أبو أماسي
09 Jan 2004, 11:31 AM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
أحبتي في الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأسعد الله صباحكم ومساءكم ، ونعود في هذا المجلس لاستكمال موضوع الدعوة إلى الله تعالى ، وفي هذه الحلقة سيكون الموضوع حول :
*** فقه الخلاف بين الدعاة إلى الله تعالى ***
فأقول : وجود الخلاف أمر طبعي بين الناس جميعاً ، ولا يكاد يجتمع اثنان إلا ويختلفان حتى ولو كانا توأمين ، لأن عقول الناس تتفاوت في الفهم والإدراك وطبائعهم تتباين ، وأخلاقهم تختلف فهذا كثير الصبر والحلم وذاك بخلاف ذلك ، وهذا له نظرةٌ ثاقبةٌ وصاحب فراسةٍ وذاك لا ، وهذا عالم وذاك قليل العلم إن لم يكن جاهلاً ، وهذا كبير خبير وذاك صغير غِرْ ، هذا رجل وتلك امرأة ، فسبحان الله العظيم الذي خلق كل واحد منا وله طبيعته الخاصة به ونفسيته التي لايحيط بها علماً إلا الله تعالى الذي خلقها ، بل حتى الشخص نفسه لا يحيط بقدرات نفسه ، فإذا عُلِم هذا فليعلم الداعية إلى الله تعالى أنه في حاجةٍ للصبر وفهم فقه الخلاف في المسائل والوسائل الدعوية ، وعليه أن يتفهم وجهة نظر الدعاة الآخرين وأن يتقبلها بصدر رحب كبير ، لأنه من الستحيل أن تجعل الناس يفكرون كما تفكر أنت ، أو يقتنعون بكل ما تقتنع به أنت ، وكلامي هذا في الخلاف الذي لا يصادم نصاً صريحاً من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بمعنى آخر فإني أقصد المسائل التي يسوغ فيها الخلاف والاجتهاد ، كاختلاف الدعاة مثلاً في أول تنبيه ينبغي أن ينبه الناس إليه بعد الأمر بتوحيد الله تعالى والتحذير من الشرك به سبحانه ، وخلافهم في طريقة تبليغ هذه الدعوة وبأي أسلوب فهذا يرى اللين وذاك يرى الغلظة والشدة في النصح لاختلاف تقديرهم للأسلوب الأنفع والأصلح لذلك المخالف ، مع وجود هذا الخلاف فإننا نتفق جميعاً أن هؤلاء الدعاة إنما قصدوا أمراً واحداً وهو صلاح ذلك الفرد المدعو ، وهنا أقول ينبغي مع وجود اختلاف الدعاة في الوسائل والمسائل الدعوية أن يُذَكِّرَ بعضهم بعضاً أن الهدف هو صلاح المدعو وليس التشفي فيه أو إلحاق الضرر به أو إظهار الفضل عليه ، بل وما يدريك أيها الداعية أن ذلك الذي تراه متلبساً بمعصية قد يكون بينه وبين الله عبادة أو عمل صالح لا يعلمه إلا الله تعالى وعندئذ قد يكون أقرب منك إلى الله تعالى ، فالداعية إلى الله طبيب يعالج أمراض القلوب المعنوية وليس جلاداً أو جزاراً يفرح بوجود ضحية يقضي عليها ، فمتى وُجد إخلاص الداعية في إصلاح المجتمع فالأمر واسع بين الدعاة في تقدير المصالح والمفاسد ، ولكني أقول : ينبغي على الداعية ألا يتكل على نفسه ويعتمد رأيه لأنه رأيه ، لأن هذا قد يكون له نصيب من الغرور والعجب بالنفس ، بل الداعية إلى الله من أحوج الناس لرأي الآخرين وانتقادهم وتنبيههم إياه فهو بهذا يزداد خبرة وتجربة في طريقة الدعوة إلى الله تعالى بل والله إن الداعية المخلص هو الذي يستفيد يومياً من دعوته الناس ، و الداعية الموفق هو الذي يسأل ويستشير ويقتدي بأهل العلم والدعوة الذين لهم السبق قبله في الدعوة إلى الله والتعليم والإرشاد ، والمؤمن كامل بإخوانه ناقص بنفسه ، والذي ينبهك إلى بعض الأخطاء العلمية أو العملية أو الدعوية هو في الحقيقة يُهدي إليك هدية ويعطيك خبرةً وعلماً ينفعك الله به فمن حقه عليك أن تقول له : جزاك الله خيراً وبارك فيك ، وأن تبش في وجهه وتتذكر ذلك المعروف الذي قدمه لك ، وأن تدعو له حتى ترى أنك كافأته على معروفه الذي قدمه لك .
