ابو الهيثم
25 Jan 2005, 01:07 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
أبو قدامة والمرأة المجاهد ة حكاية أبي قدامة مع المرأة التي ظفرت شعرها شكالا للفَرس في سبيل الله مشهورة، حكاها جماعة منهم أحمد بن الجوزي الدمشقي رحمه الله في كتابه المسمّى بسوق العروس وأنس النفوس فحكى. أنه كان بمدينة رسول الله رجل يقال له أبو قدامة الشامي، وكان قد حبب الله إليه الجهاد في سبيل الله والغزو إلى بلاد الروم. فجلس يوماً في مسجد رسول الله يتحدث مع أصحابه، فقالوا له: يا أبا قدامة حدّثنا بأعجب ما رأيت في الجهاد. قال: نعم إني دخلت في بعض السنين الرقة أطلب جملاً أشتريه ليحمل السلاح، فبينما أنا يوماً جالساً إذ دخلت علي امرأة فقالت: يا أبا قدامة سمعتك وأنت تحدث عن الجهاد وتحث عليه، وقد رُزقتُ من الشَّعر ما لم يُرزقه غيري من النساء، وقد قصعته وأصلحت منه شكالا للفرس وعفرته بالتراب كي لا ينظر إليه أحد، وقد أحببت أن تأخذه معك فإذا صرتَ في بلاد الكفار وجالت الأبطال ورُميت النبال وجُردت السيوف وشُرعت الأسنّة، فإن احتجت إليه وإلا فادفعه إلى من يحتاج إليه ليحضر شعري ويصيبه الغبار في سبيل الله، فأنا امرأة أرملة كان لي زوج وعصبة كلهم قُتلوا في سبيل الله ولو كان عليّ جهاد لجاهدت. وناولتني الشكال وقالت: اعلم يا أبا قدامة أن زوجي لما قُتل خلف لي غلاماً من أحسن الشباب وقد تعلم القرآن والفروسية والرمي على القوس وهو قوام بالليل صوام بالنهار وله من العمر خمس عشرة سنة وهو غائب في ضيعة خلفها له أبوه فلعله يقدم قبل مسيرك فأوجهه معك هدية إلى الله عز وجل وأنا أسألك بحرمة الإسلام، لا تحرمني ما طلبت من الثواب. فأخذت الشكال منها فإذا هو مظفور من شعرها. فقالت: ألقه في بعض رحالك وأنا أنظر إليه ليطمئن قلبي. فطرحته في رحلي وخرجتُ من الرقة ومعي صاحبي، فلما صرنا عند حصن مسلمة بن عبد الملك إذا بفارس يهتف من ورائي: يا أبا قدامة قف علي قليلاً يرحمك الله، فوقفت وقلت لأصحابي تقدموا أنتم حتى أنظر من هذا، وإذا أنا بفارس قد دنا مني وعانقني وقال: الحمد لله الذي لم يحرمني صحبتك ولم يردني خائباً. قلت للصبي أسفر لي عن وجهك، فإن كان يلزم مثلك غزو أمرتك بالمسير، وإن لم يلزمك غزو رددتك، فأسفر عن وجهه. فإذا به غلام كأنه القمر ليلة البدر وعليه آثار النعمة قلت للصبي: ألك والد؟ قال: لا بل أنا خارج معك أطلب ثأر والدي لأنه استشهد فلعل الله يرزقني الشهادة كما رزق أبي. قلت للصبي: ألك والدة؟ قال: نعم. قلت: اذهب إليها فاستأذنها فإن أذنت وإلا فأقم عندها فإن طاعتك لها أفضل من الجهاد، لأن الجنة تحت ظلال السيوف وتحت أقدام الأمهات. قال: يا أبا قدامة أما تعرفني قلت: لا، قال: أنا ابن صاحبة الوديعة، ما أسرع ما نسيت وصية أمي صاحبة الشكال، وأنا إن شاء الله الشهيد ابن الشهيد، سألتك بالله لا تحرمني الغزو معك في سبيل الله، فإني حافظ لكتاب الله عارف بسنة رسول الله ، عارف بالفروسية والرمي وما خلفت ورائي أفرس مني فلا تحقرني لصغر سني وإن أمي قد أقسمت على أن لا أرجع وقالت: يا بني إذا لقيت الكفار فلا تولهم الدبر وهب نفسك لله واطلب مجاورة الله تعالى ومجاورة أبيك مع إخوانك الصالحين في الجنة، فإذا رزقك الله الشهادة فاشفع فيّ فإنه قد بلغني أن الشهيد يشفع في سبعين من أهله وسبعين من جيرانه. ثم ضمتني إلى صدرها ورفعت رأسها إلى السماء وقالت: إلهي وسيدي ومولاي هذا ولدي وريحانة قلبي وثمرة فؤادي سلمته إليك فقربه من أبيه. قال: فلما سمع
