ام حفصه
16 May 2013, 01:04 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السؤال:
نحن مجموعة من المسلمين في " اليونان " نعاني من عدم وجود مقبرة للمسلمين ، والسلطات المحلية الآن بصدد منحنا مقبرة ، والمكان المقترح هو داخل حرم مقبرة للنصارى ، وهي مقبرة كبيرة ، والمكان المقترح في ركن بعيد عن مقابرهم وتفصله طرق صغيرة عنها ، ويمكن عمل مدخل منفصل لمقبرة المسلمين . السؤال هو : هل يجوز استعمال هذه المقابر لدفن موتى المسلمين ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
اتفق العلماء على حرمة دفن المسلم في مقبرة الكافر ، وحرمة دفن الكافر في مقابر المسلمين ، إلا للضرورة .
عن بَشِيرٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " بَيْنَمَا أَنَا أُمَاشِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ : ( لَقَدْ سَبَقَ هَؤُلاَءِ خَيْرًا كَثِيرًا ) ثَلاَثًا ، ثُمَّ مَرَّ بِقُبُورِ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ لَقَدْ أَدْرَكَ هَؤُلاَءِ خَيْرًا كَثِيرًا ) رواه أبو داود (3230 ) وحسَّنه الألباني في " صحيح أبي داود ".
قال ابن حزم – رحمه الله - : " عمل أهل الإسلام من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يُدفن مسلمٌ مع مشرك .
- واستدل بحديث بشير - ثم قال :
فصح بهذا تفريق قبور المسلمين عن قبور المشركين " انتهى من " المحلى " ( 5 / 143 ) .
وقال الإمام النووي – رحمه الله - : " اتفق أصحابنا رحمهم الله على أنه لا يُدفن مسلم في مقبرة كفار ، ولا كافر في مقبرة مسلمين " انتهى من " المجموع " ( 5 / 285 ) .
وجاء في " الموسوعة الفقهية " ( 21 / 19 ) : " اتفق الفقهاء على أنه يحرم دفن مسلم في مقبرة الكفار وعكسه إلا لضرورة " انتهى .
وإذا كانت مقبرة المسلمين يحوطها سور المقبرة الأصلية للكفار : فالحكم واحد في الحرمة وإن تباعدت قليلا وفصلت بينهما طرق ! .
ولذا فيجب على المسلمين الذين يعيشون في بلاد الكفر وليس لهم مقابر خاصة بهم :
1. السعي في شراء أرض خاصة بهم لدفن موتاهم فيها ، ولو كلفهم ذالك كثيراً ؛ لأن دفن المسلم في مقبرة الكفار رزية ؛ فالكافر يعرض على النار غدوّاً وعشيّاً والمسلم يتأذى بذلك ، قال تعالى : ( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ) غافر/ 46 .
وهذا العرض إنما هو على أهل القبور ، وهو عذاب برزخي ، بدليل قوله بعدها : ( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا ) ، وانظر " تفسير القرطبي " ( 15 / 318 ) .
قال المناوي – رحمه الله - : " ويحرم دفن مسلم في مقبرة كفار وعكسه ، كما أشار إليه بقوله : ( فَإِنَّ الميِّتَ يَتَأَذَّى ) يتضرر ( بِجَارِ السَّوْءِ ) بالفتح والإضافة أي : بسبب جوار جار السوء الميت ، وتختلف مراتب الضرر باختلاف أحوال المتضرر منه لنحو شدة تعذيب أو نتن ريح أو ظلمة " انتهى من " فيض القدير " ( 1 / 297 ) .
2. فإن لم يستطيعوا شراء أرضٍ لدفن موتاهم – كأن يكون بسبب القوانين الجائرة - فعليهم نقل الجنائز إن أمكن إلى بلد مجاور . وينظر " منح الجليل شرح مختصر خليل " ( 1 / 501 ) و " الشرح الكبير للدردير " ( 1 / 419 ) .
3. فإذا بذل المسلمون جهدهم وعجزوا عن كل ما ذكرناه آنفاً : فلا بأس - إن شاء الله - من الدفن في مقبرة النصارى ؛ لأنه تعارض هنا مفسدتان : أن يُدفن مع النصارى أو يترك بلا دفن ، ولا شك أننا نقدم أخف الضررين وأهون المفسدتين ، قال تعالى : ( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ) البقرة/ 286 ، مع الحرص على تمييز مقابر المسلمين بأن تكون في بقعة خاصة في المقبرة ، وما تذكرونه من كون البقعة المقترحة لتكون مقبرة خاصة للمسلمين ستكون في زاوية من مقبرة النصارى أمر حسن ويزداد حسناً إذا صار لها مدخل منفصل خاص بها ، ومتى أمكن فصل الجزء الخاص بكم ، وبناء سور عليه ، فقد صارت مقبرة منفصلة مستقلة ، ولم يبق لها حكم مقابر الكفار ؛ ولا حرج فيها حينئذ ، إن شاء الله .
