لي طفل لم يتجاوز السادسة من عمره، ويصر على التشبه بي في صيام رمضان، وأخشى عليه أن تضعف صحته. فهل يجوز إقناعه بالصيام حتى الظهر فقط، وأن هذا ما يقبله الله منه باعتباره صغيرًا؟
الإجابة
يقول فضيلة الأستاذ الدكتور الحسيني أبو فرحة ـ الأستاذ بجامعة الأزهر الشريف:
يستحب أمر الصبيان بالصوم للتمرين عليه إذا أطاقوه.قال ذلك جماعة من السلف منهم ابن سيرين والزهري والشافعي. وغيرهم، واختلف أصحاب الإمام الشافعي في تحديد السن التي يؤمر الصبي عندها بالصيام فقيل سبع سنين وقيل عشر سنين.
ودليل من استحب صيام الصبيان إذا أطاقوه، وأمرهم بذلك ما ورد عن الربيع بنت معوذ، قالت: أرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غداة عاشوراء إلى قرى الأنصار التي حول المدينة: "من أصبح صائمًا فليتم صومه، ومن كان قد أصبح مفطرًا فليتم بقية يومه، فكنا بعد ذلك نصومه ونصومه صبياننا الصغار منهم. ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعب من العهن. فإذا بكى أحدهم من الطعام أعطيناها إياه حتى يكون عند الإفطار". رواه البخاري ومسلم.
ومعنى الحديث: أن صيام عاشوراء كان فرضًا قبل أن يفرض صيام رمضان، وقد أمر - صلى الله علي وسلم - عندما فرض صوم يوم عاشوراء في ضحى يوم عاشوراء من كان صائمًا بأن يتم صومه. ومن كان مفطرًا بأن يمتنع عن الطعام والشراب والشاهد في هذا الحديث استحباب أمر الصبيان بالصوم إذا أطاقوه لقول الربيع فيه: "فكنا بعد ذلك نصومه. ونصومه صبياننا الصغار منهم ونذهب إلى المسجد فنجعل فهم اللعب من العهن (اللعبة من الصوف المغزول) فإذا بكى أحدهم من الطعام أعطيناه إياها حتى يكون عند الإفطار".
وعمل الصحابة يدل على مشروعية استحباب أمر الصبيان بالصوم للتمرين عليه إذا أطاقوه؛ لأن عمل الصحابة يدل على إطلاع الرسول - صلى الله عليه وسلم - عليه. وإقراره. فيكون ذلك الفعل من سننه - صلى الله عليه وسلم -.
ومما يشهد لاستحباب أمر الصبيان بالصوم إذا أطاقوه ما رواه البخاري بقوله: "قال عمر لنشوان- أي سكران- في رمضان ويلك وصبياننا صيام وضربه"، أي جلده حد الخمر، فقول سيدنا عمر هذا يشهد لصيام الصبيان في رمضان قبل البلوغ.
والله أعلم.
الدكتور الحسيني ابو فرحه