الكفر ملة واحدة ... والصراع سنة سائدة
أبو يونس العباسي
الحمد لله معز الإسلام بنصره , ومذل الشرك بقهره , ومصرف الأمور بأمره , ومستدرج الكافرين بمكره ، الذي قدر الأيام دولا بعدله , وجعل العاقبة للمتقين بفضله , والصلاة والسلام على من أعلى الله منار الإسلام بسيفه , وعلى من سار على دربه واقتفى أثره , واهتدى بهديه واستن بسنته , إلى يوم الدين .
سبب المقال
بينما أنا أتصفح شبكة الحسبة المباركة , وإذا بعيني تلمح الخبر التالي :
وكالات – صوت الأقصى أعرب فضيلة الدكتور الشيخ يوسف القرضاوي (رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)، عن أمله في أن يفوز المرشح الجمهوري جون ماكين بالانتخابات الرئاسية الجارية الآن، مرجعًا السبب إلى أن ماكين عدو صريح، ووجوده يعني استمرار داعي الجهاد في نفوسنا. فقلت : سبحان الله !!! ألم تكن بالأمس يا قرضاوي تبيح مشاركة أبناء المسلمين للأمريكان في غزو العراق ؟!!! ثم أقول لك ولغيرك : لا فرق بين الحزب الجمهوري والديمقراطي , ولا بين بوش الأبيض ولا أوباما الأسود , فالكفر ملة واحدة ... والصراع سنة سائدة.
أقسام الخلق في ميزان الله
إن الله تبارك وتعالى خلق الخلق وقسمهم : مؤمن تقي , أو فاجر كافر شقي , قال الله تعالى :"هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ "(التغابن:2) , وقد قسم الجن أنفسهم فقالوا:" وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا ***وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا "(الجن:15,14) , ولا يوجد قسم ثالث , فإن قال قائل : بل هناك قسم ثالث , ألا وهم المنافقون , قلت : هم في ميزان الله كفار , قال الله تعالى :" وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ "(التوبة:84) , وقال جلت قدرته :"إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا "(النساء:145) , فاختر لنفسك فريقا وانسب نفسك إليه , وإياك والتذبذب , فإن التذبذب غير محمود , لأنه صفة المنافقين , قال الله تعالى :"إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا *** مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا" (النساء:143,142) , والعالم سوف يصير إلى فريقين : فريق إسلام لا كفر فيه , وفريق كفر لا إسلام فيه , والدليل على ذلك ما أخرجه أبو داوود وصححه الألباني عن ابن عمر قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم :" حتى يصير الناس إلى فسطاطين فسطاط إيمان لا نفاق فيه وفسطاط نفاق لا إيمان فيه فإذا كان ذاكم فانتظروا الدجال من يومه أو من غده " , ومصير الإنسان في الآخرة , وذهابه إما إلى جنة أو إلى نار , يتحدد على حسب فسطاطه وفريقه الذي يناصره وينتمي إليه , ولا ينفع الحياد في هذه المسألة , قال الله تعالى :" فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ " (الحاقة:19) , وقال عن الفريق الثاني:" وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ"(الحاقة:25) .
هذه مرحلة لا ينفع الحياد فيها
إذا كان بوش لم يرض بالحياد بعد ضربات الحادي عشر من سبتمبر المباركة فقال :"إما إن تكونوا معي وإما أن تكونوا ضدي" فنحن يحق لنا من باب أولى أن نقول للناس :"أما أن تكونوا مع مشروع محمد صلى الله عليه وسلم – "مشروع التوحيد والجهاد" , وإما أن تكونوا ضده , والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
كيف تكون العلاقة بين الإيمان وأهله والكفر وأهله
وسواء أكان بوش هو الرئيس , أم كان أوباما هو الرئيس , فالكفر ملة واحدة , ونحن نبرأ إلى الله تعالى من كل كفر وكافر , وهذا كما لا يخفى عليكم عمل بإرشاد الله لنا , عندما أمرنا أن نقتدي بإبراهيم ومن معه فقال :" قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنْكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ إِلَّا قَوْلَ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ وَمَا أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ رَبَّنَا عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ "(الممتحنة:4) .