الصحابة رضي الله عنهم اختلفوا في مسائل ، ومع ذلك لم يؤثر ذلك في الصفاء بينهم والموالاة والمحبة بينهم ، رضي الله عنهم وأرضاهم ، والداعية إلى الله يعمل بشرع الله ويدين بالحق ويقدمه لكل أحد بالدليل ، ولكن لا يحمله ذلك على ظلم أخيه وعدم إنصافه إذا خالفه في الرأي في مسائل الاجتهاد التي قد يخفى دليلها ، وهكذا في المسائل التي قد يُختلف في تأويل النص فيها فإنه قد يُعذر ، وعندئذ عليك أن تنصح له وأن تحب له الخير ولا يحملك ذلك على العداء والانشقاق وتمكين العدو منك ومن أخيك ولاحول ولاقوة إلا بالله .
أحبتي في الله هذه خواطر وأشجان أحببت أن أبثها لأحبتي في الله ، وأرى أننا نحتاجها في هذا الوقت ، واللبيب تكفيه الإشارة .
وأترككم إلى اللقاء القادم والذي هو بعنوان ( الداعية والمذاهب الأربعة ) .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,,,,,,,,,,,
أحبتي في الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وأسعد الله صباحكم ومساءكم ، ونعود في هذا المجلس لاستكمال موضوع الدعوة إلى الله تعالى ، وفي هذه الحلقة سيكون الموضوع حول :
*** فقه الخلاف بين الدعاة إلى الله تعالى ***
فأقول : وجود الخلاف أمر طبعي بين الناس جميعاً ، ولا يكاد يجتمع اثنان إلا ويختلفان حتى ولو كانا توأمين ، لأن عقول الناس تتفاوت في الفهم والإدراك وطبائعهم تتباين ، وأخلاقهم تختلف فهذا كثير الصبر والحلم وذاك بخلاف ذلك ، وهذا له نظرةٌ ثاقبةٌ وصاحب فراسةٍ وذاك لا ، وهذا عالم وذاك قليل العلم إن لم يكن جاهلاً ، وهذا كبير خبير وذاك صغير غِرْ ، هذا رجل وتلك امرأة ، فسبحان الله العظيم الذي خلق كل واحد منا وله طبيعته الخاصة به ونفسيته التي لايحيط بها علماً إلا الله تعالى الذي خلقها ، بل حتى الشخص نفسه لا يحيط بقدرات نفسه ، فإذا عُلِم هذا فليعلم الداعية إلى الله تعالى أنه في حاجةٍ للصبر وفهم فقه الخلاف في المسائل والوسائل الدعوية ، وعليه أن يتفهم وجهة نظر الدعاة الآخرين وأن يتقبلها بصدر رحب كبير ، لأنه من الستحيل أن تجعل الناس يفكرون كما تفكر أنت ، أو يقتنعون بكل ما تقتنع به أنت ، وكلامي هذا في الخلاف الذي لا يصادم نصاً صريحاً من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بمعنى آخر فإني أقصد المسائل التي يسوغ فيها الخلاف والاجتهاد ، كاختلاف الدعاة مثلاً في أول تنبيه ينبغي أن ينبه الناس إليه بعد الأمر بتوحيد الله تعالى والتحذير من الشرك به سبحانه ، وخلافهم في طريقة تبليغ هذه الدعوة وبأي أسلوب فهذا يرى اللين وذاك يرى الغلظة والشدة في النصح لاختلاف تقديرهم للأسلوب الأنفع