه الدابة العجيبة تكلم الناس وتخبرهم أن الناس كانوا بآيات الله لا يوقنون.
تنقط هذه الدابة نقطة بيضاء على المؤمن فيتحول أبيضاً ، وتنقط نقطة سوداء على الكافر فيتحول بشره إلى اللون الأسود ويكون لون البشرة فرقاناً.
وعند هذه الفتنة وطلوع الشمس من مغربها يتم التصنيف بين المؤمنين والكفار ولا تنفع التوبة . بعدها ، ونعود ونقول ماذا أعددت لها ؟
11- آية الدخان في السماء . وهي من الآيات التي وقعت في السابق كما روي عن ابن مسعود رضي الله عنه
أخرج ابْن مرْدَوَيْه من طَرِيق أبي عُبَيْدَة وَأبي الْأَحْوَص عَن عبد الله قَالَ: الدُّخان جوع أصَاب قُريْشًا حَتَّى كَانَ أحدهم لَا يبصر السَّمَاء من الْجُوع
12- ريح طيبة تأخذ أرواح المؤمنين آخر الزمان.
13- رفع القرآن من المصاحف والصدور ، وانتشار الهرج والمرج والفتن والمنكرات والظلم وأكل الأموال والفواحش.
****
فـــائــدة:
وهناك أشراط اخرى للساعة ولكن العبرة ليس بكثرة سردها ولكن العبرة بالخوف من الفتن ومن قرب الساعة نفسها .. أنت أين من ذلك؟
نعود الآية لآية الموضوع إن سياق الآية بهذه الصورة مخيف جداً ، ذلك أن الآيات الأخرى تدل على ذلك ففي نهاية سورة النازعات:
يَسْأَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْسَاهَا (42) فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْرَاهَا (43) إِلَى رَبِّكَ مُنْتَهَاهَا (44)
إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا (45) كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَهَا لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحَاهَا (46)
والمعنى علم الساعة لن يعلمه أحد إلا الله .. ولكن ما يجب عليك أن تعلمه أنك يجب أن تخشى هذا اليوم !!
فماذا أعددت لها وكيف تستعد لهذا اليوم ؟
وإذا رحمنا الله ولم تقم علينا الساعة حيث أن الساعة لا تقوم إلا على شرار الخلق ،
فهل تعلم أن لكل شخص منا ساعته الخاصة به وهي قيامتك ألا وهي الموت !
فمن مات قامت قيامته ، وحانت ساعته ، وانقطع عمله وبدأ ابتلاءه وحسابه ، ولا حول ولا قوة إلا بالله !
****
كيف تستعد للــســاعة وتكون في جانب السلامة والفــوز ؟
عن أنس رضي الله عنه قال: قال رجل يا رسول الله متى الساعة؟ قال: وما أعددت لها فلم يذكر كبيراً
قال: ولكن أحب الله ورسوله قال: فأنت مع من أحببت. (رواه مسلم)
قال انس رضي الله عنه : فما فرحنا في الإسلام مثل فرحنا بأنت مع من أحببت في إشارة لشدة محبة الصحابة لله ورسوله
ومن يريد أن يستعد للساعة بحب الله ورسوله لا يكون ذلك بالمحبة القلبية فقط ! فهذه واجبة على كل مسلم
أما المطلوب من هذه المحبة هو طاعة الله ورسوله فيما أمر واجتناب ما نهى الله ورسوله.
قال تعالى: ﴿وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾ [آل عمران: ١٣٢]
فبدون طاعة الله والرسول لا رحمة للعباد.
وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ [محمد: ٣٣].
فمن يعصى الله ورسوله فقد خسر وحبط كل عمله.
عن أبي هُريرةَ رضِي الله عنه قال: قال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((ما نَهَيتُكم عنه فاجْتَنِبُوه، وما أَمَرْتُكم به فَأْتُوا منه ما اسْتَطَعْتُم))متفق عليه.
وقال اللهُ تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: ٣٦].
وهذه الآية الآخيرة تدل على أن المسلم غير مخير في أوامر الله ورسوله بل هو ملزم بالإنقياد والطاعة..
وهي طاعة مطلقة غير مقيدة يلزم منها فعل الشيئ المأمور به بمعرفة الحكمة منه أو بدون معرفة الحكمة.
ومن يتبع غير سبيل الله وسنة رسوله فهو ضال ولن يفلح أبداً كما في الآية السابقة فهو ضال ضلالا بينا واضحا وتؤيدها الآية التالية:
قال اللهُ تعالى: ﴿وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ١١٥].
فإن كنت مستعدا للساعة فأعد لها كل ما يرضى الله ورسوله ، وأترك عنك كل ما لا ينفع ! أمر الله ورسوله بفعل كذا فافعل ! نهى الله ورسوله عن كذا فلا تفعل وانتهي !
يا إخواني إقتربت الساعة فلا تكونوا من الغافلين عن ذكرها ، لا تلهوا بالحياة الدنيا وتنسونها ، خذوا نصيبكم من الحلال في الدنيا ..
وليس نصيبكم من الحرام ! وليس يكون نصيبكم من الدنيا بترك طاعة الله والصلاة والصيام وذكر الله وقراءة القرآن والصدقة وبر الوالدين !
لا تضيعوا آخرتكم بالسعي وراء ملذات الدنيا !! .. ألغو القنوات الفضائية الفاسدة ..
وتحولوا إلى طلب العلم النافع والعمل المجد الكافي ولا تنشغلوا عن الله ورسوله !
ولا تغفلوا عنها فتكونوا ممن وقع في معية المعرضين عنها !! قال تعالى : ( إقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون(
******
خـــاتــمــة:
الساعة آتية قريباً ، تزودوا لها واستعدوا وخير الزاد التقوى ! وكتاب الله ! وسنة نبيه !
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.