بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

الموضوع : تحذير العلماء من كتاب ( إحياء علوم الدين ) للغزالي .

أبو حامد الغزالي هو : محمد بن أحمد الطوسي الغزالي المتوفي سنة 505هـ.
صاحب التصانيف الكثيرة في الفقه ، و الأصول ، و الفلسفة ، و علم الكلام ، و التصوف ، و قد مر رحمه الله بمراحل كثيرة و أطوار متعددة ، و عكف في نهاية حياته على دراسة الحديث ، فنسأل الله أن يرزقنا الهداية و حسن الخاتمة .

كتاب إحياء علوم الدين ، فقد مدحه قوم حتى غلو في مدحه و قالوا: من لم يقرأ الإحياء فليس من الأحياء ، و ذمه قوم حتى أفتوا بحرقه و منعه .


و الحق بين الإفراط و التفريط
فكتاب الإحياء فيه نفع ، و فيه طامات و بلايا توجب منع قراءته ، إلا من الخبير المطلع على عقائد الصوفية و الحلولية و الفلاسفة ، المتحصن بعقيدة السلف الصالح .

و ما فيه من الخير موجود في غيره من الكتب ، ككتاب : مختصر منهاج القاصدين للمقدسي ، و أصله لابن الجوزي الذي اختصره من إحياء علوم الدين .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أقوال العلماء في التحذير من الكتاب كما يلي :

1 ) قال الإمام ابن الجوزي أعلم أن في كتاب "الإحياء" آفات لا يعلمها إلا العلماء ، و أقلها الأحاديث الباطلة الموضوعة ، و الموقوفة و قد جعلها مرفوعة و إنما نقلها كما اقتراها لا أنه افتراها ، و لا ينبغي التعبد بحديث موضوع و الاغترار بلفظ مصنوع . اهـ .

و قال أيضا ابن الجوزي في كتابه تلبيس إبليس : و جاء أبو حامد الغزالي فصنف لهم كتاب "الإحياء" على طريقة القوم ، و ملأه بالأحاديث الباطلة، و هو لا يعلم بطلانها ، و تكلم في علم المكاشفة ، و خرج عن قانون الفقه ، و قال: إن المراد بالكوكب، و الشمس، و القمر اللواتي رآهن إبراهيم صلوات الله عليه أنوار هي حُجُب الله عز وجل ، و لم يُرد هذه المعروفات ، و هذا من جنس كلام الباطنية) انتهى.

2 ) قال الإمام الطرطوشي المالكي : فلما عمل كتابه سماه "إحياء علوم الدين" عمد يتكلم في علوم الأحوال و مراقي الصوفية ، و كان غير دري بها و لا خبير بمعرفتها ، فسقط على أم رأسه فلا في علماء المسلمين قر ، و لا في أحوال الزاهدين استقر ، شحن كتابه بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا أعلم كتاباً على بسيط الأرض في مبلغ علمي أكثر كذبا على رسول الله صلى الله عليه و سلم منه، سبكه بمذاهب الفلاسفة و معاني "رسائل إخوان الصفاء" و هم قوم يرون النبوة اكتساباً ، و ليس النبي في زعمهم أكثر من شخص فاضل تخلق بمحاسن الأخلاق . اهـ .

المصدر : نقلا عن سير أعلام النبلاء للذهبي 19/334.

3 ) قال الإمام المازري المالكي بعد كلام في نقد الإحياء: و رأيت له في الجزء الأول يقول : إن في علومه ما لا يسوغ أن يودع في كتاب ، فليت شعري أحق هو أو باطل؟!.
فإن كان باطلاً فصَدَق ، و إن كان حقاً و هو مراده بلا شك فلم لا يودع في الكتب ؟ ألغموضته و دقته؟ فإن كان هو فهمه ، فما المانع أن يفهمه غيره ؟! .

نقله الذهبي في السير 19/340 .

4 ) قال القاضي عياض : و الشيخ أبو حامد ذو الأنباء الشنيعة و التصانيف الفظيعة ، غلا في طريق التصوف ، و تجرد لنصر مذهبهم ، و صار داعية في ذلك ، و ألف فيه تواليفه المشهورة ، أخذ عليه فيها مواضع ، و ساءت به ظنون أمة ، و الله أعلم بسره ، و نفذ أمر السلطان عندنا بالمغرب ، و فتوى الفقهاء بإحراقها و البعد عنها ، فامتثل ذلك .

نقله الذهبي 19/327.

5 ) قال شيخ الإسلام ابن تيمية : و الإحياء فيه فوائد كثيرة ، لكن فيه مواد مذمومة ، فإنه فيه مواد فاسدة من كلام الفلاسفة تتعلق بالتوحيد و النبوة و المعاد ، فإذا ذكر معارف الصوفية كان بمنزلة من أخذ عدواً للمسلمين ألبسه ثياب المسلمين .

و قد أنكر أئمة الدين على أبي حامد هذا في كتبه و قالوا : مرضه "الشفاء" يعني "شفاء" ابن سينا في الفلسفة.

