نعم أولاً .. العقيدة والتوحيد أولاً .. ويجب أن يكونا أولاً ..
ولا شك أن الكلام عن العقيدة الصحيحة وبيان أصولها من أهم الأمور وأكثرها لأنها رأس الأمر وبصلاحها يصلح أمر العبد وبفسادها يفسد أمره أو كمال أمره على حسب ما أحدث من خلل وإن المتأمل لأحوال الناس اليوم يجد أن كثيرا منهم صار عندهم أخطاء في العقيدة مابين قول أو فعل وهذا ناتج من التساهل الواضح عندهم في تعلم العقيدة وما يضادها حتى أنك ترى من تظن به الخير والصلاح لكنه متساهل في هذا الجانب وأمـر آخر أيضاً ألا وهو أن كثيرا من هؤلاء يظن أنه لا يحتاج إلى معرفة العقيدة وما يضادها لأنه بزعمه على علم من ذلك ولو سألته عن أركان لا إله إلا الله أو شروطها لم يجد جواباً ؟!!
ولهذا فيتعين على المسلم الذي يخشى الله واليوم والآخر أن يتعلم التوحيد وان يحذر الوقوع في كل ما يخالف التوحيد سواءً كان قولاً أم فعلاً
وإن المتأمل لحال كثير من الناس يجد أن عندهم خللاً كبيراً في هذا الجانب يظهر ذلك في تلك الأخطاء العقدية والألفاظ الشركية والأفعال المخالفة للتوحيد بل أن عند الكثير خللاً في فهم حقيقة التوحيد وحقيقة الشرك وهذا هو السبب الأهم الذي دعاني لكتابة هذه الرسالة ومع ظهور هذه الأخطاء غالباً وكثرة تنبيه أهل العلم عليها ووجوب الحذر منها إلا أن الناظر إلى واقع المسلمين اليوم يرى أن هذه الأخطاء قد عمت وطمّت حتى وقع فيها كثير من المسلمين ..
ولهذا فقد رأيت أن أجمع بعض الكلمات في العقيدة على أن تكون هذا على حلقات متفرقة وحتى لايمل القارئ لها النظر فيها!! ..
سائلاً ربي أن ينفع بها قارئها وكاتبها وأن يجعلها ذخراً لنا يوم نلقاه ..
الحلقة الأولى :
*تعريف التوحيد وذكر أنواعه :
التوحيد هو أفراد الله سبحانه بما يختص به من الربوبية والألوهية والأسماء والصفات ..
وهو ثلاثة أقسام :
الربوبية وهو : إفراد الله تعالى بالخلق والملك والتدبير .
الألوهية وهو : أفراد الله تعالى بالعبادة .
الأسماء والصفات وهو : إفراد الله تعالى بما له من الأسماء والصفات أو تقول هو الإيمان بما وصف الله به نفسَه في كتابه، أو وَصَفَه به رسوله"من الأسماء الحسنى والصفات العلى وإمرارها كما جاءت على الوجه اللائق به_سبحانه وتعالى_
ومن هنا لأبد للعبد أن يعرف الشرك المضاد للتوحيد فبضدها تتبين الأشياء
والشرك نوعان أكبر وأصغر :
والأكبر ينقسم إلى ثلاثة أقسام بالنسبة إلى أنواع التوحيد:
القسم الأول:
الشرك في الربوبية :
وهو نوعان: أحدهما: شرك التعطيل وهو أقبح أنواع الشرك، كشرك فرعون إذ قال: ( وما رب العالمين). ومن هذا شرك الفلاسفة القائلين بقدم العالم وأبديته وأنه لم يكن معدوماً أصلاً، بل لم يزل ولا يزال. ومن هذا شرك طائفة أهل وحدة الوجود الذين كسوا الإلحاد حلية الإسلام، ومزجوه بشيء من الحق. ومن هذا شرك من عطل أسماء الرب وأوصافه من غلاة الجهمية والقرامطة.
النوع الثاني : وهو شرك من جعل معه رباً آخر ولم يعطل أسماءه وصفاته وربوبيته، كشرك النصارى الذين جعلوه ثالث ثلاثة، وشرك المجوس القائلين بإسناد حوادث الخير إلى النور، وحوادث الشر إلى الظلمة. ومن هذا شرك كثير ممن يؤمن بالكواكب العلوية ويجعلها مدبرة لأمر هذا العالم، كما هو مذهب مشركي الصابئة وغيرهم. ويلحق بهذا شرك من يزعم أن أرواح الأولياء تتصرف بعد الموت فيقضون الحاجات ويفرجون الكربات إلى غير ذلك.
القسم الثاني:
الشرك في توحيد الإلهية والعبادة : ومنه: تقديم الدعاء والنذر والذبح والاستغاثة لغير الله عز وجل والطواف على القبور وسؤال الميت الحاجات وتفريج الكربات والنذر لهم والذبح لهم أو للجن وهذا شرك أكبر مخرج من الملة لأنه عبادة وصرف العبادة لغير الله شرك قال تعالى : "إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار ". وقد أجمع العلماء على أن من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم الشفاعة .
وهذا الشرك لهو أنواع كثيرة يطول المقام بذكرها ولكنه يدور على أربعة أنواع هي ولهذا فأني اذكر لك هنا الأنواع الأربعة التي عليها مدار هذا الشرك وهي:
الأول : شرك الدعـــوة : ودليله قوله تعالى : " فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلمّا نجاهم إلى البر إذا هم يشركون " (3) .وهذا النوع أكثر شرك وقع فيه أهل الأرض ثانياً : شرك النيّة والإرادة والقصد : ودليله قوله تعالى : " من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون * أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون " .
