إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ "
" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا"
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً"
أما بعد
فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى وخير الهدي هدي نبينا محمد صلى الله عليه وسلم
وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار
حياكم الله جميعا أيها الإخوة الأخيار وأيتها الأخوات الفاضلات
وطبتم وطاب سعيكم وممشاكم وتبوأتم جميعاً من الجنة منزلا
وأسأل الله الحليم الكريم جل وعلا الذي جمعني بحضراتكم في هذا البيت الطيب المبارك على طاعته
أن يجمعنا في الآخرة مع سيد الدعاة وإمام النبيين في جنته ودار مقامته إنه ولي ذلك ومولاه
أحبتي في الله
"دعوة للتسامح والتصالح"
أوجهها من على المنبر الكريم لكل الأطياف والفئات لا سيما ونحن نشهد في بلدنا في الأيام الماضية حملة إعلامية شرسة تبث الذعر والخوف بل والفوضى بين أبناء هذا البلد الكريم الحبيب وكأن هناك من لا يريد أن يحيى مصر آمناً مستقراً مطمئناً.
ويريد هؤلاء أن لا يتنفس الناس عبير الحرية وشذاها
فهم يستغلون هذه الحرية أسوأ استغلال
إنها حرية الفوضى
بلا التزام ولا ضوابط
فالكل يشيع ما شاء ويقول ما شاء في أي وقت شاء وفي أي موقع على الانترنت شاء وفي أي فضائية شاء وفي أي جريدة شاء .
ثم يمضي بعد قوله آمناً مطمئناً مُستريح البال مستقر الضمير
وتُصبح البلد وتُمسي وإذا أعراضها مجرحة وسمعتها ملوثة
وإذا كل فرد فيها متهم أو مهدد بالاتهام
وهذه حالة من القلق والشك والريبة
لا تُطاق بحال من الأحوال فضلاً عن أنها حالة لا يمكن أن يعلوا فيها البناء وأن تُدفع فيها عجلة التنمية والاقتصاد .
والشنيع الفظيع أن من هؤلاء من يريد الآن الوقيعة بين الشعب والجيش والمجلس الأعلى للقوات المسلحة
فأنا أدعوا من على هذا المنبر الكريم بعد هذه الحملات الإعلامية الضخمة التي تبث الرعب ولا زالت
وتصور الإسلاميين على اختلاف انتماءاتهم كالسلفيين وأنصار السنة والجمعية الشرعية وغيرهم كالإخوان والتبليغ .
تصور هذه الحملة هؤلاء على أنهم وحوش ضارية كاسرة مترصدة لحرق وجوه النساء اللائي يمشين بلا نقاب في الشوارع والطرقات أو لقطع الآذان لأنهم قاموا دولة داخل دولة وتحركوا لإقامة الحدود بأنفسهم .
وأخيراً بلغني بالأمس منشورات توزع بأنهم مستعدون الآن لقتل كل سائح ينزل إلى مصر فضلاً عن تعديهم على هدم الأضرحة ونبش القبور وإثارة الفزع والرعب بين الناس .
نريد شيئاً من العدل ولا أقول أريد العدل المطلق بل أريد شيئاً من العدل ونريد شيئاً من الإنصاف ، ونريد شيئاً من الحق وندعو الجميع إلى التسامح والتصافح والتصالح .
فمصر لا تحتمل هذه الفوضى ، ولا تحتمل هذه الفتن قط .
حاول من حاول أن يُشعل نار الفتنة الطائفية في بلدنا
فوجدوا الناس على مستوى المسؤولية .
وفشل هؤلاء في إشعال نار هذه الفتنة التي لو احترقت لدمرت الأخضر واليابس .
وهم يحاولون الآن إشعال نار الفتنة بين السلفيين والمؤسسة الرسمية الدينية في الدولة الأزهر ووزارة الأوقاف وبين الصوفيين أو الصوفية لتسود حالة من الفوضى والقلق والفزع والرعب بين الناس يراد منها التشويه للإسلاميين بل والبعض أيضاً يريد أن يكون الإسلام متهماً في قفص اتهام على طول الخط .
وأنا منذ البداية أيها الأفاضل أقول
لقد بدأ تاريخ التسامح بالإسلام
وأسألكم بالله تدبروا كل لفظة
وأنا أعلم أن من إخواننا الآن من الصحفيين والكتاب من يجلس بيننا أو يتابعني
أقول لهم لقد بدأ التسامح بالإسلام
فتاريخ التسامح هو بداية الإسلام
أيها الأفاضل
أيها المنصفون
أيها العقلاء
أيها الحكماء
أنا أخاطب كل أطياف شعبنا وكل أطياف بلدنا
أخاطب الصحفيين وأخاطب رجال النخبة وأخاطب المفكرين
وأخاطب المحللين بل وأخاطب السياسيين والرسميين بل وأخاطب أبائنا وإخواننا من الصوفيين أخاطب السلفيين وأنصار السنة والتبليغيين والإخوان والجمعية الشرعية وأخاطب أبائنا وأمهاتنا الفضليات وأخاطب شبابنا وأولادنا .
أخاطب كل مسلم في مصر وكل مواطن من الأقباط يعيش على أرض مصر
وأقول للجميع
اقرءوا معي أول آية في القرءان الكريم كله أظنكم تحفظونها جميعاً إنها قول الله في سورة الفاتحة " الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ" لم يقل الحمد لله رب المسلمين ، ولم يقل الحمد لله رب الموحدين وإنما قال " الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"
هذه نعلنها بأعلى الصوت للدنيا كلها أول آية في كتابنا ولا زالت تتلى إلى قيام الساعة .
" الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"
فربنا جل جلاله وتعالت ذاته وتقدست أسمائهُ وصفاتهً ليس رب شعب دون شعب ، وليس رب أمة دون أمة وليس رب المسلمين دون غيرهم
أبداً
بل هو رب العالمين
رب الكافرين ورب المؤمنين على السواء
رب المسلمين ورب اليهود ورب النصارى ورب العالمين جميعا
هو الله
" الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"
يُعرف علماؤنا الرب كما قال العلامة الألوسى رحمه الله
الرب هو الخالق ابتداءَ والمربي غذاءَ والغافر انتهاءَ
الرب هو الخالق ابتداء :هو الذي خلق المسلم والكافر ، فهو الذي خلق آدم وكرم آدم ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته وكرم بنيه كل بنيه فقال :
جل جلاله "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا "
فالتفضيل لبني آدم والتكريم لبني آدم وآدم عليه السلام أبو البشرية جمعاء
فالله رب الكافرين ورب المسلمين
هو الذي يُربيهم بنعمه
هو الذي يُربيهم بفضله
وهو الذي يرى كفرهم به ويحلُمُ ويَصبِر عليهم
فليس أحد أصبر على أذى سمعه من الله
يسبونه جل وعلا ويرزقهم ويُعافيهم
ويكفرون به جل وعلا ويرزقهم ويعافيهم سبحانه وتعالى
"الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ"
فالله جل جلاله رب الخلق أجمعين وهذه هي اللبنة الأولى في صرح التسامح الذي أرسى لبناته كاملة بلا نقص دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم
يتبع بإذن الله