بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
العنف الأسري محرم شرعاً ويتنافى مع تعاليم الإسلام
"العنف الأسري" يشرد الأبناء في الشوارع
العنف الأسري محرم شرعاً ويتنافى مع تعاليم الإسلام
وجه سماحة المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ كلمة تناول فيها موضوع العنف الأسري وما يتوجب أن تبنى عليه العلاقات الأسرية من مودة ورحمة وذلك استجابة من سماحته لتوصيات لقاء الخبراء الوطني حول العنف الأسري. وفيما يلي نص كلمة سماحته: الحمد لله الذي كتب الإحسان على كل شيء وأمر به، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه.. وبعد: فقد امتازت الشريعة الإسلامية المطهرة بأنها تحقق العدل واليسر والسماحة والأمن، وتراعي مصالح الناس، وتدعو إلى الرفق، والرحمة، والإحسان بكل شيء.
وإن من الظواهر الخطيرة، والمآسي الإنسانية التي بدأت تنتشر بين المسلمين، وتفرز لنا كثيراً من مشاكلها، ومآسيها المحزنة، وآثارها الضارة التي تهدد حياة البشر، وترابط الأسرة، واستقرار المجتمع ظاهرة العنف الأسري بجميع أشكاله وصوره.
ومعنى العنف الأسري شرعاً: ممارسة القوة أو الإكراه بطريقة متعمدة غير شرعية من قبل فرد أو أكثر من أفراد الأسرة ضد فرد أو أكثر من الأسرة ذاتها، ويكون المجني عليه واقعاً تحت سيطرة الجاني وتأثيره مما يلحق به الهلاك، أو الضرر والأذى. والمراد بالأسرة الزوج، والزوجة، والأولاد ويتبع ذلك الأخوات، والأخوة، والأجداد ممن يعولهم رب الأسرة، والغالب أن العنف الأسري يقع من الزوج على زوجته، ومن الأب على أولاده وأخواته وإخوانه، وقد يكون بالعكس من الزوجة على زوجها، ومن الأولاد على والديهم وهذا من أكبر العقوق، وأعظم الذنوب والعياذ بالله.
وأنواع العنف الأسري وأشكاله تعددت في هذا العصر وازدادت ضراوة وعنفاً بسبب جهل وحماقة مرتكبيه، أو حب التسلط، وقلة الوازع الديني، وزيادة الضغوط النفسية والمادية، وكثرة مشاكل الحياة، وإرادة التشفي والانتقام، ونتيجة من نتائج العولمة الضارة، والتأثر بمشاهدة القنوات الفاسدة، وتقليد ما يشاهد فيها من العنف، والإجرام. والسلوك العدواني الناتج عن العنف الأسري تختلف درجته وأنواعه، فقد يكون إيذاءً بدنياً، أو معنوياً، أو مالياً، أو إشارة، وقد يكون إيذاءً جنسياً.
ولاشك أن العنف الأسري والسلوك العدواني، واستعمال القوة بغير حق ضد أفراد الأسرة أو غيرهم محرم شرعاً، ويتنافى مع تعاليم الإسلام السمحة، ومثله العالية التي تدعو إلى الرفق، والسماحة، والرحمة، بل قد يكون العنف الأسري من أكبر الكبائر، ومن الفواحش العظيمة خاصة إذا ترتب عليه إزهاق الروح، أو ذهاب العقل، أو كان القتل فيه متعمداً، أو ترتب عليه ارتكاب فاحشة الزنا واللواط، أو عقوق الوالدين ولو كان شيئاً يسيراً، أو ترتب عليه قطيعة الرحم. من ذلك يتبين لنا أن العنف الأسري من أعظم الجرائم، وأكبر الذنوب والآثام، لما يترتب عليه من الأضرار العظيمة، والمفاسد الكثيرة.
جدة، تقرير: ضيف الله المطوع
علامات استفهام كثيرة قفزت إلى الأذهان من خلال "ظواهر" جديدة بدأت تطل من نوافذ المجتمع السعودي او في العالم العربي.. وهي ظواهر لم تكن لها أي وجود في سطح هذا المجتمع حتى إلى وقت قريب من الزمن.. وكانت أكثرها التفاتاً للنظر تلك الظاهرة التي انتثرت في شكل تصرفات وحشية لا تمت لطبيعة الإنسان السعودي بأية صلة.. وهي ظاهرة "العنف الأسري"!!.
الظاهرة التي نحن بصددها الآن أدت إلى تشريد مجموعة من الأطفال الأبرياء.. ينتج عن ذلك بعد انفصال أزواج عن أزواجهن بسبب هذا العنف.. ولم يجد أولئك الأطفال بعد هذا الانفصال حظاً دافئاً فلجأوا إلى الشوارع حيناً.. وإلى خانات أخرى بعيدة كل البعد عن حياة الطهر والاستقامة..!!
