بسم الله وبالله والصلاة على رسول الله وعلى آله الأطهار والتسليم لأمره وأمرهم أجمعين
الرجوع الى الله مشروعنا الإصلاحي
عندما نتكلم عن حب الله سبحانه فنحن لا نتكلم بطريقة الروحانية الذاتية المنعزلة عن الواقع ، بل نتكلم بطريقة الثوار الذين يريدون إصلاح الأرض وإصلاح النفوس وإصلاح المجتمعات ، وإسقاط الباطل وإنهاء الظلم ونشر الهداية والإيمان في العالم .. وعندما ندعو الى الدخول في حب الله فذلك لأن حب الله هو الطريق الوحيد للثورة على الذنوب كلها ، وهو الطريق الوحيد للتطهر من أشكال الظلم والفساد التي تملأ العالم .. ونحن نطالب المجتمع بالرجوع الى الله سبحانه لأننا لا نرى طريقاً للخروج من كل الأزمات الأخلاقية والسياسية والفكرية والإجتماعية ، بل وحتى الإقتصادية إلا بالرجوع الى الله سبحانه .. والرجوع الى الله سبحانه لا يمكن أن يحدث بشكلٍ حقيقي إلا بحب الله جل جلاله ..
ولقد جربنا في العقود الثلاثة الماضية ما سُمي بالصحوة الدينية وما أعتبر رجوعاً الى الله .. جربنا كيف إتجه هذا الرجوع الى التعصب في قطاعات كبيرة ، والى نشر الكراهية بين فئات المسلمين ، والى إشاعة العنف ، كما إتجه في قطاعات أخرى منه الى حب السلطة وحب المناصب وحب الدنيا ، والصراعات السياسية الإنتخابية بين المؤمنين أنفسهم ، وكل ذلك لأن هذا الرجوع كان رجوعاً شكلياً غير مستند بحقيقته الى حب الله سبحانه ..
فليس من المعقول أن يؤدي حب الله الى كل هذه الدماء وهذه العصبية الجاهلية الطائفية ، وكل هذه الكراهية بين المؤمنين ، وليس من المعقول أبداً أن يؤدي حب الله الى كل هذا التهافت على السياسة الدنيوية والمناصب والشهرة والجاه والمكاسب الإنتخابية والعصبيات الحزبية والرشاوي والإعتداد بالأسباب المادية ..
إذاً فلابد من بداية جديدة بالرجوع الى الله ، لابد من صحوة دينية جديدة نتجاوز بها أخطاء الصحوة الدينية السابقة ، ولابد من تصحيح النية لإطلاق صحوة دينية جديدة تهدف الى إقامة مشروع إصلاحي عالمي طاهر وحقيقي يقوم على الرجوع الى الله ، رجوعنا جميعاً الى الله سبحانه ، ويأخذ هذا الرجوع مصداقيته من الحب الحقيقي والصادق لله سبحانه ..
إذاً فلنقف للحظات من التأمل والمراجعة للنفس نحن وجميع العاملين في الأوساط الدينية في كل المذاهب وفي كل القيادات والمرجعيات التي ساهمت بشكلٍ أو بآخر في مشروع الصحوة الدينية السابقة ، لنراجع أنفسنا ونوايانا ونصححها ، ولنستغفر الله عما سلف من حب الدنيا وحب الذات وحب المناصب وحب الجاه ، وأي حب أضر بحب الله في داخلنا ..
ولنبدأ بمشروع إصلاح حقيقي لأنفسنا والمجتمع ندعو الجميع للرجوع الى الله والإفتقار الى الله والتواضع الى الله والأمل بالله والإتكال على الله وإصلاح العلاقة معه سبحانه ، وجعله غايتنا بحق ، وطاعته سبحانه في كل أمورنا ، ليس بالطريقة الشكلية التي تحد الطاعة وتحاصرها بالأمور الفقهية فقط ، لا بل نطيع الله بعواطفنا وطموحاتنا وغاياتنا وكلامنا ونوايانا ..
وهذا المشروع الإصلاحي الذي ندعو له لن ينجح إن لم يستند الى حب حقيقي لله سبحانه ، وأي مشروع إصلاحي سيفشل إن لم تكن غايته الحقيقية الرجوع الى الله وضمانه الحقيقي حب الله .. فإن دخلنا في هذا المشروع فسوف يفتح الله علينا بركاته ، والله لا بخل في ساحته ، وسيفرج علينا بالفرج الأكبر ، فرج محمد وآل محمد بوارث محمد وآل محمد (ع) ..
والحمد لله رب العالمين