أيها الإخوة : لقد جعل الله من والى أعداءه ضالا عن السبيل فقال : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُمْ مِنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِنْ كُنْتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنْتُمْ وَمَنْ يَفْعَلْهُ مِنْكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاءَ السَّبِيلِ" وحكم مولانا كذالك على من يوالي الكافرين بأنه منافق من أهل النار والعياذ بالله فقال " بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا *** الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا "(النساء: 138,139) , وجعل الله تعالى من يوالي اليهود والنصارى منهم وتجري عليه أحكامهم , قال ذو الجبروت والملكوت " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ"(المائدة:51) , وإذا سألت عن سبب البلاءات والمآسي والمصائب والكربات التي أصابت الأمة ؟ قلت لك : هي بسبب ولائنا لليهود والنصارى والروافض ومن والاهم , قال سبحانه وتعالى :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا "(النساء:144) , ولا بد أن نعلم : أنه لا يتصور من رجل يؤمن بالله واليوم الآخر , أن يوالي الكافرين بتاتا , قال الله تعالى :" وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ" ولقد نزلت الآية الأخيرة في عبد الله بن أبي بن سلول لما قدم ولائه لليهود على ولائه لله ورسوله والمؤمنين , والتزم هذا المنافق رسول الله , ووضع يده في درعه , وأصر على عدم تركه حتى يعفو الرسول عن أولياءه من اليهود , معللا ذلك بأنهم من يحميه ويناصره ويحصنه عندما تدور عليه الدوائر , في الوقت نفسه الذي تبرأ عبادة بن الصامت منهم أي من يهود بني قينقاع وكانوا أولياءه في الجاهلية , تبرأ منهم لما نقضوا عهدهم مع رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وقدم الولاء لله على الولاء فيمن سواه فنعم الرجل عبادة وأمثاله , وبئس الرجل ابن أبي وأمثاله من طواغيت العرب وأذنابهم .
المبرر الذي يدفع المشركين لقتالنا
فرح الكثيرون من أبناء المسلمين لأن أوباما تولى رئاسة أمريكا , ظانين أنه "لأصوله الإسلامية" سيكون أرحم على أهل الإسلام من سابقه بوش - عليه من الله ما يستحق - , وما علموا أن أوباما مرتد , وكفر الردة بإجماع المسلمين أغلظ من الكفر الأصلي , وسواء أكان الحاكم بوش أم أوباما , فكلاهما كافر , تجمعهم العداوة على كل ما هو إسلامي , وهذه العداوة العقدية هي التي تدفعهم لقتالنا , ولن يتوقفوا في قتالهم لنا , بل لن يرضوا عنا , حتى نكفر بالله العظيم وهيهات , قال الله تعالى :" وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ "(البقرة:217) , وقال سبحانه :" وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"(البقرة :109) وقال تعالى :"وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ "(البفرة:120) , وأحب أن أستنهز هذه الفرصة , في أن أرد على علماء السلاطين , الذين يضعون اللوم على جهاد المجاهدين , في العذابات التي تصلنا من أعداء الأمة , فأقول : الجهاد لا يعود على الأمة بالبلاءات , بل يعود بالخير ورفع الهم والغم , أخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث عبادة بن الصامت : أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال :" عليكم بالجهاد في سبيل الله فإنه باب من أبواب الجنة يذهب الله به الهم والغم " , ولكن العذابات تصلنا بسبب العداوة العقدية من أعدائنا لنا , وها هي "حماس" توقفت عن إطلاق الصواريخ , وعقدت مع الصهاينة تهدئة , ومع ذلك فقد قام الصهاينة في 5|11 من هذا العام بقتل سبعة وجرح العشرات على حدود بلدة القرارة في مدينة خانيونس , قال الله تعالى :"لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُعْتَدُونَ "(التوبة:140) , وقال تعالى :" لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا "(المائدة:82) .
