عن الزّبَيْرَ بنَ الْعَوَامِ : أَنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قالَ:
"دَبّ إِلَيْكُمْ دَاءُ الأُمَمِ قَبْلَكُمْ: الْحَسَدُ وَالبَغْضَاءُ هِيَ الْحَالِقَةُ، لا أَقُولُ تَحْلِقُ الشّعْرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدّينَ،
وَالّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لا تَدْخُلُوا الْجَنّةَ حَتّى تُؤْمِنُوا، ولا تُؤْمِنُوا حَتّى تَحَابّوا،
أَفَلاَ أُنْبّئُكُمْ بِمَا يُثَبّتُ ذَلِكَ لَكمْ:
أَفْشُوا السّلاَمَ بَيْنَكُمْ".
رواه الترمذي وحسنه الألباني في صحيح الترمذي رقم (2510) . وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب رقم(2695).
يقول العلامة المباركفوري في تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي:
قوله: (دَبّ إِلَيْكُمْ): بفتح الدال المهملة وتشديد الموحدة، أي سرى ومشى بخفية.
(الْحَسَدُ): أي في الباطن.
(وَالبَغْضَاءُ): أي العداوة في الظاهر ورفعهما على أنهما بيان للداء أو بدل وسميا داء لأنهما داء القلب .
(هِيَ): أي البغضاء وهو أقرب مبنى ومعنى أو كل واحدة منهما .
(لا أَقُولُ تَحْلِقُ الشّعْرَ ): أي تقطع ظاهر البدن فإنه أمر سهل.
(وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدّينَ): وضرره عظيم في الدنيا والاَخرة. قال الطيبي: أي البغضاء تذهب بالدين كالموسى تذهب بالشعر وضمير المؤنث راجع إلى البغضاء كقوله تعالى: "والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقوها" وقوله تعالى: "واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة" ولأن البغضاء أكثر تأثيراً في ثلمة الدين وإن كانت نتيجة الحسد .
(لا تَدْخُلُوا الْجَنّةَ): كذا في النسخ الحاضرة يحذف النون، ولعل الوجه أن النهي قد يراد به النفي كعكسه المشهور عند أهل العلم قاله القاري .
(ولا تُؤْمِنُوا ): أي إيماناً كاملا .
(حَتّى تَحَابّوا): بحذف أحدى التائين الفوقيتين وتشديد الموحدة، أي يحب بعضكم بعضا.
(أَفَلاَ أُنْبّئُكُمْ بِمَا يُثَبّتُ ): من التثبيت .
(ذَلِكَ): أي التحبيب .
(أَفْشُوا السّلاَمَ بَيْنَكُمْ): أي أعلنوه وعموا به من عرفتموه وغيره، فإنه يزيل الضغائن ويورث التحابب.