وجعلَ من كلِّ عملٍ جزاءه إلا الصيام فإنه سبحانه هو الذي به جزاكَ وعليه جازاك .. فبشراك ,
الله فضّلَك أنتَ وأهلَ الصيامِ على سُكانِ الأرضِ جميعاً فهم لا يصومون
وأنتَ لأجلِ ربكَ تصوم فبشراكَ بُشراك , الله أرادَ لك أن تتركَ طعامكَ وشرابكَ وشهوتَك
وتكفّ لسانَكَ وبَصركَ .. كلُّه لأجلِ أن تعلم أنه ربكَ وأنكَ لأجلِهِ تعمل ولإرضائِهِ تسعى
وأنكَ بين سمعِهِ ونظرِهِ كلَّ ساعة لا يخفاهُ شيءٌ من أعمالِك
ولا يغيب عنه شيءٌ من أفكارِك فتُرضيه بأن صامت جوارحُكَ وشهواتُك لأجلِهِ ولإرضائِهِ فبشراكَ بُشراك
الله أوجَبَ عليكَ الصيام ليس عِقاباً لكَ بل كرماً لك .. فهو للجسمِ صحةٌ ودواء , وللعقلِ نقاءٌ وصفاء
وللنفسِ راحةٌ و هناء , وللقلب سلوة وارتقاء , بل إنه تذكير للأغنياء بأحوالِ الفقراء
وتنبيهٌ للشبعى بأحوالِ الجوعى , وأمرٌ للموسرين بإعطاءِ المُعسرين , هو ْإذلالٌ لنفسٍ مُتكبِّرة
و انكسارٌ لروحٍ في غيها سابحة , وفرصةٌ لتوبةٍ بإذنِ الله مقبولة , وتبصرة لقلوب لربها عاملة
فبُشراكَ بشراك , افرح أن بلَّغكَ الله يوماًَ من رمضان وافرح أكثر إن بلَّغكَ يومين وواصِلِ الفرحة
إن بلغكَ الشهرُ كاملاً فإنه من مات أول يومٍ من رمضان ليسَ كمن مات ثانيه
بل ليسوا كمن مات بعد إكمالِ شهرِ الصيام , وبين هذا وذاك مثل ما بين السماءِ والأرض ( كما في الحديث )
فإن لحِقتَ الشهر وأنتَ بصِحّةٍ وعافية فبُشراك بُشراك .
أيها الصائم .. جاءتكَ البشائرُ متوالية , وأتتكَ النوائلُ متتالية ..
إذن هيا شمِّر عن ساعِدِ الجدِّ وأقبل على الله بتوبةٍ يمحو بها ذنباً قديم , ويداوي بها قلباً سقيم
ويمسحُ بها جرحاً أليم , أقبل بتوبة نصوح لو قيلَ لكَ هل ستعود إلى الذنوب وحياةِ الغفلات
فقل عندما يعودُ اللبنُ إلى الضرع ( وتلكَ التوبة النصوح ) .
%%%%%%%%%%%%%%%%
بقلمي