الإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان الستة ،
كما جاء في حديث جبريل -عليه السلام -،
حين سأل النبي- صلى الله عليه وسلم - عن الإيمان ،
فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-
"أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ،
واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره".
(رواه مسلم)
الأدلة على وجوب الإيمان بالقضاء والقدر من القرآن قوله تعالى:
إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ {القمر: 49}،
وقوله : وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا {الأحزاب: 38
وقوله : فَقَدَرْنَا فَنِعْمَ الْقَادِرُونَ {المرسلات: 23}
ومن أدلة السنة على وجوب الإيمان بالقضاء والقدر
قوله صلى الله عليه وسلم:
" لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره من الله،
وحتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه
وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه " .
رواه الترمذي وصححه الألباني.
معنى القدر :
القدر هو أن تؤمن أنه ما من شئ في الأرض ولا في السماء إلا ويعلمه الله تعالى،
فلا يحدث شيء إلا بعلمه سبحانه ، فما قدره الله يكون ، وما لم يقدره لا يكون .
وهذا ما جاء به حديث رسول الله- صلى الله عليه وسلم- حيث قال :
"لا يؤمن عبد حتى يؤمن بالقدر خيره وشره ،
وحتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه ،
وما أخطأه لم يكن ليصيبه " .
(أخرجه الترمذى)
قال تعالى " إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ "
(القمر : 49)
معنى القضاء والقدر
فقد اختلفت عبارات العلماء في تعريف القضاء والقدر
فمنهم من عرفهما مجتمعين،وجعلهما شيئاً واحداً،
ومنهم من عرف القضاء تعريفاً مغايراً للقدر فقالوا:
القدر:
هو علم الله تعالى بما تكون عليه المخلوقات في المستقبل.
والقضاء:
هو إيجاد الله للأشياء حسب علمه وإرادته.
وسئل الإمام أحمد عن القدر؟
فقال القدر:
قدرة الرحمن، وقد أخذ هذا من قول الله تعالى
قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ [آلعمران:154].
القدر خيره وشره " والقدر قسمان " :
قدر خير وقدر شر.
فما كان نافعًا لنا فهو من أقدار الخير ،
كالإيمان والعلم والصحة ،
وما كان ضارًّا لنا فهو من أقدار الشر ،
كالمعصية والجهل والمرض .
وعلينا أن نؤمن بالقدر خيره وشره ،
وأنه سبحانه قدر الخير والشر قبل خلق الناس .
فالمؤمن يعتقد أن القدر كله من الله- تعالى- ، ولا يقع شيء في هذا الكون إلا بعلمه وتقديره ،
ولا يستطيع أحد أن يخالف قدر الله- عز وجل ، خيره وشره ,
وتقدير الله تعالى للشر إنما يكون لحكمة عظيمة ،
فقد يقدر المرض على العاصي ليكفر عنه من سيئاته ،
وقد يقدره على الطائع ليرفع له درجاته ، ويزيد من حسناته .
وقد منح الله- تعالى- الإنسان سمعًا وبصرًا وعقلاً ،
وبعث له رسوله محمدًا- صلى الله عليه وسلم- بدين الإسلام ،
فبين له الخير وأمره به ، وبين له الشر ونهاه عنه.
وعلى الإنسان أن يأخذ بأسباب الخير ويبتعد عن وسائل الشر ،
فلا يتقاعس أو يتواكل بل يعمل على عمارة الكون و يعمل بجد ونشاط ؛
لأنه لا يدري كم سنة سيعيش ، ولا يعرف متى سيموت.
ولله – تعالى - في كل قدر حكمة ، قد نعرفها وقد لا نعرفها ،
ولذا فالمؤمن يكون مطمئنًا إلى قدر الله تعالى ،
راضيًا في جميع أحواله، فإذا أصابته مصيبة صبر،
وإذا أصابه خير شكر.
الركن السادس من أركان الإيمان :
تؤمن بالقدر خيره وشره
تؤمن بأن ما يجري في هذا الكون من خير أو شر ، من كفر وإيمان ،
من نعمة ونقمة ، من رخاء وشدة ، من مرض وصحة ، من حياة وموت ،
كل مايجري في هذا الكون فإنة مقدر لم يكنصدفة أو يكن أمراً مستأنفاً ،
أي :
أنة مبتداء لم يسبق أن قُدِّر ، تؤمن بهذا كلة بأنة بقضاء الله وقدره ،
وتؤمن بأن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك ،
وأن هذا بقضاء الله وقدره ،
قال تعالى
" مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ "
الحديد : 22 .
هذا هو الإيمان بالقدر
والإيمان بالقدر يتضمن أربع درجات
من لم يؤمن بها كلها فليس مؤمناً بالقدر :
المرتبة الأولى العلم
بأن الله عَلِمَ كل شئ في الأزل ،
علم كل مايجري ماكان ومايكون إلى ما لا نهاية ،
فالله قد علمه في الأزل قبل أن يكون و قبل أن يقع ،
علمه سبحانه وتعالى بعلمه القديم الأزلي
الذي هو موصوف به أزلاً وأبداً ،
هذه مرتبة العلم فمن جحدها فهو كافر .
المرتبة الثانية
مرتبة الكتابة في اللوح المحفوظ
وهي أن الله كتب كل شيْ في اللوح المحفوظ
فما يجري شيْ إلا وهو مكتوب في اللوح المحفوظ ،
ليس هناك شيْ يجري وهو غير مكتوب ،
ولهذا قال تعالى :
" مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ"
الحديد : 22 .
يعني اللوح المحفوظ ، كتب الله فيه مقادير كل شيْ
قال رسول الله صلى الله علية وسلم :
(( أول ماخلق الله القلم ، قال اكتب
قال : وما أكتب
قال : اكتب ماهو كائن إلى يوم القيامة ))
فمن جحد الكتابة وقال :
الله يعلم كل شيْ لكنه لم يكتب في اللوح المحفوظ شيئاً ،
هذا كافر مرتد عن دين الإسلام .
المرتبة الثالثة
مشيئة الله النافذة
وهي أن الله سبحانه يشاء الشيْ ويريده ،
فما من شيْ يحدث إلا وقد شاءه الله وأراده كمـا في اللوح المحفوظ ،
وكمـا علمه سبحانه وتعالى ،
يشأ كل شيْ في وقته ،
ويريد كل شيْ في وقت حدوثه ،
لايقع شيْ بدون مشيئة الله أو بدون إرادة الله
فمن قال :
إن الأشياء تحدث بدون أن يشاءها الله أو يريدها فهذا كافر .
المرتبة الرابعة
مرتبة الخلق والإيجاد
الله خالق كل شيْ، إذا شاءه وأراده خلقه سبحانة وتعالى وأوجده ،
فكل شيء هو مخلوق لله سبحانه وتعالى،
وهو من خَلْقِ الله وهو فعل العباد وكسب العباد .
فهذه المراتب الأربع لابد من الإيمان بها
وإلا لَمْ يكن الإنسان مؤمناً بالقدر
مرتبة العلم ، والكتابة ، والمشيئة ، والخلق والإيجاد ،
كل هذه لابد من الإيمان بها ،فمن جحد شيئاً منها فإنه كافرمرتد عن دين الإسلام؛
لأنه جحد ركناً من أركان الإيمان وهو الإيمان بالقدر .