أ.د.عاصم بن عبدالله القريوتي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وبعد:
فقد سألني من تعينت عليّ إجابته عن النظام الغذائي الذي سرت عليه، ولمكانته عندي سطّرت هذه التجربة، ولمن رغب في الاستفادة منها، وأردفتها بملاحظات ونصائح.
مما لا شك فيه أن نعم الله علينا كثيرة، ومنها الصحة والعافية، وهي تستدعي مع شكر الله المحافظة عليها، وهذا جليّ من خلال تأمل الحديثين التاليين:
روى البخاري في صحيحه عن عبدالله بْن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:
"يَا عَبْدَ اللهِ أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ"
فَقُلْتُ: بَلَى يَا رَسُولَ اللهِ.
قَالَ:" فَلاَ تَفْعَلْ صُمْ وَأَفْطِرْ، وَقُمْ وَنَمْ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا، فَإِنَّ ذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ".
فَشَدَّدْتُ فَشُدِّدَ عَلَيَّ، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أَجِدُ قُوَّةً.
قَالَ:" فَصُمْ صِيَامَ نَبِيِّ اللهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ، وَلاَ تَزِدْ عَلَيْهِ".
قُلْتُ: وَمَا كَانَ صِيَامُ نَبِيِّ اللهِ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ- .
قَالَ:" نِصْفَ الدَّهْرِ"
فَكَانَ عَبْدُ اللهِ يَقُولُ بَعْدَ مَا كَبِرَ يَا لَيْتَنِي قَبِلْتُ رُخْصَةَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
وروى أحمد والمسائي وابن حبان وغيرهم عن الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِي كَرِبَ أنه قال: سَمِعْتُ رَسُول اللهِ صَلَّى الله عَليْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ:
"مَا مَلأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ ، حَسْبُ الآدَمِيِّ ، لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ غَلَبَتِ الآدَمِيَّ نَفْسُهُ ، فَثُلُثٌ لِلطَّعَامِ ، وَثُلُثٌ لِلشَّرَابِ ، وَثُلُثٌ لِلنَّفَسِ".
وقد عقد ابن القيم رحمه الله في زاد في هدي خير العباد (4 / 16فما بعدها):فصلا بعنوان : هديه صلى الله عليه وسلم في الاحتماء من التخم والزيادة في الأكل على قدر الحاجة والقانون الذي ينبغي مراعاته في الأكل والشرب، وقال فيه:
الأمراض نوعان:
أمراض مادية تكون عن زيادة مادة أفرطت في البدن حتى أضرت بأفعاله الطبيعية وهي الأمراض الأكثرية وسببها إدخال الطعام على البدن قبل هضم الأول، والزيادة في القدر الذي يحتاج إليه البدن، وتناول الأغذية القليلة النفع، البطيئة الهضم، والإكثار من الأغذية المختلفة التراكيب المتنوعة.
فإذا ملأ الآدمي بطنه من هذه الأغذية، واعتاد ذلك أورثته أمراضا متنوعة، منها بطيء الزوال وسريعه، فإذا توسط في الغذاء، وتناول منه قدر الحاجة، وكان معتدلا في كميته وكيفيته، كان انتفاع البدن به أكثر من انتفاعه بالغذاء الكثير .
ومراتب الغذاء ثلاثة:
أحدها : مرتبة الحاجة .
والثانية مرتبة الكفاية .
والثالثة مرتبة الفضلة .
فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه يكفيه لقيمات يقمن صلبه فلا تسقط قوته ولا تضعف معها فإن تجاوزها فليأكل في ثلث بطنه ويدع الثلث الآخر للماء والثالث للنفس.
وهذا من أنفع ما للبدن والقلب، فإن البطن إذا امتلأ من الطعام ضاق عن الشراب، فإذا ورد عليه الشراب ضاق عن النفس، وعرض له الكرب والتعب، بحمله بمنزلة حامل الحمل الثقيل.
هذا إلى ما يلزم ذلك من فساد القلب وكسل الجوارح عن الطاعات، وتحركها في الشهوات التي يستلزمها الشبع.
فامتلاء البطن من الطعام مضر للقلب والبدن، هذا إذا كان دائما أو أكثريا، وأما إذا كان في الأحيان فلا بأس به فقد شرب أبو هريرة بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم من اللبن حتى قال والذي بعثك بالحق لا أجد له مسلكا وأكل الصحابة بحضرته مرارا حتى شبعوا .
والشبع المفرط يضعف القوى والبدن وإن أخصبه وإنما يقوى البدن بحسب ما يقبل من الغذاء لا بحسب كثرته .
ولما كان في الإنسان جزء أرضي وجزء هوائي وجزء مائي قسم النبي صلى الله عليه وسلم طعامه وشرابه ونفسه على الأجزاء الثلاثة.انتهى كلامه رحمه الله.
ولهذا لو عملنا بهذا التوجيه النبوي في غالب وجباتنا مع مراعات التوازن الغذائي لما احتجنا لأي برنامج حمية في الغالب.
وأما النظام الغذائي الصيني للمحافظة على الصحة والذي أرشدتني إليه الطبيبة الصينية woo جزاها الله خيرا ،وقد منّ الله عليها بالإسلام فيقوم على ما يلي:
يكون تناول الطعام بواقع وجبتين يوميًا.
*الفطور: وهو مفتوح بما تشاء من الطعام والشراب مما أحلَّ الله لك.