والأصلح لذلك المخالف ، مع وجود هذا الخلاف فإننا نتفق جميعاً أن هؤلاء الدعاة إنما قصدوا أمراً واحداً وهو صلاح ذلك الفرد المدعو ، وهنا أقول ينبغي مع وجود اختلاف الدعاة في الوسائل والمسائل الدعوية أن يُذَكِّرَ بعضهم بعضاً أن الهدف هو صلاح المدعو وليس التشفي فيه أو إلحاق الضرر به أو إظهار الفضل عليه ، بل وما يدريك أيها الداعية أن ذلك الذي تراه متلبساً بمعصية قد يكون بينه وبين الله عبادة أو عمل صالح لا يعلمه إلا الله تعالى وعندئذ قد يكون أقرب منك إلى الله تعالى ، فالداعية إلى الله طبيب يعالج أمراض القلوب المعنوية وليس جلاداً أو جزاراً يفرح بوجود ضحية يقضي عليها ، فمتى وُجد إخلاص الداعية في إصلاح المجتمع فالأمر واسع بين الدعاة في تقدير المصالح والمفاسد ، ولكني أقول : ينبغي على الداعية ألا يتكل على نفسه ويعتمد رأيه لأنه رأيه ، لأن هذا قد يكون له نصيب من الغرور والعجب بالنفس ، بل الداعية إلى الله من أحوج الناس لرأي الآخرين وانتقادهم وتنبيههم إياه فهو بهذا يزداد خبرة وتجربة في طريقة الدعوة إلى الله تعالى بل والله إن الداعية المخلص هو الذي يستفيد يومياً من دعوته الناس ، و الداعية الموفق هو الذي يسأل ويستشير ويقتدي بأهل العلم والدعوة الذين لهم السبق قبله في الدعوة إلى الله والتعليم والإرشاد ، والمؤمن كامل بإخوانه ناقص بنفسه ، والذي ينبهك إلى بعض الأخطاء العلمية أو العملية أو الدعوية هو في الحقيقة يُهدي إليك هدية ويعطيك خبرةً وعلماً ينفعك الله به فمن حقه عليك أن تقول له : جزاك الله خيراً وبارك فيك ، وأن تبش في وجهه وتتذكر ذلك المعروف الذي قدمه لك ، وأن تدعو له حتى ترى أنك كافأته على معروفه الذي قدمه لك .
الصحابة رضي الله عنهم اختلفوا في مسائل ، ومع ذلك لم يؤثر ذلك في الصفاء بينهم والموالاة والمحبة بينهم ، رضي الله عنهم وأرضاهم ، والداعية إلى الله يعمل بشرع الله ويدين بالحق ويقدمه لكل أحد بالدليل ، ولكن لا يحمله ذلك على ظلم أخيه وعدم إنصافه إذا خالفه في الرأي في مسائل الاجتهاد التي قد يخفى دليلها ، وهكذا في المسائل التي قد يُختلف في تأويل النص فيها فإنه قد يُعذر ، وعندئذ عليك أن تنصح له وأن تحب له الخير ولا يحملك ذلك على العداء والانشقاق وتمكين العدو منك ومن أخيك ولاحول ولاقوة إلا بالله .
أحبتي في الله هذه خواطر وأشجان أحببت أن أبثها لأحبتي في الله ، وأرى أننا نحتاجها في هذا الوقت ، واللبيب تكفيه الإشارة .
وأترككم إلى اللقاء القادم والذي هو بعنوان ( الداعية والمذاهب الأربعة ) .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ,,,,,,,,,,,,