قال لى (وتنهد حتى كاد ان ينشق صدره من الهم)
- لماذا لا تكتب عن علامة من علامات الساعة انتشرت في هذه الأيام انتشار النار في الهشيم؛ عن هذه العلاقات المحرمة ؛ والمقابلات الفاجرة بين الفجرة والفاجرات ؛ والتي تصل قضاياها إلى مراكز هيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يومياً بالأرطال ، وما خفي أعظم .
.. ثم هل تعلم أن هذه الصالات والقصور التي يدعونها زوراً وبهتاناً قصور أفراح ؛ وهي في الواقع قصور أتراح ! أو ملتقى الـ.... أو سمِّها ما شئت .. هل تعلم أن منها ينطلق العابثات بالأعراض إلى مراتع الرذيلة ...
قبل أيام كنت أقف بسيارتي بجوار إحدى هذه القصور قرابة الساعة الثانية عشرة ليلاً لآخذ زوجتي من هناك بعد أن حضرت زواج إحدى زميلاتها ؛ فلفت نظري نزول شابة رشيقة من سيارة فارهة ؛ تلبس العباءة الفرنسية الضيقة المخصرة ؛ مشقوقة الفستان من أسفل الساق إلى الركبة ! تسبقها عطورها ؛ تعصف بالمكان ، يشمها الموتى في قبورهم . أوصلها صاحبها ذاك الذي كنت أظنه زوجها بادئ الأمر .. إلى باب القصر ثم ذهب .. فلما وَصَلتْ إلى الحارس ، صاح بها ..
- ارجعي ممنوع الدخول ..
غضبت أنا غضباً شديداً ؛ وانتهرته ..
- كيف لا تسمح لها بالدخول وأنت ترى زوجها ذهب وتركها .. أين تريدها أن تذهب الآن نصف الليل ..
- لو سمحت يا مطوع ؛ مالك شغل! لا تتدخل فيما لا يعنيك!
- ما هذه القلة الأدب أقول لك المرأة...
- ...هذا شغلي وأنا أدرى به منك ..
أخذت الشابة تقنعه بصوت خافت وترجوه لكن دونما جدوى .. أخرجت هاتفها الجوال واتصلت بصاحبها ذاك .. وبعد دقائق حضر.. فركبت معه وانصرفا وأنا أنظر بدهشة .. أهذا زوجها أم حبيبها _ بلغة شباب اليوم _ ؟!
تقدمتُ للحارس وقلت له :
- آسف ! أعتذر إليك عما بدر مني ..
- لماذا تعتذر ..
- لأني عرفت أنه ليس زوجها ؛ وإلاَّ لنزل للتفاهم معك وأظنك لن تسلم منه .. ولكنه ..
- شوف يا ولدي ! أنا أعمل هنا منذ ثلاثة عشر عاماً وأقسم بالله أنني أعرف المرأة المنحرفة من مشيتها وطريقة لبسها .. وكم وكم رأيت منهن ؟! وهذه الفتاة جاءت مع أبيها الساعة التاسعة مساءاً ومعها أمها وأخواتها .. أوصلهن الأب ثم انصرف .. وبعد برهة خرجتْ هي فاتصلت بذلك الخبيث ؛ فحضر وأركبها معه وذهبا إلى حيث لا أعلم .. وعادت قبل قليل كما ترى بعطورات الدنيا تفوح منها ..
- كيف عرفتها ..
- بكعبها العالي ! هل تعرف قُصَّاص الأثر هؤلاء الذين يعرفون آثار الأقدام ؛ ونوع الخطوة وهل هي لذكر أم لأنثى ..
- أسمع عنهم ..
- فإني أصبحت مثلهم هنا ؛ أميز المرأة من (..حذائها ) بنظرة واحدة ؛ ولو خرجت بين ألف امرأة .. ثم إن هذه يا ولدي تأتي إلى هنا (.. بِكراً) ثم تعود مع أبيها إلى بيتها
( ثيباً) من غير زوج ! ألم تسمعها تقول لي ( استر عليَّ الله يخليك .. أبي رجل كبير سنُّه وبه مرض القلب ولو علم لمات .. لا تفضحني )
- لا لم أسمعها ..