والله أعلم
موقع الإسلام سؤال وجواب
السؤال:
نحن مجموعة من المسلمين في " اليونان " نعاني من عدم وجود مقبرة للمسلمين ، والسلطات المحلية الآن بصدد منحنا مقبرة ، والمكان المقترح هو داخل حرم مقبرة للنصارى ، وهي مقبرة كبيرة ، والمكان المقترح في ركن بعيد عن مقابرهم وتفصله طرق صغيرة عنها ، ويمكن عمل مدخل منفصل لمقبرة المسلمين . السؤال هو : هل يجوز استعمال هذه المقابر لدفن موتى المسلمين ؟
الجواب :
الحمد لله
أولاً:
اتفق العلماء على حرمة دفن المسلم في مقبرة الكافر ، وحرمة دفن الكافر في مقابر المسلمين ، إلا للضرورة .
عن بَشِيرٍ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : " بَيْنَمَا أَنَا أُمَاشِي رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّ بِقُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ : ( لَقَدْ سَبَقَ هَؤُلاَءِ خَيْرًا كَثِيرًا ) ثَلاَثًا ، ثُمَّ مَرَّ بِقُبُورِ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ لَقَدْ أَدْرَكَ هَؤُلاَءِ خَيْرًا كَثِيرًا ) رواه أبو داود (3230 ) وحسَّنه الألباني في " صحيح أبي داود ".
قال ابن حزم – رحمه الله - : " عمل أهل الإسلام من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يُدفن مسلمٌ مع مشرك .
- واستدل بحديث بشير - ثم قال :
فصح بهذا تفريق قبور المسلمين عن قبور المشركين " انتهى من " المحلى " ( 5 / 143 ) .
وقال الإمام النووي – رحمه الله - : " اتفق أصحابنا رحمهم الله على أنه لا يُدفن مسلم في مقبرة كفار ، ولا كافر في مقبرة مسلمين " انتهى من " المجموع " ( 5 / 285 ) .
وجاء في " الموسوعة الفقهية " ( 21 / 19 ) : " اتفق الفقهاء على أنه يحرم دفن مسلم في مقبرة الكفار وعكسه إلا لضرورة " انتهى .
وإذا كانت مقبرة المسلمين يحوطها سور المقبرة الأصلية للكفار : فالحكم واحد في الحرمة وإن تباعدت قليلا وفصلت بينهما طرق ! .
ولذا فيجب على المسلمين الذين يعيشون في بلاد الكفر وليس لهم مقابر خاصة بهم :
1. السعي في شراء أرض خاصة بهم لدفن موتاهم فيها ، ولو كلفهم ذالك كثيراً ؛ لأن دفن المسلم في مقبرة الكفار رزية ؛ فالكافر يعرض على النار غدوّاً وعشيّاً والمسلم يتأذى بذلك ، قال تعالى : ( النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ ) غافر/ 46 .
وهذا العرض إنما هو على أهل القبور ، وهو عذاب برزخي ، بدليل قوله بعدها : ( وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا ) ، وانظر " تفسير القرطبي " ( 15 / 318 ) .
قال المناوي – رحمه الله - : " ويحرم دفن مسلم في مقبرة كفار وعكسه ، كما أشار إليه بقوله : ( فَإِنَّ الميِّتَ يَتَأَذَّى ) يتضرر ( بِجَارِ السَّوْءِ ) بالفتح والإضافة أي : بسبب جوار جار السوء الميت ، وتختلف مراتب الضرر باختلاف أحوال المتضرر منه لنحو شدة تعذيب أو نتن ريح أو ظلمة " انتهى من " فيض القدير " ( 1 / 297 ) .
2. فإن لم يستطيعوا شراء أرضٍ لدفن موتاهم – كأن يكون بسبب القوانين الجائرة - فعليهم نقل الجنائز إن أمكن إلى بلد مجاور . وينظر " منح الجليل شرح مختصر خليل " ( 1 / 501 ) و " الشرح الكبير للدردير " ( 1 / 419 ) .
3. فإذا بذل المسلمون جهدهم وعجزوا عن كل ما ذكرناه آنفاً : فلا بأس - إن شاء الله - من الدفن في مقبرة النصارى ؛ لأنه تعارض هنا مفسدتان : أن يُدفن مع النصارى أو يترك بلا دفن ، ولا شك أننا نقدم أخف الضررين وأهون المفسدتين ، قال تعالى : ( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ) البقرة/ 286 ، مع الحرص على تمييز مقابر المسلمين بأن تكون في بقعة خاصة في المقبرة ، وما تذكرونه من كون البقعة المقترحة لتكون مقبرة خاصة للمسلمين ستكون في زاوية من مقبرة النصارى أمر حسن ويزداد حسناً إذا صار لها مدخل منفصل خاص بها ، ومتى أمكن فصل الجزء الخاص بكم ، وبناء سور عليه ، فقد صارت مقبرة منفصلة مستقلة ، ولم يبق لها حكم مقابر الكفار ؛ ولا حرج فيها حينئذ ، إن شاء الله .
والله أعلم
موقع الإسلام سؤال وجواب