بسم الله الرحمن الرحيم
تتسابق الأيام وتتوالى الأعوام , يتصارع الزمن محنٌ تتلوها محن , دهرٌ يعقُبُه دهر , ورجالٌ يخلُفهم رجال (( ذلك تقديرُ العزيزِ العليم ))
يتألمُ الأتقياءُ تارة , ويعتصِرُ الجُبناءُ تارة , يتصارعُ الحقُّ والباطل , ويتحارب البَرُّ والفاجر .. وما ذاك إلا
(( ليميز الله الخبيثَ من الطيب )) .... (( فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ ))
لكن في خِضمِّ تلكَ العِراكات تتوالدُ على أهلِ الإيمانِ بشائِرُ ونوائِل , ومكارمُ وفضائِل ,
بحَسْب ثباتِهِم وتقواهُم .. وتنجلي البشارة لأثبَتهم وأقواهم .
ثم إنه في عصرِنا هذا مرَّ على المؤمنين نوازلَ كثيرَة شابَ لها رأسُ الوليد , وذابَ لِهوْلِها الحديد ,
مرَّت عليهِم وهم لمرورِها أصناف , ففريقٌ اهتزّ وارتَجف وتعلّقَ لخوفِهِ بالقشِّ والجيف وهؤلاءِ هم الحلقة الرديئة في سلسلة الأمّة ,
وفريقٌ ثبَتَ وصَمَد وتوكّلَ على الفردِ الصمد وأولاءِ هم أوتادُ الأمة وأعمدتها ,
وفريقٌ يميلون تارة بأقوالِهِم وأفكارِهِم نحو اليمين وتارة يجترفُهُم التيار نحو الشمال ولم يكونوا كذلك إلا لخِفّةٍ في إيمانِهِم وقلةِ توكّلٍ على مولاهُم .
نعم فهناكَ رياح فتنٍ شديدة تمرُّ على عرينِ الإسلام فحيناً تُصيبُ قلوبهم
وحيناً تعصف بعقولِهِم ويوماً تتجه على مشائِخِهم وآخرَ تنبري على معتقداتِهِم وثوابتِهِم ..
لكن كما أسلفنا أنه ما يمُرُّ بهم ريحٌ إلا وُجدَ في جوفِها بشارة ,,
وأقل ما في رياحِ الفتن أنها توقظ النائمَ من رقادِه , وتُنبِّهُ الغافلَ من سُباتِه .. وأنعِم بها من بشارة .
ولا يخفى على العقلاء ما نمرُّ به نحن المسلمون في هذه الأيام من تياراتٍ عاتية لاطمَت بنا نحو اليمين والشمال وكان أشدُّها ثلاثة :
الحملة على مشائِخِنا , ونزعَ النقاب , وحِصار الأقصى
فما الذي جَعَلَ أولائِكَ يشنون علينا تلكَ الحملات ؟!!
إنه ما حَمَلَ العلمانيين على الكتابة على شيخِنا سوى حرقةٍ لوّعت قلوبَهم
من جُهودِ عُلمائِنا في ترسيخِ العقيدة وتثبيتِ المؤمنين .............. ولا عَجَب !!
وما حَمَلَ دُعاة نزعِ الحِجاب إلا مرضٌ أكَلَ قلوبَهم نحوَ العفيفاتِ الشريفات من بناتِ دينِنا
حيثُ أنّ القرطاسَ المُحكَم يَحوي تحتَه حلوى نقيّة جميلة طريّة .............. وكذلك لا عَجَب فبناتُنا سيَبْقيْن كذلك :
نقاء لا يَملِكُه سوى الشرفاء .
وأما يهود فيكفيهِم حِقداً وبغضاء ما يرونه من شباب فلسطين الذين يُرددون دوماً :
ثباتاً جموع فدربُ النعيم دماءٌ دموع ............... وأيضاً لا عَجَب يا يهود فيومُ بني قريضة سوفَ يعود .
..
..
..
وبعدَ هذا وذاك .. خرجتُ لأحبتي الغيورين على دينِهِم بهذه البشارة : يقولُ تعالى
(( إن يمْسسكم قرحٌ فقد مسَّ القومَ قرحٌ مثلُه )) .
. فأبشروا أنه بقدْرِ ما تتألمونَ على دينِكم وعلى عقيدتِكم , هم أيضاً كذلك ينحرقون ويعتصرون من ثباتِكم وإبائِكم ..
وحقٌّ والله ما فعلوا ذلك إلا لقرحٍ لامسَ قلوبَهم وحُرقةٍ عصَرَت جُنوبَهم ....... والحمدُ لله .
.........
...................
أما أنتم أيها المسلمون فيستوجب عليكم العمل الدؤوب لرفعِ رايةِ هذا الدين ولنزعِ البدع وإحياءَ السُّنن ونصرةِ الحقِّ وقمعِ الباطل
وأبشِروا أبشروا أنه ما أصابكم من نصب ولا تعب .. وما أنفقتموه .. وما عملتموه
بل حتى الذي أضمرتموه أنه قربة عندَ الله ورفعة للدرجات ومحوٌ للسيئات .. وخذوها قيّمة كما أُنزِلت :
(( ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَطَؤُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ
وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُم بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ))
(التوبة الآية120 , 121)