السُّعال... الدواء أم العسل لمكافحته؟
تُباع منتجات كثيرة في الصيدليات ضدالسعال والتهابات قنوات التنفّس. في المقابل، نميل إلى الاحتفاظ بشراب ضد السعال الجاف وُصف لنا بعد إصابتنا بزكام سابق. يتألف هذا الشراب بشكل أساسي من مادة دكستروميثروفان، مثل عقار Drill أو Humex للأطفال. قد تكون فاعلية مثل هذه الأدوية غير مؤكّدة، لكن بما أنها خالية من الآثار السلبية، يُفضّل اللجوء إليها بدلاً من لا شيء. في المقابل، نستطيع استخدام بديل آخر يتمثّل في خصائص العسل الطبيعية.
دُرست آثار العسل لدى مئة طفل يتراوح سنّهم بين سنتين و18 سنة كانوا مصابين بالسعال وسيلان الأنف منذ أقل من سبعة أيام. فمنهم من كان يتناول االعسل مباشرةً قبل الخلود إلى النوم، وآخرون شراباً، بينما لم يحصل الباقون على شيء. عندئذ، دُرس تواتر السعال، حدّته والانزعاج الذي يسببه خلال الليل مقارنةً بالليلة السابقة. تحسنت هذه المعايير لدى الأطفال جميعهم، لكن التحسّن برز بشكل خاص لدى من تلقوا ملعقة من العسل. تعود فاعلية هذا العلاج التقليدي المتزايدة إلى خصائص العسل. بدايةً، يسمح هضم العسل---بإفراز مفرط للعاب والمخاط، الأمر الذي يريح الحنجرة.
في المقابل، يزيد محتواه العالي من السكر إنتاج المواد المهدّئة للألم التي يفرزها الجسم نفسه. وفي النهاية، يعمل العسل كذلك الأمر كمضاد للأكسدة والميكروبات.
لكن لا بد من الإشارة إلى أن التحسّن يبقى متواضعاً وفي حالة العسل ---الحاد أو الممتد، يُوصى باستشارة الطبيب أو الأخذ بنصيحة صيدلي. نستخلص من ذلك أنه عند إصابة الأطفال ما فوق السنة بسعال خفيف، من المستحسن مباشرة إعطاؤهم العسل بدلاً من البحث في علبة الأدوية عمّا تبقى من شراب ضد السعال.
لا دليل
تُباع أدوية سعال كثيرة في الصيدليات من دون وصفة طبية، ويشكّل الشراب جزءاً منها. بحسب بعض اختصاصيي إصابات جهاز التنفّس، لا يوجد أي دليل سريري على أن الأدوية المضادة للسعال والمتوافرة من دون وصفة طبية فاعلة. فهذه الأدوية إما تحتوي على جرعات أصغر من أن تحدث أثراً، ولذا تُباع من دون وصفة، أو تتضمن مواد حيوية لم تُثبت فاعليتها.
عارض لا يجب إخفاؤه
لا ينسى الاختصاصيون أن الأطفال، أبرز ضحايا الزكام، هم أول من يتناولون مثل هذه المنتجات. فإن كان لدينا شراب مضاد للسعال على الأقل في خزانتنا، غالباً ما نعطيه خلال الشتاء لأطفالنا. وعند أقل سعال، نعطيهم ملعقة أو اثنتين. الهدف من ذلك تخفيف انزعاج الطفل وإخفاء هذا العارض بأسرع وقت ممكن.
وهنا بالضبط تكمن المشكلة. السعال عارض، إذ إنه يختفي تلقائياً حين يرافق زكاماً بسيطاً. لذلك من غير المجدي إعطاء شراب ضد السعال --لطفل، طالما أن فاعلية هذا النوع من الدواءلم تثبت.