موقف المؤمنين من الكفر والكافرين
وأيا كان رئيس أمريكا مع تلبسه وتلبس دولته وشعبه بالكفر , فليس له عندنا إلا السيف , حتى يرجع هو وشعبه عن كفره , ويعيدون الحقوق إلى أصحابها , قال الله تعالى :" وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ فَإِنِ انْتَهَوْا فَلَا عُدْوَانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ " (البقرة:193), فما لم تكن الأرض , كل الأرض , تدين بالإسلام , فلا بد أن تبقى سيوف المؤمنين مشهورة , حتى تتحقق هذه الغاية , قال الله تعالى :" أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ "(الحج:39) , ونحن من المظلومين , الذين فعلت فيهم أمريكا ما لا يستطيع واصف أن يصفه , فكيف لا نقاتلها أذن كائنا من كان رئيسها ؟!!! واعلموا أنه : لا يفل الحديد إلا الحديد , وما انتزع بالقوة لا يسترد إلا بالقوة , ورحم الله القائل : وألف قذيفة من كلام *** لا تساوي قذيفة من حديد , ولقد صدق أبو تمام لما قال : السيف أصدق إنباء من الكتب *** في حده الحد بين الجد واللعب , ورحم الله شيخ الإسلام إذ يقول : قوام هذا الدين بكتاب يهدي وسيف ينصر, وفي غزة يقول الناس : بالإسلام والبندقية تحل القضية , والرسول – صلى الله عليه وسلم - يقول :" بعثت بين يدي الساعة حتى يعبد الله وحده , وجعل رزقي تحت ظل رمحي , وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمري " , الجهاد هو السبيل : لأن الله أنزل الكتاب وأنزل الحديد ليذود الحديد عن الكتاب , فحق بدون قوة هو حق ضائع , قال الله تعالى : "لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ"(الحديد :25)
ماذا يحدث عندما يتواجه جند الرحمن مع جند الشيطان
وعندما تتواجه جنود الحق أياً كانوا , مع جنود الباطل أياً كانوا , سواءٌُ أكان قائدهم بوش أم أوباما , فإن جيوش الحق هي التي تنتصر , قال الله تعالى :" وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا"(الإسراء:81) , وقال - جلت قدرته - :" بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ "(الأنبياء:18) وكأني بربي – جل جلاله – في هذه الآية يجعل الباطل مرض فتاك , وأن الحق هو الدواء الفعال الذي يقضي عليه , ولكن أين هم الرجال الذين يستمسكون بالحق الذي جاء به محمد – صلى الله عليه وسلم – , ويصبرون عليه , حقا لقد صدق الشاعر عندما قال : كانوا إذا عدوا قليلا *** فباتوا أقل من القليل , ولكن على ربنا أملنا معقود.
الجولة القادمة للحق وهذا كلام نهائي
إن المعارك التي تكون بين الحق والباطل , لابد أن تحسم للحق , وهذا كلام نهائي , قال الله تعالى:" لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذًى وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ "(آل عمران:11) , وقال سبحانه وتعالى :" وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا"(الفتح:22) فالنصر آت آت لا محالة , يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله ينصر من يشاء , وهو العزيز الحكيم .
الحل الأوحد لحل الصراع
ولن يحل الصراع , سواء أكان الرئيس هو بوش أم أوباما أم غيرهما , حتى ترجع أمريكا عن كفرها وتعيد الحقوق إلى أصحابها , قال الله تعالى :" قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ"(آل عمران:64) , وجعل الله الهدف الأساس من القتال ظهور الدين وحمايته , ويبقى القتال في الإسلام مشروعا , حتى نمحو الكفر ومعالمه من الوجود , أخرج البخاري ومسلم من حديث ابن عمر أنه قال : قال الرسول – صلى الله عليه وسلم - :" أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله , ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة , فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله . إلا أن مسلما لم يذكر إلا بحق الإسلام ", والنبي – صلى الله عليه وسلم – يقول كما عند أحمد من حديث ابن عمر وصححه الألباني:" بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله تعالى وحده لا شريك له وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالف أمري ومن تشبه بقوم فهو منهم ." ولا حول ولا قوة إلا بالله , وحسبنا الله ونعم الوكيل.
الصراع بين الإسلام والكفر ليس وليد العصر
إن الصراع بين الإسلام والكفر ليس وليد زمننا المعاصر , فهذا الصراع كان مبدأه يوم رفض إبليس السجود لآدم – عليه السلام - , قال الله تعالى عل لسان إبليس – لعنه الله - :" قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا" (الإسراء:62) , هذا الصراع كان بين فرعون راعي الكفر , وبين موسى – عليه السلام – رسول الإسلام , قال الله تعالى على لسان فرعون :" وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ "(غافر:62) , هذا الصراع كان بين مدين وبين شعيب - عليه السلام - ,قال الله تعالى :" قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَلَوْ كُنَّا كَارِهِينَ "(الأعراف:88) , هذا الصراع كان بين أهل الكفر وأهل الإيمان وعلى مر العصور والأزمان , قال الله تعالى :" وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ "(إبراهيم:13) , وسيستمر هذا الصراع إلى ما قبل يوم القيامة بقليل , سيستمر إلى أن يقاتل المسلون اليهود كما أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال:" لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر فيقول الحجر أو الشجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود ." , سيستمر القتال حتى يقاتل المسلمون الدجال , كما عند أبي داوود من حديث عمران بن الحصين أن الرسول – صلى الله عليه وسلم – قال :" لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال " , وأحب أن أنبه : إلى أن الحديث سالف الذكر يدل على استمرارية الجهاد وعدم انقطاعه , لا كما يروج أذناب العلمانية من المشايخ والدعاة .
