إلا من ثلاث
كلمات في رثاء أخي وشقيقي ماهر عبد الله
كلمات :احمد عبد الله
ولد في فلسطين ونشأ في الأردن , تعلم الهندسة في بريطانيا واحترف الأعلام في القطر . إذا رايته أحببته , وإذا تعرفت إليه أدهشتك طبيعة شخصيته , ولكنك إذا عايشته لا يمكن أن تنساه . لا يكف عن المزاح حتى غمرة الحوار الجاد , ولا يكف عن الابتسامة رغم الحزن الذي في عينيه .
ترك مسقط رأسه طفلا في الثامنة من عمره , وترك أهله وهو في الثامنة عشر . شق طريقه بيديه وأسنانه حتى وصل إلى حد الشهرة لكنه كرهها لأنها قيدته .
عاش الفقر والحرمان , وتذوق مرارة الدّين سنوات طوال , لكن الله عوضه خيرا فأغدق عليه في سنواته الأخيرة , غير انه لم يعرف الكنز ولم يسع لتأمين مستقبله ومستقبل أولاده , فأنفق على من حوله وفك ضائقة كل من قصده لأنه كان يؤمن بأن العبد إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث.......
أحب أمه وأباه وسعى جاهدا لارضائهما كي يعوضهما السنوات الغياب عنهما فكان يصر على بقائهما أمام ناظريه أكثر من بقية إخوته . رزقه الله من الأبناء ثلاثة , سعى إلى تربيتهم تربية إسلامية في بلاد القابض فيها على دينه كالقابض على الجمر , لكنه لم يكره أبناءه على التدين والتعليم ولم يتوقف عن دعمهم ومساندتهم حتى وهم يعملون ....... لأنه كان يؤمن بأن العبد اذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث ...........
تربى في مدرسة الأخوان المسلمين على يد بعض مدرسي المرحلة الثانوية , ونهل من منهاجها على يد كثير من رموزها البارزين , وتقلد فيها مواقع قيادية عده , ثم تخرج منها على حد تعبيره كطالب غادر المدرسة لكنه لم يبتعد عن منهجها وفكرها ولم يعاد فيها صغيرا ولا كبيرا .
عشق فلسطين وعمل من اجلها وظلت تراود أحلامه و آماله وما غابت عن عقله و وجدانه , فدافع عنها بلسانه العربي و الإنجليزي . أحب المقاومة ورموزها الأوائل وخلد ذكراهم شعرا , وساهم في التأريخ للتيار الإسلامي المتجذر على أرضها بالكلمة والصورة , لأنه كان يؤمن بأن العبد إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث ................
لم يمنعه فكره الإسلامي يوما عن محاورة العلماني و اليساري والقومي و المسيحي , فامتدت علاقاته و تشبعت فزاد رصيده من المحبة و التجربة .
شق طريق النجاح بنفسه لكنه رفض أن يكون وحده فمد يد العون للكثير ممن حوله وقدم الفرصة لكل من وثق في قدرته لأنه كان يؤمن بأن العبد إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث... .......
رحمك الله يا ماهر فقد كنت نعم الأب ونعم الابن .
رحمك الله يا ماهر فقد كنت نعم الأخ ونعم الصديق .
رحمك الله يا ماهر و أسكنك فسيح جناته مع الأنبياء و الصديقين و حسن أولئك رفيقا....