ثالثاً : شرك الطــــاعة : ودليله قوله تعالى : " اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله والمسيح ابن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلهاً واحداً لا إلــه إلا هو سبحانه عما يشركون "
رابعاً : شرك المحبة: ودليله قوله تعالى : " ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حباً لله " الآية . ))
قال العلامة ابن القيم ـ رحمه الله ـ " وهاهنا أربعة أنواع من المحبة يجب التفريق بينها وإنما ضل من ضل بعدم التمييز بينهما :
احدهما : محبة الله ولا تكفي وحدها في النجاة من عذاب الله والفوز بثوابه فإن المشركين وعباد الصليب واليهود وغيرهم يحبون الله .
الثاني : محبة ما يحب الله وهذه هي التي تدخله في الإسلام وتخرجه من الكفر وأحب الناس الى الله أقواهم بهذه المحبة وأشدهم فيها .
الثالث : الحب لله وفيه وهي من لوازم محبة ما يحب ولا تستقيم محبة ما يحب الا فيه وله .الرابعة : المحبة مع الله وهي المحبة الشركية وكل من أحب شيئا مع الله لا الله ولا من اجله ولا فيه فقد اتخذه ندا من دون الله وهذه محبة المشركين " أ هـ المقصود
فهذا الأنواع الأربعة للشرك الأكبر كلها مخرجة من الإسلام لأنها عبادات وصرف العبادات لغير الله شرك كما ـ قال تعالى ـ " ومن يدع مع الله إلها آخر لابرهان له به فإنما حسابه عند ربه انه لا يفلح الكافرون " فسمّاهم الله الكافرين لدعائهم معه غيره .
ومن صور المحبة الشركية محبة عُبّاد القبور لأصحابها فلولا ما استقر في قلوبهم من محبة لهؤلاء الأموات ما طافوا بها ونذروا وذبحوا لها ومن الصور الخطيرة في هذا الباب والتي تساهل فيها كثير من الناس خصوصاً الشباب تلك الكلمات الشركية التي يتفوه بها المغنين والمغنيات ومن ورائهم الشعراء والشاعرات .
ومن هنا نعرف عظم هذه المنزلة _ وهي منزلة المحبة _ في الدين والتوحيد !!
يقول السعدي رحمه الله تعالى في القول السديد 95 – 97 :" أصل التوحيد وروحه إخلاص المحبة لله وحده وهـي أصل التأله والتعــبد له بــل هـي حقيقـة العبادة ولا يتم التوحيد حتى تكمل محبة العبد إلى ربه أ . هـ "
القسم الثالث:
الشرك في توحيد الأسماء والصفات، وهو نوعان: أحدهما: تشبيه الخالق بالمخلوق، كمن يقول يد كيدي، وسمع كسمعي، واستواء كاستوائي ، وهو شرك المشبهة. والثاني: اشتقاق الأسماء للآلهة الباطلة من أسماء الإله الحق. قال الله تعالى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون ). قال ابن عباس: يلحدون في أسمائه يشركون. وعنه : سموا اللات من الإله، والعزى من العزيز.
وأما الشرك الأصغر :
فهو كل ما نهى عنه الشرع مما هو ذريعة إلى الشرك الأكبر ووسيلة للوقوع فيه، وجاء في النصوص تسميته شركاً، كالحلف بغير الله، فإنه مظنة للانحدار إلى الشرك الأكبر، ولهذا نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، وسماه شركاً بقوله: " من حلف بغير الله فقد أشرك" رواه الترمذي، وأبو داود، والحاكم بإسناد جيد. قال الإمام ابن القيم: ( وأما الشرك الأصغر: فكيسير الرياء، والتصنع للخلق، والحلف بغير الله… وقول الرجل للرجل: ما شاء الله وشئت) ومعنى (يسير الرياء) كإطالة الصلاة أحياناً ليراه الناس، أو يرفع صوته بالقراءة أو الذكر أحياناً ليسمعه الناس فيحمدونه، روى الإمام أحمد بإسناد حسن عن محمود بن لبيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إن أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر: الرياء" . أما إذا كان لا يأتي بأصل العبادة إلا رياء، ولولا ذلك ما وحد ولا صلى، ولا صام، ولا ذكر الله، ولا قرأ القرآن، فهو مشرك شركاً أكبر. والشرك الأصغر لا يخرج صاحبه من ملة الإسلام ولكنه أعظم إثماً من الزنا وشرب الخمر، وإن كان لا يبلغ مرتبة الشرك الأكبر. والله أعلم.
يتبع ،،،_
_____________
وانظر لمعرفة أنواع التوحيد والشرك والاستزادة في هذا العلم: تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد ص 37، مدارج السالكين1/339 ، تفسير أَضواء البيان عند آية سورة الأنعام، وكتب الفقه: باب الردة ،أنظر القول السديد ، القول المفيد لإبن عثيمين ، كتاب دمعة على التوحيد ، ومن اجل معرفة خطورة هذا الشرك ومعرفة أنواعه وبيان حال الأمة تجاه التوحيد ومعرفة واقع الأضرحة وانظر شروح كتاب التوحيد مجموع مقالات وفتاوى متنوعه لأبن باز من 1ـ9 وهذا يدل على عناية الشيخ رحمه الله وأنظر الخطب المنبرية للشيخ عبد العزيز السدحان ، كتب محمد الحمد في التوحيد وراجع كتاب تحقيق التوحيد للكاتب الشبكة الإسلامية