ولكن الصراع سينتهي في هذا اليوم
هذا الصراع الذي سنتحدث عنه , سينهيه عيسى – عليه السلام – عندما سينزل إلى الأرض مرة أخرى , يومها سيقضى على الكفر برمته , والدليل على ذلك ما أخرجه أبو داوود من حديث أبي هريرة أن الرسول – صلى الله عليه وسلم - :" ليس بيني وبينه نبي يعني عيسى وإنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه رجل مربوع إلى الحمرة والبياض بين ممصرتين كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل فيقاتل الناس على الإسلام فيدق الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويهلك الله في زمانه الملل كلها إلا الإسلام ويهلك المسيح الدجال فيمكث في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى فيصلي عليه المسلمون " فالحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها من نعمة .
وصية هامة في زمن الصراع والغربة
وأخيرا وفي وقت الصراع والغربة , أوصيكم بالصبر على طاعة ربكم , وعن معصيته , وعلى أقداره , لأن الله سبحانه وتعالى جعل الصبر جواداً لا يكبو , وجنداً لا يهزم , وحصناً حصينا لا يهدم ، فهو والنصر أخوان شقيقان ، فالنصر مع الصبر ، والفرج مع الكرب ، والعسر مع اليسر ، وأن الصبر أنصر لصاحبه من الرجال ، ومحله من الظفر كمحل الرأس من الجسد .
وأخبر: أنه مع الصابرين بهدايته ونصره العزيز وفتحه المبين ، فقال تعالى : ( واصبروا إن الله مع الصابرين ) .
وجعل سبحانه : الإمامة في الدين منوطة بالصبر واليقين ، فقال تعالى وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون ) .
وأخبر: أن الصبر خير لصاحبه , وأكد ذلك بلام التأكيد , فقال تعالى : ( ولئن صبرتم لهو خير للصابرين ) .
وأخبر: أن مع الصبر والتقوى لا يضر كيد العدو , ولو كان ذا قوة ومنعة ، فقال تعالى وإن تصبروا وتتقوا لا يضركم كيدهم شيئاً إن الله بما يعلمون محيط ) .
وأخبر عن نبيه يوسف الصديق: أن صبره وتقواه أوصلاه إلى محل العز والتمكين فقال إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين ) .
وعلق الفلاح بالصبر والتقوى: فقال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون"
وأخبر عن محبته لأهلالصبر: فقال تعالى : ( والله يحب الصابرين ) .
ولقد بشر الصابرين بثلاث :كل منها خير من الدنيا وما فيها ، فقال تعالى وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون *** أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون )
وأوصى عباده:بالاستعانة بالصبر والصلاة , على نوائب الدنيا والدين فقال تعالى واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين ) .وجعل: الفوز بالجنة والنجاة من النار , لا يكون إلا بالصبر ، فقال تعالى إني جزيتهم اليوم بما صبروا أنهم هم الفائزون)
وأخبر سبحانه مؤكدا بالقسم:( إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ) .
وخص: بالانتفاع بآياته , أهل الصبر وأهل الشكر , تمييزاً لهم عن غيرهم ، فقال: ( إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ) .
وأخبر: أن الصبر صفة أهل العزم , والعزم يحبه الله فقال : ( ولمن صبر وغفر إن ذلكل من عزم الأمور ) .
إخواني الموحدين : هذه كلمات آمنت بها , واعتقدت أن الحق في قولها ونشرها, ولا أدعي العصمة , فهي لرسول الله صلى الله عليه وسلم , وللمنهج الذي جاء به من عند ربه حال حياته ومن بعده , ما كان في هذا المقال من صواب فمن الله وحده , ما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان , وما أبرئ نفسي إن النفس لأمارة بالسوء,إلا ما رحم ربي , وأستغفر الله إنه كان غفارا, وأما الخطأ فأرجع عنه ولا أتعصب له , إذا دل الدليل الساطع عليه , وأسأله تعالى أن يلهمني رشدي والمسلمين , وأن يثبتني على الحق إلى ان ألقاه , إنه ولي ذلك والقادر عليه , وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أخوكم : أبو يونس العباسي