{لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُواْ مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ} آل عمران92
بمناسبة الإنفاق على غير درب الله وفي غير سبيله وبمناسبة الافتداء يوم لا ينفع الفداء يبين الله تعالى البذل الذي يرضاه {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم} وقد فقه المسلمون وقتها معنى هذا التوجيه الإلهي وحرصوا على أن ينالوا البر وهو جماع الخير بالنزول عما يحبون وببذل الطيب من المال سخية به نفوسهم في انتظار ما هو أكبر وأفضل روى الإمام أحمد بإسناده عن أبي إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة سمع أنس بن مالك يقول كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالا وكان أحب أمواله إليه بيرحاء وكانت مستقبلة المسجد وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب قال أنس فلما نزلت لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون قال أبو طلحة يا رسول الله إن الله يقول لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وإن أحب أموالي إلي بيرحاء وإنها صدقة لله أرجو بها برها وذخرها عند الله تعالى فضعها يا رسول الله حيث أراك الله فقال النبي ص "بخ بخ ذاك مال رابح ذاك مال رابح وقد سمعت وأنا أرى أن تجعلها في الأقربين" فقال أبو طلحة: أفعل يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربهوبني عمه أخرجه الشيخان وفي الصحيحين أن عمر رضي الله عنه قال يا رسول الله لم أصب مالاً قط هو أنفس عندي من سهمي الذي هو بخيبر فما تأمرني به قال "احبس الأصل وسبل الثمرة" وعلى هذا الدرب سار الكثيرون منهم يلبون توجيه ربهم الذي هداهم إلى البر كله يوم هداهم إلى الإسلام ويتحررون بهذه التلبية من استرقاق المال ومن شح النفس ومن حب الذات ; ويصعدون في هذا المرتقى السامق الوضيء أحرارا خفافا طلقاء