*الغداء: (خضار وفواكه فقط لا غير) والخضار بأي طريقة مقطعة أو مسلوقة أو مشوية بأي وسيلة.
ويتبع التعليمات التالية:
- يمنع الأكل وشرب العصائر بين الوجبات.
- يمنع شرب الشاي والقهوة طيلة اليوم عدا الفطور فقط.
- بعد الساعة الرابعة عصرا إلى الفطور التالي يتوقف عن شرب الماء إلا لحاجة لجفاف أو دواء ولا يشرب إلا بقدر يسير في المساء، لأن ما تم أكله في الغداء من الفواكه والخضار فيه كمية تكفي من الماء مع ما يتناوله من الصباح إلى المساء.
- بتطبيق هذا البرنامج سينزل الوزن بإذن الله خلال الشهر الأول ما لا يقل عن عشرة كيلو إن التزم به.
ملاحظات ونصائح:
- هذا البرنامج صحي ومفيد جدا للسليم من أي شكوى أومرض أو سِمَن.
- من يعاني من السكر عليه متابعة درجة السكر مع التطبيق لهذا البرنامج يوميا خشية هبوط السكر معه في الفترة المسائية وينصح بحمل قطعة يسبرة من الحلوى، وقد يحتاج إلى تقليل عيار الدواء تدريجيًا من خلال المتابعة.
- من لا يصبر عن العشاء في بداية البرنامج يمكنه تناول علبة لبن زبادي صغيرة واحدة فقط قليلة الدسم.
- ينصح لمن يعاني من السمنة الزائدة والسكر بأكل الخبز الأسمر (البر)، والابتعاد عن المقليات كلِّها والدهون، والحرص على المشويات والمسلوقات.
وعليه اجتناب الفواكه ذات نسبة السكر العالية،كالتمر والبطيخ والشمام والعنب والمانجو.
- بعد شهر من تطبيق البرنامج يأكل سبعة حبات فقط من اللوز النيّ غير المحمص مساءً.
- يحسن تناول الكرفس والجريب فروت قبل كل وجبة.
- يحرص من الفاكهة على التفاح والأناناس والكيوي.
- يحرص على السلطات والتبولة ويقلل من البندورة فيها، لأنها نحبس الماء في الجسم، ويضاف عليها ملعقة من زيت الزيتون.
- يحرص على الخضار من القرع والكوسا والزهرة والبروكلي وغيرها.
- يستخدم الشوفان مع الحليب صباحا.
- لا يسرف في أكل الحلويات والكاكاويات صباحا لأنها للتذوق وليست للشبع.
- يستعمل عوضا عن الرز المعتاد الرز البني Brown rice الذي بالقشر وهو يحتوي على الألياف وغني بالمغنيسيوم والزنك والحديد، ويساعد بالتحكم بالوزن،ويوجد هذا الرز في المحلات التي تعنى بالأطعمة الهندية ومحلات الأغذية الصحية.
- يعوض عن الرز أحيانًا بتناول البرغل حنى بالمحاشي وهو قليل السعرات الحرارية.
- يحرص على شرب الشاي الأخضر مع الزجبيل الأخضر والقرفة ثم يعصر عليها قليلا من الليمون.
- يضاف إلى البرنامج الغذائي المشي السريع تدريجيًا حيث يصل المشي فيما بعد إلى ما لا يقل عن 3 -4 كيلو (ما بين ثلاثين إلى ربعين دقيقة يوميًا).
- لا تزن نفسك إلا مرة واحدة أسبوعيا، لأنك لو وزنت نفسك كل يوم ولم تجد فرقا فقد تتوقف عن البرنامج.
ختاما أقول:
هذا النظام سهل جدا بإذن الله في التطبيق إن وجدت العزيمة، ومن مزاياه عن غيره من برامج الحمية:
أنه لا يحرمك من شيء في الصباح، إذ لا يمتنع المرء من أي نوع من أنواع الطعام والشراب.
وجود التوازن الغذائي في وجبة الصباح، وفي وجبة الغداء من الخضار والفواكه
فبالتالي ليس هناك شيء ممنوع إلا لمن يعاني من سكر أو سمنة زائدة جدًا فعليه في الأشهر الأولى اجتناب ما يحذر منه كليًا أو جزئيًا، أو التقليل منها كما سبق.
ومن التزم بهذا البرنامج سيرى الفرق الكبير والتحسن في صحته ونشاطه بغد شهر من تطبيقه بإذن الله، بل إن كثيرا من الأمراض التي يشكو منها ستزول بإذن الله، وقد يحتاج إلى أن يخفف من الأدوية التي كان يستعملها من سنين طوال تدريجيا حتى يستغني عن بعضها بإذن الله –حسب حالته الصحية ومتابعته لوضعه الصحي.
ونصيحتي أن تجربوا هذا النظام ولو لشهر، وستروا خيرا كثيرا بإذن الله، مما يساعدكم على الاستمرار عليه ما أمكن بعد ذلك، إذ العبرة في جميع البرامج الاستمرار عليها والثبات.
وشكرا لله على سائر نعمه، ثم للطبيبة وو التي كانت السبب لي في هذا النظام حيث أرشدتني إليه، ولكل من استفدت منه فائدة أو خبرة، أو شجعني بالمشي معه، ولأهلي في صبرهم على هذا البرنامج.
مع تمنياتي للجميع بوافر الصحة والعافية والسعادة في الدارين.