السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ابو أنس عبد الوهاب عمارة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي سيد الخلق وإمام المرسلينوبعد،،قال الإمام الشافعي رضي الله عنه:
جزي الله الشدائد كل خيرٍ
وإن كانت تغصصني بريقي
وما شكري لها إلا لأني
عرفت بها عدوي من صديقي
نعم للشدائد ثمرات وفوائد. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روى مسلم عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « عَجَباً لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْراً لَهُ ».
ومن ثمرات هذه الأحداث،وإن كنا نأسف لها وبالفعل هي تغصصنا جميعا. الثمرة من هذه الأحداث أن نتعلم.
فقه الاختلاف:حتى ولو كان الاختلاف على رمز البلد رئيس الجمهورية نعم يحقُّ لنا أن نختلف مع رئيس الجمهورية،لأن الاختلاف هو سنة الحياة؛ فالدين كفل لكل مواطن أن يختلف مع رئيسه وولي أمره. فهذا حق. وليعبِّر كل منا عن رأيه بكل حرية. وهذه نعمة عظيمة منحها الله كل إنسان حين خرج من بطن أمه وقد حُرمنا منها سنوات طوال ،وكيف لا وقد اختلف الناس على أنبياء الله ؟! واستهزئ برسل الله وبسيد الخلق وإمام المرسلين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ ﴾ [الأنعام:10].وسُبَّ النبي صلي الله عليه وسلم وضُرب ورُمي بالقاذورات واتُّهم بالسحر والكهانة والكذب وتعالى رسول الله عن كل هذا.وليس الرئيس أيا كان يعلو في ذلك عن الأنبياء.بل أبعد من ذلك فقد اختلف الناس على خالقهم نعم أنكر بعض الناس خالقهم وتركوه وسجدوا لعجل بعد أن نجاهم من فرعون وجنوده ﴿ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَآئِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْاْ عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ قَالُواْ يَا مُوسَى اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾ [الأعراف:138].﴿ وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِن بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَدًا لَّهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّهُ لاَ يُكَلِّمُهُمْ وَلاَ يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُواْ ظَالِمِينَ ﴾ [الأعراف:148] وهناك الآن من يعبد ويسجد لبقرة.بل سَبَّ الناس خالقهم وقتلوا الأنبياء. والعجيب والعظيم أن سجل القرآن الكريم كل هذا ﴿ لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴾ [آل عمران:181].﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنفِقُ كَيْفَ يَشَاء... ﴾ [المائدة 64].وليس هذا اعتراف بأن نهين رئيسنا أو نستهزئ به بل هذا استشهاد على كفالة الشريعة لحرية التعبير والرأي. وهذه ثمرة ما يحدث الآن. وأن من عظمة رئيسنا أنه لم ينح نحو سابقه.