في النهاية، وفي حالات نادرة، حين يكون السعال حاداً ومتواصلاً، قد يكون ناجماً عن إصابة مزمنة في قنوات الرئة بسبب المناخ أو عوامل أخرى. قد يكون الطفل في هذه الحالة مصاباً بالربو مثلاً أو بالتهاب مزمن في جيوب الأنف. لا بد في هذه الحالة من اصطحابه إلى الطبيب. لا بل على العكس، قد يؤخر الشراب الذي يُعطى للطفل زيارة الطبيب. يُشار أيضاً إلى أن هذه المنتجات قد تحتوي على الكوديين، مادة يصعب على الأطفال تحمّلها.
ماذا لو كنت مصاباً بارتجاع المريء؟
ارتجاع المريء، كما هو واضح من اسمه، عبارة عن صعود عصارة المعدة إلى المريء. يعطي بالتالي إحساساً بالحريق والحموضة ويزداد هذا العارض خلال وضعية النوم. يصعد هذا الارتجاع الحارق، أحياناً، إلى القصبات الهوائية على مستوى الحنجرة والبلعوم. لهذا السبب تتغير العوارض التي هي من اختصاص أطباء الأنف والأذن والحنجرة.
- قحّة
- انكشاط مزمن في الحلق.
- سعال مزمن.
- إحساس غريب في البلعوم.
- ألم عند البلع.
- آلام في الأذن، رائحة نفس كريهة، وفرط إفراز اللعاب.
العلاج بسيط وفاعل، إذ يقضي بتناول دواء مضاد للحموضة يومياً من فئة أدوية الأوميبرازول مثلاً. وحين تُزال الحموضة من عصارة المعدة، يهدأ التهيّج ومن ثم يختفي. من المهم أن نفهم أنه في حالات عدة، تكون عوارض أي مرض غير مباشرة. يُترجم ارتجاع المريء غالباً بالتهاب في المريء، أي إحساس بالحريق في الصدر ناجم بلا شك عن ارتجاع الحموضة الذي يهاجمنا من وقت إلى آخر. وفي حال إصابة الأنف، الأذن والحنجرة نتيجة ارتجاع المريء، تكون العلاقة مباشرة، وهكذا قد يطول التشخيص.
معالجة السبب دوماً
يجب دوماً تفضيل الأدوية التي تعالج السبب بدل تلك التي تعالج العوارض. فإن كان صوتكم مبحوحاً، وإن كان بلعومكم ينكشط، لا بد من استشارة طبيب لمعرفة السبب. وما إن يُعرف، تستطيعون الحصول على العلاج الأكثر تكيفاً.
الإقلاع عن التدخين
استُخلصت هذه النتيجة من دراسة شملت نحو 2810 نروجيين قيست لديهم معدلات تراجع عوارض مختلفة بطريقة عفوية، وذلك في العام 1985 من ثم بعد 11 عاماً.
أشار التقييم الأول الى أن 20 في المئة من هؤلاء يعانون سعالاً صباحياً، رطباً أو مصحوباً بصفير و60 في المئة سعالاً مزمناً. غالبية هؤلاء الأشخاص من المدخنين أو المدخنين السابقين، وقد تبيّن أن تواتر هذه العوارض كان يرتفع كلّما ازداد عدد السجائر التي يدخنونها.
وبعد 11 عاماً، تراجعت هذه العوارض بنسبة 40% و60% على التوالي. ومما لا شك فيه أن أولئك الذين أقلعوا عن التدخين حصلوا على المنفعة الأكبر لناحية عوارض التنفّس. وبالتالي كانت فرص اختفاء السعال الصباحي لدى هؤلاء أكبر بستة أضعاف، والسعال المزمن بثلاث مرات ونصف، والسعال الرطب بمرتين ونصف.
يشير معدّو الدراسة أيضاً إلى الدور المهم للتلوث في العمل، لأن التعرض للغبار والدخان الصناعيين يقلل بشدة من فرص تراجع العوارض التنفسية، سواءً كان العمّال من المدخنين أو غير المدخنين.