الشوارع بالطبع لا ترحم فهي قاسية جداً.. وبالذات نحو أطفال صغار ليس لهم تجربة في الحياة فتعض عليهم بأنيابها الحادة فيصرخون فتتوه صرخاتهم في جوف الليل.. وفي نفس الوقت فإن آباءهم ولنسيان جروح الفشل سرعان ما اقترنوا بزوجات أخر، وكذلك الحال بالنسبة للأمهات وحتى يؤكدن بأنهن مرغوبات فقد قبلن بكل طارق جديد فاقترن بهن... في ظل هذه الأجواء النفسية.. فإن الأطفال لا يجدون مكاناً إلا أرصفة الشوارع حيث خانات الضياع التي تفرخ وتفرز أرتالاً من الأشقياء الذين يزرعون الدروب بدون هدف أو غاية.
لقد بكت ثريا العلي وهي تروي قصتها أو مأساتها مع زوجها الذي كان لا يكف عن ضربها لأتفه الأسباب... وكادت أن تفقد عضواً من جسمها من فرط هذه الضربات المتلاحقة فآثرت الانفصال بعد أن أنجبت منه ثلاثة أطفال فقذفت بهؤلاء الأطفال بإحدى دور الرعاية الاجتماعية ثم ذهبت في حالها.. وبعد سنوات جاها من يطرق بابها فقبلت به مع أنه يكبرها بأعوام كثيرة وله زوجة وأطفال كبار..
وتقول منال أحمد بأنها اقترنت بزوجها الذي يمت لها بصلة قرابة وفي السنين الأولى من عمر الزواج كان يغدقها فيضاً من الحنان وأنجبت منه "3" بنين و"3" بنات، وتعتقد بأن هناك فتاة أخرى دخلت في حياته حيث تبدلت تصرفاته بصورة سريعة وبطريقة ملفتة فتحملت سبابه وشتائمه التي تعددت كثيراً ليبدأ يركلني بحذائه ثم بقبضة يده ويقذفني بأي شيء حتى لو كان ذلك الشيء حديداً.. وفي مرة من المرات قذف بقارورة يريد أن يضربني بها إلا انها أصابت ابنتي في عينها فذهبت بها إلى المستشفى وتم العلاج ومن ذلك اليوم رفضت العودة إلى منزله ولم يسأل عني بل قذف في وجه أبي ورقة الطلاق.. وصدق شعوري حينما تزوج بتلك الفتاة..!
إلى ذلك هناك زوجات آثرن الصبر رغم تهور أزواجهن ورغم السباب والشتائم والركل بالأرجل والأيدي وإلحاقهن الأذى، وذلك من أجل أبنائهن وبناتهن وتلافياً لضياعهم... حيث قالت سوسن بأنها ما زالت تتحمل عنف زوجها رغم مضي "10" أعوام من زواجها.. ونفس الحال لمريم المطيري التي قالت بأن تحملها لهذا العنف هو الأبناء والبنات وربما يعود زوجي إلى صوابه كما أن أولادي هم ثروتي الأولى والأخيرة في هذه الدنيا.
الطفله اشواق المعنفة من قبل والدها فيما ما زالت هي وشقيقتهاالصغرى ندى تقيمان لدى دار الحماية الاجتماعية بالطائف لحين الانتهاء من الجلساتوالبحوث الاجتماعية التي يقوم بها الأخصائيون، والتي تتعلق بالأسرة كاملةً في ظلالجهود التي تُقدم من الدار وتتبنى بها وضع الطفلة وأشقائها مؤقتاً، لحين البت فيوضعهم بعد الانتهاء من الجلسات والبحوث الاجتماعية.
ويقول الدكتور ضيف الله يحيى أستاذ الحضارة الإسلامية بجامعة أم القرى: ان السبب في العنف أحياناً هو عدم تنازل أحد الطرفين عن بعض الأشياء التي يظنها من حقوقه الأساسية لأنه لو أعمل عقله ولو قليلاً وفكر بشكل أكثر عمقاً لرأى ان الموضوع تافه ولا يستحق ردة الفعل العنيفة، لأن ردة الفعل العنيفة تدل على استنفاد الوسائل البديلة واللجوء لهذا الخيار فهو بالنتيجة "أي العنف" حيلة العاجز الذي لا يملك عقلاً أو تخطيطاً أو سياسة أو حيلة بديلة يستطيع السيطرة فيه على الموقف أو المشكلة التي تواجهه.
ويقول الدكتور محمد السعدي أستاذ علم الاجتماع قبل أي شيء أود القول ان العنف الأسري في المملكة نسبته أقل من البلاد العربية وهذا الكلام بناء على احصائيات قامت بها العديد من لجان حماية الأسرة، مشيراً إلى ان العنف الأسري غالباً ما يكون ناتجاً عن ضغط نفسي سواء على الصعيد المادي أو العاطفي، ولكن كل من أفراد الأسرة لا يستطيع تفهم الآخر، أو بالأحرى ينفس غضبه بالآخر، وتتفاقم المشاكل، ولكن هناك نقطة مهمة جداً ألا وهي أن معظم الشعوب العربية تلجأ للعنف كوسيلة أساسية وليس كوسيلة بديلة وان الأبناء ينشأون على استعمال هذه الطريقة للتعايش ولحل المشاكل، فتأتي بالوراثة من السلف.