- فإنها كانت ترجوني أن أستر عليها وادخلها فأكون مشاركاً لهما في الرذيلة يا ولدي ؛ وبنات هذا الزمان لا يعرفن إلاَّ ..(استر عليّ) ولا يُرِدْنَ هنَّ ستر أنفسهن ..
* * *
قال صاحبي : فأقسمت ألاَّ أوصل زوجتي إلى قصور الأفراح في حياتي أبداً ؛ طالما أنها بؤرة لخروج العاهرات إلى الشقق المفروشة مع الأخدان ..
قلت له : غلطان ! وهل كل ....
قال : قل عنيّ ما تشاء .. لكن لماذا لا تكتب عنها وأمثالها . لماذا لا تكتب عن خيانة ( بعض) الزوجات لأزواجٍ لا يرون في الدنيا إلاَّ سعادة أزواجهم ؛ اللاتي فقدن الخوف من الله ؛ والحياء من الناس؛ وشغفن بالخيانة ؛ مع أن الله تعالى أغناهنَّ بأزواجهنَّ ...
ألم تسمع عن تلك التي يوصلها زوجها كل يوم على مدى أربع سنين إلى صديقتها كما تزعم وينتظرها في السيارة ونجومه على كتفه ! حتى تعود ؛ وهي تذهب لتفعل الفاحشة مع زانٍ ينظر إلى زوجها من علوٍ في منزله ؛ فيهزأ به وبنجومه والزوج غافل لا يعلم عن هذه الخائنة إلاَّ أنها تقابل صديقتها لتستفيد منها الدروس المطلوبة منها في جامعتها ..
وألا تعلم أيضاً أن بعض المحلات التجارية المتخصصة في بيع الملابس النسائية بها مستودع داخل المحل أوما يشبه غرفة النوم ؛ دون علم المسؤولين في وزارة التجارة أو البلدية أو بعلمهم وتغاضيهم ! تدخل فيه المرأة وقد تكون أتت مع أمها ؛ فتفعل ما تريد بالداخل مع عامل المحل ؛ ثم تخرج في دقائق والأم لا تعلم شيئاً بل ولا تتصور وقوع هذا من ابنتها بهذه السرعة ؛ ويقع ذلك من عائلات شريفة والله أطلقوا عنان الثقة المفرطة لأولئك اللاتي تعودن على مواقع المحادثات والتعارف في الإنترنت .. أو حاكين الممثلات والمذيعات في القنوات ..
لماذا لا تقول للناس إن أسباب هذا الانحراف أمران :
إما أن الأب غافل عن البيت ؛ والأب الضعيف من المعلوم أنه أقوى على البنت من الأخ القوي ... لأنها جبلت على الخوف من الأب منذ الصغر والإعجاب به كما يقال .. وهو الآن يرى ابنته البالغ التي كعب ثديها صغيرة أمامه ويتخيلها تلك البريئة التي كان يعهدها في صغرها ؛ فيغفل عن خروجها ودخولها بحجة الثقة ؛بل قد يجلب لها ولأسرته الدش الذي يمطرهم بوابلٍ من الخزي والعار وتصوير المجتمعات الإسلامية على أنها مجتمعات إباحية ليس فيها إلاّ الحب والغرام .. والمغازلات والمقابلات والتأوهات والتنهدات .. أو يجلب لها الإنترنت في غرفتها الخاصة أو يهديها م! ن فرط الدلع جهاز الجوال وهي طالبة ثانوية ..
والسبب الآخر .. سلامة فطرة أهلها وأنهم عاشوا في زمن كان الرجل فيه يرعى غنمه مع المرأة الأجنبية عنه و ترعى غنمها هي أيضاً في رؤوس الجبال معه ويراها أختاً له ولا ..
قلت له : ليس هذا على إطلاقه فالخلوة بالأجنبية حرام مهما كان العذر و....
قال : اسمع ! وكان في الغالب تحكمهم الرجولة والمروءة والشهامة وأن الأعراض عندهم تساوي دماءهم ...
