بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نقلت لكم هذه القصة اخواني و اخواتي لما فيها من جمال و روعة و عبرة ...
من أروع قصص التراث العربي، قصة (جابر عثرات الكرام )التي تحمل في طياتها معاني الجود والكرم والإيثار وعزة النفس وإغاثة الملهوف……..وفيها من المعاني ما فيها 000وما أروع أن نرى هذه المكارم تعود وتحيا في واقعنا،ولست أنكر أن في مجتمعنا مثل هذه الصفات،ولكني أتمنى أن تكثر وتنتشر،فإنها دليل على حياة المجتمع…ودليل على الخير الكثير إن وجدت مثل هذه الصفات في مجتمعنا0000وإليكم القصة:00
كان في أيام سليمان بن عبد الملك رجلٌ يقال له (خُزيمة بن بشر)من قبيلة بني أسد التي تسكن منطقة الرقة0
وكان صاحب مروءة وكرم وفضل…..ولم يزل على تلك الحال حتى ضاقت عليه الدنيا، واحتاج إلى إخوانه الذين كان يتفضل عليهم فيما مضى من الأيام0
فواسوه وأحسنوا إليه أياما وأسابيع ثم ملّوه وتخلوا عنه، فلما رأى تغيرهم عليه، حزن كثيراً ولزم بيته0
وكان الوالي على الجزيرة الفراتية في تلك الأيام رجل إسمه (عكرمة الفيّاض الرّبعيّ)وبينما هو ذات يوم مع أصدقاءٍ له يتسامرون ويتحدثون،إذ جرى ذكر (خزيمة بن بشر)وكان عنده عدد من وجوه البلد0
فقال عكرمة:ما حاله-أي خزيمة-؟
فقالوا:لقد صار من سوء الحال إلى شئٍ لا يوصف،ولزم بيته من شدة الضيق0
فقال عكرمة: ألم يجد من إخوانه مواسٍ ولا مُكافئ ؟
قالوا : لا0
فصمت عكرمة،وأمسك على ما في نفسه0
فلمّا كان في الليل،أخرج من ماله أربعة الآف دينار فجمعها في كيس،ثم خرج متخفيّاً حتى وصل دار (خزيمة بن بشر)،فقرع الباب،فخرج خزيمة بعد هدأةٍ من الليل،فقال له خزيمة:من أنت؟
فناوله الكيس،وقال له : أصلح بهذا حالك0
فقال له :من أنت،جُعِلتُ فداءَك؟
فقال له عكرمة :ما جئتُ في هذه الساعة وأنا أُريد أن تعرفني0
قال خزيمة:ما أقبله، أو تُعَرِّفني من أنت؟
فقال عكرمة: أنا000 أنا000"جابر عثرات الكرام000
قال خزيمة:زدني-أي معرفة بك-؟
قال عكرمة: لا 0000ثم مضى
وفي صباح اليوم التالي،قام عكرمة وأصلح من حاله،وقام بتسديد الديون التي عليه0000ثم قام بتجهيز نفسه يريد الذهاب إلى سليمان بن عبد الملك بفلسطين000فلما جاءه وسلم عليه00
قال سليمان:يا خزيمة، ما أبطأك عني؟
قال: سوء الحال0
قال سليمان:ما منعك من النهوض إلينا؟
قال:ضعفي عنها0
قال سليمان:فبِمَ نهضتَ؟
قال عكرمة:يا أمير المؤمنين،كنت في هدأة الليل،وإذا رجلٌ قد وقف بباب بيتي،فكان منه كذا وكذا….وأخبره القصة0
قال سليمان :هل تعرفه؟
قال:ما عرفته يا أمير المؤمنين،وذلك أنه كان متنكراً0
فتأسّفَ سليمان على عدم معرفته….وقال:لو عرفناه،لأعَنّاهُ على مروءته،وأكرمناه0
وقام سليمان بن عبد الملك بتعيين خزيمة أميراً على الجزيرة، مكان عكرمة الفيّاض0
ومضى خزيمة إلى الجزيرة،وأصبح والياً عليها…..ثم وجد أن هناك ديوناً كثيرة على عكرمة الفيّاض،فبعث إليه في أدائها0
فقال عكرمة:ما لي إلى شئٍ منها سبيل،ما هي عندي،واصنع ما أنت صانع0
فأمر أن يُكَبّلَ بالحديد،فأقام على ذلك شهراً…….فعلمت بذلك إمرأةُ عكرمة،فأرسلت جاريتها لتقول للوالي: ما هكذا جزاءُ (جابر عثرات الكرام)منك،كافأته بالحبس والضيق والحديد000
فصاح خزيمة:وا سَوأتاه!وإنّه لَهُوَ000؟؟؟
فقالت:نعم0ثم ذهبت0
وبعث خزيمة إلى وجوه أهل البلد،فجمعهم،ثم خرج بهم إلى الحبس….فلما رآه السجّان قام إليه مذعوراً…فقال له :إفتح…..ففعل،فدخل هو ومن معه،فوجد عكرمة في ساحة الحبس قد أصابه الضُر…..فأكَبّ خزيمة على رأس عكرمة يُقَبِّلُهُ0
فرفع عكرمة رأسه إليه وقال:ما الذي دعاك لمثل هذا؟
قال خزيمة:كريمُ أفعالك،وسوءُ مُكافأتي0
قال: يغفر الله لنا ذلك0
فأُتي بالحداد،ففكّ القيود من رجليه، وأمر أن تُطرح في رجليه هو-أي خزيمة-0
فقال عكرمة:تُريد ماذا؟
قال خزيمة:أريد أن ينالني من الضُرّ والحبس كمثل ما نالك0
قال عكرمة:والله لا كان ذلك،فخرجوا جميعاً0
وطلب الوالي خزيمة من عكرمة الفياض أن يسير معه إلى سليمان بن عبد الملك فقبل0000000فاما وصلا عنده،قال سليمان للوالي: ما أقدمك؟
قال خزيمة:وجدتُ(جابر عثرات الكرام)،وأحببتُ أن أسُرّكَ به لما رأيتُ من تَلَهُفِكَ عليه0
قال:ومن هو؟
قالعكرمة الفيّاض)0 قال سليمان:ما كان خيره منك إلا وبالاً عليه،فسلّم عليه،ورحّبَ به،وأدنى مجلسه….ثم قال:يا عكرمة،إرفع حوائجك كلها0
قال:إعفني يا أمير المؤمنين0
قال:لا بُدّ0
ثم دعا سليمان بدواةٍ وقرطاس،وقال:إعتزل ناحية،واكتب جميع حوائجك0000ففعل،ثم أتاه برقعة فوقّعَ عليها:تُقضى حوائجه0
ثم أمر له بعشرة الآف دينار ثم عَيّنه أميراً على الجزيرة وأذربيجان وأرمينية،وقال له:أمرُ خزيمة لك…إن شئتَ فاعزله،وإن شئتَ فاتركه في عمله….فقال:بل أزيده عملاً إلى عمله يا أمير المؤمنين .
منقول ..