و فيه أحاديث و آثار ضعيفة بل موضوعة كثيرة ، و فيه أشياء من أغاليظ الصوفية و ترهاتهم ، و فيه مع ذلك من كلام المشايخ الصوفية العارفين المستقيمين في أعمال القلوب الموافقة للكتاب و السنة ، و من غير ذلك من العبادات و الأدب ما هو موافق للكتاب و السنة ، ما هو أكثر مما يردّ منه ، فلهذا اختلف فيه اجتهاد الناس و تنازعوا فيه .اهـ .

المصدر :مجموع الفتاوى 10/55.

6 ) قال الذهبي في سير أعلام النبلاء 19/339:
أما "الإحياء" ففيه من الأحاديث الباطلة جملة ، و فيه خير كثير لولا ما فيه من آداب ، و رسوم ، و زهد من طرائق الحكماء و منحرفي الصوفية نسأل الله علما نافعاً . تدري ما العلم النافع ؟ هو ما نزل به القرآن ، و فسره الرسول صلى الله عليه وسلم قولاً و فعلاً ، و لم يأت نهي عنه. قال عليه السلام : "من رغب عن سنتي فليس مني" فعليك يا أخي بتدبر كتاب الله، و بإدمان النظر في الصحيحين، و سنن النسائي، ورياض النووي و أذكاره تفلح و تنجح . و إياك و آراء عباد الفلاسفة و وظائف أهل الرياضات ، وجوع الرهبان ، و خطاب طيش رؤوس أصحاب الخلوات ، فكل الخير في متابعة الحنفية السمحة ، فوا غوثاه بالله ، اللهم اهدنا إلى صراطك المستقيم . اهـ .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقد أكثر رحمه الله ( الغزالي ) من النقل عن أبي يزيد البسطامي و الحلاج و الشبلي ، [GLINT]و هم من أهل القول بالاتحاد و الحلول [/GLINT]، بل ذهب بعض الباحثين إلى أن الغزالي قال بهذا المذهب في كتابه إحياء علوم الدين، و في بعض كتبه الأخرى.

و لهذا قال شيخ الإسلام عن كتاب مشكاة الأنوار للغزالي: و هذا الكتاب كالعنصر لمذهب الاتحادية القائلين بوحدة الوجود . اهـ .

المصدر : بغية المرتاد ص 189

و قال : و بسبب كلام الغزالي في مشكاة الأنوار تشجع الاتحاديون الملحدون الذين قالوا بوحدة الوجود على ذلك ، كقولهم: إن الخلق مجال و مظاهر ، لأن وجود الحق ظهر فيها و تجلى . اهـ .

المصدر : درء تعارض العقل والنقل 10/283.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

و هو يحكي ( الغزالي ) في كتابه ( الإحياء ) كثيراً من الأمور التي لا يقبلها العقل ، و لا تستقيم على ميزان الشرع دون أن ينكرها.

و من ذلك قوله في كتابه الإحياء 4/200 : و قيل له ـ أي بضع العارفين ـ بلغنا أنك ترى الخضر عليه السلام ؟ فتبسم و قال: ليس العجب ممن يرى الخضر ، و لكن العجب ممن يريد الخضر أن يراه فيحتجب عنه . اهـ .!!.

و نقل عن أبي يزيد البسطامي قوله : أدخلني ـ الله ـ في الفلك الأسفل فدورني في الملكوت السفلي و أراني الأرضين و ما تحتها إلى الثرى ، ثم أدخلني في الفلك العلوي ، فطوف بي في السموات ، و أراني ما فيها من الجنات إلى العرش. أوقفني بين يديه فقال: سلني أي شيء رأيته حتى أهبه لك ؟ فقلت: يا سيدي ما رأيت شيئاً أستحسنه فأسألك إياه . فقال: أنت عبدي حقا تعبدني لأجلي صدقاً..." الإحياء 4/356.

و نقل عن أبي تراب قوله: لو رأيت أبا يزيد مرة واحدة كان أنفع لك من أن ترى الله سبعين مرة . الاحياء 4/356.

إلى غير ذلك من الأمور المنكرة التي يسميها الغزالي "مكاشفات" و يطالب بعض الناس بعدم إنكارها و الاعتراض عليها .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ونختم بما قاله الذهبي رحمه الله : فرحم أبا حامد، فأين مثله في علومه و فضائله و لكن لا ندعي عصمته من الغلط و الخطأ، و لا تقليد في الأصول . اهـ . سير أعلام النبلاء 19/346.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قال عنه الشيخ أبو اسحاق الحوينى حفظه الله و عافاه و أطال لنا فى عمره و نفعنا به " ما أعلم كتاب على الأرض أشد كذباً على الله و رسوله من كتاب إحياء علوم الدين "

نقل بتصرف يسير ,نسأل الله السلامة من ذلك و أن يغفر لنا و يعفو عنا و صلى اللهم و سلم على نبينا محمد و الحمد لله رب العالمين .