لماذا لا تكتب عن الشاب الذي جاءك قبل أيام يشكو إليك وقوع أخته المغلوبة على أمرها في فاحشة الزنا ؛ وأنها حملت سفاحاً _ نسأل الله العافية _ وأنك بحثت مع أحد المشايخ ؛ ومع كبار العلماء في البلاد لمخرج لها ولأهلها ولا سيما وأن زواجها بعد شهر من الآن ؛ وأن العلماء أفتوا بعدم جواز إسقاط الجنين ؛ وأن إسقاطه قتلٌ لنفسٍ حرَّم الله قتلها؛ وإن أسقطته بعد أن يتخلق فعليها ديته ؛ عُشر ديتهاهي والكفارة ؛ وبعد نفخ الروح فعليها الكفارة والدية كاملة ؛ وأن أباها عندما أخبر بالأمر سقط مغشياً عليه مع كبر سنه وقوة دينه ؛ لم يتحمل هول المصيبة وحُق له ذلك ؛ وأنهم اليوم في حالة عظيمة لا يعلمها إلاّ الله وحده .. لا يعلمها ذلك الزاني الخبيث الذي أفسدها وأفسد عذريتها ؛ وأفسد شرف أهلها والله أعلم ماذا سيكون مصيرها ومصير جنينها _ رغم صدور الفتوى _ أو حال زوجها الذي أكمل شراء أثاث منزل الزوجية على أمل أن يحيا معها حياة زوجية شريفة ؛ ولا يعلم أن ربما لن يتزوجها أبداً ..
لماذا لا تكتب عن هذا الزاني الملعون ! الذي قذف نطفته القذرة وأفرغ شهوته في فرج ما أحلَّه الله له ؛ ووضع أمشاجاً مظلومة في رحمٍٍ يسترحم ولا رحمة ؛ رحمٍ استقبل أولَ حمل له في بداية معرفته بالحمل سفاحاً وبتهاناً مبيناً .. لماذا لا تخاطب المجتمع الذي غفر لهذا الزاني خطيئته ولم يغفر لتلك الفتاة خطأها ! حتى وإن أصبحت فيما بعد كعابدة الكوفة ؛ من الزاهدات الصائمات القائمات القانتات ... أن يحاسب هؤلاء الزناة المفتخرين بفجورهم في المجالس وتمزيق أعراض بنات الناس ؛ وعلى الأقل يسكتهم عن تبجحهم بزناهم في المجالس ...
وأين ذهبت لذة الزنا عند هذا الزاني الذي لو علم بما جناه على هؤلاء لتمنى أنه كان تراباً .. قاتله الله ! أَمِن أجل شهوة لا تتجاوز لذتها دقيقتين ! باع إيمانه وباع عقله وشتّت أُسَراً وأوغر صدوراً ، وأسال أدمعاً ، وأغضب الله تعالى فوق عرشه ..
* * *
قلت له : يا أخي والله إنك على حق وإن قولك ما صدر إلاَّ من صدر مصدور ! وقلب مكلوم ؛ يتحرق على أعراض المسلمين والمسلمات ؛ وإنني أريد أن أكتب عن كل ما ذكرت ولكنني لا أعلم متى سأكتب وهل سيقرأه أمثال هؤلاء فيثوبون إلى رشدهم ويتوبون إلى ربهم ويحكّمون عقولهم ؛ وينظرون إلى شهواتهم فيضعونها في حلِّها .. ثم إذا كتبت هل يا ترى سيتكرم الاخ بنشرها فـــــي ( المدينة )! ..
قال : حاول ..
قلت : سأحاول !
موسى محمد هجاد الزهراني
عش في الحياة كعابر سبيل، يترك وراءه أثراً جميلاً، وعش مع الناس كمحتاج يتواضع لهم، وكمستغن يحسن إليهم، وكمسؤول يدافع عنهم، وكطبيب يشفق عليهم، ولا تعش معهم كذئب يأكل من لحومهم، وكثعلب يمكر بعقولهم، وكلص ينتظر غفلتهم، فإن حياتك من حياتهم، وبقائك ببقائهم، ودوام ذكرك بعد موتك من ثنائهم، فلا تجمع عليك ميتتين، ولا تؤلب عليك عالَمين، ولا تُقدِّم نفسك لمحكمتين، ولا تُعرض نفسك لحسابين، ولحساب الآخرة أشد وأنكى.