السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هناك صنف من الأمهات تخلين عن أبنائهنَّ وانصرفن عنهم وتركنهم لمؤثرات ضارة تحيط بهم ،فأضعنهم دون أن يشعرن ، وجنين بسبب ذلك ثمارًا مرة.
وفي القريب نشرت قصة صبي لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره يتاجر في السلاح الذي يصنعه بنفسه " مسدسات " ، كان قد تم القبض عليه مرارًا ، ولكنه كان يهرب من مؤسسة الأحداث التي يسلم لها ، وكان يستخدم السلاح في تخويف المارة وسرقتهم بالإكراه .
وهذا مما يثير الفزع لدى الجميع ؛ لأن الضحايا أطفال كنا نتوقع منهم خيرًا كثيرًا ، ونعلق عليهم آمالاً كبيرة في أن يصبحوا دروعـًا واقية لأمن المجتمع ، فإذا بهم ينقلبون على رؤوسنا شرًا وإجرامـًا .
وحارت التساؤلات على الشفاه من الملوم ؟ ، وما السبيل الذي يمكن أن يساعد في مواجهة هذا الخطر ؟ وكيف نحفظ لأمتنا هذه الثروة قبل أن تهدر وتتبخر معها كل آمالنا في غدٍ مشرقٍ ، مستقبل آمن ومزدهر ؟!!
ومنذ زمن وأمثال هذه الأخبار تأتي من بعيد ، من شرق أو من غرب ، وكنا نخشى أن تنتقل إلينا العدوى ، ولكنها اليوم تخرج من بيننا ، فالخطر قد اقترب ، والنار في الثياب توشك أن تصيب الجسد ، ولازالت أمامنا فرصة للإنقاذ إذا هب القوم يدًا واحدة للنجدة بجهود صادقة وخطوات مدروسة ، فهل يعود الآباء لأداء دورهم الطبيعي والمهم في عملية التنشئة ؟ ، وهل يراعي التلفاز في مواده وبرامجه ذلك فيخلصنا من مشاهد العنف التي تشير إليها أصابع الاتهام لأنها ذات أثر خطير ومباشر في انحراف الأحداث ؟ ، وهل يرحم المجتمع كله أولئك الصغار فيساعدهم ويأخذ بأيديهم إلى شاطئ السلام ؟ ، وهل هؤلاء إلا إفراز ذلك المجتمع بما فيه من صراعات وأزمات وأطماع وتجاوزات ، حتى فهم كثيرون أنه بالقوة وحدها يحيا الإنسان ويتحقق له ما يريد ؟ وحتى لا يتشعب بنا الحديث سنكتفي بالخلل القائم في الأسرة .
الطفل يردد لغة أمه :
الأسرة هي بداية الطريق في حياة الطفل ، فهو يتصل بأمه وأبيه قبل غيرهما ، والأم هي التي تحمل وترضع وتحب وتسهر وتناغي وتهدهد ، ومع لبن الأم يتلقى الوليد الكثير من الدروس ، ويتعلم قواعد التنشئة الأولى ، حيث يرى بعض الباحثين أن تصرفات الأبناء ترجع في نسبة كبيرة منها تصل إلى " 85% " إلى تصرفات الآباء والأمهات معهم ، وبخاصة علاقة الأم بطفلها ، فإنها وحدها العامل المؤثر ذو القيمة الملحوظة في نشأة تصرفات معينة دون غيرها .
يقول " هبرت مونتاجنر " العالم الفرنسي المهتم بسلوكيات الأطفال : " لقد لاحظت أن الأطفال الذي يتمتعون بروح قيادية هم في معظم الأحوال أطفال من أسر متفاهمة تسودها روح الحب ، تقوم الأم دائمـًا بالتحدث مع طفلها بلطف وحنان ، ولا تقوم بأي عمل عدواني نحوه إن هو أخطأ ، بل تعرف كيف توجهه بحزم ، ولا تدلله إلى حد التسيب " ، ويوجه نصيحة للأم فيقول : " إن طفلك يردد اللغة التي تعلمها منك ، فأي لغة تلقنينه .. ؟ "
فمن الذي علم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ هذه القاعدة منذ أربعة عشر قرنـًا ، حتى يحض كل مسلم أراد أن يقيم أسرة على تخير الزوجة الصالحة ، فيقول صلى الله عليه وسلم : " فاظفر بذات الدين تربت يداك " (رواه الشيخان) .