يتبع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
أبو قدامة والمرأة المجاهد ة حكاية أبي قدامة مع المرأة التي ظفرت شعرها شكالا للفَرس في سبيل الله مشهورة، حكاها جماعة منهم أحمد بن الجوزي الدمشقي رحمه الله في كتابه المسمّى بسوق العروس وأنس النفوس فحكى. أنه كان بمدينة رسول الله رجل يقال له أبو قدامة الشامي، وكان قد حبب الله إليه الجهاد في سبيل الله والغزو إلى بلاد الروم. فجلس يوماً في مسجد رسول الله يتحدث مع أصحابه، فقالوا له: يا أبا قدامة حدّثنا بأعجب ما رأيت في الجهاد. قال: نعم إني دخلت في بعض السنين الرقة أطلب جملاً أشتريه ليحمل السلاح، فبينما أنا يوماً جالساً إذ دخلت علي امرأة فقالت: يا أبا قدامة سمعتك وأنت تحدث عن الجهاد وتحث عليه، وقد رُزقتُ من الشَّعر ما لم يُرزقه غيري من النساء، وقد قصعته وأصلحت منه شكالا للفرس وعفرته بالتراب كي لا ينظر إليه أحد، وقد أحببت أن تأخذه معك فإذا صرتَ في بلاد الكفار وجالت الأبطال ورُميت النبال وجُردت السيوف وشُرعت الأسنّة، فإن احتجت إليه وإلا فادفعه إلى من يحتاج إليه ليحضر شعري ويصيبه الغبار في سبيل الله، فأنا امرأة أرملة كان لي زوج وعصبة كلهم قُتلوا في سبيل الله ولو كان عليّ جهاد لجاهدت. وناولتني الشكال وقالت: اعلم يا أبا قدامة أن زوجي لما قُتل خلف لي غلاماً من أحسن الشباب وقد تعلم القرآن والفروسية والرمي على القوس وهو قوام بالليل صوام بالنهار وله من العمر خمس عشرة سنة وهو غائب في ضيعة خلفها له أبوه فلعله يقدم قبل مسيرك فأوجهه معك هدية إلى الله عز وجل وأنا أسألك بحرمة الإسلام، لا تحرمني ما طلبت من الثواب. فأخذت الشكال منها فإذا هو مظفور من شعرها. فقالت: ألقه في بعض رحالك وأنا أنظر إليه ليطمئن قلبي. فطرحته في رحلي وخرجتُ من الرقة ومعي صاحبي، فلما صرنا عند حصن مسلمة بن عبد الملك إذا بفارس يهتف من ورائي: يا أبا قدامة قف علي قليلاً يرحمك الله، فوقفت وقلت لأصحابي تقدموا أنتم حتى أنظر من هذا، وإذا أنا بفارس قد دنا مني وعانقني وقال: الحمد لله الذي لم يحرمني صحبتك ولم يردني خائباً. قلت للصبي أسفر لي عن وجهك، فإن كان يلزم مثلك غزو أمرتك بالمسير، وإن لم يلزمك غزو رددتك، فأسفر عن وجهه. فإذا به غلام كأنه القمر ليلة البدر وعليه آثار النعمة قلت للصبي: ألك والد؟ قال: لا بل أنا خارج معك أطلب ثأر والدي لأنه استشهد فلعل الله يرزقني الشهادة كما رزق أبي. قلت للصبي: ألك والدة؟ قال: نعم. قلت: اذهب إليها فاستأذنها فإن أذنت وإلا فأقم عندها فإن طاعتك لها أفضل من الجهاد، لأن الجنة تحت ظلال السيوف وتحت أقدام الأمهات. قال: يا أبا قدامة أما تعرفني قلت: لا، قال: أنا ابن صاحبة الوديعة، ما أسرع ما نسيت وصية أمي صاحبة الشكال، وأنا إن شاء الله الشهيد ابن الشهيد، سألتك بالله لا تحرمني الغزو معك في سبيل الله، فإني حافظ لكتاب الله عارف بسنة رسول الله ، عارف بالفروسية والرمي وما خلفت ورائي أفرس مني فلا تحقرني لصغر سني وإن أمي قد أقسمت على أن لا أرجع وقالت: يا بني إذا لقيت الكفار فلا تولهم الدبر وهب نفسك لله واطلب مجاورة الله تعالى ومجاورة أبيك مع إخوانك الصالحين في الجنة، فإذا رزقك الله الشهادة فاشفع فيّ فإنه قد بلغني أن الشهيد يشفع في سبعين من أهله وسبعين من جيرانه. ثم ضمتني إلى صدرها ورفعت رأسها إلى السماء وقالت: إلهي وسيدي ومولاي هذا ولدي وريحانة قلبي وثمرة فؤادي سلمته إليك فقربه من أبيه. قال: فلما سمع
يتبع